Sunday, January 27, 2008

جريمة غسل الأموال

تمهيد

تشمل جرائم الأعمال كل المخالفات التي تخرق القواعد القانونية الموضوعة من طرف الدولة من أجل تنظيم ميدان الأعمال، وتكون هذه المخالفات بهدف المس بملكية الغير أو حتى الاقتصاد الوطني وقد عرفت ورقة العمل المعدة بمناسبة الاجتماع الحادي عشر لمؤتمر الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية، والذي عقد ببانكوك خلال شهر ابريل 2005 ـ الجريمة المالية والاقتصادية بأنها: "جريمة غير عنيفة تنجم عنها بصفة عامة خسارة، وبالتالي، فإن تلك الجرائم تشمل طائفة من الأنشطة غير القانونية، منها الاحتيال أو الفساد أو التهرب الضريبي أو غسل الأموال".[1]

لقد أصبح القضاء الجنائي يحتل أهمية خاصة في ميدان الأعمال، تبعا لتضخم القانون الجنائي للأعمال وتطور المجالات التي يحكمها و ذلك بتعلق السياسة الجنائية في ميدان الأعمال بسبل مواجهة وزجر جرائم الأعمال ولقد تولدت فكرة جرائم الأعمال من أدبيات علم الإجرام الذي يتحدث أيضا عن جرائم ذوي الياقات البيضاء وقد كان الموقف الاجتماعي من هذا النوع من الجرائم في البداية هو عدم اهتمام الجمهور بها، نظرا للجهل بها وصعوبة التوصل إليها لكن ومع الزمن كان الهاجس هو التعرف على حقيقة جرائم الأعمال والعمل على مواجهتها.[2]

ويختلف مفهوم جرائم الأعمال والجريمة الاقتصادية وخصائصها بحسب الأنظمة الاقتصادية، إذ وجدت عدة اتجاهات لضبط هذا النوع من الجرائم، من ذلك تخصيصها بقانون خاص، أو إخضاعها لإجراءات خاصة، أو إسناد أمر البت فيها إلى محاكم خاصة حسب التكيف القانوني لمفهوم الجرم.

و غسل الأموال إجرام منظم يتسم بكثير من الخطورة، وهو غالباً ما يُحول الجريمة من جريمة فردية إلى جريمة منظمة. كما أنه في الغالب ينقلها من جريمة ذات طابع محلي إلى جريمة دولية عابرة للحدود و بذلك تدخل ضمن مواضيع القانون الجنائي للأعمال.

فقد تزايدت عمليات غسل الأموال في العالم نتيجة لتنامي نشاط العصابات الإجرامية و تزايد حدة الجريمة المنظمة على الخصوص في مجال المخدرات، ومنذ السنوات القليلة الماضية أخذت قضية غسل الأموال وأساليب مكافحتها والقضاء عليها تحتل الموقع الأبرز في السياسة العالمية وذلك جنبا إلى جنب مع قضايا الإرهاب و ذلك نظرا للعلاقة بين عمليات غسل الأموال و تمويلها لجرائم الإرهاب خصوصا مع تزايد حدة هذه الأخيرة سواء على المستوى الدولي أو الوطني.

وقد أصبحت عمليات غسل الأموال تشكل عبئا ثقيلا على الدول وأصبح ينظر إليها على أنها من الصعوبات و المشاكل القانونية والاقتصادية التي يتوجب ملاحقتها ومنعها خصوصا في ضوء صعوبة تقدير الكمية الحقيقية للأموال المغسولة، فعلى الرغم من وجود تنسيق متزايد بين أجهزة المكافحة بين دول العالم إلا أن تلك الأجهزة لا تملك طريقة كاملة عن حركة الأموال المغسولة والذي يعتقد أنها تشكل أرقاما خيالية وتشكل أكثر من ثلث الناتج القومي لدول العالم حيث باتت تكلف الاقتصاد العالمي أكثر من 1000 مليار دولار أمريكي سنويا حسب المصادر العالمية المتخصصة،[3] ومنها صندوق النقد الدولي.و ذلك راجع أيضا لتزايد المخاطر الاقتصادية كانخفاض قيمة العملة، وانخفاض حجم الأموال المدخرة، وارتفاع معدل التضخم، وإفساد مناخ الاستثمار وتزايد المخاطر الاجتماعية كزيادة معدل الجريمة، وزيادة معدل البطالة، وتدني مستوى المعيشة، وتولي بعض الأفراد لمراكز قيادية رغم عدم كفاءتهم، وتزايد المخاطر السياسية كالتدخل في بعض النظم السياسية وإفسادها، وتمويل بعض النزاعات الدينية والعرقية، التي تترتب على جريمة غسل الأموال، كل ذلك دفع بالمجتمع الدولي منذ بضعة عقود لمكافحة هذه الجريمة.

فقد ظهر اصطلاح (غسل الأموال) لأول مرة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والتي عقدت في فينا سنة 1998[4]، وقد نصت في المادة الثالثة منها على أن غسل الأموال يتمثل إما في تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها من نتاج جرائم المخدرات، أو في إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو في اكتساب أو حيازة أو استخدام الأموال مع العلم وقت تسليمها أنها من حصيلة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية.

وقد أصدرت لجنة العمل المالي لغسل الأموال والمعروفة باسم F.A.T.F Financial action task force on money laundering التي أنشأتها قمة الدول الصناعية السبع عام 1989 أربعون توصية عام 1990 تضمنت ضرورة مكافحة ظاهرة غسل الأموال محليا ودوليا. وفي عام 1999 عقد في العاصمة البريطانية لندن مؤتمر دولي حول مكافحة غسل الأموال عرض خلاله العديد من الأبحاث والقضايا ذات الصلة بهذه الظاهرة، كالعمليات التي قامت بها المافيا الروسية في جزر كوك ونادرو وساموه وفاتورواتو وفيدجي وتونجا[5].

وجريمة غسل الأموال من الجرائم ذات الأبعاد المتعددة وتكمن صعوبة البحث فيها إلى أنها تعد حاليا من أخطر الجرائم المنظمة دوليا، ولا يمكن الفصل في بحثها بين البعد الداخلي والبعد الدولي بل لا بد من الاهتمام بالبعدين معا، حتى يمكن مواجهة كافة صورها ووضع الحلول المناسبة.

ونظراً للتداخل بين الأحكام المتعلقة بعمليات مكافحة غسل الأموال الناشئة عن المخدرات والجهود الدولية المتعلقة بالقضاء على الإرهاب فقد ارتأينا البحث في هذا الموضوع الهام والذي بات يشكل ذروة الاهتمام العالمي خصوصا بعد الأحداث التي وجهت صفعة قوية للولايات المتحدة الأمريكية )أحداث 11 شتنبر(، وكذلك العمليات على المستوى الوطني)أحداث 16 ماي و 11 مارس... ( خصوصا وان مصدر الأموال التي تمول الإرهاب هي أموال في أغلبها غير مشروعة يتم اكتسابها بإحدى الطرق التي تحددها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بغسل الأموال خصوصا منها تجارة المخدرات و كما حددها المشرع المغربي في الفصل2 -574 من مشروع قانون 05-43 الذي تمت المصادقة عليه من طرف مجلس الحكومة بتاريخ10 أبريل 2006 و مجلس النواب بتاريخ 22 يناير 2007 ثم مجلس المستشارين بتاريخ 06 مارس 2007[6] و يتضمن هذا المشروع أربعة أبواب يخصص الباب الأول لإتمام الباب التاسع من القسم الأول من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي بإضافة فرع سادس مكرر لتجريم غسل الأموال و الباب الثاني يعرف الأشخاص الخاضعين لمقتضيات هذا القانون و التزاماتهم في مجال الوقاية و التحري فيما يخص عمليات غسل الأموال كما ينص على إحداث وحدة معالجة المعلومات المالية و يحدد اختصاصاتها و مجالات عملها و الباب الثالث يرمي إلى تطبيق مقتضيات الباب الثاني من هذا القانون على تمويل الإرهاب فيما يخصص الباب الرابع للأحكام الختامية و الاختصاص في قضايا غسل الأموال[7] و ذلك هو ما سيكون محور الدراسة في بحثنا هذا من خلال مقارنة أحكامه بالتشريع المقارن في مجال غسل الأموال و بحث مدى توفق المشرع المغربي في مواجهة هذه الجريمة خصوصا في ظل التطور التكنولوجي.

مقدمة عامة:أحكام عامة حول جريمة غسل الأموال

و سنحاول أن نركز على أهم المحاور الخاصة بالأحكام العامة لجريمة غسل الأموال و المتمثلة أساسا في تعريفها ثم بحث خصائصها و مبررات التجريم و كذلك التكييف القانوني و أركان هذه الجريمة

1) تعريف جريمة غسل الأموال

لفظة غسيل على وزن فعيل بمعنى مفعول و هي مشتقة من الفعل الثلاثي (غَسَلَ) قال ابن فارس:"الغين و السين و اللام أصل صحيح يدل على تطهير الشيء و تنقيته يقال غسلت الشيء غسلا و الغُسْلُ:الاسم و الغَسُولُ:ما يغسل به الرأس.[8] أما في المفهوم القانوني فالمشرع المغربي حسنا فعل في مشروع قانون 05-43 بأن لم يورد تعريفا لجريمة غسل الأموال و ترك الأمر من اختصاص الفقه حيث و كما هو معلوم أن تعريف المشرع للنصوص يضفي عليها نوعا من الجمود. و سنحاول أن نبحث عن بعض التعريفات الفقهية لجريمة غسل الأموال: فقد جاء في تعريف اللجنة الأوروبية لمكافحة غسيل الأموال الصادر عام 1990 على أنها:عملية تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة إجرامية بهدف إخفاء أو إنكار المصدر غير الشرعي والمحظور لهذه الأموال أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما بتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم[9].

كما يمكن تعريفها بأنها جريمة تطهر الأموال القذرة من اللا مشروعية، والأموال القذرة هي كل مبلغ من النقود أو كل ما يمكن تقييمه بالنقود يحصل عليه الشخص بالمخالفة لأحكام القانون.

و يجمع فقهاء القانون على تعريف عمليات غسل الأموال القذرة أنها كل عمل أو إرجاء أو نقل أو تغيير طبيعة أو ملكية أو نوعية وهوية الأموال المحصلة من أنشطة أو أعمال إجرامية وغير قانونية أو غير مشروعة، وذلك بهدف التغطية والتمويه والتستر على المصدر الأصلي غير القانوني لهذه الأموال، لكي تظهر في نهاية الأمر على أنها أموال نظيفة ومن أصول سليمة ومشروعة، بينما هي في الأصل غير ذلك[10].

