Tuesday, January 29, 2008

المنازعات القضائية حول اأراضي الجموع

المنازعات القضائية حول اأراضي الجموع


بقلم: الأستاذ محمد الحمداني رئيس الغرفة العقارية بمحكمة الاستئناف بمراكش

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة على سيدي المرسلين وعلى آله وصحبه .

وبعد ،

استسمج الحضور الكرام في التوجه بالشكر الجزيل للقائمين على هذا المحفل الثقافي القانوني بهذه المدينة المتنامية في جميع المجالات التي من ضمنها المجال الثقافي القانوني أحد ركائز التنمية ، ووسيلة لإقرار الحقوق واستقرارها .

إن مساهمتنا في هذا المحفل ، اخترنا لها عنوان ( المنازعات القضائية حول اراضي الجموع ) .

ونعتقد ان العنوان يستدعي التطرق إلى ماهية اراضي الجماعات - مصدر الحقوق عليها - المنازعات التي تثور حولها - الجهات المختصة للنظر فيها - العمل القضائي وتجاذب الاختصاص القضائي بين مجلس الوصاية والقضاء صاحب الولاية العامة وصلة القضاء الادراي بقرارات مجلس الوصاية .

فماهي أراضي الجماعات ؟

إننا عندما نتحدث عن الارض نتحدث على الملكة التي يعرفها الفقه الإسلامي بانها ( اختصاص حاجز شرعا يسوغ صاحبه التصرف إلا لمانع ) وهذا التعريف يشمل ملكية الاعيان وملكية المنافع وملكية الديون .

فالملك هو علاقة الإنسان بالمال وما في حكمه من المنافع ، وهي علاقة لا تقوم إلا على أساس الاعتبار الشرعي وليس على أساس الواقع الحسي " أراضي الجماعات مثال على ذلك " .

فكلما أقر الشرع هذه العلاقة الاختصاصية بين الانسان والمال ثبت الملك , وكلما نفى الشرع هذه العلاقة انتفى الملك الذي يعد حقا تجريديا يقوم على أساس التصور الشرعي لعلاقة الإنسان بالمال .وعلى هذا الاساس نجد ان الملكية بطبيعتها تنقسم إلى :

1 - ملكية تامة وهي ملكية الرقبة والمنفعة .

2 - ملكية ناقصة وهي تملك المنافع دون الرقبة ( الإجارة - الإعارة - الوقف - الوصية بالمنفعة)

او تملك الرقبة دون المنفعة ( الوقف المحدد المدة - الوصية بالمنفعة لشخص ، ولآخر بالرقبة بعد انقضاء امد حق المنفعة ) .

والاصل أن ملكية الرقبة دائمة وملكية المنفعة مؤقتة .

فهل ملكية أراضي الجماعات تامة أو ناقصة ؟

الاجابة على السؤال تتفرع عن تعريفها بالنظر إلى اصلها .

فأصلها حسب فهمنا لما جاء في كتاب الاحكام السلطانية لأبي الحسن الماوردي تنبثق عن أرض الموت التي لا يمكلها أحد ويبقى حق الرقبة عليها للسلطات الحاكمة .

فهذا التعريف ينطبق على الاراضي الجماعية السلالية ، لان هذه الأخيرة تستفيد من منفعة الأرض وتتصرف تصرف المالك في ملكه على وجه هذه الاستفادة ، لكنها لا تملك التصرف في الرقبة .

فالواقع الحسي يفيد انها ملكية تامة .

لكن الاعتبار الشرعي القانوني بيبقيها ملكية ناقصة .

وعلى أساس الاعتبار الشرعي بينت القوانين المنظمة لاراضي الجماعات السلالية واراضي الجيش مع وجود فيصل بينهما يتجسم في كون الانتفاع بالاولى يكون بدون مقابل ويكون في الثانية بمقابل خدمات في صفوف الجيش السلطاني .

