Tuesday, January 29, 2008

علاقة التـأمين بالمسـؤولـية - دراسة في ظهير 02/10/1984[1]

علاقة التـأمين بالمسـؤولـية - دراسة في ظهير 02/10/1984[1]

الأستـاذ رشيد حوبابي باحث بكلية حقوق الرباط ـ أكدال القانون المدني المعمق

تمهــيد:

لن نبالغ القول إن طالعنا موضوعنا هذا بالإعتراف الواقعي بصعوبة الملامسة الحقيقية لإشكاليته، لا لغياب المعلومات على المستوى الكمي، وإنما لدقة اختيار مواطن المعالجة وتداخلها بشكل قد يمطط الموضوع لأبعد الحدود من جهة، ومن جهة أخرى لأننا بمعالجته نلامس مجالين اختلف مصدرهما، لكن تداخلت وتشابكت أسسهما وآثارهما: إنهما المسؤولية كأرضية لبناء النظرية القانونية، والتأمين كإفراز واقعي وممارسة عملية اقتحمت أيضاً مجال القانون. إلى حدود أواخر القرن التاسع عشر دب الجمود والتواتر والإستقرار حول مفهوم المسؤولية، خاصة أمام واقع قضائي لا يستسيغ غير النص منطلقاً، إلا أنه سرعان ما تصدعت تلك الوضعية بفعل اكتساح الآلة واتساع مجال الخطر وما يصاحبه من أضرار جعلت القواعد الكلاسيكية في ميدان المسؤولية بعيدة كل البعد عن تحقيق جبر حقيقي لها.

كل هذا دفع بالمشرع للتدخل بين الفينة والأخرى من أجل إيجاد تشريعات تحقق التوازن بين وجود الآلة بمفهومها العام كواقع وكمحرك للتنمية، وبين الإنسان كهدف لتلك التنمية وموضوعاً لها. ونتيجة لهذا التطورالمتوازي ظهرالتأمين كمعطى جديد في ساحة القانون فشكل بحق ثورة على التنظيم الداخلي لنظام المسؤولية في مفهومها التقليدي، وذلك في إطار ما سماه الفقه La collectivisation des risques[2] فظهرت نتيجة لذلك ما سميت بأزمة المسؤولية، ولا أدل على ذلك من قول الفقيه :Geneviève Viney

Si l'un des auteures du code civil pouvait lire dans la version actuelle de ce code les textes consacrés à la résponsabilité civile, il serait tenté de croire que rien n'a changé dans cette matière…

Mais à suposer qu'il pousse tant soit peu son enquéte, il ne tarderait pas à perdre toutes ses illusions, car il verrait immédiatement l'ampleur des transformations apporteés à l'institution, tout par le développement de l'assurance, qui en a complètement modifié l'économie…

إن هذا بالفعل يعتبر أبلغ تصوير لواقع علاقة وتداخل التأمين والنظرية العامة للإلتزام ككل والمسؤولية خصوصاً، ناهينا عما أصاب الحياة من تطورات شكلت طفرة حقيقية وتنوعاً فعلياً.

لقد آثرنا البدء بهذه الإشارة البسيطة فقط حتى نضع الموضوع في سياقه الشمولي، لتبقى الدراسة الجزئية المنفذ الوحيد لحصره، خاصة وأننا نتبنى طرح الدكتور ادرويش في كون هذا الموضوع مؤهل لاعتباره موضوع رسالة أكثر من عرض.

فكيف أثر إذن التأمين على مسؤولية الناقل؟ وما هي حدود هذا التأثير؟

في إطار منهج الانتقاء الذي دفعنا إليه اتساع الموضوع، بل وحتى دقته، فإننا سنتناول الجواب على تلك الإشكالية من خلال ثلاثة نقط من شأنها أن تشكل مؤشرات عامة قد تجعل ذلك الجواب مستساغاً وذا مرجعية ونحصرها فيما يلي:

المبحث الأول: تأثير التأمين على دور المؤمن له الناقل في الدعوى.

المبحث الثاني: تأثير التأمين على أساس المسؤولية.

المبحث الثالث: تأثير التأمين على مسؤولية الناقل من حيث تقدير التعويض.

المبحث الأول

تأثير التأمين على دور المؤمن له الناقل في الدعوى

ـ اختفاء المؤمن له وراء المؤمن.

ـ الدعوى المباشرة.

تعتبر هاته النقطة ـ على الأقل بالنسبة لوجهة نظري الشخصية ـ أهم مجال للبحث، لا لأنها قد تعطي جواباً عن الإشكالية المطروحة، وإنما لأنها قد تمكن من اتخاذ موقف وحكم، ولو تقريبي، على صحة هذا الجواب وتوافقه مع مجموع المبادئ القانونية السائدة.

لقد تنبه، ومنذ وقت مبكر العديد من الفقه لحركة التأمين التي اكتسحت جل مرافق الحياة، ابتداءً من التأمين على حريق البيت وسرقة مجوهرات الزوجة وتحف المعارض وعلى استعمال السيارة... ووصولاً للتأمين على الحياة التي لم تكن تستسيغه العقول ليتحول لتÿÿ3;ليÿÿ16ÿÿ; &ÿÿ575;جتماعي قد يوازي في أهميته ما توازيه الضرورات اليومية من مأكل ومشرب. وقد كان من أهم من ألمح لهذا الواقع الفقيه R.Savatier، كما أنه وحتى على مستوى التشريع فإننا نجد القانون الفرنسي لـ13/07/1930 والمتعلق بعقد التأمين قد أزال كل شك عن تأمين الأخطاء، وحتى الجسيمة منها، وهو ما ساندته محكمة النقض.

وكلنا يعلم أن ظهير نونبر 1934 مستنبط من ذلك القانون، بل إن المشرع قد تدخل ليجعل التأمين إلزامياً في بعض القطاعات، إيماناً منه بأهميته ورضوخاً لا مشروطاً لواقع فعلي. ولا أدل على ذلك من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 20/10/1969 بشأن التأمين الإجباري للسيارات عبر الطرق.

وفي خضم هذا التراكم النوعي والكمي لمجالات التأمين وحدود اتصالها مع المبادئ القانونية طفت على السطح إشكالية هذه العلاقة في الحدود التي سبق أن أشرنا إلى تجسيدها الشمولي والتي نستغل مناسبة موضوعنا هذا لنمرر إشارات هامة حول مواطنها.

سوف لن نخوض في فروع التأمين كلها لتلمس نتيجة تأثير التأمين على مسؤولية الناقل، وإنما سنحصر الكلام في إطار القانون المنظم للتأمين على العربات البرية. في إطار المؤتمر الوطني الثاني للطرق المنعقد بالمحمدية أيام 10 ـ 11 و12 يونيو 1987 أشار أحد المتدخلين لهذا الواقع بقوله: إن حارس السيارة المؤمن عليها لم يعد عملياً أو فعلياً مسؤولاً عن الأضرار التي يلحقها بالضحية، ومسؤوليته تنحصر في تسوية أقساط التأمين[3] وبطبيعة الحال فالأمر لا يتعلق بعلاقة السائق بالغير فقط، بل ينصرف لموضوعنا في إطار علاقة الناقل بالشخص المنقول أياً كانت طبيعة النقـل.