و يمكن إجمال كل هذه التعريفات بالقول أن عملية غسل الأموال هي عملية تهدف إلى إخفاء المصدر الحقيقي للدخل الغير المشروع و محاولة إضفاء الشرعية عليه و إظهاره كما لو كان ناتجا من أنشطة مشروعة.[11]

2) خصائص جريمة غسل الاموال

تتعدد خصائص جريمة غسل الأموال و ذلك لمجموعة أسباب أهمها ارتباطها بالجريمة المنظمة العبر وطنية و ارتباطها بالوسائل التقنية الحديثة و سنحاول الحديث عن كل خاصية من هذه الخصائص على حدة:

ü جريمة غسل الأموال جريمة عالمية:ساهم التقدم العلمي في مجال الاتصالات و الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم في تطور الطرق الإجرامية خصوصا في مجال الأموال و ذلك نظرا لتحرير التجارة العالمية و ما يرافقها من إزالة العوائق الجمركية واستخدام التجارة الإلكترونية وشيوع المناطق الحرة وعمليات الخوصصة، إلا أن لكل ذلك أثر قد يكون سلبيا في تنشيط عمليات غسل الأموال خصوصا وان كثير من التشريعات لبعض الدول تفتح المجال لتنامي عمليات غسل الأموال من خلال تسهيل إمكانية إنشاء الشركات الوهمية والتحويلات الإلكترونية على الرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات الدولية في مكافحة هذه الجريمة و دفع الدول لتبني قوانين لمحاربة هذه الجريمة.[12]

ü جريمة غسل الأموال جريمة منظمة: إذا نظرنا إلى جرائم غسل الأموال، باعتبارها من الجرائم الدولية الخطرة، والتي تؤثر تأثيرا سلبيا ومباشرا على الاقتصاد الدولي نجد أن من أهم سماتها في الأغلب أنها جريمة منظمة، وهي تفترض تعدد الجناة ووحدة الجريمة ماديا ومعنويا بحيث يساهم كل منهم بعنصر أو أكثر من العناصر المؤثرة في الجريمة، وإذا ما أدركنا أن المصدر الأساسي لعمليات غسل الأموال تتأتى من تجارة المخدرات نجد أن وصف جرائم غسل الأموال بالجرائم المنظمة هو أمر بديهي وواقعي.

ü استعمال الوسائل التقنية الحديثة في جريمة غسل الأموال: وفقا لإحصائيات صندوق النقد الدولي فإن حجم عمليات غسل الأموال يتراوح ما بين 590 مليار إلى 1,5 تريليون دولار سنويا، أي ما يعادل 2- 5% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويقدر البعض أن إجمالي الدخل المحقق من عمليات المخدرات يعادل 688 مليار سنويا منها 5 مليارات في بريطانيا و 33 مليار في أوروبا و 150 مليار في الولايات المتحدة الأمريكية و 500 مليار في باقي دول العالم، وان هناك مجموعة منهم من المهنيين المتخصصين ومن حملة الدرجات العليا، وبالتالي فقد أصبحت عمليات غسل الأموال صناعة لها أطقمها، وتأتي في المرتبة الثالثة بين الصناعات العالمية حسب القيمة[13]

3) مبررات التجريم:

تعددت المبررات التي ساقها المشرعون في الدول المختلفة لتجريم غسل الأموال، ذلك أن تلك العمليات من شأنها أن تهدد أركان الاقتصاد العالمي ككل والاقتصاديات المحلية بشكل أخص ويمكن إجمال أهم مبررات تجريم عمليات غسيل الأموال بما يلي:

ü تهديد الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للدول:فمما لا شك فيه أن الأرقام المذهلة الناتجة عن عمليات غسل الأموال في العالم تنظر بخطر وشيك على اقتصاديات الدول خصوصا في ظل تدويل الاقتصاد العالمي و نمو و تطور أسواق المال الدولية و تأثير ذلك على الاقتصاد الوطني المتمثل في عجز الميزان الاقتصادي للدولة و انهيار سعر العملة و ما إلى ذلك و ما يتبع ذلك بالضرورة من انعكاسات على المستوى السياسي حيث تؤدي إلى انتشار الفساد المالي و الإداري خصوصا و أن جريمة غسل الأموال من جرائم ذوي الياقات البيضاء الذين لا تتناسب صفاتهم مع صفات المجرمين كما حددها علم الإجرام التقليدي.

ü انهيار المؤسسات المالية والمصارف والبنوك: يعتبر استخدام البنوك في عمليات غسل الأموال من الوسائل الأكثر شيوعا، وعليه فإن قبول البنوك بإيداع أموال مشبوهة فيها يؤدي إلى تخوف العملاء الشرعيين وسحب أرصدتهم وأموالهم، مما يؤدي إلى انهيار تلك البنوك لأنها تعتمد في نشاطها على أموال المودعين وهو ما حدث مع بنك الاعتماد والتجارة الدولية بعد تورطه مع عصابات المخدرات في فلوريدا، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى القيام بتصفيته مما رتب خسائر قدرت بمليارات الدولارات، وبالتالي فإن عمليات غسل الأموال تهز الثقة بالقطاع المصرفي والذي يشكل ركنا أساسيا في اقتصاد السوق، إضافة إلى أن البورصات التي تستقبل أموالا ناشئة عن جرائم اقتصادية سرعان ما تنهار[14]

ü تفشي الجريمة في المجتمع: من أهم مصادر الأموال غير المشروعة تجارة المخدرات، وبالتالي فإن تنامي هذه الظاهرة يؤدي إلى ازدهار نشاط عصابات المخدرات وإدخالها إلى الدول مما يؤدي إلى تفشي الجريمة وانهيار القيمة الاجتماعية وشيوع الانحلال، إضافة إلى أن مساعدة المجرم في جني ثمار جريمته يناقض أهم المبادىء الأساسية في الأسباب الموجبة للتجريم والعقاب.

4) التكييف القانوني للجريمة:

التكييف القانوني عملية ذهنية تهدف إلى إعطاء الفعل الوصف الذي ينطبق عليه في التشريع الجنائي، وهو بالتالي ليس ركنا من أركان الجريمة أو عنصرا من عناصر الركن القانوني، وإنما شرط لخضوع الفعل لأحد النصوص من نصوص التجريم و يرى البعض أن التكييف القانوني هو تطبيق القاضي لمبدأ الشرعية انطلاقا من أن لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص و على ذلك فمن الفقه من اعتبر أن عملية غسل الأموال من قبيل المساهمة الجنائية و بالتالي ارتأى هذا الجانب من الفقه أن هناك ارتباط بين عملية غسل الأموال و الجريمة الأصلية و ذلك يفترض تعدد الجناة فيما يذهب الرأي الثاني إلى اعتبار أن جريمة غسل الأموال من الأعمال المكونة لجريمة إخفاء الأشياء ذات المصدر غير الشرعي و ذلك حال المشرع المغربي قبل إصدار مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال خصوصا في الفصل 571من مجموعة القانون الجنائي الذي ينص على أن:"من أخفى عن علم كل أو بعض الأشياء المختلسة أو المبددة أو المتحصل عليها من جناية أو جنحة، يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات و غرامة من مائة و عشرين إلى ألفي درهم" و حسنا فعل المشرع المغربي بأن أصدر مشروع قانون 05-43المتعلق بغسل الأموال إذ يكون بذلك قد أحسن تكييف الجريمة و جعلها جريمة قائمة بذاتها.

5) أركان جريمة غسل الأموال:

تفترض جريمة غسل الأموال لقيامها أركانا كسائر الجرائم و تتمثل في الركن القانوني و يتجلى في النص على تجريم غسل الأموال بنص القانون ثم الركن المادي المتمثل في السلوك المكون للجريمة من قبيل تحويل الأموال أو نقلها أو إخفائها أو مصدرها أو مكانها أو حيازة أو استخدام هذه الأموال،[15] وكل ذلك مع علمه بمصدرها غير المشروع وهي بالتالي من الجرائم العمدية التي لا يتصور فيها التقاعس أو الإهمال كأساس للمسؤولية الجنائية، كما أنها من الجرائم المستمرة وإن كان هناك من يرى أن عمليات التحويل من الجرائم الآنية. بالإضافة إلى هذه الأركان فجريمة غسل الأموال تشترط ركنا مفترضا و يتمثل في الجريمة الأصلية التي أوجدت الأموال غير النظيفة من قبيل الاتجار في المخدرات و المؤثرات العقلية أو المتاجرة في البشر و تهريب المهاجرين و الاتجار غير المشروع في الأسلحة و الذخيرة و جميع الأفعال المنصوص عليها في الفصل 2-574 من مجموعة القانون الجنائي (الفرع السادس مكرر) كما نص على ذلك الباب الأول من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

بعد أن اطلعنا على بعض الأحكام العامة التي تنظم جريمة غسل الأموال فإنه تطرح و بشدة مجموعة من التساؤلات تتمثل أساسا في :

ما هي أساليب و مراحل هذه الجريمة؟و ما هي أهم الإجراءات المتخذة لمكافحة هذه الجريمة؟

سنحاول الإجابة على هذه ذلك من خلال تقسيم البحث لفصلين نخصص الأول لبحث السلوك الإجرامي لجريمة غسل الأموال و الثاني لوسائل مكافحة جريمة غسل الأموال.

الفصل الأول:السلوك الإجرامي لجريمة غسل الأموال

جاء في مقدمة تقرير لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بوزارة العدل بشأن مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال أنه:"وعيا من المملكة المغربية بما أصبح يعيشه العالم اليوم من انتقال لرؤوس الأموال عبر الدول في ظل تدويل الاقتصاد العالمي و نمو و تطور أسواق المال و الأعمال و ما ترتب على ذلك من تنامي حركة الجريمة المنظمة و لا سيما غسل الأموال و الإرهاب بادرت بلادنا إلى المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة و كذا إعداد مشروع قانون يتعلق بمكافحة غسل الأموال"[16].