فما هو مصدر حق المنفعة هذا ؟

اول مصدر لها بدلالة ضمنية هو ظهير 7/7/1914 الذي يستفاذ منه انه سمح باقامة الملكيات عن طريق نظام ( البطاقة ) للارض عدا ما يعد جماعيا او غابويا او حبسيا ( وهي الشهادة الادارية التي نص عليها ظهير التوثيق لسنة 1982 )، ثم ظهير 21/12/1916 الذي اعترف للجماعات السلالية بالشخصية المعنوية في شخص ممثلين عنها وظهير 1919 الذي حدد في فصله الرابع اختصاص الجماعة النيابية هاته فيما يتعلق بالتوزيع الموسمي وتنفيذ مقررات مجلس الوصاية وإقامة التعرضات على مطالب التحفيظ ( الفصل الخامس منه )، وظهير 18/2/1924 المنظم لتدبير شؤون الاملاك الجماعية، والقرار الوزيري المؤرخ ب 14/7/1945 وظهير 1960 المنظم لللاختصاص في الفصل في النزاعات التي تثور بين ذوي الحقوق وممن يدعيها .

غير أنه منذ صدور ظهير 1969 أصبحت الاراضي الجماعية مقسمة إلى قسمين، كل منها يخضع إلى تشريع قضائي خاص ويتسم بمميزات خاصة حسب ما يستفاد من دورية وزير الداخلية رقم 27 المؤرخة ب 20/1/1983 التي صنفتها إلى:

1 - اراضي جماعية داخل مناطق الري المنظمة بظهير 25/7/1969 الذي حول الملكية الجماعية إلى ملكية خاصة مشاعة بين ذوي الحقوق الجماعيين وفقا لمنطوق فصله الثاني ولضوابط الفصلين الثالث والرابع منه ورتب عن التحويل المذكور تجريد اجهزة الوصاية أو النيابة من أي تدخل في اسناد التصرف وإسقاطه، إذ أصبح اختصاص الجماعة النيابية منحصرا في وضع لائحة ذوي الحقوق ( الفقرة الاخيرة من الفصل الرابع ) .

وأصبح اختصاص مجلس الوصاية منحصرا في :

-البت في الطعون الموجهة إلى لائحة ذوي الحقوق .

- تعيين الفرد الذي ينبغي له ان يتسلم القطعة في حالة وفاة أحد الملاكين على الشياع عند عدم حصول اتفاق بين الورثة على تعيين احدهم لتنقل الحصة إليه مقابل اداء تعويض لهم يحدد شروطه وقدره مجلس الوصاية .

* أنواع النزاعات التي تثو بين ذوي الحقوق على ضوء هذه المصادر

استقراؤنا للظهائر المذكورة ومقررات المجالس النيابية ومجلس الوصاية ، يوضح ان النزاع يثور حول حق الاستفاذة من الأراضي الجماعية بين أفرادها وبين ذوي حقوق احد المستفيدين المتوفين، وبين المستفيدين وشخص اجنبي عن الجماعة وبين احد المستفيدين ومقرر مجلس الوصاية ( مخاصمة المقرر ) عن طريق الطعن فيه بالإلغاء امام القضاء الإداري ، وقد يثور بسبب الاعتداء على الحيازة بواسطة دعوى مدنية أو زجرية .

فإذا كان كل نزاع يستدعى الفصل فيه .

فما هي الجهة ذات الصلاحية للبت فيه ؟

على ضوء مصدر الحق في أراضي الجماعات نرى أن الجهة المذكورة تتحدد تبعا لطبيعة النزاع .

1 - توزيع الانتفاع : الاختصاص فيه يعود لجمعية النواب بصريح الفصل الرابع من ظهير 1919، حيث تصدر مقررات بالتوزيع تكون قابلة للطعن امام مجلس الوصاية الذي له حق النظر في الطعن وفي الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ المقصور الاختصاص فيه على الجمعية النيابية .

2 - دعوى الحيازة : وعاء هذه الدعوى هو الأرض الجماعية المحوزة من طرف احد أفراد الجماعة نتيجة التوزيع الذي قامت به جمعية المندوبين أو مجلس الوصاية ولم يكن محل نزاع وقت التوزيع .

في هذه الحالة يدق التعرف على الجهة المختصة .

فإذا كان الأمر يتعلق بأرض تسري عليها ضوابط ظهير 1919 ، وكان الاعتداء واقعا على جهة معينة لأحد المستفيدين ، كان الاختصاص للمحكمة ذات الولاية العامة وهي المحكمة الابتدائية مدنية كانت او زجرية .

هناك مقررات صادرة عن جمعية المندوبين في مثل هذه الدعوى كما هو حال القضية عدد 3/94 بقيادة اولاد دليم المنشورة وقائعها في كتاب أراضي الجموع للأستاذ عبد الوهاب رافع ص 132 والتي كان أساسها رد الاعتداء وليس التوزيع ومع ذلك بت فيها من طرف من ذكر .