إننا أصبحنا، وفي واقع كهذا، نتلمس أن مبدأ اعتبار المسؤولية المدنية الفردية كمحدد وقائي وكأداة فعالة لضبط السلوك الشخصي وهي ما يسمى La peine privée، أصبح محل نظر، بل إن الإحتكاك اليومي مع الناقل المغربي في مختلف أشكال وسائل النقل ينم عن استهتار لا يعكس ـ في مجال دراستنا على الأقل ـ خصوصية العقلية المغربية في تعاملها مع القوانين كما خلص لذلك الأستاذ عمر عزيمان، وإنما أصبحنا أمام تقنين وشرعنة لهذا الواقع من خلال توظيف التأمين بمفهومه الخاطئ، ولو على مستوى الوعي الشعبي، وربما أن هذا الواقع هو واقع عام وغير خصوصي، ولا أدل على ذلك من الكتابات الفقهية في الموضوع، فالفقيه Geneviève يقول:

…il n'est pas douteux que la généralisation de l'assurance de responsabilité atténue fortement l'effet dissuasif des condamnnations civiles, dans la mesure du moins où elles n'inposent que le versement d'indemnités prises en charge par l'assureur [4].

هذا عن المظهر الاجتماعي والواقع الفعلي لتجليات تأثير التأمين على المسؤولية ككل وعلى مسؤولية الناقل خاصة، ولعل في الجانب القانوني ما قد يكون لنا السند والبرهان ويكفينا الحديث عن الدعوى المباشرة كأهم تمظهر لاختفاء المؤمن له وراء المؤمن، كيف ذلك إذن؟

إن مسألة الدعوى المباشرة التي قد يقيمها المتضرر على شركة التأمين لم تحظ بالبحث الكافي ـ على الأقل وطنياً ـ والذي قد يعكس أهميتها العلمية والعملية.

لقد انصبت فلسفة المشرع وهو يسن مقتضيات التأمين الإلزامي على العربات البرية ذات محرك على إيجاد ذمة مليئة ومضمونة لمواجهة أضرار متكاثرة قد تصطدم بمسؤول معسر لا حيلة له، وهو بالفعل ما ترجمه الفصل الأول من ظهير 20 أكتوبر 1969، والذي جاء فيه: يجب على كل شخص ذاتي أو معنوي ... أن يبرم مع شركة تأمين يقبلها وزير المالية للقيام بعمليات التأمين من هذا الصنف، عقد تأمين يضمن مسؤوليته المدنية بخصوص الأضرار... مما جعل المتضرر أمام مخاطبين اثنين يسهل جرهما للقضاء، وهو ما نصت عليه المادة الثانية من الظهير الصادر في 08 يوليوز 1937 المعدل بظهير 27 يناير 1941، والتي جاء فيها: إذا كان هناك عقد ضمان فيقوم الضامن حتماً مقام المضمون ضمن حدود الكفالة المستدركة في العقد في شأن أداء التعويضات أو المرتبات الممنوحة للركاب المنقولين أو للغير أو لمستحقي حقوقهم، وفي شأن أداء سائر الصوائر الناشئة عن الحادثة ... بل الملاحظ أن علة التأمين تتحقق ولو تم توجيه الدعوى في مواجهة شركة التأمين لوحدها، مما يجعلنا نجزم على أنه أصبحنا أمام ذمة مالية تجب مسؤولية مدينة وتخفيها باسم المشرع.

إن الفصل الأخير المتحدث عنه يعد المرجع الأساسي في إيجاد الدعوى المباشرة على اعتبار أنها تشكل استثناء من مبادئ التقاضي، إلا أن هذا لم يحل دون وجود قراءات متعددة أخرجت للوجود أكثر من تأويل فقهي بالأساس حول مصدرهذه الدعوى، فهناك من أرجعها لنظرية الإشتراط لمصلحة الغير وهناك من فضل نظرية الإنابة بالإضافة لنظريات أخرى من قبيل نظرية الباعث العيني ونظرية تجميد التعويض ونظرية الحبس ونظرية الإمتياز ووصولاً لنظرية العدالة [5].

وبطبيعة الحال فنحن لن نتوسع في دراسة هاته النظريات، لأن ذكرنا لها جاء فقط في محاولة لتقعيد الدعوى المباشرة وإيجاد سند قانوني لها، وإنما نشير فقط لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير لأنها كانت أكثر النظريات استساغة من طرف الفقه، بل وحتى القضاء، في العديد من البلدان. فبالرجوع للقانون المصري مثلاً نجد بأن المشروع التمهيدي للقانون المدني الجديد قد نص في المادة 832 منه على أنه: لا يجوز للمؤمن أن يدفع لغير المصاب مبلغ التأمين المتفق عليه كله أو بعضه ما دام المصاب لم يعوض بما لا يجاوز هذا المبلغ عن الأضرار التي نشأت عنها مسؤولية المؤمن له.

ولولا حذف هذا النص لكان سيشكل حسب بعض الفقه[6] أساساً للدعوى المباشرة التي للمتضرر رفعها على المؤمن، لكن ما دام النص قد حذف بالفعل فإنه لا يمكن سوى الاستعانة بنظرية الاشتراط لمصلحة الغير كلما أمكن استخلاص ذلك من وثيقة التأمين، أي أن الدعوى لهذا الطرح من طرف هذا الفقه طبعه الحذر لعدة مبررات أهمها:

ـ كيف يمكن الحديث عن اشتراط لمصلحة الغير في وقت يسعى المؤمن له لحماية مصالحه، ذمته المالية، مسؤوليته، وليس مصلحة المتضرر.

ـ المتضرر بالنسبة لطرفي عقد التأمين غير محدد بذاته، بل لا اعتبار إطلاقاً لشخصه، فكل متضرر يستفيد من مباشرة الدعوى لا فرق بين منقول موسر وآخر معسر، ولا عمرو ولا زيد، ما دام لم يوجد استثناء بصريح النص.

ـ إذا كانت استساغة فكرة الإشتراط لمصلحة الغير واردة بالنسبة للتأمين عن الوفاة مثلاً، لما فيه من مراعاة للمستفيد، فإن هذه الفكرة منعدمة في حالة التأمين عن المسؤولية المدنية [7].

فقد جاء في قرار لمحكمة الإستيناف بالربط [8] بأن التأمين لا يهدف إلى استفادة طرف ثالث يؤدي إلى ضمان المؤمن له، وبالتالي فإن التأمين لا يشكل اشتراطاً لمصلحة الغير....

لهذا فإن الأساس الصحيح لهذه الدعوى يبقى هو القانون ذاته، وهو ما يمكن تلمسه بقراءة متأنية للفصل الثاني من ظهير 08/07/1937 السابق ذكره. بل إنه حتى في إطار القواعد العامة ـ نقصد ق.ل.ع ـ قد نجد السند، ولا أدل على ذلك من الفقرة الثامنة من الفصل 1250 منه. وهذا ما تبنته بالفعل أعلى مؤسسة قضائية، ففي قرار للمجلس الأعلى جاء فيه: ... بناء على الفصل الثاني من ظهير 08 يوليوز 1937، فإن المؤمن يتعين لزوماً طلب إدخاله في الدعوى من طرف طالب التعويض أو في غيابه من طرف المؤمن عليه. وإن الحكم الذي يمنح تعويضاً أو جراية، يتعين أن ينص على حلول المؤمن محل المؤمن عليه في حدود الضمان المنصوص عليه في عقد التأمين، وإنه بالحكم على شركة التأمين فيما طلب في مقال افتتاح الدعوى بأن تؤدي لهذا الأخير محل مؤمنها مبلغ التعويض عن الضرر، فإن محكمة الإستيناف التي لم تكن ملزمة بالحكم على المؤمن له، لم تخرق المقتضيات المذكورة، وإنه من جهة أخرى ليس لشركة التأمين من مصلحة في الإستظهار بعدم الحكم على مؤمنها، لأن هذا الحكم لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتحلل من التزاماتها التعاقدية[9].

