Thursday, January 31, 2008

مقدمة أهمية دراسة علم الإجرام

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة أهمية دراسة علم الإجرام:-
علم الإجرام من العلوم التى تفسر السلوك الإنساني وغرائزه وميوله ونزعاته واندفاعاته وأسبابه –خاصة السلوك المنحرف
××)
ونظرا لأن مجال البحث يتصل بالنفس الإنسانية وقد يتسم بالصعوبة لتشعب مسالكه، هذه الصعوبة جعلت الباحثين يهتمون بظاهرة الإجرام كحقيقة إنسانية وقد شغل هذا الأمر فريقا من العلماء مختلفي التخصصات – وشارك فيها فلاسفة وأطباء ورجال قانون واجتماع وغيرهم وقد تأثر كل منهم برد الظاهرة إلى إطار عمله
××)
ونشير إلى أن دراسة علم الإجرام ضرورة من الضرورات العملية التى لا غنى عنها لمعاملة الجناة وتقرير العقاب بما يتفق وكل حالة وأسباب ارتكابها للجريمة
××)
القانون يمر بثلاث مراحل 1 – التشريع (وضع النص) ويستعين المشرع فى وضعه للنص العقابي والتجريمى بأبحاث علم الإجرام ليقرر لكل طائفة العقوبة المناسبة – فرق بين المجرم العادي والمجرم السياسي- والمجرم المعتاد على ارتكاب الجرائم (العود) وارتكاب الجريمة المقترنة بعذر سواء مخفف أو مشدد
2 –
المحاكمة (القضاء) ويستعين القاضي بعلم الإجرام ليختار العقوبة المناسبة لكل جان (الحد الأدنى والأقصى للعقوبة)
3-
مرحلة تنفيذ العقوبة (السلطة التنفيذية)وتظهر أهمية علم الإجرام فى طريقة تنفيذ العقوبة
وتصنيف المسجونين وتحديد وسيلة تنفيذ العقوبة وصولا للهدف منها
××)
هذا فضلا عن أهمية هذا العلم فى التوصل لأساليب مكافحة الجريمة قبل وقوعها تخليصا للمجتمع منها ومن آثارها
***
ونظرا لأهمية هذا العلم سنقسمه فى دراسته إلى قسمين: -
الأول :- ونتناول فيه عمومياته من حيث ظهوره والتعريف به وعلاقاته بالعلوم الجنائية الأخرى وموضوعه
الثاني:- ونتناول فيه عوامل السلوك الإجرامي وينقسم إلى :-
أثر العوامل الخارجية فى السلوك الإجرامى
أثر العوامل الداخلية فى السلوك الإجرامي
ظهور علم الإجرام:ـ رغم قدم الجريمة قدم الإنسان منذ قتل قابيل لأخيه هابيل إلا أنها لم تكن كظاهرة اجتماعية محلا لأي دراسات علمية إلا منذ القرن 19 ووفقا للترتيب الزمني فقد تطور العلم كالتالي :-
فى العصور القديمة :ـ أرجعها البعض ومنهم فلاسفة الإغريق ( أبقراط وسقراط وأفلاطون وأرسطو )إلى أنها نتاج نفسية مضطربة يرجع سببها إلى عيوب جسدية أو خلقية أو انحرافات عقلية كما أرجعها البعض إلى أرواح شريرة تحل بجسد المجرم وتدفعه لارتكاب الجريمة وانتهوا إلى أن وسيلة معالجتها هو تعذيب المجرم حتى تطرد هذه الرواح من جسده وبهذا ترضى الآلهة
***
ثم اتجه التفكير إلى إسناد الجريمة إلى نوع من الشذوذ الأخلاقي يرجع إلى نقص القيم الدينية والأخلاقية
وفى العصور الوسطي:- لم تحط الجريمة باهتمام الباحثين باستثناء كتاب عثر عليه للسير توماس أكوين ارجع الجريمة للظروف الاقتصادية واعتبر الفقر عاملا أساسيا للإجرام
وفى بداية القرن 16:- ظهر اتجاه يربط بين الجريمة وسمات خاصة فى هيئة المجرم وملامحه وطبعه، وحاول البعض جمع هذه السمات واعتبارها سمات المجرم
**
وأول هؤلاء العلماء (ديلابورتا) وأرجعها إلى عيوب خلقية ظاهرة فى الوجه (خاصة العينين والجبهة)وأيده بعضهم مثل (داروين)
وفى العصور الحديثة (بداية من القرن 18 ):- لم تحط باهتمام باستثناء بعض الفلاسفة والعلماء أمثال (مونتسكيو وفولتير وروسو)
**
وقد أشار بعضهم إلى أن المشرع الناجح هو الذي يكافح الجريمة لمنعها قبل وقوعها وارجعوا سبب الجريمة للفقر وجريمته السرقة التى اعتبروها أم الجرائم الكبيرة وقد قرروا بقلة المجرمين فى دولة منظمة تنظيما حسنا
**
وكتب البعض أن مكافحة الجريمة أفضل من العقاب عليها وذكروا وسائل تفيد فى ذلك مثل منع الخمور – ولمحاربة الإجرام الاقتصادى بتوفير سبل العيش لمن لا يملك الرزق
