Tuesday, January 29, 2008

المـــــــــــــــــــوت

المـــــــــــــــــــوت

تعريف الموت:

الموت هو انقطاع الحياة، ويجب التفريق بين موت الشخص وموت الأنسجة، فالأخيرة قد تبقى حية لمدة ما قد تصل إلى ساعتين أو أكثر في بعض الأحشاء أو الأنسجة بعد موت الشخص، والتغيرات التي تحصل بعد الوفاة في الجثث هي ذات أهمية خاصة إذ أنها تساعدنا على تكوين فكرة تقريبية عن المدة التي مضت على الوفاة.

علامات الموت هي:

1- وقوف حركة القلب والتنفس معا لبضع دقائق، ويجب التحقق من ذلك جيدا إذ أنه في بعض الحالات الهستيرية يكون التنفس والنبض ضعيفين لدرجة أن حركات البطن لا ترى ولا يحس بخروج هواء التنفس وكذا قد لا تحس حركات القلب ولا تسمع ضرباته بالسماع كما يحصل في الصدمات العصبية الشديدة فيظن أن الشخص توفي بينما يكون في حالة إغماء فقط، وقد يوقف الشخص تنفسه ونبضه باختياره كما أنه قد يوقف التنفس وحده في حالة التخدير بمثل الكلوروفورم أو غيره.

أ- وقوف القلب: يعرف بانقطاع النبض وعدم سماع حركات القلب بالسماع وعدم احتقان طرف الأصبع عند ربطه وعدم نزول دم من الشريان عند قطعه ولو وضع ضوء صناعي خلف الجزء الدقيق بين أصابع اليد لظهر ذلك الجزء معتما في حالات الوفاة بينما يكون محمرا مضيئا إن كان الشخص حيا.

ب- وقوف حركة التنفس: وتعرف بانقطاع حركات البطن والصدر وعدم سماع حركات التنفس بالمسماع ووقوف خروج الهواء من الأنف أ, الفم وبعدم عتامة المرآة أو جسم معدني لامع مثل غطاء الساعة عند وضعه أمام الفم أو الأنف، وكذلك بعدم تحرك ريشة عند وضعها أمامهما وأيضا بعدم تحرك سائل موضوع في حقنة على الصدر أو البطن.

ويلاحظ أن التنفس قد يقف وحده كما يحصل أحيانا تحت البنج أو في حالات الشنق أو الغرق أو في الأجنة المولودة مختنقة بينما تكون حركات القلب لا تزال مستمرة وكذلك قد يقف القلب في حالات إصابته بينما التنفس يظل مستمرا، وفي هذه الحالات لا يقال أن الوفاة حصلت إلا عند وقوف القلب والتنفس معا لمدة خمس دقائق على الأقل.

2- فقد لمعان العينين، يحصل عادة بعد الوفاة بسبب تكون طبقة خفيفة من المخاط عليها وملاحظة أن هذا قد يتأخر حصوله لو أقفلت العينان عقب الوفاة مباشرة أو لو كانت الوفاة من التسمم بأول أكسيد الكربون أو حامض السياتهيدرك أو في حالات الأسفيكسيا كما يجب أن يفهم أن العينين قد تفقد لمعانهما أثناء الحياة لسبب مرضي.

3- تأثير العوامل المختلفة على الجسم، تنعدم التفاعلات للعوامل الميكانيكية بعد الوفاة مباشرة سواء كان موت الأنسجة قد بدأ أو لم يبدأ بينما يبقى تأثير العوامل الكهربائية ما بقيت حياة الأنسجة.

4- بهاتة الجسم، يعقب الوفاة عادة بهتان شديد في اللون بسبب انقطاع الدورة الدموية إلا أن اللون قد يتغير إلى لون أحمر قاني في حالات التسمم بأول أكسيد الكربون أو الموت من البرد وقد يكون مزرقا في حالات الأسفيكسيا.

5- برودة الجسم، يحفظ الجسم حرارته (حوالي 37 درجة) بتأثير تأكسد الأنسجة والتفاعلات الكيماوية الأخرى فيه ولكن بعد الوفاة تنعدم الدورة الدموية فينعدم معها تأكسد الأنسجة فتصير الجثة كالجماد تتأثر درجة الحرارة فيها بالعوامل المحيطة بها.

والعوامل التي تؤثر على برودة الجسم هي:

一- - حالة الجثة: الأجسام البدينة تنخفض حرارتها ببطء إذ أن المادة الذهنية تحت الجلد موزع للحرارة.

二- - مكان وجود الجثة: الخلاء والتيارات الهوائية الباردة من عوامل سرعة البرودة بعكس الغرفة المقفلة والأغطية فهي من عوامل بطء البرودة والجثث تبرد في الماء أسرع منها في الهواء وكلما كان الماء باردا كلما أسرعت الجثة في البرودة، أما المواد العفنة فتحفظ للجثة حرارتها أكثر من الماء.

ج- سبب الوفاة: له تأثير هام في سير البرودة ففي حالات الصواعق والاختناق تحفظ الجثث حرارتها لمدة أطول وقد ترتفع الحرارة بعد الوفاة إن كانت نتيجة حالة ميكروبية كما يحصل في بعض حالات الكوليرا نظرا لتكاثر الميكروبات في سوائل الجسم بعد الوفاة لمدة قصيرة وقد ترتفع الحرارة أيضا في حالات الروماتيزم الحاد أو إصابات الجهاز العصبي وفي الأحوال التي تحصل فيها تقلصات في الساعات التي تسبق الوفاة.

6- ارتخاء العضلات: المقصود به هنا هو الارتخاء الأولي الذي يحصل عقب الوفاة بسبب انقطاع التنبيه العصبي لتميزه من الارتخاء الثانوي الذي يحصل بعد زوال التيبس الرمي، ويلاحظ أن هناك بعض حالات لا يحصل فيها الارتخاء بعد الوفاة بل يحصل توتر بالعضلات يصاحب الوفاة.

7- رخاوة مقلة العين: وذلك بسبب فقد توتر سوائل العين وانقطاع الدورة الدموية.

8- تفرطح الأجزاء المنخفضة الملاصقة للجسم الموضوعة عليه الجثة: وتحصل بسبب انضغاط العضلات فالركود، المرتكزة عليها الجثة بتأثير ثقلها وانعدام مرونتها.

9- الزرقة الرمية: هي امتلاء الأوردة الأكثر انخفاضا في الجسم بالدم بتأثير الجاذبية وانعدام الدورة الدموية مضافا إليها تمدد الأوردة بارتخاء عضلاتها وتبدأ الزرقة في العادة بالظهور عقب الوفاة بنحو ساعة كزرقة حقيقية وفي ساعة أخرى يأخذ اللون في الازدياد وتكمل في حوالي أٍبع ساعات ويصير اللون بنفسجيا. وقد تحصل أحيانا في الأحشاء أثناء الحياة قبل الوفاة كما يحصل عادة في حالة الالتهاب الرئوي الركودي، وفي ثمان إلى عشر ساعات تكون الزرقة على أتمها حيث ينعقد الدم في الأوردة وتظهر الزرقة في الأجزاء المنخفضة إلا ما كان مضغوطا عليه، ففي جثة ملقاة على ظهرها يظهر مؤخر الرأس والكتفين والإليتين ومؤخر سعانة الساقين والكعبين باهتا أي خال من الزرقة، وليس من الضروري أن يكون الجزء المنخفض من الجسم هو الظهر، فقد يكون الساقان في حالات الشنق أو الرأس في حالات الغرق وتتوقف شدة الزرقة على بقاء الدم سائلا ولونها على لونه، فكلما كان الدم سائلا عقب الوفاة كلما سهل انخفاضه وزادت شدة الزرقة كما يحصل في حالات الأسفيكسيا وكذا تزداد الزرقة في ممتلئ الجسم الذين يموتون فجأة، وتقل الزرقة في حالات الوفاة من النزيف أما لونها فيكون غامقا في حالات الأسفيكسيا نظرا لخلو الدم من الأكسجين وتكون محمرة زاهية في حالات التسمم بأول أكسيد الكربون وحامض السيانهيدريك أما في حالات التسمم بكلورات البوتاسا ومخفضات الحرارة فيكون بلون عكر كلون الشوكولاته نظرا لتكون الهموجلوبين.

