Tuesday, February 12, 2008

حالة الدفاع الشرعي - الاعتداء الجسيم الاستحالة المادية لاجتناب الجريمة

حالة الدفاع الشرعي - الاعتداء الجسيم الاستحالة المادية لاجتناب الجريمة

الأستاذ عبد الصمد الزعنوني مستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط

القرار

محكمة الاستئناف بالقنيطرة ملف جنائي عدد: 148م/90، بتاريخ: 18/5/1990

باسم جلالة الملك

بتاريخ ثامن عشر يونيو 1990? عقدت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة جلستها بصفة علنية بقاعة الجلسات الاعتيادية للبت في القضايا الجنائية وهي متركبة من المستشارين السادة:

جبروني إدريس: رئيسا.

البرادلي فريد: مستشارا.

احميض محمد: مستشارا.

لفطح محمد: مستشارا.

رحيح لحسن: مستشارا.

وبحضور السيد التهامي العلمي الوكيل العام للملك الذي كان يشغل منصب النيابة العامة. بمساعدة السيد عبد الرزاق حمود كاتب الضبط.

وأصدرت الحكم الآتي:

بين النيابة العامة من جهة.

والمسمى الهواري فطيمو بن أحمد بن الشيخ، المزدادة سنة 1950? من والدتها رحمة بنت قاسم، أرملة، الساكنة بزنقة 13 رقم 68 حي الكورة الرباط، لا سوابق لها بذكرها معتقلة.

الهواري رشيد بن أحمد، مغربي، مزداد 1965? من أمه رحمة بنت قاسم، الساكن بحي الرمل درب المستشفى، رقم 16 وزان حالته الجنائية معتقل.

المتهمان بارتكباهما لجناية الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه المنصوص عليها في الفصل 403 من م.ج، المؤازرين من طرف الأستاذ بنموسى محامي بالقنيطرة. من جهة أخرى.

الوقائع

حيث تتلخص وقائع النازلة المستخلصة عناصرها من محضر الضابطة القضائية عدد: 31/ د وتاريخ: 15/2/1990 أنه بتاريخ 14/2/1990 أشعرت الضابطة القضائية هاتفيا من قسم المستعجلات بالمستشفى المحلي بسيدي قاسم أن امرأة مصابة بجروح بجبهتها تتلقى الإسعافات الأولية قد تعرضت لاعتداء عليها بالضرب والجرح من قبل شخص تجهله كان في حالة سكر عندما اعترض سبيلها هي وأخوها رشيد حوالي الساعة التاسعة والنصف ليلا تقدمت المرأة الهواري فطيمو لدى الضابطة القضائية رفقة أخيها رشيد وأشعرت الضابطة القضائية أن الضحية المدعو زباخة التهامي عاد بالقرب من منزلها للانتقام منها ومن أخيها من جديد فخرجت لمساعدة أخيها بهراوة وانهالت عليه بعدة ضربات في رأسه كما انهال عليه أخوها باللكم وتركاه ساقطا على الأرض وعند انتقال الضابطة القضائية إلى عين المكان وجدت الضحية زباخة التهامي ملقى على الأرض وآثار الجروح بادية على رأسه وظهره والدم ينزف منه كما عثرت بعين المكان على سكين صغير الحجم ذو قبضة خشبية قامت بحجزها وعملت على نقل المصاب على متن سيارة الإسعاف إلى المستشفى قصد تلقي العلاج وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة.

وقد قامت الضابطة القضائية بفتح بحث في النازلة استمعت منه خلاله إلى الضحية قبل وفاته فأفاد أنه وقت توجهه إلى منزله أثناء تواجده في حالة كر اعترض سبيله أشخاص من ضمنهم امرأة ودون أي سبب انهالوا عليه بالضرب بالعصي والركل وقاموا بطعنه بواسطة سكين بظهره.

وعند الاستماع إلى المدعوين الهوراي رشيد والهواري فطيمو أفادت هذه الأخيرة أن الضحية زباخة التهامي اعترض سبيلها هي وأخاها وهو في حالة سكر ماسكا هراوة بيد وموسى بالأخرى عاري الذراعين تبدو عليها علامات الوشح، خاف أخوها منه وهرب وبقيت بعين المكان وانهال عليها الضحية بالضرب وتركها على الأرض وهرب ولما عاد أخوها ذهب للبحث فذهبت هي إلى المستشفى لتلقي العلاج وبعد ساعتين عاد الضحية زباخة التهامي يتربص لهما بالقرب من دارهما فخرجت هي مسلحة بعصا وبمساعدة أخيها رشيد توجها نحوه وانهالت عليه بالضرب بالعصا عل رأسه بينما انهال عليه أخوها رشيد باللكم فأسقطاه أرضا نافية أن تكون قد طعنت الضحية بالسكين كان بحوزة الضحية، وفاد الهواري رشيد أنه ثار عندما اعترضهما الضحية للانتقال وبيده موسى وعصا وانهال على أخته بالضرب وقام بالبحث عنه فلم يجده ولما عاد الضحية للانتقال منها قرب سكناهما انهال عليه هو وأخته فطيمو باللكم والضرب بالعصا نافيا استعماله للسكين التي وجدت بمكان الحادث.