**
وارجع البعض الظاهرة إلى الضعف الخلقي الذي يؤدى لخلل بالنمو الطبيعي
وفى أواخر القرن 18 وأوائل القرن 19:- سار بعض العلماء فى نفس الاتجاه وأرجعوا الظاهرة إلى الضعف الخلقي وعلم الملامح وربط آخرون بين الجريمة والمرض العقلي وأثر الوراثة والإنسان البدائي فى الظاهرة
**)
ولكن يعيب هذه الدراسات جميعها أنها لم تكن دراسات علمية تفسر الظاهرة
××)
التفكير العلمي وتفسير الجريمة: - ومع بداية حلول التفكير العلمي محل التفكير الميتافيزيقي فى أوائل القرن 19 اتجهت الدراسات إلى البحث عن أسباب الظواهر الاجتماعية المختلفة ومنها الجريمة ومحاولة تفسيرها بمنهج العلوم التجريبية وهو القائم على الطريقة الاستقرائية
××)
بدأ هذا الاتجاه فى نطاق العلوم الطبيعية واتجه تدريجيا إلى العلوم الاجتماعية ومنها الجريمة وأول من نادى به هو (أوجست كونت) هو الذي بدأ فى استخدام الأسلوب العلمي فى جمع الحقائق عن الظواهر الاجتماعية والتى تمثل الجريمة إحداها
ثم ظهرت دراسات فى علم الإجرام استخدمت المنهج التجريبي وظهرت مدارس منها:-
مدرسة الوسط الاجتماعي وتفسير ظاهرة الجريمة (المدرستان الفرنسية والبلجيكية)
أندريه جيري الفرنسي:- اعتمد على الإحصائيات الجنائية فى فرنسا، وتناول العوامل الفردية المتعلقة بشخص المجرم كالجنس والسن، والعوامل الاجتماعية المتعلقة بالبيئة المحيطة به كالمهنة ومستوى الثقافة وتقلبات الطقس وذلك فى كتابه الأول
××)
وفى كتابه الثاني قارن بين إحصائيات الجريمة فى فرنسا وإنجلترا واستنتج: -
أ)عدم وجود تناسب طردي بين الجريمة والفقر لازدياد الجريمة مع الثراء
ب)عدم وجود تناسب طردي بين الجريمة والجهل لازدياد بعض الجرائم مع ازدياد التعليم
ج)أن الجريمة قد يكون مصدرها خلل نفسي أو ظروف أخرى خاصة بالمجرم
كتيليه البلجيكي:- اعتمد كذلك على الإحصائيات الذي اعتبرها أفضل أسلوب وانتهى إلى أن الجريمة ظاهرة اجتماعية وأسبابها قائمة فى المجتمع نفسه، ووزع الجناة طبقا لصفاتهم الجسمانية والخلقية، وقسم المجتمعات حسب الجنس والنوع والسن والعقل، وأخذ بفكرة الإنسان العادي أو المتوسط الذي يختلف عنه الأفراد الآخرون وحاول بيان مدى تأثر الظاهرة بعوامل أخرى مختلفة كتغير فصول السنة والظروف الاقتصادية ونوع المجرم (ذكر أم أنثى) وتغير مراحل العمر وانتهى إلى ثبات الجريمة من عام لآخر
وتأثر به العديد من العلماء وتبنى نظريته ماركس الذي اعتبر أن أثر النظام الاجتماعي (الرأسمالي) واضح فى الجريمة لانعدام العدالة الاجتماعية
××)
ويؤخذ على هذا الاتجاه والمدرسة اهتمامها بالعوامل الاجتماعية على حساب العوامل الفردية؛ وعدم اهتمامها بدراسة المجرم ذاته من حيث النفس والعقل والخلق وقد أدى ذلك إلى انتهاء رأيهم بأن مكافحة الجريمة يكون بتغيير الوسط الاجتماعي للمجرم
××)
وعلى الرغم من أن هذا هو ما انتهينا إليه وهو مما يتفق وأسلوب دراستها للظاهرة باعتبارها ظاهرة اجتماعية تعتمد على الطريقة الإحصائية ولكن ذلك يهمل المجرم ذاته ودراسة نفسيته وهو الأمر الذي يعجز عنه الإحصاء أو عن تفسيره
××)
ورغم ذلك فإن ما يوجه من نقد لهذه النظرية لا يقلل من فضلها فى إلقاء الضوء على العوامل الاجتماعية للسلوك الإجرامى وأهمية الإحصاء بطريق البحث 0لذلك فهذين العالمين يعدان صاحبا فضل فى وضع الأساس الأول لعلم الاجتماع الجنائي
المدرسة الوضعية ومحاولة تفسير الظاهرة:ـ فى النصف الثاني من القرن 19 ظهرت أبحاث جديدة اتجهت إلى العوامل التى تخص الفرد نفسه ودراستها 0خاصة وأنه فى المجتمع الواحد يرتكب البعض الجرائم دون الآخر ويقلع بعض المجرمين عن ارتكاب الجريمة ويستمر فيها آخرون
××)