وعند تجمد الدم في القلب والأوعية تسقط الكرات إلى أسفل ويبقى المصل أعلا، فلو فحصت جلطة بالقلب مثلا فشكلها يوري الوضع الذي كانت عليه الجثة فإن كانت باهتة اللون صلبة في قسمها العلوي غامقة اللون محمرة في قسمها السفلي دل ذلك على أن وضع الجثة لم يتغير، وإن كانت باهتة اللون في قسمها السفلي محمرة في قسمها العلوي دل ذلك على أن الجثة قد تغير وضعها بعد انعقاد الدم ويتغير وضع الزرقة بتغير وضع الجثة قبل مرور ثمانية ساعات أي قبل انعقاد الدم، أما بعد هذه المدة عندما ينعقد الدم فتغير وضع الجثة لا يؤثر في مواضع الزرقة الرمية وتظهر الزرقة في الأحشاء الداخلية كما تظهر في الجلد، ففي جثة ملقاة على ظهرها يرى مؤخر الرئتين مزرقا بينما يكون مقدمها باهتا وكذا يكون مؤخر المخ محتقنا ومقدمه باهتا فيلزم تميز هذا من الاحتقان المرضي الذي لا يقتصر على الجزء المنخفض من الأحشاء.

وأهمية الزرقة الرمية من الوجهة الطبية الشرعية هي:

- - أولا:معرفة المدة التي مضت على الوفاة.

- - ثانيا : لمعرفة موضع الجثة وما إذا كان قد تغير من عدمه.

- - ثالثا: قد تشير درجة الزرقة ولونها إلى سبب الوفاة.

وقد يخلط بعض الفاحصين بين الزرقة الرمية والتكدم، ومن الأهمية بمكان في حالات القتل التمييز بين الزرقة الرمية وبين الكدمات، لذا نورد فيما يلي أهم المميزات في كل منها.

الزرقة الرميــــــــــــة:

1- تحصل دائما في الأجزاء المنخفضة من الجسم.

2- لا تستصحب بتورم.

3-لا توجد تسلخات في مقابلتها.

4- لا توجد ألوان متعددة في الزرقة.

5-عند القطع ترى بعض نقط دموية متفرقة صغيرة خارجة من الأوعية.

6- حافتها غير محدودة.

التكــــــــــــــدم:

1-يمكن أن يحصل في أي مكان في الجسم.

2- مصحوب بتورم.

3-تتعدد الألوان إن كان مضى عليها بضعة أيام.

4- قد توجد تسلخات.

5- يرى انسكاب دموي خارج الأوعية في الأنسجة نتيجة تمزق الأوعية.

6- حافة التكدم محدودة.

10- التيبس الرمـــــي: يبدأ عادة مع حصول الزرقة الرمية حيث تتصلب العضلات بعد أن تكون قد ارتخت عقب الوفاة مباشرة ويبدأ عادة بعد ساعتين من موت الشخص بشكل تيبس خفيف بجفني العينين والفك السفلي والعنق ثم يمتد التيبس إلى أسفل بالتدريج إلى الصدر والبطن ثم الأطراف العليا ثم السفلي.

وهذا التيبس يحصل نتيجة مقاومة العضلات للموت فيتكون بسبب ذلك حامض اللينيك من الجليكوجني وهذا يتفاعل مع المواد الزلالية الفضلية فتجمدها مما يؤدي إلى انكماش العضلات وتيبسها وبحث العضلات في أثناء التيبس يعطي تفاعلا حمضيا يظهر أثره على ورقة عباد الشمس.

ويتم التيبس في حوالي اثني عشر ساعة ثم يظل كذلك حتى يبدأ التعفن الرمي بعد حوالي يوم في الصيف ويومين في الشتاء تقريبا ويزول التيبس بالترتيب الذي بدأ به، أي أن الفك يرتخي أولا ثم عضلات العنق والجذع ثم الأطراف وبتتبع هذا الترتيب يمكننا أن نعرف ما إذا كان التيبس مبتدئا أو آخذا في الزوال وعندما يزال التيبس عنوة كما يحصل أثناء خلع الملابس فإنه لا يعود إلى الظهور ثانية، وقد تتمزق العضلات أثناء ذلك، وعلينا أن نميز تمزق العضلات الذي يحصل بهذا الشكل بعد الوفاة، وتمزيقها نتيجة صدمة قبل الوفاة، فإن الأخير يكون مصحوبا بانسكاب دموي، ويكون انكماش العضلات فيه على أتمه، أما تمزق العضلات بعد الوفاة فلا يستصحب بانسكاب ويكون بانكماش العضلات فيه قليلا.

وجميع عضلات الجثة سواء كانت إرادية أو غير إرادية تتأثر بالتيبس الرمي، ولهذا فالجلد الذي يكون أملسا قبل الوفاة قد يأخذ شكل جلد الإوز بعد الوفاة في بعض الأحوال من تأثير انقباض العضلات حول قاعدة الشعر وكذا تنقبض الحدقتان وقد يحصل هذا بدون تساوي وينقبض البطين الأيسر من القلب وعضلات البطين المذكور هي أول العضلات الغير إرادية التي تتيبس في الجسم ويؤدي تيبسها إلى طرد الدم من التجويف الأيسر فيرى خاليا من الدم عند عمل الصفة التشريحية وينكمش الطحال بعد الوفاة ويتكرش سطحه وينكمش الصفن وترتفع الخصيتان وتنكمش حلمتا الثدي.

العوامل التي تؤثر على مدة بقاء التيبس الرمي:

إذا اعتبرنا التيبس الرمي دفاع العضلات ضد الموت أمكننا أن نفسر أنه كلما كانت العضلات سليمة وقوية كلما اشتد وطال دفاعها وعلى ذلك يبدأ التيبس بطيئا في هذه الحالات ويكون قويا يستمر مدة طويلة، أما منهوكي القوى أو بعد الجهاد الطويل قبل الوفاة فإن التيبس يبدأ بسرعة يستمر مدة قصيرة ويكون ضعيفا كلما بدأ بسرعة كلما زال بسرعة وأيضا ارتفاع حرارة الجو تسرع في ظهوره ولكن بشكل ضعيف، أما البرودة فلو أنها تؤخر ظهوره إلا أنها تجعله طويلا ، وفي صغيري السن والمتقدمين فيه يكون التيبس ضعيفا ومدنه صغيرة وقد يحصل التيبس في الأجنة التي تموت في الرحم حتى أثناء حياة الأم، ولذا فإننا قد نجد أحيانا صعوبة في إخراج جنين في حالة تيبس رمي من رحم أمه.

التوتر الرمـــي:

أحيانا بدل أن ترتخي العضلات عقب الوفاة تتوتر في وقت الوفاة ويحصل ذلك في أحوال إصابات الجهاز العصبي أو الصدر وأحيانا في الموت الفجائي أو في الغرق وعند الانتحار وللتمييز بين التيبس والتوتر الرمي يحسن أن نلاحظ ما يأتي:

التيبس الرمي:

1) 1) يحصل في جميع الحالات.

2) 2) يأتي تدريجيا.

3) 3) يعم جميع أجزاء الجسم.

4) 4) يحصل نتيجة تفاعل كيميائي.

التوتر الرمي:

1) 1) يحصل في بعض الحالات.

2) 2) يأتي فجأة وقت الوفاة مباشرة.

3) 3) قد يحصل في بعض أجزاء الجسم.

4) 4) يحصل نتيجة تأثير عصبي.

وأحيانا تتيبس الجثث المحترقة بسبب ارتفاع الحرارة وتأثيرها على المواد الزلالية بالعضلات وأحيانا تتيبس نتيجة التعرض للبرودة الشديدة إذ تتجمد سوائل الجسم بالأخص السائل السينوفي، وفي هذه الحالة يحس عند محاولة تحريك المفاصل بقرقعة، والتيبس الناشئ عن البرودة يعطل حلول التيبس الرمي العادي فإذا ما نقلت الجثة إلى مكان دافئ زال تيبس البرودة وأعقبه بعد حوالي ساعة التيبس الرمي العادي.

أهمية التيبس الرمي من الوجهة الطبية الشرعية:

1) 1) يساعد على معرفة المدة التي مضت على الوفاة.