ولا شك أن غسل الأموال يؤدي إلى آثار اقتصادية سلبية مباشرة وغير مباشرة وعلى وجه الخصوص في الدول النامية ولعل أبرزها عدم استقرار سعر الصرف وسعر الفائدة نتيجة صعوبة تسجيل المتحصلات من عمليات غسل الأموال ضمن حسابات الناتج الوطني والتي يترتب عليها بالضرورة دخول بيانات نقدية مضللة تؤدي إلى صعوبة وضع خطط فعالة للتنمية الاقتصادية، وتؤدي عمليات غسل الأموال من ناحية أخرى إلى تعميق التفاوت بين الطبقات وعدم استقرار أسواق المال ونقص العملات الأجنبية وانخفاض الإنتاج الوطني، وتفاقم مشكلة البطالة ذلك لأن الأموال المغسولة تبحث عن الربح السريع فلا تخلق فرص عمل مستديمة.

والسلوك الإجرامي هو أحد عناصر الركن المادي للجريمة، ويقوم على عنصرين أولهما الحركة العضوية وثانيهما الصفة الإرادية، وجريمة غسل الأموال ذات الطابع الدولي، انتقل مرتكبوها من ممارسة السلوك الإجرامي التقليدي إلى السلوك الإجرامي الحديث الذي يواكب تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مما يمكن أن نطلق عليه السلوك الإجرامي الإلكتروني، وهذان النوعان من السلوك هما ما سيكونان محور البحث في هذا الفصل على النحو التالي:

المبحث الأول:السلوك الإجرامي التقليدي

المبحث الثاني الأساليب التكنولوجية الحديثة

المبحث الأول:السلوك الإجرامي التقليدي

تنوعت صور و أساليب السلوك الإجرامي التقليدي لجريمة غسل الأموال بحسب خصوصية كل دولة و وبحسب نظرة المشرع و تصوره للفعل الإجرامي و مدى خطورته على الوسط الاجتماعي و على الاقتصاد الوطني و سنحاول من خلال هذا المبحث عرض أهم صور غسل الأموال بحسب تصور المشرع في كل من التشريع المغربي و كذا التشريع المقارن ثم البحث في الأساليب التقليدية لهذه الجريمة و هذا ما سنتناوله في المطلب الأول أما المطلب الثاني فسنخصصه لمراحل غسل الأموال التي تتم في البنوك.

المطلب الاول: صور غسل الأموال و أساليبه

حصر المشرع المغربي في الفصل 1-574 من مجموعة القانون الجنائي (الفرع السادس مكرر) كما نص على ذلك الباب الأول من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال صور جريمة غسل الأموال في:" اكتساب أو حيازة أو استعمال أو استبدال أو تحويل الممتلكات بهدف إخفاء أو تمويه مصدرها لفائدة الفاعل أو لفائدة الغير عندما تكون متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 2-574 بعده.

مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 2-574 بعده على الإفلات من الآثار التي يرتبها القانون على أفعاله.

تسهيل التبرير الكاذب بأي وسيلة من الوسائل، لمصدر ممتلكات أو عائدات مرتكب إحدى الجرائم المشار إليها في الفصل 2-574 بعده التي حصل بواسطتها على ربح مباشر أو غير مباشر.

تقديم المساعدة أو المشورة في عملية حراسة أو توظيف أو إخفاء أو استبدال أو تحويل العائدات المتحصل عليها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من ارتكاب إحدى الجرائم المذكورة في الفصل 2-574 بعده."

و بالتالي يتضح من خلال هذا النص ان المشرع المغربي قد قام بحصر صور غسل الاموال في اكتساب أو حيازة أو استعمال أو استبدال أو تحويل الممتلكات و هي صور من الصور التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية لمكافحة غسل الاموال و كذلك بالنسبة للمشرع المصري إذ نصت المادة الأولى فقرة (ب) من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المصري على أن"غسل الأموال هو كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة 2 من هذا القانون مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقة أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال"[17].

و من خلال هذه النصوص نستنتج ان جريمة غسل الاموال تفترض بالضرورة وقوع جريمة سابقة عليها هي الجريمة التي تحصل منها المال المراد غسله وهو بمثابة ركن مفترض في جريمة غسل الأموال.

و بخصوص الجرائم التي وردت في الفصل 2-574 من مجموعة القانون الجنائي (الفرع السادس مكرر) كما نص على ذلك الباب الأول من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال حيث نص على انه:"يسري التعريف الوارد في المادة 1-574 أعلاه على الجرائم التالية:الاتجار في المخدرات و المؤثرات العقلية، المتاجرة في البشر، تهريب المهاجرين، الاتجار الغير مشروع في الأسلحة و الذخيرة، الرشوة و الغدر و استغلال النفوذ و اختلاس الأموال العامة و الخاصة، الجرائم الإرهابية، تزوير النقود و سندات القروض العمومية أو وسائل الأداء الأخرى". فيكون المشرع المغربي بذلك قد ساير التطور الحاصل في القانون المقارن،[18]حيث لم يحصر الجرائم في جرائم المخدرات.

أما الأساليب التقليدية في غسل الاموال فهي على ثلاثة أنواع سنحاول التطرق لكل نوع منها على حدة:

ü تهريب وتبادل العملات: ويمكن وصف هذه العملية من خلال وضع الأموال المشبوهة في حساب جار في أحد البنوك ومن ثم يصار إلى تحويلها أو نقلها إلى حساب آخر من خلال حركات متعددة ومتشابكة بحيث يصعب معها التمييز في هذه الحسابات بين الأموال النظيفة وغيرها من الأموال القذرة، كما أن من عمليات تسهيل تلك الإجراءات السياسات المالية والنقدية في الدول النامية، والتي ترغب في تشجيع الاستثمار الأجنبي لتحسين وضع الاقتصاديات الوطنية، الأمر الذي يرغمها في بعض الأحيان على اتخاذ إجراءات تشريعية واقتصادية للتأقلم مع الوضع الاقتصادي العالمي ترتب السماح بعمليات نقل الأموال وتحويلها دون الحصول على موافقات مسبقة من الجهات الحكومية ذات العلاقة ومنها البنوك المركزية، هذا بالإضافة إلى الأساليب التقليدية كالنقل عن طريق الشاحنات عبر الحدود والطائرات والبواخر وغيرها.[19]

ü استخدام الشركات الوهمية:يتم أحيانا تأسيس شركات بصورة قانونية، ولكنها لا تمارس في الواقع أية نشاطات فعلية أو مشاريع، ويتم فتح حسابات باسم الشركة داخلية وخارجية وتكون بالتالي الملاذ القانوني لمحاولات عمليات غسل الأموال، وتكون هذه الشركات منتشرة بصورة فعلية في الدول التي تفتقر إلى الرقابة المحكمة أو تمتاز بمنظومة سرية العمليات المصرفية واستقرار البيئة النقدية والسياسية أو وقوعها على خطوط التجارة العالمية وسهولة الدخول والخروج منها وسهولة الإجراءات المتبعة في تأسيس الشركات أو شرائها.[20]

ü الصفقات الوهمية ودور السمسرة والقمار وشراء الأصول المادية:وتستخدم الصفقات الوهمية كإحدى الوسائل التقليدية في عمليات غسل الأموال، ويتأتى ذلك من خلال استخدام الأسعار العالمية وتضخيم الأرقام الفعلية واستخدام الفواتير الزائفة وكل ذلك لغايات تبرير الأموال المتأتية كأثمان لتلك الصفقات الوهمية أو الأرباح الكبيرة التي قد تثير بعض الشكوك، إضافة إلى إمكانية استخدام وسائل شراء الأصول المادية كالسيارات والمعادن النفيسة لتلك العمليات من خلال إعادة بيعها، ولذلك يمكن استخدام دور السمسرة من خلال تمويل كميات كبيرة من المال إلى السماسرة لشراء أسهم أو سندات أو عقارات بأسمائهم أو بأسماء آخرين وذلك بأسعار مبالغ فيها وخاصة في مجال العقارات، ويمكن أيضا استخدام دور القمار لعمليات غسل الأموال من خلال شراء كازينوهات القمار، ومن ثم يطلب تسليم المبلغ إلى شخص آخر تسليما نقديا أو من خلال فتح حساب باعتبار الأخير قد ربح ومن ثم من السهولة بمكان أن يدعي الأخير أن تلك المبالغ قد ربحها من القمار.[21]

المطلب الثاني:مراحل غسل الأموال عن طريق البنوك

و هي ثلاث مراحل أساسية لا بد لكل عملية غسل أموال من المرور بها و سنحاول التطرق لكل مرحلة على حدة:

ü الإيداع أو الإحلال:و هي مرحلة موالية لاكتساب الأموال الغير المشروعة بواحدة من الصور التي سبق التطرق إليها[22] وتعني هذه المرحلة التخلص من الأموال المشبوهة من خلال إيداعها في البنوك والمؤسسات المالية أو شراء العقارات أو الأسهم أو السندات أو الشيكات السياحية والمشاركة في مشاريع استثمارية قد تكون حقيقية وقد تكون وهمية كما أنها مرحلة ركود للمال حيث يتم وضعه في مكان معين لفترة من الزمن بقصد مرور فترة لنسيان مصدره الغير مشروع و من تم يتم بيع تلك الأسهم ثم نقل الأموال إلى خارج حدود البلد الذي تم فيه الإيداع و يتم عادة اللجوء إلى الأوراق التجارية أو أوامر الدفع من خلال كتابة المبالغ النقدية على تلك الأوراق وتسهيل حركة تلك الأوراق أو إيداع تلك الأوراق في البنوك التجارية بحيث تنصهر في عملياته المتداخلة، أو استخدام البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات القرض و تعتبر هذه المرحلة أخطر المراحل و أكثرها صعوبة باعتبار أن غاسل الأموال يكون طرفا في المعادلة لذلك فغالبا ما يتم اللجوء إلى الدول التي يتميز نظامها الاقتصادي بالانفتاح و لا تجرم عمليات غسل الأموال.