وحيث أحيل ملف النازلة على التحقيق وخلال استنطاق الهواري رشيد ابتدائيا ذكر أنه بتاريخ الحادث كان متوجها هو وأخته فطيمو قصد اتصال هذه الأخيرة بأحد أقاربها بواسطة الهاتف فاعترض الضحية سبيلهما وأراد سياقة أخته معه بالقوة حاملا معه سكينا وعصا فسدد إليه هو آنذاك لكمتين قويتين أصابت الضحية في وجهه فلاذ هو بالفرار وتفصيليا صرح أن الضحية اعترض سبيله هو وأخته فأراد أخذ أخته بالقوة وهندما لم تستجب له سدد ليها الضحية ضربة قوية بواسطة عصاه أصابها في مستوى حاجبها الأيمن فسقطت على إثرها على الأرض ودفاعا عن أخته سدد له هو لكمتين لوجهه فتوجه إلى منزله قصد إخبار أفراد عائلته بالحادث نافيا كونه أعاد الكرة من جديد ذاكرا أن تصريحاته التي أفضى بها خلال البحث التمهيدي انتزعت منه تحت الضغط.

وأفادت الهواري فطيمو خلال استنطاقها ابتدائيا وتفصيليا أن الضحية اعترض سبيلها هي وأخاها رشيد وبيده سكينا وعصا وهو سكران فأراد الاعتداء عليها فسدد أخاها لكمتين له، وبعد ذلك اعترضها هذا الأخير ثانية وهو حاملا لعصا فنزعتها منه فسددت له بواسطتها عدة ضربات على مختلف جسده فسقط على الأرض وتوجهت لتوها لإخبار الشرطة بالحادث، وبعد إحالة القضية على هذه المحكمة بجلسة 18/6/90 أحضر المتهمان في حالة اعتقال يؤازرهما ذ/ بنموسى الهواري فطيمو باقي هويتها مطابقة لمحضر الضابطة القضائية بدون سوابق.

الهواري رشيد باقي هويته مطابقة لمحضر الضابطة القضائية بدون سوابق، وتلى الملتمس والأمر بالإحالة وأشعر المتهمان بالمنسوب إليهما وبفصول المتابعة أجاب رشيد بأنه كان رفقة أخته فاعترض سبيلها الضحية وحاول نزع أخته فدافع عنها فضربها الضحية على رأسها وسقطت ولكمته لكمتين وكان يحمل عصا فأخرج سكينا وتبعني جريا فاستغث فحضر الناس وحملت أختي للطبيب واشتريت لها الدواء. وأشعرت الشرطة، وإنني ضربته في الأول بلكمتين وأختي لم تضربه وإنه علم كيف مات وأنه كان في الصيدلية لشراء الدواء وتليت عليه تصريحاته أمام الضابطة القضائية فأجاب أن اعترافاته انتزعت منه تحت الضغط والإكراه ولأن الضحية كان يحمل عصا وبها ضرب أختي للحاجب وأنه هو شخصيا لا يحمل سكين.

وأجابت فطيمو بأن الضحية اعترض سبيلها هي وأخوها وكان يحمل عصا وسكين وضربها على جبهتها واستعانت فاجتمع الناس ونقلت هي للمستشفى وقدمت شكايتها وأنه في الأول ضربه أخي بلكمتين وذهب لشراء الدواء وخلال عودتها كانت لوحدها فاعترض سبيلها من جديد المتهم بنفس الهيئة وكان يحمل عصا فتشابكت معه واستعانت واستلطفت أن تنزع منه ودفعته وضربته بالعصا وذهبت عند الشرطة للمرة الثانية.

النيابة العامة الواقعة الثانية وهي بيت القصيد هي التي وقعت فيها التصفية وأن تصريح المتهمين عن الواقعة الأولى صادقة وأن الذي غير حقيقي هو إخفاء الضربة بالسكين والمتهمين يعترفان باستعمال العنف ضد الضحية وأن الضابطة القضائية استمعت للضحية وهو لازال حيا وصرح لهم بأن المتهمين هم الذين ضرباه وأن الأفعال ثابتة في حث المتهمين والتمس إدانتهما وفق فصول المتابعة.