2) 2) يعطي صورة على الوضع الذي كانت عليه الجثة وقت الوفاة أو بعده إذ أن العضلات تتيبس في هذا الوضع عادة.

3) 3) قد يشير إلى نوع الوفاة إذ يبدأ مبكرا في حالة النهوكة أو التقلصات كما بينا من قبل.

انتهاء التيبس:

ينتهي التيبس فترتخي عضلات الجسم بسبب تحلل المواد الزلالية المتجمدة بفعل النوشارد وخمائر التعفن عند ابتداء هذا الأخير.

التعفن الرمــــــي:

هو انحلال الأنسجة بعد الوفاة تحت تأثير الميكروبات ويبدأ في مصر عادة بعد 24 ساعة في الصيف و 48 ساعة في الشتاء بشكل اخضرار بمقدم البطن أما في الأربية اليمنى أو حول السرة وينتشر إلى باقي جدار البطن والصدر وتتمدد الأوعية وتظهر واضحة بلون غامق ويمتد بعد ذلك إلى باقي أجزاء الجسم، أما في أحوال الغرق فإن التعفن يبدأ في الرأس والعنق وأعلا الصدر بما أنها الأجزاء الأكثر امتلاء بالدم ومنها يمتد إلى الصدر والبطن والساقين.

ويرى من ذلك وجود اختلاف في سير ظواهر التعفن في الجثة الموجودة بالماء عنها في الجثث الموضوعة في الهواء.

جثة في الهواء:

1) 1) البطن

2) 2) الصدر

3) 3) الوجه والعنق

4) 4) الفخذين والساقين

5) 5) الكتفين

6) 6) الذراعين

جثة في الماء:

1) 1) الرأس والرقبة

2) 2) الكتفين وأعلا الصدر

3) 3) الذراعين

4) 4) الصدر

5) 5) البطن

6) 6) الساقين.

أما الترتيب الذي يحصل به التعفن في الأحشاء الداخلية فهو كالآتي:

1) 1) الحنجرة والقصبة الهوائية.

2) 2) المعدة والأمعاء والطحال.

3) 3) الكبد.

4) 4) المخ.

5) 5) القلب والشرايين.

6) 6) الكليتين.

7) 7) البنكرياس والبلعوم.

8) 8) الأوعية الدموية.

9) 9) الرحم.

10) 10) الجلد والشعر والأسنان.

والتعفن كما بينا هو نتيجة فعل الميكروبات وفضلا عن التلون الذي يحدثه في الجلد فإنه يحدث أيضا انتفاخا في البطن والصدر والأطراف نتيجة تكون غازات تعفنية وفي الوقت نفسه تنفصل بشرة الجلد عن الأدمة نتيجة تكون فقاعات عفنة وتبرز العينين ويشتم من الجثة رائحة عفنة وتلك الغازات تحدث ضعفا شديدا وقد يرى الإنسان زبدا رغويا مدمما في الفم نتيجة ضغط الغازات وطردها للحجاب الحاجز لأعلى وضغط هذا على الرئتين فتطرد ما بها من سوائل وغازات إلى الفم وكذلك قد يطرد الطعام بواسطة المريء وعند عمل الصفة التشريحية قد يجد المشرح بعض الأكل في المريء أو الحنجرة فيعتقد أن الوفاة نتيجة اختناق ولكن قبل الحكم على ذلك يجب أن يتأكد الطبيب المشرح من وجود علامات الأسفيكسيا داخل الأحشاء وقد تطرد الغازات الدم من القلب.

ومن المعروف أن الجثث التي تموت غرقا تسقط أولا إلى قاع الماء ثم تعود بعد ذلك عندما يخف وزنها عن ثقل الماء بتأثير تكون غازات التعفن. وقد تتفجر صناديق الموتى بتأثير تلك الغازات كما أن الحامل قد تلد بعد الوفاة. وقد تنفصل بشرة الغرقى مبكرة بسبب ما يحل بها من التعطين زيادة على تكوين غازات التعفن تحتها وقد تنفصل بشرة اليد أو القدم على شكل قفازات وتقع الأظافر وينفصل الشعر.

الأحشاء الداخلية – أول نسيج في الجثة يوري علامات التعفن هو الدم إذ أنه غذاء صالح لنمو الميكروبات وعندما يموت الشخص تنتقل الميكروبات من أمعاءه إلى الأوعية الدموية الموجودة في جدار تلك الأمعاء فيتعفن الدم وتنفجر الكرات وتخرج منها المادة الملونة فتلون حائط الأوعية بعد اختلاطها بالمصل وكذا تلون الأنسجة حول الأوعية وخصوصا في الأجزاء ذات النسيج الخلوي المتهدل كالثديين في المرأة والعينين في الرجل والأجفان الخ...

وهذا هو السبب في مشاهدة انتشار الاحمرار بالأنسجة في الجثث المتعفنة عند عمل الصفة التشريحية ثم تسير الميكروبات في جميع الاتجاهات في الأوعية الدموية مما يساعد على سرعة انتشار التعفن في وقت قصير.

وتحصل نفس تلك التغييرات في الأحشاء الداخلية أيضا فيظهر الكبد مخضرا ورخوا وذا رائحة كريهة ويئز تحت الأصابع بسبب تلك الغازات والأحشاء الأخرى يصيبها بدورها ما يصيب الكبد.

ومما يسرع حلول التعفن زيادة الر طوبة بالجثة لكثرة الدم كما في أحوال الأسفيكسيا وكثرة السوائل كما في أحوال الغرق والاستسقاء وبالعكس فإن الجفاف الناشىء عن النزيف وعن القيء والإسهال وبسبب الحرق يؤخر حلول التعفن.

ويتخذ لون الجلد في الجثة عدة ألوان متعاقبة فيتغير اللون الطبيعي إلى الأخضر ثم الأزرق البنفسجي ثم الأسود. وبما أن التعفن لا يشمل الجثة دفعة واحدة فقد تشاهد جميع تلك الألوان في مواضع مختلفة في وقت واحد.

وقد سبق التعفن حالة غريبة في الجثث بعد الوفاة إذ تنتفخ بشدة قبل ظهور العلامات التعفنية الأخرى وهذا يسبب وجود ميكروب وكذلك تفرز ميكروبات التعفن مادة حميرية تحول الأنسجة إلى مادة رطبة تعفنية تحلل الجلد والأنسجة والأحشاء الداخلية تحللا تاما يؤدي إلى انعدامها. ويلاحظ أن الرحم الحامل يتعفن بسرعة بينما الرحم الخالي من الحمل يقاوم التعفن كثيرا.

وتلخص العوامل التي تؤثر على التعفن فيما يلي:

1- الهـــــــــــــــواء: يحمل الهواء ميكروبات تعفنية وعلى ذلك فهو أحد العوامل الهامة في حصول التعفن، فالجثة العارية تتعفن بسرعة عن الجثة المغطاة، والجثث التي توضع عقب الوفاة مباشرة في صناديق محكمة القفل فتتعفن ببطء عن الجثث التي لا توضع في الصناديق إلا بعد بضعة ساعات أو أيام وكذلك الجثة المدفونة تحت الأرض بقدم واحد تتعفن أسرع من الجثة المدفونة على بعد أربعة أقدام وهكذا كلما كان الدفن عميقا كلما تأخر حصول التعفن وكذلك فإن الجثث الموضوعة بدون صناديق تتعفن أسرع من الموضوعة في صندوق متين محكم القفل مبطن بالزنك.

وغمر الجثة في الماء يحول بينها وبين الميكروبات الهوائية ولذا كان تعفن جثث الغرقى أبطأ من الجثث المعرضة للهواء طالما كانت مغمورة فيه وتلك الجثث يسرع فيها التعفن عند تعرضها للهواء لأنها تشبعت بالرطوبة أثناء وجودها في الماء.

فالجثة التي تتعفن لدرجة ما في يومين أو ثلاثة في الهواء قد تأخذ حوالي أسبوع في الماء لتصل إلى درجة التعفن المذكورة.