إننا أصبحنا باختصار أمام دعوى مباشرة مستندة لقانون التأمين. لذلك نتساءل ألا يعتبر هذا بحق أهم تأثير قد نصل إليه؟

حقيقة أنه لا ينبغي أخذ الفكرة على إطلاقها. فإدخال المؤمن له يثور كلما كنا إزاء دفع من شركة التأمين بانعدام التأمين، وإنما يبقى هذا مجرد وجود صوري/احتفالي، للمؤمن له لا غير.

وبالرجوع للقضاء المقارن نجده قد وسع كثيراً في هذا الإتجاه. ففي فرنسا مثلاً [10]، الملاحظ أن القضاء لم يجعل استحالة امتثال المؤمن له أمام القضاء مانعاً من إقامة الدعوى المباشرة، بل العكس وسع مفهوم هذه الإستحالة ليشمل حالة اقتراف الحادثة من طرف العديد من الأفراد الذين لهم نفس المؤمن، وكذلك حالة عدم اختصاص الجهة القضائية في النظر في مسؤولية مرتكب الحادثة، كما أورد القضاء استثناءات أخرى كما لو سبق أن قضى حكم نهائي في المسؤولية وفي التعويض ضد المؤمن له أو إذا كان هناك اعتراف تلقائي من طرف المؤمن بمسؤولية المؤمن له أو عندما يستحيل إدخال المؤمن له في الدعوى لعدة أسباب أهمها وجود حصانة دبلوماسية أو دستورية للمؤمن له أو وجوده في حالة غياب مستمر أو في حالة قوة قاهرة يستحيل معها إدخاله في الدعوى[11].

لقد أصبح الوضع وكما شبهه به الفقيه Geneviève:

Le rôle de responsabilité est devenu théorique et presque postiche.

إن قولاً كهذا لا تطبعه المبالغة إطلاقاً، وإنما هو حكم موضوعي لا يجد سنداً له فيما ذكر فقط، بل في صور أخرى، ولعل أجلها هي حالة سقوط حق المؤمن له في الضمان أو عدم استحقاقه له أو توقف الضمان، وذلك عند الإخلال بأحد الإلتزامات العقدية من طرف المؤمن له، فهنا أيضا ً لا يمكن مواجهة المتضررين بذلك إلا في حالات محدودة وخاصة[12]، بل إن القضاء يتشدد حتى في حالات اللاتأمين أو خارج التأمين ليتحول لعقبة كأداء في مواجهة دفوع شركات التأمين.

ففي قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 11/02/1982 جاء فيه: ... حيث ورد في الفصل 14 من قرار وكيل وزارة المالية المؤرخ في 25/01/1965 والمكون للشروط النموذجية العامة لعقدة التأمين ما يلي : لا تضمن العقدة المسؤولية المدنية للمؤمن له لا إزاء الأشخاص المنقولين ولا إزاء الأشخاص غير المنقولين... إذا كانت الناقلة المؤمن عليها تستخدم بعوض عندما تكون العقدة غير مبرمة لتأمين ناقلة مصرح بها لمثل هذا الإستعمال، وإن كلمة تستخدم بصيغة المضارع تقتضي التجدد والتكرار وبالتالي تفيد الإعتياد .... وعليه فإن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه عندما رفضت الدفع بعدم الضمان لعدم ثبوت عنصر الإعتياد في النقل تكون قد راعت هدف المشرع[13].

وهذا التوجه نفسه كان على مستوى الدفع بتغيير وجه الإستعمال دون إعلام المؤمن. ففي قرار جنائي صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 05/03/1970، جاء في ديباجته: إن جهل المؤمن له الشرط الذي يحتم عليه بأن يصرح للمؤمن بكل تبديل أو تغيير في المجازفات التي تدخل على استعمال شاحنة لا يمكن أن يعارض به ضحايا حادثة أو من يقوم مقامهم، لأن شركة التأمين تحتفظ بحقها في أن تسترجع من المؤمن له النصيب من التعويض الذي يمكن أن تكون قد أدته زائداً [14].ولن ندخل في مناقشة القرار الذي لم يصادف الصواب فيما وصل إليه.

فهذه إذن كلها مؤشرات قد تجعل من فكرة الجزاء المدني كرادع فكرة مشكوكاً فيها إلى حد بعيد بفضل ظهور التأمين من المسؤولية، وهذا طبعاً لا نتلمسه فقط بالنسبة لتأثير التأمين على مسؤولية الناقل، وإنما هو تأثير في بعده العام ككل.

لقد تحسس المشرع خطورة الموقف وأدرك أن العملية لا تقتصر على مجرد معطيات رقمية قد تعالج بإيجاد ذمة مليئة، وإنما أصبح الأمر يمس أخلاقيات المجتمع ككل والسياسة الجنائية للدولة، وقد تمثلت المبادرات التشريعية حسب بعض الفقه[15] .على ثلاث مستويات:

1) خلوص التأمين Les franchises:

وهي وسيلة يتم بمقتضاها إبقاء المؤمن له مسؤولاً عن أداء جزء معين من مبلغ التعويض، وهو ما نص عليه الفصلان 28 من قرار 28 نونبر 1934 و04 من ظهير 20/10/1969 المتعلق بالتأمين الإجباري على السيارات.

2) الإقتطاع الإجباري Le découvert obligatoire:

وهو عبارة عن مبلغ مالي قد يكون محدداً مسبقاً أو نسبة معينة توازي حجم الضرر الذي لحق المضرور ، كما أن الإقتطاع الإجباري قد يكون بإبقاء جزء من مبلغ التعويض على عاتق المؤمن له دون دخوله في ضمان المؤمن.

3) زجز المؤمن له من طرف المؤمن:

وهي وسيلة قانونية تمكن شركات التأمين من تقليص هامش الخسارة الذي قد تتعرض له من جراء تعاقدها مع سائقين متهورين، إذ تعمل وفي إطار التجديد السنوي لعقدة التأمين على رفع أو خفض قسمة التأمين أخذاً بعين الإعتبار رصيد المؤمن له من الحوادث خلال السنة الفارطة.

تبقى إذن هذه مجرد حلول قد لا تعكس أهمية الخطورة المشار لها سابقاً، وتدل بالفعل على ما يمكن أن نسميه مأزق التأمين والذي كان الدافع إليه وهو حماية المضرور إلى حد أنه:

Le droit de la victime contre l'assureur apparaît aujourd'hui souvent plus étendu et plus fort que le droit de l'assuré lui - même[16].