ü مرحلة التغطية: وتتم هذه المرحلة بعد دخول الأموال إلى القطاع المصرفي، وذلك من أجل فصل هذه الأموال عن نشاطاتها الأصلية غير المشروعة، ويتم ذلك من خلال مجموعة من العمليات المعقدة والمتتابعة وكل ذلك من أجل إخفاء مصادر هذه الأموال، وتتميز هذه المرحلة باعتبارها المرحلة التي يكون كشف مصادر تلك الأموال أكثر صعوبة، ويكون ذلك من خلال استخدام الأوراق المالية التي من السهل تحويلها كشيكات الصرف والأسهم والسندات وعمليات الدفع من خلال الحساب، حيث يقوم البنك الأجنبي بفتح حساب في أحد البنوك المحلية ويقوم عملاء البنك الأجنبي بالسحب والإيداع في ذلك الحساب لإدارة أنشطتهم المشبوهة وشراء رؤوس الأموال ذات القيمة العالية ومن تم إعادة بيعها و مع التطور التكنولوجي أصبح غاسلو الأموال يلجأون إلى الوسائل الإلكترونية الحديثة لتمويه نشاطاتهم من أجل محو الآثار الجرمية وذلك كون تلك العمليات تتسم بالسرعة والمسافات البعيدة والقدرة على إخفاء الاسم ومحو أية آثار محاسبية في هذا الإطار.[23]

ü مرحلة الدمج: وهي المرحلة الأخيرة في عملية غسل الأموال أو هي مرحلة غسل الأموال الأخيرة، وفيها يندمج المال الغير مشروع في الأموال المشروعة ويدخل في مجال الاقتصاد الوطني بحيث يصعب مع ذلك التمييز بين المال المشروع و الآخر غير المشروع و أهم ما يميز هذه المرحلة هو كونها تتم بعلنية على خلاف المرحلتين السابقتين و تتخذ بذلك مظهرا قانونيا مشروعا، وعلى سبيل المثال فإن المشروعات التي سبق إخفاء المال فيها في المرحلة الأولى يتم بيعها وتصبح ظاهريا أموالها مشروعة ذلك باعتبار أنها حصيلة مشروعات حقيقية، والرصيد الذي ينتقل من مصرف إلى آخر ومن مكان إلى آخر تتوقف حركته ويخرج إلى حلبة الاقتصاد على أساس أنه حصيلة أعمال تجارية مصرفية.

المبحث الثاني:الأساليب التكنولوجية الحديثة لغسل الأموال

لا يخفى على احد الدور الكبير الذي لعبه التطور التكنولوجي الحديث في تقدم و ازدهار الدول و كذلك الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية على جميع المستويات كما انه لا يجب إغفال الجانب السلبي لهذا التطور و المتمثل أصلا في تطور الجريمة المنظمة و خصوصا جريمة غسل الأموال حيث وفر التطور التكنولوجي لغاسلي الأموال مجموعة من الأساليب الحديثة للقيام بالعمليات الإجرامية و سنكتفي بالإشارة لبعض هذه الأساليب و منها البنوك الالكترونية (مطلب أول) ثم التجارة الالكترونية (مطلب ثاني).

المطلب الأول:غسل الأموال عن طريق البنوك الالكترونية

وهي الطريقة الأكثر شيوعا في مجال غسل الأموال سواء بالطريقة التقليدية أو بالطريقة الإلكترونية، وتبدأ طبقا لمراحل غسل الأموال المتعارف عليها بالإيداع وتنتهي بالاستثمار.فعلى مستوى الإيداع فإن الإيداع الإلكتروني يفترض بداية فتح حساب و فتح حساب إلكتروني يمكن أن يتم عن طريق الدخول على شبكة الإنترنت، بملء استمارة حدد نموذجها البنك ويمكن التوقيع عليها إلكترونيا، وفيها يختار العميل ما يشاء من أسماء حقيقية أو وهمية أو حتى مجرد رموز سواء أكانت رقمية أو حروف وتنتهي عملية فتح الحساب عند هذا الحد، وقد لا يقتصر الأمر على فتح حساب واحد فقط بل قد تتعدد الحسابات البنكية في بنوك مختلفة ودول مختلفة.و يتميز الإيداع الإلكتروني بمجموعة من الميزات مثل التشفير لضمان سرية عمليات الإيداع و ما يلي ذلك من استعمال أجهزة الكمبيوتر و استعمال البطاقات الذكية و تلي هذه العملية عملية الاستثمار و التي يقوم بها البنك ليساهم في غسل الأموال بطريقة غير مباشرة دون أن يتوافر لها حقيقة مصدرها، ذلك أن البنوك بحسب طبيعة نشاطها تستثمر أموال المودعين في مشروعات مختلفة تدر عليها أرباحا تستطيع من خلالها أن تؤدي للعملاء الفوائد المتفق عليها، ومن ثم فإن الأموال الغير مشروعة تختلط مع أموال المودعين على وجه العموم ويتم استغلال المال كوحدة واحدة في الاستثمار.ومع ذلك فإن مودع الأموال الغير مشروعة قد يستثمرها طبقا للأنظمة التي يضعها البنك، وذلك بطلب قروض بضمان هذه الودائع وهو أمر يدر على البنك ربحا حاصله الفرق بين فائدة الإيداع وفائدة الاقتراض، ولا يشترط بطبيعة الحال أن يتم الاقتراض من ذات البنك الذي أودع فيه المال المغسول، بل يمكن طلب القرض من بنك آخر بضمان الوديعة، وقد يكون هذا البنك في دولة أخرى غير دولة البنك المودع لديه، والأموال المقترضه هي بطبيعة الحال أموالا نظيفة يمكن من خلالها الاشتراك في مشروعات أو شراء ممتلكات تبدو في صورة مشروعة تماما.كما أن العملية الأخيرة التي توفرها البنوك الإلكترونية لغاسلي الأموال و هي عملية السحب الإلكتروني يمكِّن صاحب الحساب من الحصول من البنك المودع لديه على بطاقة ممغنطة يستطيع بموجبها أن يسحب الأموال من أي مكان في العالم والذي يحدث عملا أن غاسل الأموال إذا وضع ماله بعملات محلية ليس لها سعر صرف مناسب بالقياس إلى العملات الأجنبية ذات الغطاء القوي كالدولار والإسترليني واليورو مثلا، فإنه يلجأ إلى الدول التي تتعامل بهذه العملات ويسحب أمواله إلكترونيا خارج الحدود دون مخاطر.[24]

المطلب الثاني:غسل الأموال عن طريق التجارة الإلكترونية

تبعا لتطور تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التجارة الإلكترونية عبر الانترنيت و لا يشترط فيها تواجد أطراف العقد في المواجهة، ولا يشترط تنفيذ التزامات العقد في ذات المكان، و ذلك على خلاف القواعد العامة المتعارف عليها في القانون المدني. وقد وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNCITRAL على نموذج لمشروع قانون موحد للتجارة الإلكترونية في 16 ديسمبر 1996، وعلى الرغم من أن الاتفاقية لم تضع تعريفا محددا لمفهوم التجارة الإلكترونية والتي تتم بواسطة نقل المعلومات بين جهازين للكمبيوتر وفقا لقواعد معينة متفق عليها سواء بالنسبة للعرض أو الطلب أو التعاقد أو التنفيذ ففي مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصري جاء في مادته الأولى تعريف للتجارة الإلكترونية بأنها "كل معاملة تجارية تتم عن بعد باستخدام وسيلة إلكترونية".[25]كما عرفها المشرع التونسي في القانون رقم 83 لسنة 2000 بأنها "العمليات التي تتم عبر المبادلات الالكترونية"وقد فرضت جل التشريعات على المعلن بطريق التجارة الإلكترونية التزامات محددة ببيان اسمه وعنوانه والسلعة أو الخدمة أو القيمة وقيمة الجمارك التي تحصل عليها ومكان وتاريخ التسليم وجهة اعتماد التوقيع الإلكتروني. غير أن المشرع المغربي لم يقم بعد بتنظيم التجارة الإلكترونية على الرغم من انتشارها و كثرة التعامل بهذه الوسيلة الحديثة ولا شك أن أحد الأساليب المتبعة في غسل الأموال هي وسيلة التجارة الإلكترونية ولا نقصد بذلك مجرد الحصول على سلع استهلاكية، بل المقصود بذلك عقد الصفقات المالية الضخمة مع الشركات الكبرى ثم إعادة طرحها في الأسواق، كصفقات السيارات أو العقارات أو المعادن الثمينة على سبيل المثال و من غير شك أن إغفال المشرع المغربي لتنظيم قواعد هذا النوع من التجارة سيطرح مشاكل عديدة في تطبيق مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

الفصل الثاني:وسائل مكافحة غسل الأموال

بعد أن حاولنا الإحاطة بجريمة غسل الأموال من حيث تعريفها و صورها و كذلك أهم الأساليب التي تتم بطريقها فلابد إذن بعد ذلك من التعرف على أهم الإجراءات المتخذة لمكافحة هذه الجريمة الخطيرة التي و كما قدمنا سابقا باتت تهدد الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى انعكاساتها على الجانب الاجتماعي و السياسي سواء على المستوى الوطني أو على المستوى العالمي لذلك فقد ارتأينا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين نخصص الأول لإجراءات مكافحة جريمة غسل الأموال على الصعيد الوطني ثم نخصص الثاني لإجراءات المكافحة على الصعيد الدولي.

المبحث الأول:إجراءات المكافحة على الصعيد الوطني

لقد سارت العديد من الدول في طريق مكافحة غسيل الأموال، وخطت خطوات هامة في هذا الطريق، ولكنها لم تصل إلى نهاية الطريق بسبب وجود عقبات منعتها من ذلك، أهمها عقبة التمسك بالسرية المصرفية. ومن هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا، وانجلترا، وسويسرا، وإيطاليا، واستراليا، ومصر، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، ولبنان، والأردن و المغرب مؤخرا... الخ.[26] ولكن أهم الدول التي قطعت شوطا لا بأس به في هذا المجال هي الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا، واستراليا. ولن يتسع المجال في هذا المقام لعرض تجارب كل الدول، لذلك سنكتفي بعرض التجربة الفرنسية كمثال على تجارب الدول الأجنبية في مكافحة غسل الأموال و محاولة مقارنتها بالتجربة المغربية من خلال مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال و بناءا على ذلك سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى خمس فقرات نحاول من خلال كل فقرة بحث إجراء من الإجراءات دون أن ننسى مقارنة التجربة الفرنسية بالمحاولة المغربية.