اما إذا كان الأمر يتعلق بأرض تسري عليها ضوابط ظهير 1969 ، فإنه بناء على ما أثبتناه اعلاه يكون الاختصاص خارجا عن جمعية المندوبين ومجلس الوصاية ، وبالمقابل يكون منعقدا للمحاكم العادية .

3 - دعوى المنازعة في الصبغة الجماعية للأرض

هذه الدعوى تأتي في صورة دفع أو في صورة دعوى .

تأتي في صورة دفع عندما يواجه احد أفراد الجماعة أو الغير دعوى الجماعة بانتفاء الصبغة الجماعية.

وتأتي في صورة دعوى عندما يكون هناك مطلب تحفيظ ، فتكون الجمعية متعرضة أو متعرضا على مطلبها ممن لا يعترف بهذه الصبغة الجماعية لأرض .

بخصوص هذه الفقرة يعود الاختصاص للمحاكم المدنية بقوة القانون أيا كانت حالة الأرض وأيا كانت وضعية المتعرض او طالب التحفيظ داخل الجماعة او إزاءها، إذ لا يتصور في هذه الحالة اسناد الاختصاص لجماعة النواب لكون المشرع حدد جهة الاختصاص في ظهير 1913 بمثابة ظهير للتحفيظ وفي الفصل الثاني من ظ 1919 ( وان تقوم لدى المحاكم بجميع الدعاوي اللازمة للمحافظة على مصالحها ... )

4 - المنازعات في إطار ظهير 1959 المتعلق بفسخ العقود الممنوحة بموجبها حقوق الانتفاع الدائم بالعقارات الجماعية وبمراجعة عقود كرائها المبرمة لامد طويل ، الفصل الرابع من هذا الظهير أسند الاختصاص لمجلس الوصاية وحدد له نوع القرار الممكن اتخاذه في الفصل الخامس منه، كما أن ظهير 1960 بشأن التفويتات المجراة بشأن الاراضي الجماعية حذا حذوه .

5 - المنازعات حول حق الانتفاع بالزينة

كلما كان موضوع الدعوى لا يتعلق بالمنازعة الناشئة عن توزيع الاراضي الجماعية، يكون الاختصاص للقضاء العادي ، كما إذا كان متعلقا بحق الانتفاع بالزينة الذي خوله القانون للأشخاص الذين ينتمون لنفس الجماعة ( قرار المجلس الاعلى عدد 260 بتاريخ 14/1/99 - قضاء المجلس الاعلى عدد 57 - 58 ص 16 ) ( المحكمة الابتدائية ( رفض الطلب ) الاستئنافية وفق الطلب بعد تعرض الغير الخارج عن لخصومة إلغاء القرار - المجلس نقضه ) .

بعد هذه المقاربة نتساءل عن موقف القضاء من الاختصاص النوعي فيما ذكر .

امام المحاكم الابتدائية يطبق الفصل 16 من ق.م.م .

فالحكم بعدم الاختصاص النوعي او عدمه يكون مسبوقا بدفع يثيره من له مصلحة في ذلك وتثيره المحكمة تلقائيا .

ونرى ان هذه الامكانية التلقائية المعطاة للمحكمة الابتدائية ان مارستها تجعل زمن الدفع بعدم الاختصاص النوعي غير ذي أثر .

لكن الامر يختلف امام محكمة الاستئناف التي يخول لها المشرع حق إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا مادام المشرع قصر الامكانية المذكورة على قاضي الدرجة الاولى في الفقرة الاخيرة من نفس الفصل فإن دلالة المقتضى تشير إلى المنع .

إذا كلما فات ذا المصلحة الوقت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي امام المحكمة الابتدائية ولم تمارس هذه الاخيرة مكنتها التلقائية تعذر على ذوي المصلحة الصادر في حقه الحكم الابتدائي حضوريا وصفا وقانونا ، اثارته أمام محكمة الاستئناف ، وبالتالي فان بت القضاء العادي في نزاع اسند المشرع حق الفصل فيه لمجلس الوصاية ، كان قضاؤه ملزما ، ولا يمكن الاعتراض عليه بإثارة صعوبة بسبب عدم الاختصاص، منعا لتنفيذه ، لان الاحكام تطهر من العيوب بعدم الطعن فيها قانونا ، لذلك فاننا لا نساند من يدعو إلى اعتراض التنفيذ بإثارة صعوبة .