وأسس هذه المدرسة الطبيب الإيطالي لومبروزو الذي أرجع سبب الجريمة لنقص فى التكوين الجسمانى للمجرم فركز اهتمامه فى دراسة المجرمين من الناحية التشريحية والعضوية وأجرى دراسات على المجرمين وانتهى إلى أن المجرم يختلف عن الإنسان العادي فى تكوينه الجسمانى ويتصف بنقص فى تكوينه يرجعه إلى الإنسان البدائي والمخلوقات البدائية مما يدفعه لارتكاب الجريمة لعدم إمكانه التكيف مع المجتمع وتطوره
**
وانتهى إلى ضرورة ارتكاب هذا الشخص للجريمة لولادته بهذا النقص وأسماه المجرم بالفطرة وانتهى إلى أنه لا أمل فى إصلاحه ولا علاج له إلا بإعدامه أو عزله
كما وعرف المجرم المجنون والمجرم بالعاطفة وأضاف إليهم المجرم بالصدفة والمجرم بالعادة
النقد الذي وجه لهذه النظرية:-
*
تقسيم المجرمين لأقسام وطوائف بحسب اختلافهم فى أوجه النقص فى التكوين الجسمانى والنفسي دون باقي العوامل الأخرى0
*
اعتمادها على بحث إحصائي قاصر انتهى منه لنتائج عامة وأن كثير من هذه الصفات تتواجد فى أشخاص عاديين لا يرتكبون جرائم فضلا عن جهل لومبروزو بقوانين الوراثة
**
نظرا لهذه الانتقادات فقد اعتد لومبروزو بالظروف الاجتماعية فى طبعات كتبه الأخيرة وانتهى لأمرين: -
**
أن هذه العيوب الخلقية تتوافر فى معظم المجرمين لا جميعهم وقد تتوافر لغيرهم
**
الوراثة الإجرامية لا تؤدى وحدها إلى الإجرام إنما تؤدى إلى ميل له بالتقائها بعوامل أخرى
**
وإنقاذا لهذا الفكر الوضعي حاول أنصاره تعويض النقص فيه بإبراز العوامل البيئية وأثرها وكذا أثر الظروف الخارجية0ومن هنا ظهر علم الاجتماع الجنائي وكان أول رائد للاتجاه الحديث للمدرسة الوضعية (انريكوفرى) الذي أبرز أهمية العوامل الخارجية فى خلق الجريمة وقد قرر بأن الجريمة ترجع إلى تفاعلات ثلاث عوامل وهى: -
عوامل طبيعية:ـ (ميتافيزيقية) وجغرافية مثل المناخ والموقع الجغرافي وتأثير الفصول والحرارة
عوامل اجتماعية:ـ مثل كثافة السكان والعادات والتقاليد وظروف البيئة والحالة الاقتصادية
عوامل انتربولوجية:ـ مثل الجنس والتكوين العضوي والعقلي
ومن تفاعل هذه العوامل الثلاث ينشأ ما يسمى بقانون الكثافة الإجرامى قياسا منه على قانون الكثافة فى الكيمياء الذي مفاده أن:ـ( كمية معينة من الماء + درجة حرارة معينة =تؤدى إلى إذابة قدر معين من مادة كيماوية معينة )
وانتهى إلى أنه نظرا لأنه فى حالة اجتماع هذه العوامل الثلاث فالجريمة نتيجة حتمية لها
لذلك لا يجب معاقبة الجاني لانعدام مسئوليته عن الجريمة وإنما ما يجب عمله هو اتخاذ الإجراءات الوقائية قبله بإبعاده تأسيسا على حق المجتمع فى الدفاع عن نفسه
××)
وأتى العلامة (جارفالو) وأرجع الجريمة إلى نقص فى التكوين الجسمي والنفسي للمجرم وأكد أن هذا النقص ينتقل بالوراثة ولم ينكر دور العوامل الخارجية فيها ولكنه يرى أنه دور ثانوي وخلص إلى ضرورة أن تكون العقوبة هادفة لمجازاة المجرم ذاته لا لتخويف الناس
××)
وعالم الاجتماع كولايانى أرجع الجريمة للعامل الاجتماعى كسبب وحيد وأنها وليدة ظروف اجتماعية أحاطت بالمجرم خاصة من الناحية الاقتصادية وانتهى إلى أن المجرم قابل للإصلاح بإزالة هذه العوامل
ظهور علم النفس الحديث ومحاولة تفسير ظاهرة الجريمة
فى نهاية القرن 19 وبداية القرن 2بدأ مجال بحث جديد اتجه إلى الحالة العقلية والنفسية للمجرم واتجه إلى إرجاع سبب الجريمة إلى ضعف القوى العقلية فى الإنسان نتيجة مرض أو اضطراب فى العقل وساعد على ازدهارها ظهور علم النفس الحديث وأرجعها لعقد نفسية كامنة فى أعماق النفس
**)
ولم تلق هذه الأبحاث قبولا لوجود مرضى ضعاف العقل لا يرتكبون جرائم
××)
وفى القرن الحالي ظهر فى روما اتجاه الانتروبولوجيا على يد الإيطالي دي توليو الذي وضع نظرية التكوين الإجرامى أو الاستقرار السابق للمجرم