2- الحـــــــــرارة: تنمو الميكروبات جيدا على درجة حرارة خاصة (25 - 40) وكلما قربت حرارة الجثة من تلك الدرجة كلما أسرع التعفن والجثث تتعفن بسرعة في الغرف الدافئة عن الباردة وفي الصيف عن الشتاء، أما الحرارة الزائدة والبرودة الزائدة مما قد ينشأ عنها جفاف الجثث فكلاهما مما يؤخر حصول التعفن فإذا زادت الحرارة والبرودة كثيرا وقف التعفن وقد يحصل بدلا عنه تحنيط طبيعي كما يشاهد في الصحاري وفي أحوال الدفن في المقابر الرملية بالجبل الشرقي أو الغربي للنيل في أعالي الوجه القبلي ومثله مشاهد أيضا في المناطق المتجمدة وقد تبقى سنين عدة حافظة لشكلها مما يسهل معه التعرف عليها.

3- الرطوبــــــــــــــة: تحتاج الميكروبات في تكاثرها إلى درجة خاصة من الرطوبة ويلاحظ أن أول ظهور التعفن هو في مقابلة الأعور إذ أن هناك تتجمع الميكروبات التعفنية وتكثر الرطوبة.

4- سبب الوفاة: يؤثر هذا على حصول التعفن فالأشخاص الذين يموتون تدريجيا من أمراض منهكة تنحف أجسامهم وتقل الرطوبة فيها وتتعفن جثثهم ببطء بعكس الذين يموتون بامتصاصات عفنة فإن جثثهم تتعفن بسرعة وكذلك الذين يموتون بسبب النزيف فإن أجسامهم تتعفن ببطء ويلاحظ هنا أنه قد تصل درجة التعفن في جثة ما إلى درجة متقدمة بينما أطرافها التي قد تكون فصلت عنها بعد الوفاة مباشرة رغما عن تعرضها لنفس المؤثرات يتأخر التعفن فيها كثيرا عن باقي الجثة وذلك لقلة السوائل في العضو المبتور وخلوه من ميكروبات الأمعاء التعفنية ولذا فيجب على الطبيب الكشاف أن لا يتسرع فيحكم لمجرد اختلاف درجة التعفن في العضو المبتور عن باقي الجثة بعدم تبعيته لها، وفي الأشخاص الذين يموتون وبهم رضوض أو جروح فإن التعفن يبكر في مواضع الإصابات عن الأجزاء السليمة من الجثة حيث تجد الميكروبات في الدم المنسكب ما يساعد على نموها.

5- المواد الكيماوية والسموم: عندما تنتشر المواد الكيماوية والسموم في الأحشاء والأجزاء المختلفة من الجسم قد يؤخر وجودها ظهور التعفن. ويلاحظ أن الأشخاص المتعودين على تعاطي المسكرات تتعفن جثثهم بسرعة لما تحدثه من احتقانات بالأحشاء وزيادة الرطوبة فيها.

6- الســـــــــــن: الأجنة المولودة حديثا تقاوم التعفن بشدة إذ أنها خالية من الميكروبات.

بعض تطورات التعفن:

الأشخاص الغرقى في الماء يرى فيهم بعض تطورات خاصة :

أ- يتأخر بدء دور التعفن.

ب- يستمر التعفن ببطء.

ج- أول علامة ظاهرية للتعفن في الماء تظهر بالعنق ثم تتجه إلى الرأس وذلك لأنها أكثر انخفاضا عن باقي أجزاء الجثة مما يجعلها أكثر امتلاء بالدم وقد يؤثر في الاستعراف على جثث الغرقى.

هل في مقدورنا إعادة شكل الوجه إلى ما يقرب من حالته الطبيعية بعد حصول التعفن:

هناك بعض طرق قد تفلح في الأحوال المبتدئة وقبل تحلل الأنسجة منها عمل قطوع في الغشاء المخاطي للفم ثم ضغط جلد الوجه لإخراج سوائل وغازات التعفن منه وإعادته إلى حالته قبل الانتفاخ التعفني وفي الوقت نفسه يحسن وضع عينان صناعيتين إذ أن هذه تقرب الشكل إلى الحياة، وهناك طريقة أخرى وهي فتح الجمجمة واستخراج المخ وغسلها ثم حقن مادة مطهرة في الأوعية مثل السليماني وفي هذه الحالة قد يزول اللون الأخضر وقد تعود الأنسجة إلى طبيعتها لدرجة تساعد أهل المتوفى في الاستعراف عليها وقد يمكن بهذه الطرقة فصل الرأس وحفظها لمدة طويلة لحين الاستعراف عليها.

التصبين الرمي :

في بعض حالات الغرق وبالأخص الجثث المغمورة إلى أوج بعيد في الماء يقف التعفن بعد أن يكون قد بدأ قليلا وبدلا منه قد تحصل ظاهرة أخرى هي التصبين الرمي إذ تتحول المواد الذهنية في الجثة مثل الصودا أو البوتاس أو النشادر فتحدث نوعا من التصبين ولكن هذا النوع غير ثابت ويتحول بسرعة إلى تصبين الجير أو المانيزيا بدلا من تصبين الصودا أو النشادر وهذه الحالة الأخيرة هي ما يطلق عليها التصبين وقد تستخرج مثل هذه الجثث بعد عدة سنين من الماء فتوجد حافظة لشكلها مما قد يسهل الاستعراف عليها وفي بعض الأحيان يكون جزء من الجثة مغمورا في الماء أو الطين المشبع بالماء بينما يكون الباقي معرضا للهواء فيشاهد بالجثة ظاهرتين مختلفتين وهما تعفنا بالجزء المعرض للهواء وتصبنا بالجزء المغمور بالطين والماء. ويحصل أيالطبيعي:أو جزئيا إذا دفنت الجثة في أرض رطبة أو مغمورة بالماء كما يحصل أحيانا أثناء الفيضان في مصر وعند ملء الأحواض في الصعيد.

التحنيط الطبيعي :

وفي بعض الجثث الموضوعة في الهواء في الصحراء في الغالب يقف فيها التعفن وتتحنط بسبب تبخر الرطوبة وامتصاصها وما يحل بها من الجفاف بتأثير الارتفاع أو الانخفاض الشديد في درجة الحرارة وتعريضها لتيارات هوائية سريعة فيأخذ الجلد شكل الرق وتتغير الأطراف وتنعدم منها الرائحة ويغمق لون الجثة.

ديدان التعفن :

تتصاعد من الجثث روائح خاصة كل نوع منها يجذب نوعا خاصا من الهوام والحشرات والحيوان فبعضها يجذب الذباب وبعضها يجذب الحشرات القارضة وبعضها يجذب الفئران والكلاب والحيوانات الأخرى ومثل تلك الحيوانات تأكل الأجزاء الأكثر رخاوة من الجثة مثل شحمة الأذن وزاويتي الفم والأنف والجفون تاركة أثر أسنانها بشكل جروح غير حيوية وقد تترك أيضا بقايا برازها وقد تأكل الفئران والطيور الجارحة كل الأنسجة الرخوة في الجثة وتتركها هيكلا عظميا في مدة قصيرة وفي بعض البلاد قد يأكل النمل جميع الأجزاء الرخوة من الجثة ويتركها هيكلا في بضعة أسابيع، وقد يقبل الفئران والنمل إلى الجثث المحفوظة في مشارح المستشفيات انتظارا لفحصها فتحدث جروحا قد يختلط أمرها على الطبيب المبتدىء.

الذبــــــــاب :

يضع الذباب بيضة على الجثة حول الفم والأنف والعينين في مدة قصيرة بعد الوفاة فيظهر أولا بشكل نطع بيضاء رملية الشكل في حوالي ثلاثة أيام وبعد يومين من ظهورها تتحول هذه البويضات إلى ديدان رفيعة بشكل نشارة الخشب فتتكاثف بسرعة وفي ظرف أربعة أو خمسة أيام في الصيف قد يتآكل اللسان والأنسجة الرخوة بتأثير تلك الديدان، وفي يومين أو ثلاثة أيام أخرى يكبر حجمها حتى تصل إلى حوالي سنتيمترين أو ثلاثة ثم تتشرنق بعد فترة من وصولها لهذا الحجم وتشاهد الشرانق عادة في حوالي أسبوعين من الوفاة وبعد بضعة أيام من تكون الشرانق يخرج منها صغار الذباب. أما الجثث المغمورة في الماء فقد تتآكل بفعل الأسماك أو الطيور البحرية أو الفئران البحرية وقد تأكل الصدفيات الأجزاء المعرضة من الجثث تاركة عظاما عارية.