فاذا كان هذا هو الامر بالنسبة لاحكام القضاء ، فما الحل بالنسبة لقرارات مجلس الوصاية المشوبة بعيب من العيوب المشار إليها في الفصل 20 من ظ 10/9/93 المحدثة بموجبه المحاكم الادراية ، أي أيمكن الطعن فيها بالالغاء إن شابها عيب مما ذكر ؟ وما مدى اختصاص القضاء الإداري للنظر في ذلك ؟

فما موقف القضاء الإدراي من جملة (( لا تقبل أي طعن ))؟

إذا تتبعنا العمل القضائي نجد المجلس الاعلى في قراره الصادر بتاريخ 18/2/1962 وقراره عدد : 548 بتاريخ 18/4/66 المنشورين في مجلة قرار المجلس الاعلى - الغرفة الإدارية ( 66- 1970 ) ص 10 قبل الطعن بعلة ان الطعن الذي لا يقبل هو الطعن أمام قضاء القانون بصفته مرجع نقض . لكن هل الطعن بالإلغاء دعوى تتعلق بالقانون العام وان كل قرار إداري مشوب بعيب تجاوز السلطة يحق للمتضرر منه الطعن في الاجل ، إزالة كل حصانة له .

لكن بمناسبة الطعن بالاستئناف في قرار صادر عن المحكمة الإدارية باكادير بتاريخ 20/7/95 أصدرت الغرفة الإدارية بالمجلس الاعلى قرارا بتاريخ 19/6/97 قضت فيه بإلغاء الحكم الادراي المستأنف وتصدت وحكمت بعدم قبول الطلب على أساس ان قرار مجلس الوصاية لا يقبل أي طعن .

وقبل أن نسترسل في التعقيب على موقف المجلس الأعلى نشير إلى أنه قد توجد حالة واقعية تتميز بوجود افراد يتصرفون في حصص من العقار دون أن يكون لهم أية صلة قانونية، وإنما صلة مستمرة من عمل الجماعة النيابية خارج اختصاصها .

فإذا تبين أن العمل كذلك كان القرار خارجا عن الاعتبار حسب وزارة الداخلية ، وغير مقبول، فهل لرأي وزارة الداخلية صدى في العمل القضائي بمعنى هل تجاوز الاختصاص وحده يعتبر مبررا لقبول الطعن بالإلغاء ضد مقررات مجلس الوصاية ؟.

هذا التساؤل يتفرع عنه سؤال : هل قرار مجلس الوصاية حكم تتوافر له مقومات الاحكام القضائية أم هو قرار فقط ؟

فإذا كان قرارا فقط ، فإن سبب من اسباب الفصل 20 المذكور يمكن ان يجعله قابلا للإلغاء ،ثم لماذا يقتصر المجلس الاعلى على عيب عدم الاختصاص وحده فقط ؟

وإذا كان حكما فإنه لا يمكن الطعن فيه بالإلغاء أمام القضاء الاداري وانما يمكن الطعن فيه بالاستئناف أو التعرض ، ثم ان إصدار الاحكام في الميدان المدني بجميع انواعه تنظمه مقتضيات الفصلين 50 و345 من ق م م بينما ظهير 1919 وما تلاه لم يرد فيها أي ذكر لما ورد في الفصل 50 سوى ذكر الهيئة التي ليس افرادها قضاة .

ومما يؤيد القول بانه ليس حكما هو ما ورد في الرسالة الملكية السامية بمناسبة افتتاح الدورة الجديدة للمجلس الاعلى للقضاء يوم 12/4/2004 (( إذا كانت امانة النيابة عنا في اقامة العدل التي تجعل منكم الهيأة الدستورية الوحيدة التي تفتح جلساتهاوتصدر احكامها باسمنا . . . .)) .

إذا دلالة الاقتضاء تقرر أن هيأة مجلس الوصاية لا تتكون من قضاة .

2 - ان المجلس الاعلى في قرار الغرفة الادارية المؤرخ ب 4/5/1979 بصفتها مرجعا ابتدائيا وانتهائيا آنذاك وفي قرارها عدد 572 مؤرخ ب 19/1/2001 وقرارها عدد 798 بتاريخ 14/6/2000 وقرارها المؤرخ ب 18/11/2001 وقرارها المؤرخ ب 16/5/2002 قضت بصفتها مرحع استئنافيا ونهائيا بقبول الطعن ضد قرار مجلس الوصاية وبإلغائه بعلة أن الارض المتخذ بشأنها القرار أرض جيش وليست أرضا جماعية .