الفقرة الأولى:التجريم

نظرا لانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، فقد قام المشرع الفرنسي بتجريم صور شتى ومتنوعة لهذه الظاهرة. ويعد قانون 24/12/1953، وقانون 31/12/1970 حجر الأساس في التشريع الفرنسي لمكافحة إنتاج وتعاطي والاتجار بالمخدرات، وقد اهتم المشرع الفرنسي في قانون 1987 بملاحقة عائدات المخدرات والحيلولة دون فوز الجناة بها ومن تم الإسراع بإصدار قانون 12/يوليو/1990، الذي اهتم بدور المؤسسات المالية في مكافحة غسل الأموال المتحصلة من الاتجار في المخدرات، والحد من إطلاق مبدأ سرية المعاملات المصرفية، دون المساس بما يفرضه هذا المبدأ على المؤسسات المصرفية من قيود. وهذا واضح من نص المادة 3 من هذا القانون التي أوجبت الإخطار عن الأموال والعمليات المصرفية التي تبدو أنها متحصلة عن إحدى جرائم المخدرات، والمادة 14 التي تلزم المؤسسات المصرفية بإجراء فحص لكل عملية مصرفية تزيد عن مبلغ معين حيث يشك في مشروعية مصدرها، حتى ولو لم تكن متعلقة بجرائم المخدرات.[27]

و الملاحظ على التجربة المغربية مرورها بنفس المراحل تقريبا حيث نظم لأول مرة ظاهرة انتشار و تعاطي المخدرات من خلال مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 12 ربيع الثاني 1341 (2 دجنبر 1922) بتنظيم استيراد المواد السامة والاتجار فيها وإمساكها واستعمالها حسبما وقع تغييره وتتميمه و مقتضيات النصوص التنظيمية الصادرة بتطبيقه والمتعلقة بالمواد المعتبرة مخدرات كما اهتم في الفصول من 571 إلى 574 من مجموعة القانون الجنائي بتجريم إخفاء الأشياء المتحصل عليها من جنحة أو جناية ثم إصدار دورية من طرف بنك المغرب دخلت حيز التطبيق في يناير 2004 تلزم مؤسسات الائتمان بتطبيق مبدأ:"اعرف عميلك" ليصل مؤخرا بعد إدراكه لخطورة جريمة غسل الأموال على الاقتصاد الوطني إلى تجريم هذه الأخيرة عن طريق مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال،[28] و الذي خصص الباب الأول منه لتتميم الباب التاسع من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي بإضافة فرع سادس مكرر.

و ما يمكن ملاحظته على التجربتين هو أن المشرع المغربي على الرغم من حداثة عهده بجريمة غسل الأموال و تنظيمه لها فقد سار على نفس النهج الذي تسير عليه أغلب التشريعات الدولية بتجريمه لغسل الأموال المتحصلة من مجموعة من الجرائم،[29]دون حصر ذلك في عائدات الاتجار في المخدرات غير أن المشرع الفرنسي أضاف إلى ذلك أنه يجرم ويعاقب على مختلف صور غسل الأموال المتحصلة عن جناية أو جنحة، أيا كانت هذه الجناية والجنحة، وسواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهذا ما يؤكده نص المادة (324/1+2) كما يحرص على تجريم عمليات غسل الأموال الناتجة تحديدا عن إحدى جرائم المخدرات رغم عمومية نص المادتين (324/1+2)، وهذا واضح من إدراج المادة (222/38) في صلب القانون الجنائي الجديد،[30] والتي تجرم تسهيل التبرير الكاذب لمصدر الأموال أو الدخول أو صنعها أو بيعها أو تصديرها أو نقلها أو حيازتها أو عرضها أو النزول عنها أو اكتسابها أو استعمالها، وكذلك الأموال المتحصلة عن جريمة إنتاج أو صناعة المواد المخدرة أو جلبها أو تصديرها بطريق غير مشروع، أو المساعدة في عمليات إيداع أو إخفاء أو تحويل العائدات المتحصلة عن إحدى هذه الجرائم. حيث تكون العقوبة المقررة لغسل الأموال عندما تتعلق بإحدى جرائم المخدرات أكثر من العقوبة في باقي الجرائم و ذلك رغبة منه في ردع جرائم المخدرات.

الفقرة الثانية:الجزاءات

يعاقب القانون الفرنسي على جريمة غسل الأموال في صورتها البسيطة بالسجن لمدة خمس سنوات وبغرامة مقدارها مليونان ونصف المليون فرنك فرنسي. ولكن هذه العقوبة تشدد لكي تصبح السجن لمدة عشر سنوات، وتضاعف الغرامة لتصبح خمسة ملايين فرنك فرنسي اذا توافر أحد الظرفين التاليين:

الاعتياد أو استخدام الوسائل التي توفرها مزاولة نشاط مهني أو وقوع الجريمة بصورة جريمة منظمة. وكذلك يعاقب القانون الفرنسي على الشروع في جرائم غسل الأموال، وبنفس العقوبة المقررة للجريمة التامة.

أما المشرع المغربي فيقرر عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات و غرامة من 20.000 إلى 100.000 درهم و يعاقب بنفس العقوبة على محاولة غسل الأموال و ترفع عقوبات الحبس و الغرامة إلى الضعف في حالات:

ارتكاب الجرائم باستعمال التسهيلات التي توفرها مزاولة نشاط مهني أو في حالة تعاطي الشخص لممارسة غسل الأموال بصفة اعتيادية و في حالة وقوع جريمة غسل الأموال بصورة الجريمة المنظمة أو في حالة العود.[31]

وهناك العديد من العقوبات التكميلية التي توقع على مرتكبي جرائم غسيل الأموال التي ترتكب من الأشخاص الطبيعيين ففي القانون الفرنسي يمكن أن يمنع من تولي الوظائف العامة، وحظر إصدار الشيكات، والمنع من مزاولة النشاط المهني أو الاجتماعي الذي وقعت الجريمة أثناءه أو بمناسبته، ووقف رخصة القيادة لمدة معينة، أو إلغاؤها، ومصادرة سيارات فاعل الجريمة، وأسلحته، والأشياء المستخدمة في ارتكاب الجريمة أو التي كانت معدة لذلك، أو الأشياء المتحصلة عن الجريمة، والمنع من ممارسة الحقوق السياسية، والمدنية، وحقوق الأسرة، والمنع من مغادرة إقليم الدولة، ومنع الأجنبي مرتكب الجريمة من دخول إقليم الدولة.و كذلك الشأن بالنسبة للتشريع المغربي حيث ينص الفصل 5-574 من الفرع السادس مكرر من الباب التاسع من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي على مجموعة من العقوبات الإضافية و المتمثلة في: مصادرة الأموال التي استعملت لارتكاب الجريمة كليا مصادرة كلية أو جزئية مع حفظ حق الغير حسني النية والمنع من مزاولة النشاط المهني أو الاجتماعي الذي وقعت الجريمة أثناءه أو بمناسبته.

و قد أقر المشرع المغربي اقتداءا بالمشرع الفرنسي في الفصل 2-574 من مجموعة القانون الجنائي بمسؤولية الشخص المعنوي على جرائم غسل الأموال من خلال تطرقه للعقوبات التي يمكن أن توقع عليه فنص على انه:"..فيما يخص الأشخاص المعنوية بغرامة من 500.000 إلى 3.000.000 درهم دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيريها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في الجرائم"

الفقرة الثالثة:الأشخاص الخاضعين و التزاماتهم

عدد مشروع القانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال في الباب الثاني منه الأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون و بين التزاماتهم و هكذا حصرت المادة الثانية منه الأشخاص الخاضعين لهذا القانون في:مؤسسات الائتمان، و الأبناك و الشركات القابضة الحرة، الشركات المالية، مقاولات التأمين و إعادة التامين، مراقبو الحسابات و المحاسبون الخارجيون و المستشارون في المجال الضريبي، الأشخاص المنتمون لمهنة قانونية مستقلة عندما يشاركون باسم زبونهم و لحسابه في معاملة مالية أو عقارية، الأشخاص الذين يسيرون كازينوهات و مؤسسات ألعاب الحظ و لم يتكفي المشرع المغربي بحصر هؤلاء على سبيل الحصر بل إنه بين المعايير التي تمكن من معرفة الأشخاص الذين يجب إخضاعهم لمقتضياته.[32] و قد نص الفرع الثاني من نفس الباب على أنه يتعين على الأشخاص الخاضعين لهذا القانون التصريح بالاشتباه الذي يهم سواء المبالغ المالية أو العمليات المشتبه في أنها تكون غسل الأموال أو تمويل الإرهاب و كذا وضع جهاز داخلي لليقظة يمكن من تفادي هذه العمليات،[33] كما يتوجب على الأشخاص المعنيين بمعالجة المعلومات المتحصل عليها احترام السر المهني و يمنع عليهم استعمال هذه المعلومات في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون و تسري عليهم في ذلك مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بإفشاء السر المهني.

الفقرة الرابعة: تفعيل التعاون الدولي في القانون المغربي و الفرنسي

اكتفى مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال بالإشارة في مادة واحدة إلى إمكانية التعاون الدولي مع السلطات التي لها نفس اختصاصات وحدة معالجة المعلومات المالية،[34] و ذلك وعيا من المشرع بالأهمية البالغة التي يكتسيها التعاون الدولي في هذا المجال خصوصا عندما يتعلق الأمر بجريمة غسل الأموال باعتبارها جريمة منظمة عبر وطنية كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

و على عكس ذلك فقد حاول المشرع الفرنسي أن يبين قواعد التعاون الدولي في هذا المجال و أعطاه أهمية بالغة حيث يعاقب كل من قام بطريق التصدير أو الجلب أو النقل أو المقاصة بعملية مالية بين فرنسا والخارج وقد هدف المشرع من ذلك التغلب على حيل التمويه المصرفي ومواجهة الصعوبات الناشئة عن تطبيق قواعد الاختصاص في حال وقوع أركان الجريمة على إقليم أكثر من دولة ويضاف إلى ذلك أن المشرع الفرنسي قد جرّم غسل الأموال على الرغم من أن العملية المالية لم تقع بأكملها على الإقليم الفرنسي، وقد هدف من ذلك مكافحة غسل الأموال الذي يقع في صورة جريمة منظمة كما أن المشرع الفرنسي حاول تعزيز التعاون الدولي من خلال إبرامه مجموعة من الاتفاقيات تبقى أهمها معاهدة مجلس أوروبا التي عقدت في ستراسبورغ عام 1990،[35] و التي تقضي بأن كل طلب تقدمه إحدى الدول الأطراف في المعاهدة والمتعلقة بغسل الأموال المتحصلة عن جناية، وكشفها وضبطها، ومصادرتها، يجوز أن يطبق على هذا الطلب أحكام القانون المتعلق بغسل الأموال.