**)
وقد أرجع الجريمة نتيجة لتفاعل بين عوامل نفسية داخل الإنسان تتقابل مع ظروف تقابلها تؤدى إلى الجريمة بمعنى أن الاستعداد أو الميل لارتكاب الجريمة يدفع لارتكابها إذا ما أثارتها عوامل خارجية (ظروف أخرى) تكون مثيرة وكاشفة للاستعداد الإجرامى وأن ذلك لا يرتبط بتكوين جسمي أو نفسي خاص
وقد ميز دي توليو بين المجرمين بحكم تكوينهم وقسمهم إلى فئات مختلفة وميز بين المجرم بالصدفة والمجرم بحكم المرض العقلي
وقد لاقت هذه النظرية قبولا خارج إيطاليا
خلاصة ما تقدم:- يبين مما سبق أثر عمل الباحثين فى طريقة دراستهم للظاهرة ومحاولة كل منهم إرجاعها إلى أسباب متنوعة وفقا للمذهب الذي يرجحه الباحث
وعلى الرغم من فضل هذه الدراسات فى تحليل الظاهرة إلا أنه لا يمكن تفسير السلوك بعامل واحد أو عاملين بل أنه نتيجة تفاعل عوامل عديدة ولذا وجب الاستعانة بكافة النتائج التى تقدمها الدراسات الأخرى
ومن هنا كان من الضروري ظهور علم جديد هو علم الإجرام الذي أصبح له دور كبير بين العوامل الأخرى 0
الباب الأول
تعريف علم الإجرام وعلاقته بالعلوم الجنائية
الفصل الأول (تعريف علم الإجرام وفروعه )
المبحث الأول تعريف علم الإجرام
أزمة التعريف بعلم الإجرام:-نظرا لحداثته وعدم استقلاله وذاتيته إلى حد أن البعض مازال فى شك من وجوده كعلم فإن تعريفه محل خلاف لم يظهر فى غيره من العلوم الأخرى نظرا لاختلاف انتماء الباحثين فيه
××)
فقد عرفه البعض بأنه"علم دراسة الانحراف بحثا عن أسبابه ومظاهره ووسائله ونتائجه
××)
وعرفه آخرون بأنه" علم الدراسة الكاملة للإنسان بهدف التوصل إلى أسباب سلوكه المضاد للجماعة ومحاولة علاجه"
××)
واعتبره آخرون " العلم الذي يشمل الأبحاث والدراسات المتعلقة بالجريمة والمجرم والبيئة وأسباب الإجرام ووسائل الردع والمنع من الجريمة ذاتها "
××)
وعرفه البعض بأنه "العلم الذي تخصص فى دراسة الجريمة"
××)
وعرفه آخرون بأنه "علم يبحث فى الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية ويتضمن إجراءات إعداد القوانين وكيفية مخالفتها ثم إجراءات رد الفعل على هذا الانتهاك
××)
وذهب البعض إلى أنه " العلم الذي يتخذ من الجريمة – باعتبارها كل فعل معاقب عليه موضوعا ومحلا له
××)
وقال آخرون بأنه " الدراسة العلمية للظاهرة الإجرامية "
=
واختلف الفقه المصري كذلك فى وضع تعريف موحد له 0
××)
وعرفه البعض بأنه " العلم الذي يدرس الجريمة من الجهة الواقعية دراسة علمية كظاهرة فردية اجتماعية وذلك بقصد الكشف عن العوامل التى تسبب تلك الظاهرة "
××)
وذهب آخرون بأنه " العلم الذي يبحث فى تفسير السلوك العدواني الضار بالمجتمع وفى مقاومته عن طريق إرجاعه إلى عوامله الحقيقية "
××)
وذهب آخرون إلى أنه"العلم الذي يدرس الجريمة كظاهرة فى حياة الفرد والمجتمع"
==
وأقر المؤتمر الدولي الثاني للإجرام تعريفا له خلاصته " علم الإجرام هو الدراسة العلمية لظاهرة الإجرام وأن موضوعه هو دراسة أسباب الظاهرة الإجرامية وسبل علاجها"
وأنه يقع فى موضع وسط بين العلوم الإنسانية والقانون الجنائي
تقييم التعريفات السابقة:ـ دارت جميعها بين اتجاهين – موسع ومضيق للعلم- فالقول بأنه ينحسر فى دراسة الانحراف جنائيا أم اجتماعيا يخرجه من مجموعة العلوم الجنائية
××)
والقول بأن الهدف منه هو التوصل لأسباب سلوك الفرد المضاد للجماعة ومحاولة علاجه يشوبه كذلك ذات العيب لاختلاف السلوك المجرم فى مجتمعات عنها فى الأخرى ولأن كل اختلاف مع الجماعة ليس مجرما بالمفهوم القانوني للجريمة
××)
وبعض التعريفات أدت إلى عدم وجود فواصل دقيقه بينه وبين عديد من العلوم الأخرى
××)
والبعض نظر إليه من تيار الفرد والآخر من تيار الجماعة وكلاهما قاصر لاهتمام العلم بدراسة ظاهرة الإجرام فى الفرد والجماعة معا