المبحث الثاني

تأثير التأمين على أساس مسؤولية الناقل

وغير خاف ما تشكله إقامة نظام معين من أنظمة المسؤولية على أساس دون غيره من أهمية فهوعداعن كونه يظهر الحضارة التي وجهت الفكر القانوني في مجتمع وزمان معينين، فإنه يؤدي حتماً إلى نتائج عملية تختلف باختلاف المذهب الذي نعتنقه في تأسيس المسؤولية[17].

لم تسلم مسألة تأسيس المسؤولية بدورها من تأثير التأمين، وبالأحرى تعامل القاضي مع النص القانوني،لأن نصوص التأمين في ذاتها تركت الأمر خاضعاً للقواعد العامة دون إيجاد سند قانوني جديد للمسؤولية بمنأى عن تلك القواعد.

لا يخلو الأمر ونحن نتحدث عن مسؤولية الناقل من وجود فرضيتين : فإما نكون تجاه عقد نقل اكتملت أركانه ووجد فيه العوض النقدي المقابل للخدمات المقدمة، وإما نكون تجاه نقل مجاني.

وإذا كان الأول لا يثير كبير إشكال إلا ما تعلق بمقارنة نفي المسؤولية استناداً للفصل 485 من مدونة التجارة مع قواعد الفصل 88 ق.ل.ع ، فإن النقل بالمجان كان بالفعل محط اجتهاد قضائي على مستوى التحديد، أي الطبيعة، وعلى مستوى التأسيس أيضاً، أي النص القانوني المطبق.

لم يعد حالياً مما قد يثير إشكالاً مسألة طبيعة المسؤولية في حالة النقل المجاني، فالفقه والقضاء اتفقا على اعتبارها مسؤولية تقطيرية. لكن الإشكال لم ينحصر على هذا المستوى، وإنما تعداه لتحديد النص القانوني المطبق وما ينجم عن ذلك من تبعات تخص نفي المسؤولية بالأساس.

وإن كان من دافع لاتخاذ هذا الموقف دون الآخر فإننا لن نبالغ إن اعتبرنا مؤسسة التأمين كطفرة حقيقية في تحديد أي الموقفين، كيف؟ قبل أن نحدد ذلك نرى أنه من الضرورة تحديد مفهوم النقل المجاني كخطوة أولية لتحديد مدى التأثير المتحدث عنه.

أولاً: طبيعة النقل من خلال الإجتهاد القضائي:

ينص الفصل 14 من الشروط العامة النموذجية في فقرته (هـ) وهو يعدد حالات استثناء التأمين في حالة : إذا كانت الناقلة المؤمن عليها تستخدم للنقل بعوض عندما تكون العقدة غير مبرمة لتأمين ناقلة مصرح بها لمثل هذا الإستعمال.

كل هذا يجعل مسألة تحديد طبيعة النقل من أهم النقط التي قد تتناولها الدعوى المدنية التابعة، كلما أثارت شركة التأمين دفعاً من هذا القبيل أملاً في إخراجها من الدعوى والحكم بحضور صندوق الضمان، وتناولنا لهاته النقطة لا يهدف إلى دراستها في ذاتها بقدر ما هو مرحلة أولية لها مساس بتحديد المسؤولية ككل. فكيف تعامل القضاء المغربي مع مقتضيات الفصل 14 في فقرته السابقة؟

بداية نشير إلى أن الفقه وحتى القضاء الفرنسيين لم يكتفيا بتقسيم طبيعة النقل لعوضي وآخر مجاني، بل ميزا حتى في إطار هذا الأخير بين النقل المبني على مصلحة Interessé كمن ينقل شخصاً قصد الحصول على منفعة مقابلة منه كمساعدته في إفراغ حمولة العربة أو على تجاوز ما قد يصيبها من إعطاب حال السفر، واشترطوا لذلك أن تكون مصلحة مادية وليس معنوية، وأن تكون مشروعة تطبيقاً للقواعد العامة[18].

ومن جهة ثانية النقل عن طريق المجاملة، وهو النقل الذي تنعدم فيه المنفعة المتبادلة بين الطرفين، إذ أن عمل الناقل لا يهدف به إلى غير محض المساعدة والمجاملة لا غير.

إن الفقه والقضاء الفرنسيين في منحاهما هذا لم يهدفا إلى إيجاد تقسيم أكاديمي فقط مستند لواقع فعلي، وإنما رتبوا على ذلك نتائج قانونية مهمة سنأتي على ذكرها بعد حين.

بالنسبة للقضاء المغربي، فالملاحظ في تعامله مع طبيعة النقل انحصاره بالأساس ـ دون إهماله لما سبق ـ في مقابلة الفصل 14 مع المعطيات الواقعية التي حدثت الحادثة في خضمها، وكل هذا بطبيعة الحال يتعلق بعقد التأمين الذي لا يكون منصرفاً لنقل عوضي، وإنما دراستنا فلحالة خلوه من ذلك، أي تغيير وجه الاستعمال.

مجملاً فإننا نستطيع تقسيم موقف المجلس الأعلى لمرحلتين اثنتين:

المرحلة الأولى: طبعها نوع من التضارب بين الغرفتين المدنية والجنائية في قراءتهما للفصل 14، فالغرفة الأولى اعتمدت في بداياتها روح النص، وبالأحرى اعتمدت حرفيته وتبنت معانيه اللفظية فجاء اجتهادها ـ إن صح القول بوصفه اجتهاداً ـ في صالح دفوع شركات التأمين بإخراجها من الدعوى كلما ثبت وقوع نقل عوضي غير مؤمن عليه ولو لمرة واحدة، إذ أن هذا كاف في ذاته لإعمال النص والقول بوقوع تغيير في وجه استعمال العربة. فقد جاء في قرار صادر عن تلك الغرفة : وحيث تبين صحة ما نعاه الطاعن. ذلك أن الفصل 14 من الشروط العامة النموذجية لعقد تأمين السيارات...ولذلك فإن ثبوت النقل بعوض ولو مرة واحدة يكفي لعدم الضمان، ولا يلزم المؤمن أن يثبت الإعتياد والتكرار للنقل بعوض..[19].

هذا عن الموقف الأول للغرفة المدنية[20]. أما الغرفة الجنائية فقد كان لها موقف مخالف، إذ أنها اعتبرت تغيير وجه الإستعمال موجباً فعلاً لسقوط الضمان، إلا أن تفسيرها لمفهوم الفصل 14 جعلها تعطيه معنى خاصاً ومتشدداً أقل ما نصفه به هو أنه يجعل إعمال الإستثناء المتحدث عنه في الفقرة (هـ) مستحيلاً أو قاب قوسين.

ففي قرار صادر عن الغرفة الجنائية جاء فيه:...وإن كلمة تستخدم بصيغة المضارع تقتضي التجدد والتكرار، وبالتالي تفيد الإعتياد..[21].

بطبيعة الحال فنحن لسنا بحاجة لقراءة نية القضاء في تبنيه لهذا التوجه، بقدر ما نود التنبيه إلى أنه حتى في هذا الإطار فإننا نرجع العلة الكبرى لتأثير التأمين، وبالأحرى سيكون تعبيرنا هادفاً وصحيحاً إن لخصناه في : طرق تفسير النص القانوني للتأمين من طرف القضاء. حماية المضرور أم شركة التأمين؟؟

هذا عن المرحلة الأولى، إن نحن سلمنا بالفعل بهذا التقسيم[22].