و من جهة القانون المغربي فقد حاول أيضا تفعيل التعاون الدولي من خلال تفعيل مقتضيات المواد 6-595 و 7-595 و 8-595 من قانون المسطرة الجنائية و المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية في أكتوبر 1992 و اتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة المنظمة العبر وطنية في يوليوز 2002 و كذلك الاتفاقية المتعلقة بزجر تمويل الإرهاب ثم تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب خاصة القرارين 1267 و 1373.[36]

الفقرة الخامسة:الاعتراف بحجية الأحكام الأجنبية في المغرب و فرنسا

لم ينص مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال في مواده صراحة على إمكانية تطبيق الأحكام الأجنبية بالمغرب غير أن المادة 31 منه و التي تحيل على المواد 6-595 و 7-595 و 8-595 من قانون المسطرة الجنائية تجيز و بصفة غير مباشرة إمكانية تطبيق الأحكام الأجنبية و الاعتراف بحجيتها و ذلك مع مراعاة أحكام القانون الدولي الخاص المغربي أما المشرع الفرنسي فإنه ينظم ذلك بمقتضى نصوص صريحة لكن وفق شروط معينة: أن يقضي الحكم بمصادرة أموال متحصلة عن نشاط غسل الأموال و أن يكون الحكم نهائيا، ومكتسبا قوته التنفيذية وفقا لقانون الدولة الطالبة، أن تكون الأموال المطلوب مصادرتها بموجب الحكم الأجنبي مما يجوز مصادرته طبقا للقانون الفرنسي، أن ينصب الحكم على مصادرة مال معين أو غير معين يمثل العائد المتحصل عن جريمة وقعت على الإقليم الفرنسي، أو أن ينصب الحكم على الإلزام بدفع مبلغ معين من النقود يماثل قيمة هذا المال و أخيرا يصدر الترخيص اللازم لتنفيذ الحكم الأجنبي القاضي بالمصادرة عن محكمة الجنح التي تختص بذلك بناء على طلب النيابة العامة.[37] وخلاصة القول فإن الأحكام التي استحدثها القانون الفرنسي في هذا المجال تعد خطوة غير مسبوقة في مجال التعاون الدولي لمكافحة غسل الأموال، وخاصة في مجالي الاختصاص الجنائي الدولي، ومجال الاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية.

و رجوعا إلى مشروع القانون المغربي فإن يلاحظ و خلافا لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية أو في نصوص أخرى فتختص محاكم الرباط فيما يتعلق بالمتابعات و التحقيق و البت في الأفعال التي تكون جرائم غسل الأموال.[38]

المبحث الثاني:وسائل المكافحة على الصعيد الدولي

إن تزايد حدة المخاطر التي تترتب على جريمة غسل الأموال دفع بالمجتمع الدولي منذ عقود إلى مكافحة هذه الجريمة وإن لم ترقى هذه المكافحة إلى المستوى المطلوب، وهذا ما لمسناه من خلال مراجعتنا للاتفاقيات والمؤتمرات التي عقدت على المستوى العالمي أو الإقليمي.وبناء على ذلك فقد قسمت هذا المطلب إلى خمسة فقرات، وذلك على النحو التالي: الفقرة الأولى:التجريم و العقاب

الفقرة الثانية: توسيع معايير الاختصاص القضائي الجنائي.

الفقرة الثالثة: تسليم المجرمين.

الفقرة الرابعة: الاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية.

الفقرة الخامسة: المساعدة القانونية المتبادلة.

الفقرة الأولى:التجريم و العقاب:

لقد سعى المجتمع الدولي إلى مكافحة جريمة غسل الأموال، وهذا ما تؤكده نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية التي عقدت في فيينا عام 1988، و التي صادق عليها المغرب سنة 1992 وغيرها من الاتفاقات والمؤتمرات الدولية.فبالإضافة إلى ما تضمنته هذه الاتفاقية من تجريم إنتاج وتصنيع أو بيع أو عرض أو توزيع أو نقل أو استيراد أو تصدير المخدرات أو المؤثرات العقلية نصت كذلك على تجريم "تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها مستمدة من أية جريمة أو جرائم منصوص عليها في الفقرة الفرعية الأولى من المادة 3 من الاتفاقية، أو من فعل من أفعال الاشتراك في مثل هذه الجريمة أو الجرائم، بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو بقصد مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب مثل هذه الجريمة على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله".

وبمعنى آخر فإن اتفاقية فيينا لعام 1988 سالفة الذكر نصت على تجريم الاتجار غير المشروع بالمخدرات، ونصت أيضا على تجريم غسل الأموال المستمدة من جرائم المخدرات.غير أن ما يلاحظ على نصوص هذه الاتفاقية أنها قصرت تجريم غسل الأموال على الأموال المستمدة من الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، ولم توسع نطاق التجريم لغسل الأموال ليشمل الأموال القذرة المستمدة من مصادر إجرامية أخرى، كالرشوة، والفساد المالي والإداري، والاتجار بالأسلحة، والبغاء وغيرها من المصادر الإجرامية. وقد يكون السبب وراء ذلك هو أن هذه الاتفاقية خاصة بالاتجار غير المشروع في المخدرات دون غيره من الأنشطة الإجرامية الأخرى.

أما بالنسبة لتجريم غسل الأموال المستمدة من الجرائم الأخرى فقد اهتمت به اتفاقيات ومؤتمرات أخرى كاتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة المنظمة العبر وطنية و الاتفاقية المتعلقة بزجر تمويل الإرهاب و التي صادق عليهما المغرب في يوليوز من سنة 2002.

وبالنسبة للعقاب فقد حددت المادة 3 من اتفاقية فيينا سالفة الذكر المبادىء العقابية التي يمكن للدول الأعضاء في الاتفاقية أن تضمنها في قوانينها الداخلية مع عدم الإخلال بمبدأ الاحتكام إلى القانون الداخلي للطرف العضو في الاتفاقية كالعقوبات السالبة للحرية، وعلاج المجرمين، ورعايتهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في مجتمعاتهم.[39]

وقد تركت هذه الاتفاقية للتشريعات الداخلية أمر تحديد فترات العقوبات السالبة للحرية طبقا لما يتماشى مع دساتيرها وقوانينها المتبعة. ولم تغفل الاتفاقية عن وضع المبادىء الخاصة بتشديد العقوبة حسب طبيعة الجريمة أو ضخامة المبالغ المغسولة. كما نصت الاتفاقية أيضا على مصادرة المتحصلات المستمدة من جرائم المخدرات، وما يتصل بها من إجراءات سابقة كالحجز والتجميد للأرصدة المتصلة بتلك الجرائم.

و بالإضافة إلى هذه الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب فهناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي تنظم إجراءات مكافحة هذه الجريمة أهمها: اتفاقية المجلس الأوروبي الخاصة بغسيل الأموال سنة 1990، قانون المبادىء الصادر عن لجنة بازل (Basle) لعام 1988، إنشاء إدارة (فوباك) التابعة للانتربول الدولي سنة 1993.[40]

أما على المستوى العربي فقد انعقدت مجموعة من المؤتمرات أهمها: مؤتمر وزراء الداخلية العرب عام 1994 والذي انبثقت عنه الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، المؤتمر العربي الثامن لمكافحة المخدرات الذي عقد في تونس عام 1994، والذي ناقش عمليات غسيل الأموال الناتجة عن الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، ومؤتمر التعاون الأمني عام 1996 الذي عقد على مستوى وزراء الداخلية العرب في تونس من اجل التنسيق الدولي لمنع وتعقب الجريمة، ومصادرة العوائد المتحصلة من عمليات غسل الأموال، وتحقيق التعاون الأمني مع الانتربول الدولي في تسليم المجرمين، وعدم استخدام الحسابات المصرفية السرية من اجل إخفاء الأموال المستمدة من تجارة المخدرات.[41]

الفقرة الثانية: توسيع معايير الاختصاص القضائي الجنائي

إن ملاحقة عمليات غسيل الأموال تتطلب تكاملا في معايير الاختصاص القضائي حتى لا يفلت الجناة من العقاب، وخاصة أن أركان هذه الجريمة قد تقع على أقاليم دول متعددة. وهذا ما أكدت عليه اتفاقية فيينا لعام 1988 التي تطرقنا إليها في الفقرة السابقة.

فقد جاء بالمادة4 من هذه الإتفاقية أن على كل طرف في الإتفاقية أن يتخذ ما قد يلزم من تدابير لتقرير اختصاصه القضائي في مجال الجرائم التي يكون قد قررها وفقا للفقرة 1 من المادة 3 عندما ترتكب الجريمة على إقليمه، أو عندما ترتكب الجريمة على متن سفينة ترفع علمه، أو طائرة مسجلة بمقتضى قوانينه وقت ارتكاب الجريمة. ويجوز لكل طرف في الإتفاقية أن يتخذ ما قد يلزم من تدابير لتقرير اختصاصه القضائي في مجال الجرائم التي يقررها وفقا للفقرة 1 من المادة 3 عندما يرتكب الجريمة احد مواطنيه أو شخص يقع محل إقامته المعتاد في إقليمه، أو عندما ترتكب الجريمة على متن سفينة تلقى الطرف إذنا باتخاذ الإجراءات الملائمة بشأنها عملا بأحكام المادة 17، شريطة أن لا يمارس هذا الاختصاص إلا على أساس الاتفاقيات أو الترتيبان المشار إليها في الفقرتين4 و 9 من تلك المادة. ولم تستبعد هذه الإتفاقية ممارسة أي اختصاص جنائي مقرر من قبل أي طرف وفقا لقانونه الداخلي.[42]

وهكذا فقد أكدت اتفاقية فيينا المذكورة على الأخذ بمبدأ الإقليمية لانعقاد الاختصاص بمحاكمة مرتكبي جريمة غسل الأموال سواء وقعت الجريمة على إقليم الدولة الطرف، أو على متن سفينة ترفع علمها، أو طائرة مسجلة بمقتضى قوانينها وقت وقوع الجريمة. كما تبنت هذه الإتفاقية مبدأ الشخصية في شقه الإيجابي إذ أجازت أن ينعقد الاختصاص للدولة التي يحمل جنسيتها مرتكب الجريمة, وكذلك أجازت مبدأ العالمية إذ جعلت الاختصاص ينعقد للدولة التي يقع في إقليمها محل الإقامة المعتاد للشخص مرتكب الجريمة.[43]

الفقرة الثالثة:تسليم المجرمين

لقد عالجت اتفاقية فيينا لعام 1988 سالفة الذكر تسليم المجرمين في جرائم غسيل الأموال وغيرها من جرائم المخدرات في المادة 6 منها على نحو متكامل، ويراعي الاعتبارات التالية:

ü جواز اعتبار هذه الإتفاقية مرجعية قانونية لتسليم المجرمين[44]:حيث تنص الفقرة الثانية من المادة السادسة من هذه الاتفاقية على اذا تلقى طرف طلب تسليم من طرف آخر لا يرتبط معه بمعاهدة تسليم، جاز له أن يعتبر هذه الإتفاقية الأساس القانوني للتسليم فيما يتعلق بأية جريمة تنطبق عليها هذه المادة. ولم تغفل الإتفاقية عن التأكيد بأن كل جريمة من الجرائم التي تنطبق عليها هذه المادة تعتبر مدرجة كجريمة يجوز فيها تسليم المجرمين، في أي معاهدة لتسليم المجرمين سارية فيما بين الأطراف، وتتعهد الأطراف بإدراج تلك الجرائم في عداد الجرائم التي يجوز فيها تسليم المجرمين في أية معاهدة لتسليم المجرمين تعقد فيما بينها.