أهمية التعفن الرمي:

لدرجة التعفن أهمية في تقدير المدة التي مضت على الوفاة وكذلك قد نعطي فكرة عن سبب الوفاة، فالتعفن السريع قد يشير إلى حصول تسمم عفن كما أن التعفن البطء قد يشير إلى نزيف أو نهوكة أو تسمم من سموم معدنية. وكذلك الغرقى فإن التعفن يظهر فيهم حول الرأس والعنق. كذلك يستفاد كثيرا من ملاحظة ما وصل إليه تطور بويضات الذباب في تقدير المدة التي مضت على الوفاة ويجب دائما مراعاة العوامل التي أحاطت أو تعرضت لها الجثة عند عمل هذا التقدير.

الأسفيكسيا

الموت بالأسفيكسيا:

نتناول هنا أنواع الأسفيكسيا العنيفة وهي التي تهمنا على الأخص في الطب الشرعي ثم نتناول تطبيقات عملية لقضايا القتل كان سبب الوفاة فيها الأسفيكسيا وأنواع الأسفيكسيا العنيفة تشمل الغرق والخنق والشنق والاختناق وسنتكلم على كل منها مفصلا فيما يأتي.

المطلب الأول

الغـــــــرق

وهو الموت بالأسفيكسيا نتيجة انغمار الفم والأنف في الماء أو أي سائل آخر وليس من الضروري حصول انغمار تام للجسم فإن تغطية الفم والأنف بالسائل كافية لإحداث الموت بأسفيكسيا الغرق وذلك لامتلاء المسالك الهوائية والخلايا الرئوية بالسائل ومنع دخول الهواء للأخير – وقد حدثت حوادث غرق في عمق بضع سنتيمترات من الماء وبالأخص في الأطفال والسكارى والمصابين بالصرع.

والمعروف أنه عندما يسقط شخص في الماء يغطس أولا ثم يرتفع على السطح بسبب حركات الأطراف الغير إرادية التي يأتيها وقت سقوطه في الماء فإذا كان يعرف السباحة استمر يسبح حتى تخور قواه ويكون حكمه عندئذ كحكم من لا يعرف السباحة فيأخذ تارة في الغوص وتارة يطفو على سطح الماء وفي كل مرة يطفو فيها يقوم بحركات اضطرابية محاولا النجاة كما يحاول استنشاق الهواء ولكن بما أن رأسه لا تكون مرتفعة عن الماء تماما وقتئذ فهو يستنشق ويبلع ماءا ثم يغطس ثانية لخروج كثير من الهواء الموجود أصلا في رئتيه أثناء الزفير عند محاولته التنفس في هذه الحالة وتكثر نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم مما يجعل تنفسه سريعا متلاحقا وبعد ذلك يدخل في الدور الثاني من الأسفيكسيا وتنتابه تقلصات عضلية وتنفسية ويرتفع ضغط الدم وهذا ما يسبب حصول أنزفة نقطية بسطح الرئة ويكون التنفس زفيريا أي أن الزفير أطول من الشهيق ويختلط الماء بالهواء وبالمخاط الذي تفرزه الأغشية المخاطية الشعبية نتيجة هذا المجهود فينشأ من ذلك الامتزاج الشديد الزبد الرغوي الذي يشاهد على فم الغريق وأنفه وبالشعب عند عمل الصفة التشريحية ثم بعد ذلك ترتخي عضلات الغريق وتنهك قواه ويصير تنفسه غير منتظم ومتباعد وتنمحي الأفعال المنعكسة.

أسباب الوفاة من الغرق :

قد يموت الشخص على أثر سقوطه في الماء نتيجة صدمة تنشأ عن الخوف أو برودة الماء أو نتيجة ارتجاج دماغي أو من إصابته وقت سقوطه بجسم صلب بالماء كقنطرة أو حجر أو ما أشبه وفي هذه الأحوال لا ينتظر أن توجد علامات واضحة لأسفيكسيا الغرق رغم سقوط الشخص حيا في الماء كما أنه قد يموت من الأسفيكسيا بالشكل الذي أوضحناه. وتزداد علامات الأسفيكسيا وضوحا بالجثة تبعا لدرجة كفاح الغريق في الدور الثاني فتكون ضعيفة لو أن الغريق كان متخدرا أو متعاطي خمرا أو في نوبة صرع أو في حالة غيبوبة لأي سبب.

المدة اللازمة لحصول الغرق :

ولو أنه توجد هناك بعض اختلافات في تقدير تلك المدة إلا أنه من المعروف أن الموت بالغرق أسرع منه عن باقي أحوال الأسفيكسيا الأخرى وذلك لوجود عاملين في حالة الغرق الأول هو انقطاع الهواء والثاني امتلاء المسالك الهوائية بالزبد الرغوي بينما في حالات الأسفيكسيا الأخرى يوجد عامل واحد هو انقطاع الهواء ويقال أنه لو خنق كلب أو كتم نفسه فإنه من الممكن إعادة الحياة إليه لو رفع عنه الضغط بعد أربع دقائق بينما لو أغرق كلب وأبقي في الماء مدة دقيقة ونصف فإن تلك المدة كافية لقتله بحيث لا يمكن إعادة الحياة إليه بإخراجه من الماء.

علامات الغرق :

إذا استثنينا بعض الحالات القليلة التي تحصل فيها الوفاة من صدمة عصبية أو من إصابة في الرأس مثلا فإن العلامات الظاهرية التي تشاهد في حالات الغرق عادة هي:

1- برودة الجسم: وهذه غير خاصة بالوفاة بالغرق وتدل فقط على أن الجثة كانت في الماء لوقت ما سواء كان الموت بسبب الغرق أو بأي سبب آخر.

2- بهاتة الجلد : تشاهد عادة في الجثث التي تنتشل في الساعات الأولى عقب الغرق أما إذا بقيت في الماء لمدة أطول فإن التغيرات اللونية في الجلد قد تخفيها.

3- احتقان بملتحمة العينين: قد يصحبه أنزفة تحتها وعلى كل فهي أقل وضوحا مما يشاهد عادة في حالات الخنق وكتم النفس.

4- زبد رغوي على الفم والأنف : وهذه علامة هامة في الغرق وتحصل كما بينا قبلا من اختلاط الماء بالهواء والمخاط بشدة وعادة يكون الزبد الرغوي رقيقا ومبيضا أو ملونا بقليل من الدم ويلاحظ أنه أحيانا قد يذهب تيار الماء بمثل هذا الزبد فيغسله من الأنف والفم ولكن لو ضغطنا قليلا على الصدر لخرج زبد آخر مشابه للأول ويجب أن نميز هذه الرغوة الرقيقة البيضاء من الرغوة التي ترى بعد حصول التعفن في الجثة إذ تكون كريهة الرائحة وغير رقيقة وممزوجة بكثير من الدم الغامق.

5- تكرمش جلد اليدين والقدمين: وهذه علامة غير خاصة بالغرق فقد ترى في الأحياء عند الاستحمام مدة طويلة أو في أيدي الغسالات وتظهر أيضا في الجثث لو وضعت في الماء بعد الوفاة فهي علامة فقط على أن الجثة بقيت بالماء وقتا ما.

6- هيئة جلد الإوز وانكماش القبل والثديين: وتتسبب حالة جلد الإوز من انقباض الألياف العضلية الموجودة حول جذور الشعر مما يؤدي إلى بروزها بشكل حلمات صغيرة وهذه الحالة قد ترى في حوالي 30 % فقط من حالات الغرق كما أنها قد نحصل في الوفاة فجأة نتيجة رعب وتحصل أيضا في جثث الأشخاص ذوي العضلات النامية بعد حصول التيبس الرمي فهي ليست علامة أكيدة للغرق وأما انكماش القبل والحلمتين والصفن فهي دلالة على أن الجثة بقيت في الماء وقد تحصل أيضا من التيبس الرمي.

7- قبض يد الغريق على رمال أو طين أو أعشاب مائية : هذه علامة هامة في الغرق وتحصل نتيجة محاولة الشخص تخليص نفسه بالقبض على كل ما تصل إليه يداه من طين وأعشاب الخ... وترى الأيدي لذلك بعد الوفاة في حالة توتر قابضة بشدة على هذه الأشياء مما يدل على أن الشخص كان عندئذ حيا وفي حالة عصبية شديدة.