أما المرحلة الثانية: فقد عرفت توحيداً بين الغرفتين في اتجاه استقطاب الغرفة الجنائية الأولى وليس العكس، ولا أدل على ذلك من تواتر هذا الإجتهاد الموحد والذي بموجبه نستطيع التأشير، ولو نسبياَ، على اعتبار الفقرة (هـ) من الفصل 14 فقرة غير مطبقة واقعياً، بل إن فلسفة المجلس ( توجيهاته ) تبنت هذا التشديد في تأويل النص كما جاء في افتتاح السنة القضائية 2001 في العدد الخاص للمجلس الأعلى (ص 69).

وحتى ننهي هاته النقطة، تكفينا الإشارة لمراجع بعض القرارات التي تدلل على التوجه الأخير للمجلس:

ـ قرار 175 بتاريخ 08 مارس 1983[23].

ـ قرار 2827 بتاريخ 21 أبريل 1992[24].

ـ قرار 4072 بتاريخ 02/06/1992[25].

ـ قرار عدد 1539/2 بتاريخ 08/10/1996[26].

ـ قرار عدد 2770 بتاريخ 30/04/1998[27].

ثانياً: تأثير التأمين على أساس مسؤولية الناقل بالمجان:

إن كنا قد سلمنا بداية بأن مسؤولية الناقل بالمجان هي مسؤولية تقصيرية،فإن التساؤل المطروح هو ما مبنى هاته المسؤولية؟ هل الفصلين 77 و78 ق.ل.ع، أي مسؤولية شخصية واجبة الإثبات؟ أم الفصل 88 ق.ل.ع، أي مسؤولية مفترضة؟

بالنسبة للقضاء الفرنسي، فالملاحظ وانطلاقاً من التقسيم الذي أشرنا إليه سابقاً بين النقل المبني على مصلحة والنقل مجاملة، إنه تأثر بهذا التقسيم حتى في إطار تأسيسه للدعوى، بل إن هذا التقسيم كان في حقيقته وليد هذا التأسيس، فإن كان الناقل يجني مصلحة من نقله لشخص ما فينبغي أن يناله الغرم بقدرغنمه، لذلك وقف القضاء هنا بجانب الشخص المنقول (المضرور) ليعتبر مسؤولية الأول مفترضة مبنية على الفصل 1384 لا يستطيع التحلل منها إلا بإثبات فعله ما كان ضرورياً أو رجوع الحادث لسبب أجنبي، ولا نرى هنا طبعاً تطبيق واو الفصل 88 ق.ل.ع باعتبار المسؤولية عن حراسة الأشياء ابتدعها ـ بالأساس ـ الفقه والقضاء الفرنسيان انطلاقاً من تأويلهما للفصل 1334 دون وجود نص خاص كما هو حال التشريع المغربي.

أما النقل مجاملة فقد أسسه القضاء الفرنسي على المسؤولية الشخصية الواجبة الإثبات رعاية للناقل الذي كان دافعه تقديم العون دون مصلحة.

إلا أن القضاء الفرنسي لم يستقر على هذا الحال فنحى نحو توحيد الأساس، وذلك باعتماد المسؤولية المفترضة. وطبعاً ما كان ليغير نظرة الرحمة بالناقل مجاملة لولا دخول شركات التأمين في المعادلة، وبالتالي إزاحة ثقل التعويض من على كاهل المسؤول المدني.

أما في المغرب، فالملاحظ أيضا ً أن اجتهاد القضاء فيه حول هاته النقطة قطع نفس المراحل باعتبار الروابط وتشابه/تطابق النصوص. ففي قرار صادر عن محكمة الإستيناف بالرباط صادر سنة 1936[28] جاء فيه : إن القرينة التي يتضمنها الفصل 88 من قانون الإلتزامات والعقود لا يمكن مطلقاً أن يتمسك بها من جانب من قبل الإشتراك في استعمال السيارة وهو يعلم مسبقاً بالأخطار التي تترتب على ذلك[29].

إلا أن المجلس الأعلى أدرك مبكراً ـ وقبل نظيره الفرنسي ـ ضرورة توحيد الأساس، على اعتبار حماية المضرور ووجود شركة تأمين مليئة الذمة. ففي قرار صادر سنة 1967 جاء فيه :...وسواء أكان النقل بالمجان أو بعوض فإن صاحب السيارة يبقى مسؤولاً طبقاً للفصل 88 من ق.ل.ع ما دام لم يثبت إعفاؤه من المسؤولية.[30]. وإذا طالعنا الفصل 88 من ق.ل.ع فإننا نتساءل هل يستطيع الناقل التحلل من المسؤولية في ظل اختيار المشرع استعمال (واو) العطف بدل (أو) التخيير.

فالملاحظ إذن أن القضاء المغربي استوعب قبل نظيره الفرنسي معادلة التأمين، لكن بفهمه الخاص الذي تختلف تبريراته

بطريقة قراءتنا للاجتهاد، والحال أنه يتطلب قراءة بين السطور بالأساس[31].

المبحث الثالث

تأثير التأمين على مسؤولية الناقل من حيث تقدير التعويض

سلطة القاضي في تحديد التعويض

إن القاضي غالباً ما يحاول رفع التعويض، لأن المؤمن هو الذي يؤديه، وهو حين ما يعمل بهذه الطريقة يتخلى عن مهمته، إنه يأخذ من صندوق شركة التأمين ليقدم إلى الضحية هدية لا حق له فيها، وتحت ستار وعدالة مزيفة يقوم بنهب حقيقي[32].

من الواضح أن بعض محاكم الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية بعدما شعرت بالقيود الناتجة عن ما يسمى التعريفة تحاول تدارك الإنقاص الطارئ على السلطة التقديرية المخولة لها لتقييم الضرر، عندما تفصل في تحديد المسؤولية، إلى حد أنه بدأنا نتساءل ألا ينبغي من الآن استعمال الدراجات عوض السيارات، ما دام السائق يعتبر، منذ دخول هذا النص حيز التطبيق، المسؤول الرئيسي دون تمييز [33].

إن أردنا بالفعل الجزم بوجود تأثير للتأمين على المسؤولية ككل، ومسؤولية الناقل بالخصوص، فإننا لن نجد أخصب من هذا المرتع الذي هو تحديد التعويض لتتأكد هذه الحقيقة، كيف ذلك؟

بالرجوع للفصل 98 من ق.ل.ع نجده ينص على أن الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلاً والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضراراً به، وكذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل.

ويجب على المحكمة أن تقدر الأضرار بكيفية مختلفة حسب ما تكون ناتجة عن خطإ المدين أو تدليسه.

كما نص الفصل 264 من ق.ل.ع على أن الضرر هو ما لحق مباشرة عن عدم الوفاء بالإلتزام. وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة التي يجب أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطإ المدين أو تدليسه...

إن إثارتنا لهذه الفصول ليس بهدف الخوف في دراسة ماهية التعويض باعتباره جزاء مدنياً عن المسؤولية، بقدر ما نصبوا لتقعيد سلطة القاضي التقديرية في تحديده.