تعريف آخر لعلم الإجرام:- لتعريفه ينبغى تحديد غايته وموضوعه وطرق البحث 0وأي تعريف يخلو من هذه العناصر يتسم بالنقصان
وعلى هدى ما تقدم فإن تعريفه هو أنه" العلم الذي يبحث فى الجريمة باعتبارها ظاهرة فى حياة الفرد والمجتمع ويحاول باستخدام أسلوب البحث العلمي وصفها وتفسيرها فى المجالين معا وتحليلها والبحث عن عواملها سواء كانت شخصية تتعلق بالفرد أم تتعلق بالمجتمع المحيط به بمعنى أنه يبحث فى العوامل المؤثرة فى الإنسان والتى تدفعه لارتكاب الجريمة
تحليل تعريف علم الإجرام:- مما سبق يتضح أن لهذا العلم محوران يدور حولهما وهما:-
الجريمة – ومرتكبها (الإنسان) وكلاهما على نفس القدر من الأهمية
وعلى هذا الأساس يبين انه لا يقتصر مجال بحثه على الجريمة من الناحية الو صفية بل يشمل الناحية التحليلية لمختلف العوامل المكونة لها سواء من الناحية الشخصية المتعلقة بمرتكبها أم المادية المتعلقة بالجريمة ذاتها
××)
كما وأن أبحاث هذا العلم تتناول دراسة السلوك الإجرامي وعوامل تكوينه (اجتماعية أو فردية) ومدى تأثير هذه العوامل
وعلم الإجرام لا يلتزم بأسلوب معين من أساليب البحث العلمي بل يطبق كافة الأساليب مستعينا بكافة الأبحاث فى العلوم الأخرى ونتائجها
المبحث الثاني
فــــــروع علم الإجــــــــــــــرام
تمهيد:- ومن جماع ما سبق بيانه فى التحليل السابق ظهر علم الإجرام مقسما لعدة فروع يتميز كل منها بتوجيه عنايته نحو البحث عن عوامل تكوين السلوك وقد وضعت نواة هذا الإجرامي من ناحية معينة ومن هذه الفروع مجتمعه التى أطلق علي كل منها اصطلاح العلم تكون لدينا علم الإجرام 00وهذه العلوم هي:-
أولا علم الأنتربولوجيا الجنائي:- وهو العلم الذي يهتم بدراسة الصفات العضوية والنفسية للمجرم وأثر العوامل المحيطة به عليها لذا يتناول الجريمة كظاهرة فردية لكنه يفسر الأسباب التي تدفع بالمجرم فى حالة معينة لارتكاب جريمة معينة وذلك يتحقق بدراسة الصفات العضوية لجسم المجرم وبعض إفرازات غدده فضلا عن دراسة حياة الجرم وعاداته وطباعه وأخلاقه وتأثير الوراثة وكذا النواحي النفسية ومدى استجابته للمؤثرات الخارجية على ميوله لارتكاب الجريمة
**
وثار قول حول أن علم النفس الجنائي فرع من فروع علم الإجرام وليس الأنتربولوجيا
××)
وواقع الأمر أن علم النفس الجنائي يميل للذوبان والاندماج فى علم الانتروبولوجيا الذي لم يعد قاصرا على الصفات العضوية للمجرم والتي تؤثر على الجوانب النفسية مما يتعين معه عدم الفصل بين التكوينين الأمر المستوجب لدراسة المجرم من جميع النواحي وعلى ذلك فهذا العلم يكون الفرع الأول من فروع علم الإجرام ويتناول فى بحثه شخصية المجرم وتأثير وعلاقة خصائصه النفسية والعضوية والبيئية بالجريمة
ثانيا – علم الاجتماع الجنائي:- وهو العلم الذي يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية فيبحث فى مدى العلاقة بينها وبين الظروف الاجتماعية المختلفة طبيعية أو سياسية واجتماعية وبيان أثر كل منها على الجريمة وقد عرفه البعض بأنه علم المجتمع فى ظواهره الإجرامية
وقد وضعت نواة هذا العلم مدرسة الوسط الاجتماعى الفرنسية البلجيكية ويرجع الفضل فى تطوره وازدهاره لعلم الاجتماع الإيطالي انريكوفرى
ومن هذين الفرعين يتكون علم الإجرام يكمل كل منهما الآخر
××)
ويضيف البعض إلى هذه الفروع علم الأمراض العقلية الإجرامية وعلم السياسة الجنائية والواقع أن الأول يدخل فى دراسة علم الأنتربولوجيا لتعلقه بالمخ الذي هو جزء من أعضاء الإنسان والثاني لا يبحث فى أسباب الجريمة ولكن فى الوسائل اللازمة لمنع الجريمة وتقويم المجرمين وهو علم مختلف عن علم الإجرام وإن كانت تربط هما صلات
الفصل الثــــــــــــــاني