العلامات التشريحيـــــــــة:

العلامات الخاصة بالغرق وهي:

1- المسالك الهوائية ابتداء من الحنجرة للشعب الصغيرة وتكون عادة ممتلئة بالزبد الرغوي وقد يشاهد مختلطا به مواد غريبة طينية أو نباتية مائية أو أجسام غريبة أخرى من النوع الموجود في الماء الذي غرق فيه ويكون غشاؤها المخاطي محتقنا.

2- وجود ماء بالرئتين وقد يوجد زبد رغوي مائي بالمجاري الهوائية وتكون الرئتان كبيرتي الحجم ومليئتين للتجويف الصدري وسنجابيتي اللون نظرا لانضغاط الأوعية الدموية في حوائط الخلايا الهوائية بالماء وتفقد الرئة مرونتها فتنخسف بالضغط ولا تعود لحالتها بعد رفع الضغط ويرى بسطح الرئتين بقع نزفية صغيرة نتيجة ارتفاع الضغط الدموي في الدور الثاني من الأسفيكسيا وكذلك تشاهد أيضا بقع فضية بسطح الرئة ناشئة من انفجار بعض الخلايا الهوائية السطحية وعند قطع الرئة نرى بها كمية كبيرة من الماء.

3- القلب : يرى بسطحه بقع نزفية صغيرة ويكون بجانبه الأيمن ممتلئا بدم مائع مغمق اللون وكلما عاش الشخص طويلا في الماء قبل وفاته كلما كثرت ميوعة الدم أما الجانب الأيسر من القلب فقد يكون خاليا أو به قليل من الدم من خواص الدم في الجانب الأيسر في القلب أن يكون أكثر ميوعة من الجانب الأيمن لما يمتصه من الماء بواسطة أوعية الرئة وعندما يغرق الشخص في ماء عذب تكون كمية ملح الطعام في دم الجانب الأيمن من القلب أكثر منها في الجانب الأيسر نظرا لتخفيفه بالماء الممتص أما في الماء المالح فتكون كمية ملح الطعام في الجانب الأيسر أكثر منها في الأيمن لتشبع الماء الذي وصل للجانب الأيسر بالملح.

4- المعدة: توجد بها عادة كمية من الماء الغيريلي:طة بالغذاء ومجرد وجود الماء في المعدة ليس هاما بقدر أهمية نوع الماء، فالماء الذي يحوي أعشابا أو طينا أو يكون مالحا غير صالح للشرب يدل وجوده على حصول الغرق أما إن كان الماء عذبا صافيا فمن الممكن أن يكون الشخص قد شربه قبل الوفاة وكلما مضى على الجثة مدة طويلة في الماء كلما تسرب الماء من المعدة والأمعاء وبالأخص بعد التعفن إلى التجويف البريتوني كما يخرج الماء بالتعفن من الرئتين إلى التجويف الصدري فترى الرئتين منكمشتين وحولهما كمية من سائل مائي مدمم ويجب في هذه الحالات فحص الشعب جيدا عما قد يوجد فيها من أجسام غريبة مثل الطين أو الرمل أو الأعشاب المائية وكذلك قد يعلق بحائط المعدة أجسام من هذه، وعند تقدم التعفن الرمي قد تكون هذه الأجسام الغريبة هي الدليل الوحيد على كون الوفاة حصلت بالغرق فإذا لم يوجد فقد يصبح من المستحيل التحقق بصفة قاطعة عما إذا كان الشخص قد توفي غرقا من عدمه.

والعلامات الهامة في الغرق يمكن تلخيصها فيما يلي :

1- 1- زبد رغوي رقيق بالفم والأنف.

2- 2- أعشاب أو طين مقبوض عليهما بشدة باليدين.

3- 3- كبر حجم الرئتين وامتلائهما بالماء ووجود زبد رغوي بالمجاري الهوائية وبقع نزفية وفضية بسطحها.

4- 4- ميوعة الدم.

5- 5- وجود ماء بالمعدة والأمعاء مماثل للماء الذي غرق فيه وليس من اللازم في حالات الغرق أن توجد كل العلامات المذكورة أو أنه معروف أنها توجد بشكل واضح في حوالي 25 % فقط من حالات المتوفين غرقا لو عملت لهم الصفة التشريحية بسرعة وبشكل أقل وضوحا في 62 % ولا توجد مجتمعة في حوالي 13 % . وعند استخراج جثة من الماء يكون أول سؤال هو هل حصلت الوفاة بسبب الغرق أو بسبب آخر؟

وتسهل الإجابة على هذا السؤال عادة إذا كانت الجثة لم تبدأ في التعفن الرمي ، فإن في وجود علامات الغرق سواء كانت واضحة وضوحا تاما أو غير تام مع عدم وجود إصابات جنائية مميتة ما يكفل الإجابة على هذا السؤال.

أما في الأحوال التي يتقدم فيها التعفن الرمي فوجود أعشاب أو طين أو أجسام غريبة كالتي قد تتواجد في الماء الذي استخرجت منه الجثة في المسالك الهوائية أو العدة ووجود سوائل مدممة بالصدر مع خلو الجثة من إصابة يرجح جدا أن الوفاة حصلت بسبب الغرق.

أما عند عدم وجود مثل هذه المواد الغريبة مع وجود سوائل مدممة بالصدر وعدم وجود إصابات فيكون الحكم فيها أن الوفاة بالغرق محتملة وأنه لا يوجد سبب آخر واضح للوفاة.

ويترتب على تقرير أن الوفاة حصلت بالغرق أن نجيب على السؤال الآتي وهو:

هل حصل الغرق عرضيا أو نتيجة انتحار أو جنائيا؟

وللإجابة على هذا السؤال يجب تقدير الظروف والملابسات المحيطة بالحادث مضافا إلى ما قد يوجد بالجثة من الإصابات.

ومما يشير إلى أن الحادث عارضي:

1- وجود الجثة عارية من الملابس التي قد توجد كاملة على الشاطىء وخلوها من الإصابات كما يحصل فيمن يغرق أثناء الاستحمام مع ملاحظة أن الملابس قد تسرق من مكانها بواسطة شخص عابر.

2- وجود الشخص بملابسه وحده أو ضمن أشخاص آخرين نتيجة انقلاب قارب أو سقوطه عرضا أثناء محاولة الشرب أو الوضوء أو نتيجة زلة قدمه خصوصا إن كان ثملا.

3- وجود شخص بملابسه ملقيا على وجهه خال من الإصابات في ماء قليل الغور كما يحصل في أحوال الصرع والسكر الخ...

هذان النوعين الآخرين قد تساعد الظروف على التحقق منهما بصفة قاطعة كما قد توجد صعوبة كبيرة في تمييزها إن لم يكن هناك ملابسات أو ظروف كافية فإنه من السهل أن يدفع شخص آخر من على ظهر مركب أو قنطرة أو الشاطىء فيغرقه دون أن يترك لذلك أي أثر خاص كما قد يدعي أشخاص أن الغريق تنتابه نوبات صرع بينما أنهم هم الذين أغرقوه بالضغط على رأسه في الماء.

كذلك في حالات الانتحار المشاهدة كثيرا في الطلبة لا ترى علامات مقاومة بالجسم وإن كان من الممكن أن يوجد بالجثة إصابات حيوية من مصادمتها بحجر أو نحو ذلك وقت سقوطها في الماء أو غير حيوية من تآكل حيوانات أو أسماك كما أنه من الجائز أن يوجد بالجثة إصابات أو علامات حيوية لمحاولات انتحار سابق بطرق أخرى فقد توجد بها قطوع حادة بالعنق أو الرسغ كما قد يوجد بها آثار سم بالمعدة - وظروف الحادثة هامة في تبين الحال فقد يلقي شخص بنفسه من على كوبري ذي حاجز ويضع أحجارا في جيوبه- ووجود أسباب للانتحار وقد يكون ترك خطابات لا زالت في ملابسه أو تركها في غرفته أو أرسلها بالبريد لعائلته أو للشرطة حتى لا يتهم أحد في قتله. وقد يربط المنتحر يديه أو قدميه معا قبيل سقوطه في الماء ولكن يجب أن لا ننسى أن الجاني قد يحدث مثل ذلك بالمجني عليه.