ü أخذ التشريع الوطني بالاعتبار: فقد أجازت الإتفاقية للدولة متلقية الطلب أن ترفض الاستجابة لمثل هذه الطلبات عند وجود دواع كافية تؤدي إلى اعتقاد سلطاتها القضائية أو سلطاتها المختصة الأخرى بأن الاستجابة ستيسر ملاحقة أي شخص أو معاقبته بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو معتقداته أو أنها تلحق ضرراً لأي سبب من هذه الأسباب بأي شخص يمسه الطلب.[45]

ü تدارك الآثار السلبية التي قد تترتب على عدم حصول التسليم: وذلك بتخويل الدولة المطلوب منها التسليم سلطة تنفيذ العقوبة الصادرة عن محاكم الدولة الطالبة في الشخص المطلوب تسليمه و سنتطرق لهذه النقطة بتفصيل أكثر في معالجتنا للاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية في الفقرة الرابعة. ومن أجل تدارك الآثار السلبية التي قد تنجم عن عدم التسليم فقد أجازت الإتفاقية للطرف متلقي الطلب، ومع مراعاة أحكام قانونه الداخلي وما يلزمه من معاهدات لتسليم المجرمين، وبناء على طلب من الطرف الطالب أن يحتجز الشخص المطلوب تسليمه اذا كان موجودا في إقليمه، أو أن يتخذ التدابير الملائمة لضمان حضور ذلك الشخص عند إجراءات التسليم، وذلك اذا اقتنع الطرف متلقي الطلب بأن الظروف تبرر ذلك، وبأنها ظروف عاجلة.[46]

الفقرة الرابعة:الاعتراف بحجية الأحكام الأجنبية

عالجت اتفاقية فيينا سالفة الذكر موضوع الاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية على استحياء، ضمن موضوع تسليم المجرمين، ودون أن تعيره الاهتمام الكافي الذي أعارته للموضوعات الأخرى، كالاختصاص القضائي، وتسليم المجرمين، والمصادرة، وغيرها من الموضوعات التي أفردت لكل منها مادة مستقلة، مفصلة أحكام كل منها بإسهاب. وأما بالنسبة لموضوع الاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية فقد عالجته في الفقرتين10 و 12 من المادة6 المخصصة لموضوع تسليم المجرمين، وذلك تفاديا للآثار السلبية التي قد تنجم عن عدم التسليم.[47]

وهذا ما تؤكده الفقرة 10 من المادة 6 التي جاء فيها، إذا رفض طلب التسليم الرامي إلى تنفيذ عقوبة ما، لأن الشخص المطلوب تسليمه من مواطني الطرف متلقي الطلب، ينظر الطرف متلقي الطلب اذا كان قانونه يسمح بذلك وطبقا لمقتضيات هذا القانون، وبناء على طلب من الطرف الطالب، في تنفيذ العقوبة المحكوم بها بموجب قانون الطرف الطالب، أو ما تبقى من تلك العقوبة.[48]

و خلاصة القول أنه لا بد من توافر أربعة شروط لتنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي و هي:

ü أن يتم رفض طلب التسليم الرامي إلى تنفيذ عقوبة ما، من قبل الدولة المطلوب منها التسليم، لأن الشخص المطلوب تسليمه من مواطنيها.

ü أن يتم التنفيذ بناء على طلب الدولة التي طلبت التسليم فرفض.

ü ان يسمح قانون الدولة المطلوب منها التسليم بذلك، وأن تراعي الأحكام التي ينص عليها هذا القانون في هذا الشأن.

ü أن يتعلق الأمر بتنفيذ العقوبة المحكوم بها بموجب قانون الدولة طالبة التسليم، أو بما يتبقى من تلك العقوبة.

الفقرة الخامسة:المساعدة القانونية المتبادلة

لقد حثت اتفاقية فيينا سالفة الذكر الدول الأطراف على أن تقدم لبعضها البعض المساعدة القانونية المتبادلة في أي تحقيقات وملاحقات وإجراءات قضائية تتعلق بأية جريمة منصوص عليها في الفقرة1 من المادة 3 من هذه الإتفاقية. وكذلك فقد أجازت هذه الإتفاقية أن تطلب المساعدة القانونية المتبادلة التي تقدم وفقا للمادة 7 لأي من الأغراض التالية: (أخذ شهادات الأشخاص أو إقراراتهم، تبليغ الأوراق القضائية، إجراء التفتيش والضبط، فحص الأشياء وتفقد المواقع، الإمداد بالمعلومات والأدلة، توفير النسخ الأصلية أو الصور المصدقة من المستندات والسجلات، بما في ذلك السجلات المصرفية أو المالية أو سجلات الشركات أو العمليات التجارية، تحديد نوع المتحصلات أو الأموال أو الوسائط أو غيرها من الأشياء، أو تتبع أثرها لأغراض الحصول على أدلة).[49]

ومن أجل مكافحة غسيل الأموال فإن الإتفاقية لم تجز لأي دولة طرف في الإتفاقية أن تمتنع عن تقديم المساعدة القانونية المتبادلة بموجب المادة 7 من الإتفاقية بحجة سرية العمليات المصرفية.

و بالإضافة إلى المساعدة القانونية فقد حثت الاتفاقية على أنواع أخرى من المساعدات بين الدول من اجل مكافحة خطر جريمة غسل الأموال على الاقتصاد الدولي و أهم هذه المساعدات تتجلى في تسهيل الإطلاع على السجلات و إنشاء قنوات اتصال بين أجهزة الدول لتسهيل التبادل المأمون والسريع للمعلومات المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.[50]

خــــــاتـــــمــة

بمكن القول أن جريمة غسل الأموال أضحت فعلا إحدى اخطر الجرائم على الاقتصاد الوطني فهي جريمة منظمة حيث لا يتصور قيام المجرم الواحد بجميع العمليات المشكلة لهذه الجريمة و هي كذلك جريمة عير وطنية إذ أنها تتجاوز حدود الدولة الواحدة و يمكن أن تتم العمليات المشكلة لها في مجموعة من الدول خصوصا و أن الوسائل الالكترونية توفر للمجرمين في هذا المجال تقنيات حديثة تجعل من الوسائل التي يضعها المشرع لمكافحة هذه الجريمة وسائل غير فعالة خصوصا حين تتم هذه الجريمة عبر وسيلة التجارة الالكترونية التي لم يحاول المشرع المغربي بعد تنظيمها على الرغم من الأهمية القصوى لهذا النوع من التجارة و علاقته الوطيدة بجريمة غسل الأموال.

فأهم ما يلاحظ على مشروع قانون 05-43 هو اهتمامه بمجموعة من الوسائل لمكافحة هذه الجريمة الخطيرة و المتمثلة أساسا في الأحكام الزجرية حيث جعل من جريمة غسل الأموال جريمة قائمة بذاتها و أهم إجراء اتخذه المشرع في هذا الباب هو ضرورة إحداث وحدة مركزية لدى الوزارة الأولى لمعالجة المعلومات المالية و خصها مشروع قانون 05-43 بالمواد من 14 إلى 25، كما أكد مشروع القانون على التداخل بين جريمة غسل الأموال و تمويل الإرهاب و ركز على تمديد مقتضيات الباب الثاني من مشروع القانون إلى الجرائم الإرهابية،[51] المنصوص عليها في مقتضيات القانون الجنائي.

يبقى أن نقول أن مشروع قانون 05-43 يعد ثورة في مجال القانون الجنائي للأعمال إذ انه طالما انتظر الفقه القانوني تنظيم هذه الجريمة على المستوى الوطني لكن يبقى القصور في هذا المجال هو ما يلاحظ على مستوى التجارة الإلكترونية. و كيف يتم التعامل بهذا النوع من التجارة في غياب نصوص قانونية لتنظيمها؟ خصوصا أنها الوسيلة الأكثر استخداما من طرف المجرمين في غسل الأموال.

قائمة المراجع:

المراجع العامة:

1. حمدي عبد العظيم، صحيفة الجزيرة السعودية، العدد 10489، الطبعة الأولى، 25ربيع الأول 1422هج.

2. د.أحمد بن سليمان الربيش.جرائم غسل الأموال في ضوء الشريعة و القانون.الطبعة الأولى الرياض 1420هج.

3. د.عبد الفتاح مصطفى الصيفي.الجريمة المنظمة التعريف والأنماط.جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.الطبعة الأولى الرياض 1999.

4. د.محمد فتحي عيد.الإجرام المعاصر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية الطبعة الأولى الرياض 1999.

5. د.مصطفى عبد المجيد كنارة.الجريمة المنظمة التعريف و الأنماط.ط الأولى الرياض 1999 جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.

6. معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/424 تحقيق عبد السلام هارون ط1369 هج مطبعة عيسى الحلبي القاهرة.

المراجع الخاصة:

1. المحامي طلال طلب الشرفات. مسؤولية البنوك عن غسيل الأموال وكيفية مواجهتها.منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

2. تقرير لجنة العدل و التشريع بمجلس المستشارين بشان مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

3. د.عقل يوسف مقابلة.وسائل مكافحة جريمة غسل الأموال. منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

4. عرض مديرية الخزينة و المالية الخارجية التابع لوزارة المالية و الخوصصة حول مشروع القانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال. أمام مجلس المستشارين تقديم زهير شرفي مدير الخزينة و المالية الخارجية.

5. م.د. مراد رشدي.غسل الأموال عبر الوسائل الإلكترونية. منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

6. مداولات مجلس المستشارين بشأن مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

7. مداولات مجلس النواب بشأن مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

الجرائد و المجلات:

1. جريدة الأحداث المغربية عدد 14 دجنبر 2006.

2. جريدة العلم عدد 30 مارس 2007.

3. مجلة إدارة المباحث الجنائية الفدرالية واشنطن العدد الخامس 1992.ترجم موجزها إلى العربية عبد الرحمان محمد أحمد،نشرة بحوث و دراسات شرطية.