استقلال علم الإجرام عن باقي العلوم الإجرامية
تمهيد:- ويثور تساؤل عن مدى تمتع علم الإجرام بالصفة العلمية وخاصة مدى استقلاليته عن باقي العلوم الأخرى ؟
أولا الصفة العلمية لعلم الإجرام:- أنكر البعض هذه الصفة عنه وحججهم فى ذلك هي:-
*
أن جوهر العلم هو الوصول إلى قواعد وقوانين عامة معترف بها عالميا وهو ما لا يتوافر فى علم الإجرام لاختلافها فى كل زمان ومكان كما وانه لم يعط معطيات معترف بها كعلم الكيمياء والفيزياء كما وأن عباراته عامة وفضفاضة كثر معارضوها
*
أنه لا يعدو و أن يكون تنسيقا للنتائج التي توصل إليها علماء آخرون فى العلوم الجنائية والمقارنة بينها فهو إذا موسوعة العلوم الجنائية ولا يستحق إطلاق وصف العلوم عليها لأنه ليس إلا دراسات حول شخصية المجرم تجرى بالاستعانة بالانتربولوجيا وبعلم النفس وعلم الاجتماع
××)
وواقع الأمر أن هذه الحجج ليست كافية لإنكار صفة العلم عن علم الإجرام فهو لا يقتصر فى دراسته على العوامل الاجتماعية للجريمة كما وأن هذه العوامل رغم كونها متغيرة إلا أن ذلك لا يمنع من دراستها وصولا لنتائج تفسر مدى تأثيرها على ظاهرة الجريمة
××)
توصل بعض علماء العلم إلى وضع قوانين أو حلول أو نتائج عامة فى تفسير السلوك الإجرامي ورغم كونها محل دراسة وتحليل توصلا لصحتها من عدمه فهذا لا يفقده وصفه كعلم لأن هذا شأن العلم لاكتساب المعرفة والوصول للحقيقة التي تسمى بالحقائق العلمية
××)
والقول بأنه ليس إلا موسوعة للعلوم الجنائية مردود بأن هذا الاصطلاح يشمل كافة العلوم الجنائية الذي هو أحدها فضلا عن أن هذا العلم لا يدخل فيه كافة فروع العلوم الجنائية المختلفة ولذا لا يصح إطلاق هذا الوصف عليه
ولهذا فما هو مدى استقلال هذا العلم عن العلوم الجنائية الأخرى؟
ثانيا:- استقلال علم الإجرام:- نفى البعض استقلالية علم الإجرام مقرين أنه ليس إلا مجموعة من النتائج والأبحاث المستمرة من العلوم الأخرى التي يستعين بها الباحث فى الوصول إلى تحقيق غرضه
××)
وأدمجه البعض فى علم السياسة الجنائية الذي يدرس القاعدة القانونية ليتبين مدى فاعليتها لتحقيق غرضها وهو قمع الجريمة والوقاية منها
أما دراسة الجريمة والمجرم فقرروا بأنه لا يعنى بها سوى علمي الانتروبولوجيا والاجتماع الجنائي
××)
والرأي الراجح أنه رغم كونه بكرا فى أبحاثه ونتائجه إلا أن ذلك لا يقلل من استقلاليته عن العلوم الأخرى المشتركة معه فى موضوع دراسته وهو المجرم والجريمة ورغم اتحاده مع بعض العلوم الأخرى التي هي فروع له إلا أن لكل منها استقلاله العلمي عن الآخر
××)
كذلك لا يمكن إنكار استقلاليته ولا ينال منها استعانته بالنتائج التي تقدمها هذه العلوم التي أصبحت فروع له إذ أنه لا يعرض نتائجها على علاتها بل يقوم بتنظيمها وتنسيقها وصولا لتقديم صورة كاملة عن أسباب الجريمة مما يمكن من تفسير السلوك الإجرامي تفسيرا علميا سليما وهو ما لا يتوافر لأي علم على حدة
××)
ويلاحظ أن عملية التنظيم والتنسيق تكون باستخدام طرق وأساليب علمية مختلفة عما يستخدم فى كل علم من فروعه ولذلك فالقول بإدماجه فى علم السياسة الجنائية غير سديد لأن الأخير يهتم برسم الخطط لمكافحة ظاهرة الإجرام بينما علم الإجرام يدرس الجريمة كظاهرة فى حياة الفرد والمجتمع كما أن الانتروبولوجيا وعلم الاجتماع الجنائي ما هما إلا جزئين مكونين له
××)
خلاصة القول أن علم الإجرام يتمتع بوصف العلم والاستقلال الذي يتحدد بالموضوع الخاص وبطرق بحثه التي ينفرد بها وموضوعه هو معرفة أسباب ارتكاب الجريمة الذي يختلف طريق الوصول إليه عما يتم فى كل من العلوم الأخرى
الفصل الثالث
علاقة علم الإجرام بالعلوم الجنائية الأخرى