ذ. بنموسى عن المتهمين يجب أخذ المحضر ككل وأن الموكلين لا يعرفان الصحية الذي كان ذو سمعة سيئة بمدينة وزان وانه كان في حالة سكر وانه لا وجود لأي دليل يفيد أن الموكلين ضربا الضحية بالسكين وأن العلاقة السيئة غير قائمة بين العصا والوفاة وأن الموكلين بريئين من المنسوب غليهما والتمس لهما البراءة ولو لفائدة الشك واحتياطيا القول بأن الموكلين كانا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس خاصة أنه يتعذر على الشرطة التدخل لصالحه وأنه يحتمل أن يكون الضحية قد قط على السكين الذي كان يضعه بحزامه، علما أن الواقعة وقعت مساءا في مكان عمومي وبصفة جد احتياطية أقصى ظروف التخفيف، وكان المتهمين آخر من تكلم فلم يضيفا جديدا وأعلن الرئيس عن اختتام المناقشات وانسحاب الهيئة للمداولة وبعد المداولة طبقا للقانون من نفس الهيئة التي ناقشت القضية عادت إلى القاعة ونودي على المتهمين فأحضرا وتلا الرئيس حكم المحكمة الآتي:

التعليل

حيث صرح المتهمان في كافة المراحل أن الضحية اعترض سبيلهما وأراد الاعتداء على المتهمة فضربه المتهم بلكمتين بعد ما سدد الضحية إلى المتهمة ضربة بالعصا على حاجبها وأنه في المرة الثانية كانت المتهمة وحدها فحاول الضحية الاعتداء على المتهمة مرة ثانية إلا أنها تمكنت من نزع العصا منه وضربته بها ضربتين دفاعا عن نفسها وأنكرا معا قيامهما بطعن الضحية بالسكين.

وحيث أن الضحية قبل وفاته صرح للضابطة القضائية بالمستشفى أنه ليست له عداوة مع المتهمين وأنهما اعترضا سبيله وطعنه واحد منهما بسكين بعدما ضرباه بالعصا واستعملا في حقه العنف الشيء الذي يصدق روايته المتهمين وتصريحاتهما.

وحيث لم يثبت للمحكمة أن المتهمين كانا يتوفران على سكين وانه كان فعلا بحيازة الضحية الذي صرح للضابطة القضائية بالمستشفى أن أحد المتهمين طعنه به.

وحيث أن المتهمة تعترف باستعمالها عصا لرد الاعتداء.

وحيث أنه من الثابت من تصريح الضحية قبل وفاته ومن التشريح الطبي أن الضحية أصيب بطعنة بسكين في الطحال أدت إلى الوفاة.

وحيث أن السكين لم يسلب من الضحية في المرة الأولى لكون المتهمين كانا في وضعية تمكنا معها من التغلب عليه إلا أن الواقعة تفيد أنه سلب منه المرة الثانية بعد الاعتداء منه على المتهمين اللذين ضربه أحدهم وهي التهمة بالعصا على رأسه.

وحيث أن الضحية من ذوي السوابق الجنائية الخطيرة إذ أن التحريات ولائحة السوابق الصادرة عن الشرطة تشير إلى أنه له 17 جريمة تستهدف جميعها الاعتداء على الأشخاص والأموال والسرقات بالسلاح والكسر والتهديد واعتراض سبيل الأشخاص بالسلاح.

وحيث لم يثبت للمحكمة أن هناك عداوة بين الضحية والمتهمين أو حتى سابق معرفة.

وحيث من الثابت من الشهادة الطبية أن المتهمة أصيبت بجرح في حاجبها بعجز 20 يوم وأن المتهم أصيب بجروح بعجز 15 يوما.

وحيث أن المتهمين معا أمام الاعتداء الحال والجسيم اللذين تعرضا له من طرف الضحية لم يكن أمامهما إلا وسيلة رد الاعتداء بالطرق التي يريانها متلائمة وأنهما كانا في حالة يستحيل عليها استحالة مادية اجتناب جريمة القتل دفاعا عن النفس وذلك بسبب خطورة الضحية وتسلحه بهراوة وسكين وهو في حالة سكر مما يتعين معه إعفاؤها من المسؤولية الجنائية لتوافر حالة الدفاع الشرعي؟ المتناسبة.

وتطبيقا للفصل 403 و 124 من ق.ج. والفصول: 288 و291 و292 و304 و 304 و 305 و306 و314 و 315 و316 و349 و 471 وما يليه و486 و494 و495 من ق.ج.

ولهذه الأسباب

فإن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة وهي تقضي علنيا وحضوريا ونهائيا بعد المداولة طبقا للقانون تصرح بإعفاء المتهمين معا من المسؤولية الجنائية لتوافر حالة الدفاع الشرعي في حقهما وبإطلاق سرحهما حالا ما لم يكونا معتقلين لسبب آخر. وبتحميل الخزينة العامة الصائر.

بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه وأمضاه كل من الرئيس وكاتب الضبط.

ملاحظة نشر هذا القرار بالعدد الخامس من مجلة الإشعاع ص 160.

التعليق

تمهيد منهجي

من القرارات القضائية الحديثة القرار الجنائي الصادر بتاريخ 18/5/1990 في الملف رقم 148/90 عن استينافية القنيطرة ارتأينا التعليق عليه وذلك في إطار السعي على توحيد الرؤيا والاجتهاد القضائي لمحاكم الموضوع الزجرية وبغية إثراء النقاش حول بعض النقط القانونية وانطلاقا أيضا من كوننا نشتغل عضوا بإحدى الغرف الجنائية بهذه المملكة.