إن المتتبع لواقع القضاء المغربي قبل صدور ظهير 02/10/1984 سيلحظ، وبدون شك، تضارب الإجتهادات في ما يخص تعويض المصابين في حوادث السير، تضارباً لا على مستوى الأساس فقط، وإنما على مستوى حجم التعويض وقدره، والذي طبعته المبالغة في كثير من الأحيان جعلت القاضي ينظر للضحايا نظرة الأب الرحيم أكثر من نظرة القانوني العادل، وكل ذلك تحت غطاء سلطته التقديرية التي ما فتئ المجلس الأعلى يساندها ويتواتر على اعتبارها. في قرار صادر عنه بتاريخ 12 أبريل 1969 جاء فيه: لكن حيث إن قضاة الموضوع يقدرون في حدود الطلب بحرية مبلغ التعويضات الواجب منحها لإصلاح الأضرار والخسائر التي تسبب فيها حادث سير، دون أن يكونوا ملزمين بتبرير حكمهم في ما يخص هذه النقطة بمقتضى حيثيات خاصة أو تبيين أسس التقدير. وإنه من جهة أخرى من حق قضاة الواقع أن يقدروا باعتبار عناصر الضرر المعروضة عليهم هل في إمكانهم تحديد مبلغ التعويض أو أنه يتعين عليهم مسبقاً الأمر بإجراء تحقيق[34].

كما جاء في قرار آخر بتاريخ 20 مارس 1969: إن التعويض عن الضرر الناتج عن جريمة والواجب لكل طالب في حدود طلبه يرجع إلى السلطة التقديرية المطلقة لقضاة الزجر [35].

وفي قرار بتاريخ 03 يوليوز 1969 جاء فيه: إن تحديد مبلغ ما كتعويض في حدود ما طالب به المدعون بالحق المدني لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة يرجع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، ولا شيء يحتم عليهم، ما لم تقم لديهم منازعة بشأن عنصر بعينه من عناصر الضرر، أن يبرروا بأسباب خاصة مبلغ ما يحكمون به من تعويض. وعليه فإن قضاة الموضوع عندما صرحوا اعتماداً على استئناف المطالبين بالحق المدني بأن أصحاب الحق المدني بينوا أن القدر المحكوم به لصالحهم قليل بالنسبة للخسارة الواقعة في الأرواح، وأن طلبهم يرتكز على تقارير الخبراء لإثبات مسؤولية المتهم، يكونون قد استعملوا سلطتهم التقديرية غير الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى، وعللوا ما قضوا به تعليلاً كافيا[36] وبطبيعة الحال لم تكن لتسلم الجرة كل مرة ـ كما يقال ـ فقد بدأت الأصوات تتعالى، لا من قبل المؤسسات المالية الممثلة لقطاع التأمين، باعتبارها الجيب المفتوح والمعين الذي لا ينضب بالنسبة للقضاء، وإنما امتد الأمر لأهل البيت أنفسهم، ونقصد وزارة العدل. كيف لا والأمر بدأ يمس أنشطة القطاعات ومرتكزاً للتوجه الليبرالي/الرأسمالي للدولة.

لقد تم تدشين هذا الوعي الرسمي بالمشكلة بمناظرة وطنية بالرباط بتاريخ ماي 1978 تبنى من خلالها وزير العدل لغة المكاشفة، واعتبر سخاء القضاء في تقدير التعويضات سبباً في الوضعية المزرية لقطاع التأمين. لذلك بدأت وزارة العدل، باعتبارها المشرفة على القطاع، ببعث إشارات قوية تمثلت بالأساس في الدوريات.

فكانت لذلك الدورية رقم 829 أول دورية تقنن مبالغ التعويض في أسلوب أقرب للظهير الحالي في فلسفته العامة. وقد جاء في أسباب نزولها أنها تمثل استجابة لواقع طبعه:

1) اختلاف الأحكام القضائية بالتعويض بين محكمة وأخرى، بل وحتى داخل المحكمة الواحدة بين هيئة وأخرى، كما اتضح من خلال المناقشات التي دارت أثناء مناظرة حوادث السير حول طرق تحديد التعويضات المستحقة لضحايا حوادث السير.

2) اتسام بعض الأحكام بالمبالغة في تقدير التعويض لانعدام هذه المقاييس...

أما الدورية الثانية رقم 830 فقد كانت تهدف لغل يد القضاة وعدم مبالغتهم في صرف التعويضات المستحقة.

وفي الدورية الثالثة رقم 832 فقد تم الإلحاح على استبعاد الحكم بالنفاذ المعجل إلا عند الضرورة القصوى وفي حدود الربع.

إنها بالفعل إشارات قوية تبرز حجم الإشكالية التي حاول وزير العدل إقناع القضاة بها معتمداً على عدة تبريرات منها:

ـ إن الأمر يتعلق بمعطيات تقنية وفنية أكثر منها قانونية قد تشكل ردة على مبادئ عامة ومتواترة.

ـ إن هذه الحلول تهدف بالأساس لتسهيل عمل القضاة في حساب التعويضات، وبالتالي تسريع الملفات وتجهيزها.

ـ التحسيس بمركزية دور شركات التأمين كفاعل اقتصادي داخل النسيج الوطني.

لكن وحتى في إطار هذه الدوريات، والتي لا ترقى طبعاً لقانون قد يقيد القاضي، ظل هذا الأخير ممتعضاً منها باعتبارها تمس أهم مجالات تحقيق عدالته، إنها الموازنة الحقيقية بين عنصر الضرر وحجمه وقيمة التعويض التي توازيه. والملاحظ أن هذا الموقف لم يقتصر على القضاء الجالس فقط، وإنما امتد ليشمل بعض النيابات العامة[37].

لأجل هذا فإن التدخل التشريعي هو الحل الوحيد والملاذ الآمن لتحقيق فلسفة بهذا التقييد بدون إثارة بلبلة ولا اعتراض من طرف القضاء. وهنا لن ندخل في رصد ردود الفعل[38]، وإنما نركز على شئ مهم: إننا وسعنا من نطاق القانون على حساب الواقع بمفهومه الدقيق. جعلنا تقدير التعويض جزءاً من الأول لا الثاني.

إن ظهير 02/10/1984 تدخل في المجالات التقليدية لعمل القاضي، وتمثل ذلك بالأساس على ثلاث مستويات:

أولاً: الأضرار القابلة للتعويض:

الملاحظ هنا هو التوجه نحو التشدد في منح التعويضات، ما لم نكن بالفعل تجاه ضرر حقيقي أقر التشريع الجديد إمكانية التعويض عنه.

ففي قرار للمجلس الأعلى جاء فيه: ...لكن حيث إنه بمقتضى الفصل الثالث من ظهير 02/10/1984 فإن التعويض عن العجز المؤقت يكون عن فقد الأجرة أو الكسب المهني الناتج عن عجز المصاب، ويستفاد منه أن المصاب يكون مطالباً بإثبات فقد الأجرة أو الكسب المهني خلال مدة العجز المؤقت، مما تكون معه محكمة الدرجة الثانية قد أساءت تطبيق مقتضيات الفقرة (أ) من الفصل الثالث المذكور لما قضت للمطالبة بالحق المدني م.ج بتعويض عن عجزها المؤقت بتعليل أنه فوت عليها فرصة العمل أو الكسب أو الإتجار وأنها تعوض عنه بدون إثبات[39]. هنا بالفعل تلمسنا أن قاعدة الإثبات فدية الحق لم تعد مجرد مبدإ نظري، وإنما تطبيق فعلي له سند قانوني صلب.