أما الغرق الجنائـــــــي:

فنادر ويصعب إثباته إلا بما يحيط به من ظروف ومن وجود آثار مقاومة، كما أن الجثث قد توضع في الماء بعد الوفاة لإخفاء معالم جريمته، وفي كثير من الأحوال قد نوجد الجثة مربوطة داخل جوال ومثقلة بالأحجار ولكن بحث هذه الحالات بدقة قد يظهر السبب الحقيقي للوفاة كما أن علامات الغرق تكون معدومة، ويجب تذكر أنه من السهل غرق الأطفال أو الأشخاص المصروعين ومن في حكمهم كالسكارى والمخدرين في قليل من الماء أقل كثيرا من أن يغمرهم بصفة عرضية أو جنائية، وفي الحالة الأخيرة ينتظر أن يشاهد علامات ضغط على الرأس أو آثار مقاومة إذا كان الشخص مالكا لقواه العقلية.

ويجب أن لا ننسى أن الانتحار نادر في الأطفال، فلو وجدنا طفلا غريقا فأما أن تكون الحالة عرضية أو جنائية.

وبالجملة فإن الحكم على ما إذا كانت الحالة جنائية أو عرضية أو انتحارية يجب بحث النقط الآتية:

1- 1- هل توفي الشخص بسبب الغرق.

2- 2- إن لم يكن الغرق سبب الوفاة فما هو سبب الوفاة.

3- 3- إن وجدت جروح وكانت حيوية فهل هي كافية وحدها لإحداث الوفاة؟ وهل يمكن أن يحدثها الشخص بنفسه؟

4- 4- لو وجدت الجثة مربوطة بحبل، هل يمكن أن يربطه الشخص بنفسه أو لابد أن يكون من عمل آخرين؟ وهنا يجب ملاحظة أنه في كثير من الأحوال يربط القرويون الجثة من رجلها أو الزراع ويجرونها لإبعادها عن حدودهم فتنشل فيما بعد وبها الحبل.

التعفن في الغـــــــــــــرق :

يتأخر التعفن في حالات الغرق عادة فدرجة التعفن التي تظهر في الهواء في أسبوع تأخذ أسبوعين في الماء ويبدأ التعفن في حالات الغرق في الرأس والعنق وأحيانا قد تتصبن الجثث لو بقيت في الماء أو في أرض رطبة مدة طويلة، أما بعد إخراج الجثث من الماء فإنها تكون سريعة التعفن ويجب أن تجرى عليها الصفة التشريحية بأسرع ما يمكن بعد استخراجها وإن حصل أي مانع في الكشف على الجثة بسرعة فيحسن إبقاؤها في الماء وربطها إلى جسم ثابت في الشاطىء حتى لا يقذفها التيار لحين حضور الطبيب وعامل تحقيق الشخصية منعا لضياع معالم الجثة بالتعفن.

تقدير المدة التي مكثتها الجثة في الماء:

أهم ما يفيدنا في ذلك درجة التعفن مع ملاحظة أن التعفن في الماء أبطأ منه في الهواء وأن التعفن يتوقف على درجة حرارة الماء ونوعه، فالجثث تتعفن أسرع في الصيف عن الشتاء وكذلك في الماء الراكد عن الماء الجاري وليتكرمش الجلد ويبيض. يجب أن تمكث الجثة في الماء 3 – 4 ساعات على الأقل كما أن التصبين بدرجة واضحة يأخذ أكثر من ثلاثة أسابيع لظهوره ويعم الجثة في نحو ستة أشهر.

طفو الجثــــــة: يتوقف الثقل النوعي لجسم الإنسان على ثقل محتوياته، ومن المعروف أن الجسم يحوي حوالي 72 % ماء و 28 % أجسام صلبة.

وعلى ذلك يكون الثقل النوعي للجسم أكثر قليلا من ثقل الماء مما يجعله يطفو غارقا تحت سطح الماء بقليل، وأجسام السيدات والأطفال أخف في ثقلها النوعي من أجسام الرجال لوجود كثير من الدهن بالأولى وقلة الأملاح المعدنية بجسم الأطفال وخفة عظامهم مما يساعد على طفو أجسامهم على سطح الماء قبل الرجال.

يطفو الشخص الواسع الصدر قبل ذي الصدر الضيق كما يسهل الطفو أثناء الشهيق أكثر من الزفير لامتلاء الرئة بالهواء في الحالة الأولى، وملابس الرجال تعيق طفو الجثة بينما ملابس السيدات تساعد عليه.

كما أن حالة الماء هامة إذ يسهل أن يطفو الشخص في الماء المالح عنه في الماء العذب وعندما تعوم جثة الشخص نتيجة التعفن تطفو وبطنها لأعلى والرأس لأسفل والذراعين متدليين وكذا الساقين، وذلك لانتفاخ الأمعاء بالغازات ولثقل الرأس والعمود الفقري والأطراف.

المطلب الثاني

الشنق

التعريف: هو نوع من الموت يحصل نتيجة تعليق الجسم من العنق تعليقا تاما أو جزئيا.

أداة الشنق: يوجد ثلاث طرق في استعمال أداة التعليق:

1- 1- المخية وهي الأكثر استعمالا.

2- 2- العقدة وهي عبارة عن إحاطة العنق بأحد طرفي الحبل وعقده ثم التعليق من الطرف الآخر.

3- 3- وضع وسط الحبل حول العنق أسفل الفك والتعليق من الطرفين بدون وجود مخية أو عقدة.

والتعليق إما أن يكون من الخلف فتنثني الرأس للأمام ويرى حز الحبل واضحا أسفل الذقن والفك السفلي ثم يرتفع خلف الأذنين وينعدم ظهوره في مقابلة موضع التعليق، وإما أن يكون التعليق من أحد جانبي العنق، وفي هذه الحالة يكون الضغط واضحا في الجانب الآخر وأسفل الذقن وبمؤخر العنق ومنعدما في مقابلة موضع التعليق أيضا وعندما يكون تعليق الجثة غير تام (أي عندما يكون القدمان ملامسين للأرض ) قد ترى علامة الخنق منخفضة أسفل الغضروف الدرقي من الأمام.

أسباب الوفـــاة:

تحصل الوفاة في الشنق بأحد العوامل الآتية:

1- 1- انسداد المجاري الهوائية(أسفيكسيا) بالضغط على قاعدة اللسان لأعلى والخلف.

2- 2- احتقان المخ (بانسداد الأوردة الودجية).

3- 3- هبوط القلب (من ضغط على العصب التائه) أو السميتاري.

4- 4- أنيميا المخ (بسد الشرايين السباتية وانسداد تجويفها).

5- 5- إصابة النخاع الشوكي والعمود الفقري

6- 6- . بعاملين أو أكثر من العوامل المتقدمة وهو الغالب.

أولا: انسداد المجاري الهوائية أو عامل الأسفيكسيا يندر أن يكون هو العامل الوحيد في إحداث الوفاة.

ثانيا: أما احتقان أوردة المخ فينشأ من الضغط على أوردة العنق الكبيرة وشدها الذي يعقبه إغماء لعدم تصريف الدم الوريدي بالمخ، ولو حصل الضغط في نهاية الشهيق يرى المخ محتقنا والرئتان بهما قليل من الدم، أما لو حصل في نهاية الزفير فإن الرئتين تكونان محتقنتين.

ثالثا: هبوط القلب من ضغط على العصب التائه وهذا غير متفق عليه، إذ لو صح لوقف القلب قبل أن يقف التنفس، وهذا غير مشاهد في حالات الشنق.

رابعا: وأما أنيميا المخ فتحصل نتيجة استطالة وانضغاط الشرايين السباتية بالعنق وانسداد تجويفها وتحدث إغماء سريعا إذ أن المخ لا يتحمل إيقاف دورته الدموية لأكثر من أربعة أو خمس ثوان بدون أن يتأثر تأثرا واضحا، وقد يقف عمله.

ويرى في كثير من هذه الحالات تكدم أو تمزق بالغشاء الداخلي للشرايين السباتية وهذه الحالات ترى أكثر وضوحا في حالات الشنق القضائي منها في الحالات الأخرى وذلك لشدة سقطة الجسم في الشنق القضائي.