ومنذ أول وهلة نسجل بأن القرار الذي يطاله هذا التعليق يحقق العدالة بجرأة وهو شيء إيجابي قمين بالتنويه بيد أن هذا ليس عائقا ولا يمنعنا من الإفصاح عن كوننا لا نساند القرار في النتيجة التي ىل إليها ونتحفظ كذلك على بعض حيثياته ومن ثمة سينصب تعليقنا على تقنية القرا من حيث تعليله من جهة وحول مدى توفر حالة الدفاع الشرعي عن النفس من عدمها من جهة أخرى ونسارع إلى القول بأنها غير متوفرة البتة. وللدفاع عن رأينا ندعمه بالاستدلالا بالفقه والعمل القضائي ثم القانون ويبقى الباعث إلى التعليق و كما نكرره في كل مناسبة مماثلة و باعثا فقهيا أصيلا ليس إلا.

وسننهج خطتنا المعتادة في التعليق على الأحكام باستعراض:

وقائع النازلة بإيجاز.

تعليل القرار.

ثم المناقشة وخلاصة.

الوقائع

مرحلة الضابطة القضائية

بتاريخ 14/2/1990 أشعرت مصالح قسم المستعجلات بالمستشفى المحلي بسيدي قاسم الضابطة بأن امرأة توجد قيد الإسعاف مصابة بجروح بجبينها نتيجة اعتداء من طرف مجهول كان في حالة سكر اعترض سبيلها وبيل أخ لها. وحوالي الساعة التاسعة والنصف ليلا من نفس اليوم تقدمت السيدة الهواري فطيمو لدى الضابطة رفقة أخيها رشيد وأفضت لها بأن الضحية المدعو زباخة التهامي لما عاد إلى مقربة من منزلها للاعتداء عليها والانتقام منها ومن أخيها مرة ثانية خرجت بمساعدة هذا الأخير حاملة عصا "هراوة" وانهالت عليه بعدة ضربات على رأسه في حين انهال عليه أخوها باللكم وتركاه مثخنا في جراحه ينزف منه الدم وعثرت بالمكان على سكين صغير الحجم ذو قبضة خشية قامت بحجزه. اعترض استماعها للمجني عليه قبل وفاته أفادها بأنه لما كان متجها صوب مسكنه في حالة سكر اعترض سبيله أشخاص من ضمنهم امرأة بادروا دون سبب يذكر إلى ممارسة العنف عليه بالعصي والركل ثم طعنه بسكين إلى ظهره.

ولما استمعت الضابطة بتفصيل للمتهمين فطيمو ورشيد أفادا بأن الضحية اعترض سبيلهما في المرة الأولى مسلحا بعصا وسكين وانهال على الأولى بالضرب إلى حين إسقاطها في حين هرب أخوها أما في المرة الثانية بعد مرور ساعتين عند عودة الضحية إلى مقربة من مسكنهما للترصد لهما فإنهما توجها نحوه وانهالت عليه الأولى ضربا بالعصا إلى رأسه بينما انهال عليه أخوها باللكم وأسقطاه أرضا ونفيا طعنه بالسكين.

مرحلة التحقيق الإعدادي

عند إحالة القضية على التحقيق الإعدادي صرح المتهم رشيد بأن الضحية اعترض سبيلهما مرة واحدة محاولا اقتياد أخته قهرا وضربها بالعصا مما جعله يوجه للضحية لكمتين قويتين إلى وجهه بينما صرحت المتهمة بأنه اعترض سبيلهما مرتين اثنتين وبيده عصا وسكين ولما حاول الاعتداء عليها في المرة الأولى وجه له أخوها لكمتين وعندما اعترض سبيلهما في المرة الثانية حاملا عصا انتزعتها من وسددت له بواسطتها عدة ضربات على مختلف جسده سقط على إثرها أرضا ثم توجهت إشعار الضابطة.

المرحلة القضائية

عند عرض القضية على أنظار غرفة الجنايات باستينافية القنيطرة بعد متابعة المتهمين معا بالضرب والجرح المفضي للموت في إطار المادة 403 من القانون الجنائي المغربي أجاب رشيد بأنه كان صحبة أخته فاعترض سبيلهما الضحية وحاول اقتياد أخته وضربها على رأسها فسقطت فتدخل للدفاع عنها ووجه للضحية لكمتين قويتين فطارده حاملا عصا وسكين إلى أن تجمهر الناس وحمل أخته إلى المستشفى. أما المتهمة فطيمو فصرحت بأن الضحية اعترض سبيلهما حاملا عصا وسكين وضربها إلى جبينها فاستغاثت بالجمهور ونقلت إلى المستشفى للإسعاف وقدمت شكايتها للضابطة وخلال هذا الاعتداء الأول تمكن أخوها من ضرب الضحية بلكمتين أما خلال الاعتداء الثاني فكانت عند عودتها بمفردها واعترض سبيلها الضحية حاملا عصا انتزعتها منه وقامت بتعنيفه بها.