3 - المجلس الأعلى قرر في قراره عدد 137 بتاريخ 13/4/98 بصفته مرجع نقض بعدم قبول الطعن لكون القرار المطعون فيه غير قابل للطعن .

4 - قرر في قراره عدد 1233وقرار 584/2000 وقرراه عدد 841/00 وقراره عدد 585/01 وقراره عدد 569/01 قرر عدم قبول الطعن بعلة أن القرارات المطعون فيها صدرت في نطاق اختصاص مجلس الوصاية ، وقد طعن أمامه في قراراين لمجلس الوصاية بوسائل تتلخص في كون القراراين لم تحترم فيهما الشكليات القانونية من ذكر لجميع أعضاء الهيئة ولعدم توقيعهما من طرف الكاتب فقضى بمقتضة قراره عدد 34 بتاريخ 10/1/2004 بعدم قبول الطعن لأنه يفترض فيه صدوره وفق الاجراءلت المسطرة فيه، وبعكس ذلك قضى في قراره عدد 30 بتاريخ 2/5/2002 بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الطعن ضد مقرر مجلس الوصاية وحكم تصديا بقبوله وإلغاء المقرر بسبب عدم إشارته إلى ان صدر عن مجموع الاعضاء الذين حددهم الفصل الثالث من ظهير 1919 .

ملاحظاتنا على هذه القرارات

1 - إن المجلس الأعلى اعتمد في الحالتين معا أي حالة قبول الطعن وهو ان الارض الصادر بشأن النزاع فيها أرض ليست جماعية وإنما هي أرض جيش ليس مجلس الوصاية مختصا للنظر في النزاع المثار حولها .

وفي حالة عدم قبول الطعن اعتمد على ان الأرض الصادر فيها القرار أرض جماعية ، والحال أن الظهائر المشار إليها أعلاه قررت عدم قابليتها للطعن بالمرة .

فهل وفق المجلس الاعلى وغرفته الإدارية في قرارتها المذكورة استنادا على المعيار الموضوعي ؟ نعتقد أن الامر ليس كذلك لان القانون هو الذي ابعد عن قرارات مجلس الوصاية امكانية الطعن فيها بالالغاء حتى لو لم تكن مسببة .

فالمعيار حسب القانون لا يصلح ان يكون سوى وسيلة للنظر في وجاهة الاسباب المؤسس فيه الطلب المقدم للمحكمة الادارية او الاسباب المؤسس عليها حكمها المطعون فيه بالاستئناف او النقض ذلك أن كلمة ( لا يقبل ) تعني انتفاء إمكانية القبول ، وكلاهما تمنع قانونا النظر في الموضوع .

اذ العمل القضائي المرتكز على النصوص القانونية المماثلة يحول دون قبول الطعن ، وإذا لم يقبل الطعن تعذر النفاد إلى الجوهر .

لذلك نرى ان المعيار الذي كانت تعتمد الغرفة الإدراية بالمجلس الاعلى سنة 1962 إلى 1979 تمشيا مع مجلس الدولة الفرنسي هو المعيار المبرر لقبول الطعن في قرارات مجلس الوصاية بالإلغاء ، ترسيخا لمبدأ (( إن القرارات الادراية المشوبة بعيب من العيوب المنصوص عليها في المادة 20 من قانون المحاكم الإدراية ، تكون قابلة للطعن ان توفرت الشروط الشكلية في الطاعن حتى لا تتحصن وهي تحمل علة قابليتها للإلغاء في ثناياها )) .

وما يؤكد ما ذهبنا إليه هو ان القرارات القابلة للطعن قانونا لا يترتب حتما عن قبولها إلغاؤها ، بينما القرارات إليها أعلاه لم يقرر المجلس الاعلى قبول الطعن بشأنها إلا بعد ان تبين له سبب إلغائها وفي هذه الحالة يكون المعيار المتخذ غائبا وليس مبررا .

أيها الحضور الكرام ، هذا ما استطعت ان أدركه بعجالة حول هذا الموضوع ، عرضته مع ما عسى ان يكون به من نواقص لم أدركها عسى ان تدركوها وتبصروني بها .

No comments:

Post a Comment