وجاء في قرار آخر: وحيث إن القرار المطعون فيه، عندما قام باحتساب التعويض استناداً إلى مجموع مداخيل المطالب بالحق المدني دون اعتبار الجزء الذي تأثر بسبب الإصابة فقط، وتحديد الجزء الذي ينوب عمله في إدارة أمواله وتجارته، يكون قد خرق القانون[40].

وفي قرار آخر جاء فيه: أنه لا يمكن التعويض قانوناً إلا عن التشويه الذي يكون على جانب من الأهمية أو مهماً جداً وينشأ عنه عيب بدني[41] .

ثانياً: الأشخاص المستفيدون من التعويض:

إن قاعدة: إن كل من تضرر يستحق التعويض تم تقزيمها لأبعد الحدود في إطار ظهير 02/10/1984، فأصبح المستفيدون هم المحددون تشريعاً، لا المضرورون فعلاً. إننا أمام ما قد نسميه القرينة القانونية القاطعة للضرر، وكل ذلك تحت رقابة صارمة للمجلس الأعلى. ففي قرار مؤرخ في 12/05/1998 جاء فيه:... لكن في شأن الوسيلة الثانية المتخذة من خرق القانون للمادتين 04 و11 من ظهير 20/10/1984 ذلك أنه بمقتضى المادتين المذكورتين فإن التعويض المادي عن الأضرار اللاحقة بذوي المصاب لا يكون مستحقاً إلا للأشخاص الذين كانت تجب على الضحية الهالك نفقتهم أو كان ملتزماً لهم بذلك، وفي حدود ما فقدوه من موارد عيشهم. ونظراً لكون الضحية كان قاصراً فإنه لم يكن ملتزماً شرعاً بالإنفاق، ولا مكتسباً لصفة تاجر، علماً بأن موارد عيش الأب المسؤول عن إعالة زوجته وأبنائه لم تنقطع، باعتباره يمتهن الفلاحة كما هو ثابت من أوراق الملف. لذا فإن شروط الحكم بالتعويض المادي غير متوفرة، وما قضى به القرار المطعون فيه فيه خرق للمقتضيات المذكورة، مما يعرضه للنقض[42]..

وفي قرار آخر بتاريخ 24/03/92 جاء فيه:...إن المحكمة بتقريرها أن ظهير 02/10/1984 حدد المستحقين للتعويض عن وفاة المصاب الهالك في الأصول والفروع ومن كانت تجب عليه نفقتهم، وأن الإخوة ليسوا من هؤلاء فلا يستحقون أي تعويض، تكون قد طبقت الفصل الرابع من الظهير تطبيقاً سليما[43] .

ثالثاً: مقدار التعويض:

إن المشرع لم يسحب من سلطة القضاء التقديرية فقط ما سبق ذكره، ولا نوع التعويض وطبيعته، وإنما امتد لتقرير التعويض. هذا الأخير الذي يعتبر تحديد الضرر، وبالأحرى الوقائع التي تكونه من الأشياء التي كانت قبل صدور الظهير خاضعة لتقدير القاضي واقتناعه، أصبحت بدورها مضبوطة المعايير ولا دور للقاضي غير تطبيق النص.

ففي قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 23/06/1998 جاء فيه : حيث إن مقتضيات ظهير 02 أكتوبر 1984 تنص على أن التعويض يكون ضمن الحدود ووفقاً للقواعد والإجراءات المقررة فيه والنصوص المتخذة لتطبيقه[44].

كما جاء في قرار بتاريخ 27 شتنبر 1994:...وحيث يتجلى من حيثيات الحكم الإبتدائي المؤيد استينافياً أن المحكمة المصدرة له استعملت سلطتها التقديرية فقط في تحديد دخل الضحية الشهري والسنوي، مما تكون معه خرقت المقتضيات الآمرة للفصل السادس من ظهير 02 أكتوبر 1984، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه الذي ساير الحكم الإبتدائي فيما قضى به، وذلك بتأييده له في جميع مقتضياته، معرضاً للنقض[45].

هذا بالإضافة للعديد من القرارات الأخرى التي تواترت في اعتبار قواعد التقدير المحددة في ظهير 84 من النظام العام[46].

ورب قائل قد يقول كيف يمكن الجزم بأن سلطة القاضي التقديرية قد تم تقزيمها والحال أن هذا الأخير هو من يحدد نسبة المسؤولية؟

لا نخفي هذه الحقيقة ولا نجادل فيها، بل إن مطالعة أحكام محاكم الموضوع تظهر بجلاء ذلك، لكن نرد على ذلك بأنه، وإن اتسعت سلطة القاضي في تحديد نسبة المسؤولية، فإنه حتماً سيصطدم بمعطيات رقمية لا تستطيع تلك النسب تجاوزها، فكأنما القانون حدد للقاضي حدين للتعويض وترك لسلطته تلك تقريب التعويض من أحدهما دون تجاوزهما، ولو لم يحققا تغطية حقيقية للضرر. فكيف نعتبر بعد هذا أن للقاضي سلطة فعلية في تقدير التعويض؟

على امتداد هاته الصفحات إذن حاولنا مجرد التلميح لبعض مواطن تأثير التأمين على مسؤولية الناقل، لأننا آمنا بالعل بأن هذا الموضوع أكبر من أن يؤطر في هذا الحيز، خاصة وأن دراسة كل نقطة فيه تجعلنا نسلم بأن هناك تأثير موجود، من قريب أو بعيد.

إن قراءة هاته السطور إذن قد تظهر نظرة/توجهاً قد يتراءى بأنه سلبي، متحامل على توجه القضاء، بل وعلى مؤسسة التأمين ككل، وإنما هو في الأخير يبقى مجرد قراءة شخصية لها ما لها من أوجه الصحة، كما هي محتملة للخطإ، بل وللرد أيضاً. لكن الدافع لها هو الإيمان بأن العدالة ينبغي أن توازن بين الأطراف بتجرد، وإن راعت وضعيتها فهذا لا ينبغي أن يمس بالمساواة. فعدم المساواة الإقتصادية بين الطرفين إذن لا ينبغي أن ينتج عدم مساواة قانونية، وإلا فلماذا نرسم ونجسم العدالة بأنها عمياء لا تميز، فإن كانت مصلحة المضرور/الشخص/الإنسان قد تجعل القاضي طامحاً لجبرها تحقيقاً لشعور العدالة في نفسه، فإنه لا ينبغي عليه أن ينسى أنه ـ في إطار موضوعنا على الأقل ـ أمام فاعلين اقتصاديين لم يخلقوا فقط ليكونوا صناديق مالية لأداء التعويضات وإن لم تستحق قانوناً، وإنما خلقوا لتطوير حياة المجتمع ككل وتوفير فرص العيش الكريم فيه. ويكفيني الهمس في أذن القاضي عن تبعات تصفية شركة تأمين، لا على الاقتصاد ككل، بل اقتصر على إجرائها، فهل ضحية طريق متهور لا يعير للقانون أهمية أولى بالرعاية أم أجير لإحدى تلك الشركات تشرد؟ من الذي يترجى فيه تحقيق العدالة؟



موضوع تم إنجازه في إطار العروض الملقاة على طلبة السلك الثالث ـ وحدة القانون المدني المعمق ـ تحت إشراف الدكتور أحمد ادريوش.[1]

[2] Droit civil (Introduction à la responsabilité), 2éme édition, Geneviève Viney, L.G.D.J.1996.