التعليل

بعد ختم المناقشة القضائية أصدرت استينافية القنيطرة قرارها المومأ إليه بإعفاء المتهمين معا من المسؤولية الجنائية لتوفر حالة الدفاع الشرعي في حقهما وبإطلاق سراحهما ما لم يكونا معتقلين لسبب آخر وتحميل الخزينة العامة الصائر.

وللأمانة العلمية نورد الحيثيات التي ارتكز عليها القرار لاستخلاص هذه النتيجة كاملة دون تصرف:

حيث صرح المتهمان في كافة المراحل أن الضحية اعترض سبيلهما وأراد الاعتداء على المتهمة فضربه المتهم ضربة بالعصا على حاجباه وأنه في المرة الثانية كانت التهمة وحدها فحاول الضحية الاعتداء على المتهمة مرة ثانية إلا أنها تمكنت من نزع العصا منه وضربته ضربتين دفاعا عن نفسها وأنكرا معا قيامهما بطعن الضحية بالسكين.

وحيث أن الضحية قبل وفاته صرح للضابطة القضائية بالمستشفى أنه ليست له عداوة مع المتهمين وإنهما اعترضا سبيله وطعنه واحد منهما بسكين بعدما ضرباه بالعصا واستعملا في حقه العنف الشيء الذي يصدق رواية المتهمين وتصريحاتهما و وحيث لم يثبت للمحكمة أن المتهمين كانا يتوفران على سكين وأنه كان فعلا بحيازة الضحية الذي صرح للضابطة القضائية بالمستشفى أن أحد المتهمين طعنه به.

وحيث أن المتهمة تعترف باستعمالها عصا لرد الاعتداء.

وحيث أنه من الثابت من تصريح الضحية قبل وفاته ومن التشريح الطبي أن الضحية أصيبا بطعنة بسكين في الطحال أدت إلى الوفاة.

وحيث" أن السكين لم يسلب من الضحية في المرة الأولى لكون المتهمين كانا في وضعية تمكنا معها من التغلب عليه إلا أن الواقعة تفيد أنه سلب منه في المرة الثانية بعد الاعتداء منه على المتهمين اللذين ضربه أحدهم وهي المتهمة بالعصا على رأسه.

وحيث أن الضحية من ذوي السوابق الجنائية الخطيرة إذ أن التحريات ولائحة السوابق الصادرة عن الشرطة تشير إلى أنه له 17 جريمة تستهدف جميعها الاعتداء على الأشخاص والأموال والسرقات بالسلاح والكسر والتهديد واعتراض سبيل الأشخاص بالسلاح.

وحيث لم يثبت للمحكمة أن هناك عداوة بين الضحية والمتهمين أو حتى سابق معرفة وحيث من الثابت من الشهادة الطبية أن المتهمة أصيبت بجرح في جبينها بعجز 20 يوما وأن المتهم أصيب بجروح بعجز 15 يوما.

وحيث أن المتهمين معا أمام الاعتداء الحال والجسيم اللذين تعرضا له من طرف الضحية لم يكن أمامهما إلا وسيلة رد الاعتداء بالطرق التي يريانها متلائمة وإنهما كانا في حالة يستحيل عليهما استحالة مادية اجتناب جريمة القتل دفاعا عن النفس وذلك بسبب خطورة الضحية وتسلحه بهراوة وسكين وهو في حالة سكر مما يتعين معه إعفائها من المسؤولية الجنائية لتوفر حالة الدفاع الشرعي المتناسبة.

المناقشة

الملاحظات

من حيث تقنية القرار

تناقض الحيثية الثانية: إن هذه الحيثية مشوبة بالتناقض فيما استخلصته من كون تصريحات الضحية قبل وفاته " تصدق رواية المتهمين وتصريحاتهما" الشيء الذي نظنه خلاف الواقع إذ هناك تنافر بين تصريحات الأطراف إذ المجني عليه يصرح بأنهما اعترضا سبيله وقاما بتعنيفه وطعنه أحدهما بسكين في حين يصرح المتهمان بأنه هو الذي اعترض سبيلهما وضرب المتهمة حاملا العصا والسكين فانتزعت منه الأداة الأولى. وربما أرادت الحيثية القول أن هناك تطابق جزئي في تصريحات الأطراف بيد أنه كان من المتعين الافصاح بدقة عن أوجه التطابق أو الاختلاف.

عدم الحسم في العلاقة السببية.

إن العناصر التكوينية لتهمة المتابعة المتمثلة في الضرب والجرح المفضي للموت طبقا للمادة 403 من القانون الجنائي هي بإيجاز:

إيذاء عمدي.

وفاة.

رابطة وعلاقة سببية بين الإيذاء أو العنف والوفاة.

فكلما كان هناك إيذاء دون رابطة جدلية بينه وبين الوفاة في حالة حصول هذه الأخيرة بسبب شاذ وأجنبي عن فعل المتهم كمرض أو غيره تنعدم وتنهدم عناصر الإدانة بالمرة.