مواقع إلكترونية

http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1303



[1]-قدم الأستاذ عبد المجيد غميجة مدير الدراسات والتعاون والتحديث بوزارة العدل، عرضا حول موضوع العدالة الجنائية في مجال الأعمال والاقتصاد: المقاولة والسياسة الجنائية، تطرق فيه إلى دور القضاء في ميدان الأعمال والاقتصاد، مفهوم جرائم الأعمال وتطورها، خصائص السياسة الجنائية في ميدان الأعمال، سياسة التجريم والعقاب في ميدان جرائم الأعمال، ثم آفاق السياسة الجنائية في ميدان الأعمال وذكر الأستاذ عبد المجيد غميجة، في عرضه الذي نقدمه في جزأين، بأنه أصبح من الضروري، أمام تحديات ومستجدات جرائم الأعمال، مواجهة الفراغ القانوني، وتخصص القضاة في ميدان جرائم الأعمال، و كذلك إيجاد نيابات عامة متخصصة في تلك الجرائم وهذا ما يدعو إلى اتخاذ مبادرات عامة من طرف النيابة العامة في إطار أولوية السياسة الجنائية، من أجل ملاءمة العقوبات في ميدان الأعمال، إضافة إلى التأهيل القانوني للمقاولة ورصد جرائم الأموال وتفعيل دور النيابة العامة والمحاكم التجارية كما ربط تطور الاقتصاد بفعالية النظامين القانوني والاقتصادي، وأثاره بالموازاة مع الإشارة إلى ضرورة توفير الأمن القانوني لعالم الأعمال والمال والاستثمار.

[2] --ويشمل مفهوم جرائم الأعمال والجريمة الاقتصادية بصفة عامة، جرائم المال وما يرتبط به من أعمال: كالنصب، السرقة، خيانة الأمانة، التزوير، جرائم الشيك، مخالفات قانون الشغل وقانون الضمان الاجتماعي، الاحتيال المالي، التهريب والمخالفات الجمركية، التهرب الضريبي، جرائم صعوبات المقاولة، جرائم الانترنيت والتجارة الالكترونية، المس بالملكية الصناعية، تزييف العلامات التجارية وتقليد المنتجات، استبدال صلاحية المواد الغذائية وطرحها في السوق، الغش التجاري إلى غير ذلك من الأفعال غير المشروعة والمؤثرة في النظام الاقتصادي أو التي تمس حقوق الإنسان.

[3] -د.يوسف عقل مقابلة:وسائل مكافحة جريمة غسيل الأموال.بحث منشور ب: http://www.arablawinfo.com/Research_Search.asp?validate=articles&ArticleID=82

[4] - Convention des Nations Unies contre le traffic illicite de stupéfiants et de substances psychotropes – Vienne 1988

[5] - قال الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في الاحتفال الخمسيني للأمم المتحدة أن الأموال القذرة لا تجد ترحيبا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الكونجرس الأمريكي قد عدد البلاد التي تتعامل في الأموال القذرة وهي: بوليفيا ولبنان وبارجواي وأفغانستان ونيجيريا وكولومبيا وباكستان، وبيرو، وسوريا، وميانما، وانتجوا، وفنزويلا، والنمسا، وتايلاند، وقبرص وجزر كيمان.

[6] -مداولات مجلس النواب بشأـن مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال (الجلسة 241 بتاريخ 22 يناير 2007).

[7] -تقرير لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان (مجلس المستشارين) حول مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

[8] -معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/424 تحقيق عبد السلام هارون ط1369 هج مطبعة عيسى الحلبي القاهرة

[9] - المحامي طلال طلب الشرفات. مسؤولية البنوك عن غسيل الأموال وكيفية مواجهتها. منشور ب: http://www.arablawinfo.com

[10] -جريدة الأحداث المغربية عدد 14 دجنبر 2006.حدث تحت الأضواء(جريمة تبييض الأموال على المحك)

[11] -جريدة العلم عدد 30 مارس 2007 .مكافحة تبييض الأموال أي نموذج يصلح للمغرب.

[12] -مداولات مجلس المستشارين بشأن مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الاموال

[13] حمدي عبد العظيم، صحيفة الجزيرة السعودية، العدد 10489، الطبعة الأولى، 25ربيع الأول 1422هـ (ص 15)

[14] - المحامي طلال طلب الشرفات. مسؤولية البنوك عن غسيل الأموال وكيفية مواجهتها. . منشور ب: http://www.arablawinfo.com

[15] -انظر نص الفصل 1-574 من مجموعة القانون الجنائي (الفرع السادس مكرر) كما نص على ذلك الباب الأول من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال

[16] -تقرير لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان حول مشروع قانون رقم 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

[17] م.د. مراد رشدي.غسل الأموال عبر الوسائل الإلكترونية.بحث منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

[18] -حيث ينص المشرع المصري في المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال: يحظر غسل الأموال المتحصلة من جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد الخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الأشخاص، والجرائم التي يكون الإرهاب – بالتعريف الوارد في المادة 86 من قانون العقوبات – أو تمويله من بين أغراضها أو من وسائل تنفيذها، وجرائم استيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص، والجرائم المنصوص عليها في الابواب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. وجرائم سرقة الأموال واغتصابها، وجرائم الفجور والدعارة، والجرائم الواقعة على الآثار، والجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة، والجرائم المنظمة التي يشار إليها في الاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفا فيها، وذلك كله سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقبا عليها في كلا القوانين المصري والاجنبي

[19] - المحامي طلال طلب الشرفات. مسؤولية البنوك عن غسيل الأموال وكيفية مواجهتها. . منشور ب: http://www.arablawinfo.com

[20] -د.عبد الفتاح مصطفى الصيفي.الجريمة المنظمة التعريف والأنماط.جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.الطبعة الأولى الرياض 1999(ص93)

[21] -اللواء/ د.محمد فتحي عيد.الإجرام المعاصر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية الطبعة الأولى الرياض 1999.(ص281)

[22] -انظر الفصل 1-574 من مجموعة القانون الجنائي (الفرع السادس مكرر) كما نص على ذلك الباب الأول من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال

[23] -د.أحمد بن سليمان الربيش.جرائم غسل الأموال في ضوء الشريعة و القانون.الطبعة الأولى الرياض 1420هج(ص120)

[24] - م.د. مراد رشدي.غسل الأموال عبر الوسائل الإلكترونية.بحث منشور ب http://www.arablawinfo.com/main.htm

[25] - نفس المرجع السابق

[26] د.مصطفى عبد المجيد كنارة.الجريمة المنظمة التعريف و الأنماط.ط الأولى الرياض 1999 جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية(ص73)

[27] -د.عقل يوسف مقابلة.وسائل مكافحة جريمة غسل الأموال.بحث منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

[28] -جريدة العلم عدد 30 مارس 2007 (مكافحة تبييض الأموال أي نموذج يصلح للمغرب)

[29] -و إن كانت هذه الجرائم معدودة في 7 جرائم حسب الفصل 2-572 من الفرع السادس مكرر هي:الاتجار في المخدرات، المتاجرة في البشر، تهريب المهاجرين، الاتجار غير المشروع في الأسلحة و الذخيرة، الرشوة و الغدر و استغلال النفوذ و اختلاس الأموال العامة و الخاصة، الجرائم الإرهابية ،تزوير النقود و سندات القروض العمومية أو وسائل الأداء الأخرى

[30]Art. 222-38. - Est puni de dix ans d'emprisonnement et de 5 000 000 F d'amende le fait de faciliter, par tout moyen, la justification mensongère de l'origine des biens ou des revenus de l'auteur de l'une des infractions mentionnées aux articles 222-34 à 222-37 ou d'apporter son concours à une opération de placement, de dissimulation ou de conversion du produit de l'une de ces infractions. La peine d'amende peut être élevée jusqu'à la moitié de la valeur des biens ou des fonds sur lesquels ont porté les opérations de blanchiment.

[31] -يوجد في حالة عود من ارتكب الجريمة داخل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به عن إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 1-574.

[32] -تنص المادة الأولى من مشروع قانون 05-43 على انه :"تطبق أحكام هذا الباب على الأشخاص الذاتيين و على الأشخاص المعنوية الخاضعون للقانون العام أو الخاص باستثناء الدولة الذين ينجزون أثناء قيامهم بمهامهم عمليات تترتب عنها تحركات لأموال يقومون بمراقبتها ...و يكون من شأنها أن تكون الجرائم المنصوص عليها و على عقوبتها في الفرع السادس مكرر من الباب التاسع من الكتاب الثالث من المجموعة الجنائية"

[33] -عرض مديرية الخزينة و المالية الخارجية التابع لوزارة المالية و الخوصصة حول مشروع القانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال. أمام مجلس المستشارين تقديم زهير شرفي مدير الخزينة و المالية الخارجية.

[34] -المادة 24 من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

[35] - د.عقل يوسف مقابلة.وسائل مكافحة جريمة غسل الأموال.بحث منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

[36] - عرض مديرية الخزينة و المالية الخارجية التابع لوزارة المالية و الخوصصة حول مشروع القانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال. أمام مجلس المستشارين تقديم زهير شرفي مدير الخزينة و المالية الخارجية.

[37] - http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1303

[38] -المادة 38 من مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

[39] -اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية فيينا 1988.

[40] -مداولات مجلس النواب بشأن مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

[41] -نفس المرجع السابق.

[42] - د.عقل يوسف مقابلة.وسائل مكافحة جريمة غسل الأموال.بحث منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

[43] - د.مصطفى عبد المجيد كنارة.الجريمة المنظمة التعريف و الأنماط.ط الأولى الرياض 1999 جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية(ص240)

[44] -مجلة إدارة المباحث الجنائية الفدرالية واشنطن العدد الخامس 1992.ترجم موجزها إلى العربية عبد الرحمان محمد أحمد،نشرة بحوث و دراسات شرطية.

[45] -نفس المرجع السابق

[46] - عرض مديرية الخزينة و المالية الخارجية التابع لوزارة المالية و الخوصصة حول مشروع القانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال. أمام مجلس المستشارين تقديم زهير شرفي مدير الخزينة و المالية الخارجية.

[47] - http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=1303

[48] - د.عقل يوسف مقابلة.وسائل مكافحة جريمة غسل الأموال.بحث منشور ب: http://www.arablawinfo.com/main.htm

[49] -المرجع السابق.

[50] -تقرير لجنة العدل و التشريع بمجلس المستشارين بشان مناقشة مشروع قانون 05-43 المتعلق بغسل الأموال.

[51] -المواد من 33 إلى 38 من مشروع قانون 05-43.

No comments:

Post a Comment