خامسا: إصابة العمود الفقري والنخاع: ترى هذه العلامة في حالات الشنق القضائي، فقد يكسر النتوء المحوري للفقرة الثانية العنقية من شدة السقوط وينخلع العمود الفقري ويحدث تمزقا في النخاع مما يؤدي إلى وفاة سريعة. وفي بعض الحالات ينخلع العمود بين الفقرة الثالثة والرابعة العنقية.

سادسا: اجتماع عاملين أو أكثر من العوامل المتقدمة: قد ترى في حالة ما علامات الأسفيكسيا مع علامات انضغاط على أوعية العنق، وهذا هو الأكثر شيوعا في حالات الشنق الانتحاري.

الوفاة بعد شفاء ظاهري:

قد تحدث الوفاة بعد مدة تصل في بعض الأحيان إلى عشرين ساعة من رفع الضغط عن عنق شخص كان يحاول الانتحار ولم يتمه والوفاة في هذه الحالة تكون نتيجة أوزيما بالرئتين أو بالمزمار.

العــــــــلاج:

1- 1- تنفس اصطناعي.

2- 2- منبهات للقلب.

3- 3- تدفئة الجسم، وقد يفيد مع التنفس الصناعي إعادة التنفس تنبيه مراكز التنفس باستنشاق النشادر أو بتنبيه عصب التنفس بتيار كهربائي وكذلك جذب اللسان إلى الخارج ومسح الفم من المخاط كما يفيد وضع ورق الخردل في مقابلة القلب أو على الساقين وأحيانا قد يكون من الضروري عمل فصد كما أن التدفئة قد تحتاج إلى حمام كهربائي أو زجاجات ماء ساخن أو تدليك.

1)العلامات الظاهرية العامة:

هذه تختلف فنجد تارة زرقة وتورما بالوجه وبروزا بالعينين واللسان وبقع نزفية صغيرة تحت الملتحمة وزرقة بالأظافر وأحيانا نجد بهاتة بالوجه بدل الاحتقان. أما الشفتان فدائما زرقتان ويرى اللعاب متساقطا من الفم والزرقة الرمية واضحة بالساقين.

2)العلامات الموضعية في العنق:

تظهر علامات الشنق في العنق في العادة بشكل انخساف شريطي جاف غير تام منحرف لأعلا وعادة ناقصا في الجزء العلوي منه المقابل لموضع التعليق، وقد يأخذ شكل الجسم الذي استعمل في التعليق فقد يرى به طابع الحبل واضحا إذا كان الجسم حبلا وإذا كان الحبل معقودا فإن الأثر قد يكون دائريا وكاملا وفي مستوى أوطأ من المعتاد وقد تظهر به أثر العقدة. والوجه يكون عادة محتقنا سواء كان التعليق خلفيا أو جانبيا إلا في الحالات الخلفية التي يكون فيها الضغط على الجانبين شديدا يشمل الشرايين السباتية فإنه يكون باهتا ويكون الجلد في الجزء المنخسف جافا كجلد الرق نظرا لطرد السائل منه بالضغط ثم بعد قليل يأخذ لونا بنيا وهذا التلون ليس علامة حيوية وإنما يحصل بعد الوفاة، ولو استعمل جسم طري أو عريض فإننا نجد العلامة في العنق باهتة وغير جافة تماما وقد تكون عريضة أو غير منتظمة وقليلة الظهور وفي بعض الأحيان لا نجد علامة مطلقا لو توسطت لحية طويلة أو ملابس بين الحبل وبين الجلد وقد يؤدي وجود ورم مرضي بالعنق إلى أبعاد موضع التعليق إلى الأسفل أو الأعلى حسب مركز الورم وحجمه وقد نجد بالعلامة أو أعلاها تكدم خفيف وقد يأخذ شكل الحبل أو شكل أي أداة تستعمل في تعليق الشخص وعند تشريح العنق قد ترى الأوعية السباتية متمزقة من الداخل وقد يكون بها قليل من التكدم وهذا التمزق هو نتيجة شد الشريان بثقل الجسم أكثر من الضغط المباشر وقد يحصل عقب الوفاة ولكنه لو استصحب بتكدم لكان دليلا على أنه حصل قبل الوفاة.

ويندر أن ينكسر العظم اللامي في حالات الشنق ولو أنه قد يحصل نتيجة شد وتوتر الأربطة الموصلة بين العظم اللامي والنتوء الإبري. أما في حالات الشنق القضائي فإنه يشاهد انسكاب دموي كبير بالعنق وبالأخص حول كسر العمود الفقري كما يشاهد تمزق النخاع في مقابله أيضا.

3)العلامات الخارجيـــــة:

فهي الخاصة بالأسفيكسيا وهذه يصحبها أحيانا احتقان شديد بالمخ وأحيانا أخرى أنيميا واضحة.

4)العلامات الداخليــــــة:

تختلف العلامات الداخلية كثيرا باختلاف العامل أو العوامل التي سببت الوفاة فقد يكون المخ محتقنا وقد يكون باهتا وقد تكون الرئتان محتقنة بشدة كما قد تكون خفيفة الاحتقان أما الدم فعادة سائل وغامق اللون وباقي الأحشاء يظهر بها احتقان خفيف أو واضح.

وليس من الضروري أن يعلق الإنسان تعليقا بعيدا عن الأرض لإحداث الشنق بل يكفي أن يحيط الحبل بالعنق وأن يلقي عليه ثقل الجسم جميعه أو جزء منه ويرى هذا بوضوح في الأوضاع المختلفة التي يشاهد عليها المشنوق، وفيما يلي أمثلة لتلك الأوضاع:

1- التعليق التام مع عدم ارتكاز الجسم على شيء كما يعلق الجسم من حبل في سقف الغرفة أو في حديد شراعة باب أو شباك أو في فرع شجرة أو في الشنق القضائي وهذه تكون نقطة التعليق فيها مرتفعة ويستعين المنتحر فيها بكرسي أو ترابيزة أو سلم أو ما أشبه ثم يرفسه عادة برجله وقد تكون نقطة التعليق فيها واضحة كثيرا.

2- التعليق الواقف مع ملامسة أطراف أصابع القدمين للأرض ، وثني الركبتين إما نصف ثنية أو ثنية تامة.

3- التعليق مع الاستلقاء بحيث يكون معظم الساقين ملامسة للأرض والمقعدة مرتفعة.

4 - التعليق الواقف مع إبعاد الساقين عن بعضهما للجانبين أو للأمام والخلف.

هل الحالة عرضية أو جنائية أو انتحارية:

الأحوال العرضية نادرة وقد تدل عليها ظروف الحادثة وكثيرا ما يحصل في الحيوان وقد يحصل في الأطفال أثناء اللعب، أما الانتحار بطرقة الشنق فكثير الحصول، ويجب ملاحظة ظروف الحادثة وطريقة تعليق الشخص لنفسه وعدم وجود آثار العنف أو لمقاومة بجسمه ووجود ملابسات أخرى تؤيد فكرة الانتحار كوجود خطابات أما في ملابس الشخص أو في غرفته لأقاربه أو للشرطة أو وجود دلائل أخرى لضيق مالي أو فشل في حب أو رسوب في امتحان مع خلو الغرفة لو حصل الشنق داخل غرفة من آثار مقاومة أو شجار وخلو الملابس من تمزقات، وقد يجد الطبيب علامات بالجثة لمحاولة الانتحار بطرق أخرى سابقة.

أما الشنق الجنائي، وهو نادر الحصول فلا يمكن لشخص واحد أن يشنق آخر إلا إذا كان مربوطا أو مخدرا أو سكرانا، ويجب أن نفحص الجسم لعلامات المقاومة والعنف كما يجب أن نلاحظ أن العاهات والتشوهات لا تنفي احتمال حصول الانتحار بالشنق، فالعزيمة قد تتغلب على المصاعب التي تواجه المقدم على الانتحار، وفي العادة كذلك لا يعوق العمى الانتحار بالشنق. أما علاقة السن بالانتحار فقد شنق طفل عمره تسع سنوات نفسه كما شنق كهل عمره تسعين سنة نفسه.

والانتحار بالشنق كالانتحار عمدا نادر جدا في صغيري السن وإن كان ليس مستحيلا، أما الكبار في السن فالانتحار معروف بينهم كما في غيرهم من متوسطي السن./.

No comments:

Post a Comment