فمحكمة النقض المصرية تعتبر أن المتهم يعد مسؤولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها عن الإصابة التي أحدثها ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين الفعل والنتيجة وتطبيقا لذلك قضت بأن الضعف الشيخوخي أو الإهمال في العلاج أو التراخي أو المرض السابق للمجني عليه تعد من العوامل المألوفة التي تقطع علاقة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي أصابت المجني عليه كما قضت بأنه تعتبر من العوامل الشاذة غير المـألوفة والتي لا تتوفر بسببها علاقة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي أصابت المجني عليه تعمده تسوء مركزه بإهمال العلاقة أو حدوث خطأ جسيم من الطبيب المعالج وبأن لقاضي الموضوع تقدير مدى توفر علاقة سببية بين فعل الاعتداء على سلامة الجسم والنتيجة المتحصلة إثباتا ونفيا دون رقابة عليه من محكمة النقض إلا فيما يتعلق بتطبيق معيار غير سليم لهذه العلاقة للقول بأن أمرا معينا يصلح قانونا لأن يكون سببا لنتيجة معينة أو لا يصح[i][1].

إنه من خلال قراءة متأنية لحيثيات القرار موضوع التعليق نجد أنها لا تشير بحسم وجزم إلى مقترف الطعنة بالسكين رغم أن الحيثية الخامسة تشير إلى أن وفاة الضحية ناجمة عن طعنة بسكين أصابته في الطحال. والحيثية السادسة لا تشفي بدورها الغليل وتتحاشى تبيان صاحب الطعنة بالسكين ذلك أنها استخلصت بأن السكين سلب من الضحية أثناء المضاربة الثانية دون إبراز من طعنه به واقتصرت على ذكر " ضربه أحدهم وهي المتهمة بالعصا على رأسه". إن القرار يتحاشى الخوض في الرابطة السببية بين الوفاة وبين فعل المتهمة وبذلك تكون العلاقة السببية حلقة مفقودة في هذا القرار بالرغم من كون العنصر المادي للجريمة يتوقف لزوما على أشياء ثلاثة:

وجود نشاط إجرامي من جهة.

وعلى وجود رابطة سببية بين هذا النشاط والنتيجة من جهة ثانية.

وعلى حصول نتيجة ضارة من هذا النشاط من جهة ثالثة [ii][2]. ففي جرائم الضرب والجرح المفضي للموت لا يكفي إسناد الوفاة إلى الجاني وغنما أيضا إسناد وفاة المجني عليه إلى فعل المتهم وإلا كانت التهمة مجرد شروع في الضرب والجرح.

ويزداد الأمر صعوبة وخطورة في كون القرار رغم هذه الثغرة لم يقم بتقييم فعل كل متهم على حدة وسوى

( المساواة) بينهما في الفعل والنتيجة مما بقي معه السؤال مطروحا وهو ماذا ينسب إلى المتهم رشيد حسب حيثيات القرار؟

وبالرغم من هذا الخصاص الجسيم فإن الحيثية الأخيرة استخلصت أحقية المتهمين معا في اقتراف " جريمة القتل" بالنظر إلى الاستحالة المادية التي كانا يوجدان تحت تأثيرها ووطأتها بالرغم من كون المتهمين متابعين فقط بالضرب والجرح المفضي للموت التي يجب تمييزها عن القتل العمد وذلك بالقصد الجنائي فهذا الأخير هو في القتل نية إزهاق الروح وفي جريمة الضرب والجرح نية المساس بسلامة الجسد[iii][3] وبالرغم من انتفاء حالة الاستحالة المادية كما سنبينه أسفله.

إن القاضي الزجري ملزم بالخوض وفي الحسم في العلاقة السببية بين فعل المتهم والنتيجة المتوخاة والمتحصلة من هذا الفعل إثباتا ونفيا وذلك لما بين العلاقة السببية والمسؤولية الجنائية من رابطة جدلية إذ لا يتأتى مساءلة المتهم إلا بتوافرها بين الفعل والنتيجة.

أضف إلى ذلك الطبيعة الخاصة للمسؤولية الجنائية والتي يجب أن تميز عن المسؤولية المدنية فضلا عن أن تحديد الرابطة السببية في عدة مجالات "قوانين" زجرية خاصة يعد أمرا عسيرا ليس بالهين.

وللتدليل على هذه الأهمية للرابطة السببية Causalité نستشهد بالعمل القضائي المغربي ففي قرار حديث وهام[iv][4] صادر عن الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستيناف بالرباط تحت عدد 7771/88 بتاريخ 31/3/1989 قضية الزروالي ? ازنيبر والنيابة العامة ضد الدكتور محمد صنديد ومن معه خصصت المحكمة الزجرية للبحث في العلاقة السببية حوالي صفحتين اثنتين ? 9 حيثيات وعنوانا خاصا والتي لأهميتها نقتطف منها ما يلي:

" حيث جاء في خاتمة الحكم الابتدائي أن المحكمة اقتنعت اقتناعا كاملا ووجدانيا بارتكاب المتهمين للأفعال المنسوبة إليهم.