تمهيد:- انتهينا إلى ذاتية واستقلال علم الإجرام واختلافه عن العلوم القانونية كما انتهينا إلى أنه ليس بموسوعة لجميع العلوم الجنائية ولكن ذلك لا ينفى أن يكون له صلة وثيقة بهذه العلوم وأهم هذه الصلات صلته بكل من قانون العقوبات والإجراءات والسياسة الجنائية
علم الإجرام وقانون العقوبات:- قانون العقوبات فرع من العلوم الجنائية التي تبحث فى مضمون القاعدة القانونية الوضعية التي تحدد الأفعال المعدة جريمة ويحدد العقوبة المقررة بها
××)
أما علم الإجرام فهو علم نظري تقتصر مهمته على تقصي أسباب الإجرام وتحديد مدى مساهمة كل منها فى خلق ظاهرة الإجرام
××)
وكل من قانون العقوبات وعلم الإجرام يدرس موضوع الجريمة ولكن من وجهة مختلفة لكل وأسلوب مختلف – فقانون العقوبات يدرس الجريمة من خلال القاعدة القانونية التي تحدد عناصرها وأركانها والجزاء الذي يوقع على مرتكبها فى حالة تحقق أركانها
××)
أما علم الإجرام فهو يبحث ظاهرة الجريمة من جهة أسبابها ليصل لتفسير لها وهو ما دعا البعض للقول أن علم الإجرام يبحث ويدرس الجريمة والمجرم كحقيقة واقعية بينما يدرسها قانون العقوبات كحقيقة قانونية
××)
كذلك يختلف مناهج البحث فى كل من 0فقانون العقوبات يعتبر علما قانونيا بالمعنى الحقيقي وأسلوب بحثه أسلوب قانوني يقتصر على دراسة القاعدة القانونية وتفسيرها واستخلاص القواعد العامة وما يتبعها من جزاء من أجل تطبيق القاعدة القانونية تطبيقا يتفق وقصد المشرع من وضعها فالباحث لا يهتم إلا بالقاعدة القانونية مستخلصا منها قصد المشرع عن طريق الاستنباط والمنطق – لذا فهو طريقة فنية منطقية لا علمية تجريبية كعلم الإجرام الذي يتبع منهج علمي تجريبي يعتمد على الملاحظة والتجارب والفحوص والإحصاءات التي يستخلص منها قواعد عامة تحكم الظاهرة الإجرامية
××)
والواقع أن هذا الاختلاف لا يؤثر فى العلاقة بينهما فكل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر فرغم قدم قانون العقوبات عن علم الإجرام إلا أن الأخير لا يستطيع أن يتقدم بغير مساندة الأول الذي يحدد له الإطار العام والواقعة التي تعد جريمة وهو ما تدور حولها دراسة علم الإجرام
××)
بالإضافة إلى أن القضاء الجنائي هو الذي يمد الباحثين فى علم الإجرام بنماذج المجرمين الذين تنصب عليهم دراساتهم بالرغم من وجود غيرهم تنصب الدراسة عليهم لم ير تكبوا جرائم بعد هذا فضلا عن أن قانون العقوبات قد يتدخل لضمان شرعية أساليب الفحص لمن تتخذ فى مواجهتهم هذه الأساليب
××)
وكلاهما يعد مصدرا للآخر كما سبق وأوضحنا فى مرحلة التشريع وأهمية علم الإجرام فيها
ومن أمثلة ذلك تشديد العقوبة فى جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وتخفيفها فى القتل المقترن بعذر كالدفاع الشرعي أو التلبس بالزنا
××)
كذلك أثر علم الإجرام فى اتخاذ تدابير لمنع الجريمة كإيداع المجنون مصحة أو علاجه
××)
الخلاصة أنه رغم الاختلاف فى الموضوع والمنهج بين علم الإجرام وقانون العقوبات إلا أنه توجد بينهما روابط قوية لأن الوصول لأساس المشكلة الإجرامية هو الذي يساهم فى حلها حلا سليما
ويقف دور علم الإجرام وينتهي بانتهاء نتائجه للنصوص التشريعية ثم يبدأ دور قانون العقوبات
ثانيا:- علم الإجرام وقانون الإجراءات الجنائية:- قانون الإجراءات الجنائية هو الذي ينظم كافة الإجراءات الواجب إتباعها من وقت وقوع الجريمة وطرق ووسائل إثباتها وحتى محاكمة مرتكبها وصدور حكم عليه وضمانات اتخاذ هذه الإجراءات على النحو الصحيح وذلك بنصوص قانونية
لذا فهو تدور دراسته حول قواعد قانونية إجرائية بينما علم الإجرام يهتم بظاهرة الجريمة بدراسة علمية ورغم هذا الاختلاف فإن بينهما صلة وثيقة 0
ودليل ذلك ومن مظاهره تأثير علم الإجرام فى قانون الإجراءات الأخذ بنظام الفحص السابق على الحكم كإجراء من إجراءات المحاكمة لإحاطة القاضي بأكبر قدر من المعلومات عن شخصية المتهم وظروفه وصولا لأسباب ارتكابه الجريمة ومدى خطورته