[3] المجلة المغربية للقانون ـ العدد 18 ليوليوز، غشت، شتنبر 1988.

[4] المرجع السابق للفقيه Geneviève.

[5] انظر في هذا الصدد مرجع الأستاذ أوغريس: التأمين من المسؤولية في التشريع المغربي ـ الطبعة الأولى 1992.

[6] الدكتور السنهوري ـ الوسيط ـ الجزء الثاني.

[7] ذ. نور الدين لوباريس ـ مجلة المحاكم المغربية ـ العدد 88 لماي ويونيو 2001 ـ ص 13 وما بعده.

[8] 27 ماي 1955 تحت عدد 4703، مشار له في كتاب ذ.الضحاك.

[9] قرار عدد 169 بتاريخ 12/04/1969 ـ مجلة القضاء والقانون ـ العدد 104 ـ ص 176.

[10] المرجع السابق للأستاذ Geneviève.

[11] المرجع السابق للأستاذ الضحاك ص 71.

[12] انظر في هذا المجال الفصل 16 من القرار الوزيري المؤرخ في 28 نوفمبر 1934 وما بعده.

[13] قرار 243 ـ ملف جنائي 2744، مشار له في كتاب ذ.عبد العزيز توفيق عقد التأمين في التشريع والقضاء ـ الطبعة الثانية 1998.

[14] قرار عدد 392 ـ المرجع السابق.

[15] ذ.أخيال ـ المجلة المغربية للقانون ـ العدد 18 ليوليوز، غشت، شتنبر 1988.

[16] م س Geneviève.

[17] عبد الواحد العلمي ـ مجلة المحاكم المغربية ـ العدد 50 ليوليوز وغشت 1987.

[18] محمد الكشبور ـ المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ـ العدد 18 ـ 1988.

[19] مجموعة قرارات المجلس الأعلى ـ المادة المدنية ـ الجزء الثاني 1983/1991 ـ ص 163.

[20] إطلاقنا لهذا اللفظ لا ينبغي أخذه على عواهنه وإنما لكونه شكل نقطة اختلاف حقيقية مع الغرفة الجنائية، وإلا فإننا وجدنا قراراً مخالفاً إطلاقاً لذلك التوجه وبتاريخ أقدم (12 ماي 1971) ـ مجموعة قرارات المجلس الأعلى ـ المادة المدنية 66/82 ـ ص 266، وهو القرار عدد 166.

[21] قرار عدد 243 بتاريخ 11 فبراير 1982 بالملف الجنائي 2744 ـ قضاء المجلس الأعلى في التأمين خلال أربعين سنة منه، لعبد العزيز توفيق ومحمد أفركوس ـ ص 172 و173.

[22] نقول هذا لصعوبة التعقيب في هذا المجال لأننا لا نستطيع الحديث عن توجه قضائي انطلاقاً من قرار فريد لا يرقى لمرتبة الإجتهاد المتواتر، ليبقى تقسيمنا أكاديمياً محضاً.

[23] قرار صادر في ملف اجتماعي 59158 ـ قضاء المجلس الأعلى ـ العدد 33 و34 ـ ص 119 وما بعدها.

[24] ملف جنحي رقم 18272/90 ـ قضاء المجلس الأعلى في التأمين خلال أربعين سنة.

[25] ملف مدني رقم 3817/84.

[26] ملف جنحي رقم 22303/93.

[27] ملف مدني عدد 15117/91 ـ محمد أوغريس ـ التأمين من المسؤولية ـ الطبعة الثانية 2001.

[28] مقال الأستاذ الكشبور السابق.

[29] ب 165- 1932 ـ 1933.

[30] قرار صادر بتاريخ 20 دجنبر 1967 ـ مجلة المحاكم المغربية 1968 ـ ص 23.

[31] نذكرهنا فقط بأن الفصل 88 من ق ل ع لا يطبق دون قيود، بل إنه يتم إعمال نصوص أخرى، كما لو تسبب في الحادثة قطار مثلاً، إذ يتحول الأساس المعتمد للفصل 79 ق.ل.ع. انظر مثلاً القرار عدد 00302/87 بتاريخ 09/02/1987 ـ ملف مدني 07092/84 ـ قضاء المجلس الأعلى خلال أربعين سنة.

[32] ازو وأندري تونك ـ مشار إليه في كتاب الأستاذ أحمد الخمليشي شرح قانون المسطرة الجنائية ـ الجزء الأول.

[33] عبد الجبار الشجعي ـ المجلة المغربية للقانون ـ العدد 18 لسنة 1988.

[34] قضاء المجلس الأعلى عدد 10 ـ صفحة 29.

[35] قضاء المجلس الأعلى عدد 8 ـ صفحة 79 وكذلك قرار 15 ماي 1969 نفس المرجع عدد 11 ص 72.

[36] قضاء المجلس الأعلى عدد 13 ـ 71.

[37] في هذا الصدد المجلة المغربية للقانون، ع 1 يناير ـ فبراير 1985 ص 27 وما بعد.

[38] في هذا الإطار، نشير مثلاً لبعض المواقف المساندة والتي ذهبت لخد إيجاد تبرير فقهي/ديني لموقف المشرع، ندوات محكمة الإستيناف بالرباط العدد الأول لسنة 1989 ـ ص 35 وما بعده.

[39] مجلة المحامي، عدد 23 ـ 24 ص 69.

[40] قرار عدد 1017 ملف جنحي 21230 ب 26/12/89 مجلة الإشعاع عدد 6 ص 74.

[41] قرار عدد 688 بتاريخ 26/01/93 ـ ملف جنحي 19146/91 ـ غير منشور ـ مشار له في كتاب التعويض عن حوادث السير للأستاذ محمد بلهاشمي التسولي ـ ص 115 ـ الطبعة الأولى 1997.

[42] قرار عدد 1282/2 ملف جنحي عدد 30701/3/93 قضاء المجلس الأعلى عدد 55 السنة 22 ص 328.

[43] قرار عدد 1083 بتاريخ 24/03/92 ملف جنحي عدد 15992/90 قضاء المجلس الأعلى عدد 46 صفحة 250.

[44] قرار عدد 1824 ملف جنحي عدد 22469/94 قضاء المجلس الأعلى عدد 55 السنة 22 ص 331.

[45] قرار عدد 9128 بتاريخ 27 شتنبر 1994 ملف جنحي 27457/91 منشور بكتاب قضاء المجلس الأعلى في التأمين خلال 40 سنة لعبد العزيز توفيق ومحمد أفركوس ص 352.

[46] مثلاً: ـ قرار عدد 5225 بتاريخ 14/06/95 ملف جنحي عدد 16626/88 المرجع السابق.

ـ القرار عدد 3274 بتاريخ 21/05/96 ملف مدني رقم 1977/89 المرجع السابق.

ـ القرار عدد 1015 بتاريخ 6/2/90 ملف جنحي 13600/89.

No comments:

Post a Comment