وحيث أننا مع الرأي القائل بأن المسؤولية الجنائية للأطباء بحكم خطورة عواقبها تقتضي الكثير من الاعتدال في تحدديها خلافا للمسؤولية المدنية التي يصح التساهل في قبولها أحيانا فمسؤولية الأطباء الجنائية مسؤولية ذات صبغة خاصة...

وحيث أن الوفاة ناتجة عن تداخل عدة عوامل شادة توقعها يخرج عن إرادة الدكتور صنديد الذي لم يكن بإمكانه التكهن بحدوثها حتى يعمل على تفاديها.

وحيث من جهة أخرى فإنه جاء في التقرير المذكور أنه لا يمكن حصول ضرر للمريض بل لابد من وجود علاقة مباشرة ما بين الخطأ المرتكب والضرر الحاصل وبعد تحديد رابطة السببية في الميدان الطبي من الأمور العسيرة...

وحيث أن إثبات العلاقة السببية متروك لمحكمة الموضوع ذلك أنه لا يمكن مساءلة المتهم إلا بتوافرها بين خطئين وبين ما حدث من وفاة.

وحيث أنه في عياب ركني الخطأ والعلاقة السببية في مسؤولية وفاة الدكتورة ازنيبر فإنه لا يمكن بتاتا تحميل الأظناء هذه المسؤولية بناء على توافر ركن واحد هو حصول الضرر.

وحيث ينتج مما سبق ذكره أن الحكم الابتدائي حين قضى بإدانة الأظناء دون إثبات وجود الأخطاء المنسوبة إليهم ودون إثبات رابطة السببية التي هي من البيانات الجوهرية التي يجب أن يعنى الحكم بتبيانها يكون قد جانب الصواب وتعرض للإلغاء".

مدى توفر حالة الدفاع الشرعي عن النفس

هل تتوفر حالة الدفاع الشرعي عن النفس في النازلة؟

لا نرى ذلك

إن الدفاع الشرعي عن النفس La légitime défense يعد من الأسباب المبررة التي تمحو الجريمة Les faits justificatifs qui suppriment l'infraction المنصوص عليها في الباب الرابع من القانون الجنائي المغربي، ومنصوص عليه بالضبط بموجب الفقرة الأخيرة " الثالثة" من المادة 124 منه التي تنص على أنه " لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة...3- إذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة الدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء، وشروط الدفاع الشرعي حسب الفقرة الثالثة من المادة 124 هي بإيجاز.

وجود اعتداء أو خطر اعتداء غير مشروع على نفس أو مال المدافع.

أن يكون الخطر حالا أو وشيك الحلول والوقوع.

أن يكون الدفاع في حدود ما هو لازم لرد الخطر ومتناسبا معه أي شرطي اللزوم والتناسب[v][5].

أن يكون الاعتداء منصبا على النفس والمال.

أما المادة 125 فقد عالجت حالتين من حالات الدفاع الشرعي عن النفس تسمى بفرنسا الحالات الممتازة للدفاع الشرعي. الحالة الأولى هي القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب ليلا لدفع تسلق أو كسر حاجز أو حائط أو مدخل دار أو منزل مسكون أو ملحقاتهما.

أما الحالة الثانية فهي الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل أو نفس غيره ضد مرتكب السرقة أو النهب.

فالمادة 124 و 125 من القانون الجنائي المغربي متأثر بالقانون والقضاء الفرنسي[vi][6].

إن الدفاع الشرعي عن النفس هو كما يعرفه الفقه[vii][7] استعمال القوة اللازمة لصد خطر حال غير مشروع يهدد بالإيذاء حقا يحميه القانون.

إن القرار موضوع التعليق بدل اللجوء إلى التفحص والتمعن والتدقيق في مدى توفر حالة الدفاع الشرعي عن النفس وفق الفقرة الثالثة من المادة 124 الخاصة بحالة الدفاع أنه بدل الموازنة بين الاعتداء أو خطر الاعتداء والدفاع بالاستناد على هذه الفقرة استند في تعليله على الفقرة الثانية من المادة 124 المحتج بها بالرغم من كون هذه الفقرة خاصة بحالة الإكراه المادي كسبب مبرر La justification par la contrainte physique والفقه بالمغرب متواتر عل اعتبار أن الفقرة 2 من المادة 124 إنما هي خاصة بالإكراه[viii][8]. ومن ثمة نرى أن القرار المعلق عليه ارتكز على حالة الاستحالة المادية أي الإكراه المادي للقول بالإعفاء من المسؤولية وفي الوقت ذاته ينعت ويسمى هذه الحالة بحالة الدفاع الشرعي مما يعد خلطا قانونيا وغلطا تقنيا موجبا للنقض. فقد سبق للمجلس الأعلى بالمغرب أن نقض قرارا يمزج بين حالة الاستفزاز وحالة الدفاع الشرعي. ذلك انه ينبغي عدم الخلط بين الاستفزاز كعذر مخفض للعقوبة l'excuse de provocation وبين الدفاع الشرعي الذي هو من الأسباب المبررة كما سلف ذكره. وهذا لا يمنع بطبيعة الحال أن يطبق عذر الاستفزاز في الحالات التي يكون فيها الدفاع غير متناسب مع خطورة الاعتداء[ix][9].