××)
كذلك ما نادى به الفقه الحديث بضرورة تخصص القاضي الجنائي وتأهيله
××)
وأخيرا الدعوة إلى الأخذ بنظام قاضي التنفيذ وإتاحة قدر من المرونة للإدارة العقابية يسمح لها بمشاركة السلطة القضائية وظيفتها فى تعديل العقوبة تحت رقابة قاضي التنفيذ وذلك ثمرة من ثمرات الدراسات الإجرامية التي يتناولها علم الإجرام
ثالثا:- علم الإجرام وعلم السياسة الجنائية:- ثار خلاف بين الفقهاء حول تحديد معنى السياسة الجنائيةفعرفها البعض بأنها العلم الذي يبحث عن قواعد جديدة أكثر ملاءمة لتحقيق أهداف قانون العقوبات فهي إذا القانون الجنائي المتحرك وعرفها آخرون بأنها تلك الدراسات التي تبحث فى النشاط الذي يجب أن تبذله الدولة لمنع الجرائم والعقاب عليها
××)
وذهب غالبية الفقه الإيطالي إلى تعريفها بأنها العلم الذي يبحث فيما يجب أن يكون عليه القانون مستقبلا لا فيما هو كائن فعلا لذلك يدرس النظام القانوني القائم ويحدد المصالح الجديرة بالحماية ويبين العقوبات الملاءمة لحمايتها ثم يقيم ملاءمة التجريم فى النظام القانوني القائم وحالات الخفيف والتشديد والإعفاء من العقاب فى ضوء الفقه والقضاء والوسائل المتبعة فى تطبيق القانون ثم يخلص من كل ذلك إلى اقتراح الوسائل التي يراها أكثر ملاءمة لمحاربة الجريمة مع مراعاة الإمكانيات العلمية
××)
ولذلك فعلم السياسة يتفق مع قانون العقوبات فى أن كل منهما علم قاعدي موضوعه القاعدة القانونية ولكنهما يختلفان فى أن قانون العقوبات يبحث النظام القانوني القائم بينما علم السياسة الجنائية يبحث مدى ملاءمة هذا النظام بتحقيق أكبر قدر من المصالح الاجتماعية
××)
والسياسة الجنائية علم قديم قدم الدولة والحاجة لمكافحة الجريمة 0إلا أن علم الإجرام علم حديث نسبيا حتى أن البعض أنكر وجوده كعلم واعتبره هو السياسة الجنائية كما سبق ورأينا، وقد ذهب البعض إلى القول بأن السياسة الجنائية جزء من علم الإجرام لوحدة موضوعا تهما
والواقع أن كل من العلمين مختلف ومستقل عن الآخر من حيث موضوع كل منهما فعلم الإجرام يبحث في العوامل الفردية والاجتماعية للجريمة أما السياسة الجنائية فتبحث النظام القانوني القائم ودراسته ليست واقعية أو موضوعية بل هي دراسة قانونية كذا يختلف كل من العلمين فى منهج البحث ووسيلة ونقطة بداية كل منهما
××)
لذلك لا يمكن القول أن السياسة الجنائية تدخل فى علم الإجرام فكلاهما متميزان وكلاهما فرع من العلوم الجنائية 0ولكن العلمان يرتبطان 0فعلم الإجرام يساعد السياسة الجنائية فى صياغة خطوطها وفى وضع الوسائل الكفيلة لمواجهة ظاهرة الإجرام ببيان أسبابها والعوامل المؤدية لارتكاب الجريمة

ومثال ذلك أن السياسة الجنائية التقليدية كانت قد وضعت على أساس أن العقوبة هي الأسلوب لمكافحة الجريمة وكانت تضع المحكوم عليهم فى مكان واحد وتطبق العقوبة بطريقة واحدة
وبتطور عم الإجرام اختلف معه سياسة ووسيلة تنفيذ العقوبة باختلاف شخصية المجرم ولم يعد الغرض من الجزاء الجنائي إقرار العدالة أو تحقيق الردع العام وإنما دفع خطورة المجرم وإصلاحه
××)
وجدير بالذكر أن استجابة السياسة الجنائية لدراسة علم الإجرام مقيد بما يثبت صحته بصورة قاطعة
××)
كما ويجب ألا تتعارض دراسات علم الإجرام والمبادىء الأساسية فى القانون
××)
كما وأن دراسات علم الإجرام لا يمكن الأخذ بها إذا كان من شأنها إهدار مصالح اجتماعية أو اقتصادية أكثر أهمية من مكافحة بعض العوامل الإجرامية مثال ذلك إذا كانت وسيلة مكافحة الجريمة بالعدول عن إنشاء التجمعات السكانية الكبيرة

مجهود متواضع أتمنى أن يستفيد منه الزملاء..
مجدى الخيارى

No comments:

Post a Comment