ففي قراره الذي أومأنا إليه تحت عدد 342 الصادر بتاريخ 26 يناير 1978 عن الغرفة الجنائية قضى المجلس الأعلى " أن مقتضيات المادة 347 في فقرتها 7 والفصل 352 في فقرته 2 يستلزم أن يكون كل حكم معللا من الناحية القانونية والواقعية ولو في حالة البراءة وإلا كان باطلا وإن نقصان التعليل يوازي انعدامه فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وحكم من جديد ببراءة المتهمين مما نسب إليهم واكتفى لتعليل ذلك بقوله.

وحيث أنكر المتهمون سواء أمام المحكمة الابتدائية أو لدى استنطاقهم أمام هذه المحكمة الفعال المنسوبة إليهم وحيث أن المحكمة توفرت على الأدلة والقرائن الكافية على أن المشتكين قد استفزوا المتهمين مما يجعل اعتبار المتهمين أنهم كانوا في حالة الدفاع عن النفس دون أن يشير إلى الأدلة التي اعتمدتها ويبرز حالة الاستفزاز أو الدفاع التي كان المتهمون فيها وعليه فإن المحكمة عندما أصدرت قرارها على النحو المذكور لم تعلله تعليلا كافيا ولم تجعل لما قضت بها أساسا صحيحا من القانون[x][10].

كما أن المجلس الأعلى " ملتمس الدفاع في مذكرة معروضة عليه تمزج بين حالة الدفاع الشرعي والاستفزاز ففي قراره رقم 171 الصادر بتاريخ 22 مارس 1979 في الملف الجنائي عدد 44602 أوضح " حيث أن الحكم المطعون فيه أدان العارض بجريمة القتل العمد مع توفر حالة الاستفزاز ولم يصرح بإعفائه من العقاب لكونه كان في حالة الدفاع الشرعي ولذلك فلا محل للاستدلال بمقتضيات المادة...من القانون الجنائي التي تتعلق بحالة الدفاع عن النفس[xi][11].

إن القرار موضوع التعليق استند إذن على الإكراه المادي La contrainte physique للقول بمحو الجريمة واستعمل لفظ " الاستحالة المادية" المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 124 ذلك أن نص هذه المادة هو كالتالي:

" لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة...إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة أو كان في حالة استحال عليه معا استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته".

Il n y a ni crime, ni délit, ni contravention, lorsque l auteur a été matériellement forcé d accomplire ou a été matériellement placé sans l impossibilité d éviter l infraction par un événement provenant d une cause auquel il n a pu résister.

وسواء أخذنا بالتفسير الموسع[xii][12] لوزارة العدل والذي يعتبر أن الإكراه يشمل كل من الاستحالة المادية والاستحالة المعنوية أو بالتفسير الضيق الذي يأخذ به جانب من الفقه[xiii][13] والذي يرى أن تعبير المشرع صراحة بالاستحالة المادية يستبعد الاستحالة المعنوية ويستبعد أي توسع في التأويل Toute interprétation extensive وبأن الإطار الذي حدده المشرع يجب أن يحافظ على معناه ودلالته وأن يبقى Univoque فغن شروط الاستحالة والإكراه لا علاقة لها بالمرة بالنازلة. فإذا كان القانون الجنائي لا يعرف الاستحالة المادية فإن العمل القضائي يسد النقص ويعرفها بالقوة القاهرة وهذه الأخيرة تعرفها المادة 269 من قانون الالتزامات والعقود بأنها كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية " الفيضانات والجفاف والعواصف والحرائق والجراد وغارات العدو" وفعل السلطة ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا وبأنه لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان بالإمكان دفعه وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين".

La force majeur est tout fait que l homme ne peut prévenir, tel que les phénomènes naturels ( inondations, sécheresses, orages, incendies, sauterelles, l invasion ennemie, le fait du prince et qui red impossible l exécution de l obligation. N est point considérer comme force majeur la cause qu il était possible d éviter. N est pas également considérer comme force majeur la cause qui a été occasionnée par une faute précédent du débiteur.

ومن الأمثلة التقليدية للإكراه المادي أن الشخص الخاضع للاعتقال لا يمكنه أن يعد مقترفا لجنحة إهمال الأسرة المنصوص عليها بموجب المادة 480 من القانون الجنائي وكالشخص الذي ابعد وطرد من بلد ليجد نفسه من جيد على شواطئه بعد أن ألقت به إليه العواصف الهوجاء وكربان الطائرة الذي يستخدم مقعده القابل للانقداف للنجاة من حادث فتتحطم الطائرة فوق إحدى العمارات ويقتل ويجرح بعض سكانها.

أما الإكراه المعنوي فإن الاجتهاد القضائي لا يأخذ به إلا بشروط صارمة ومنه الإكراه الذي يمارس بواسطة التهديد لكن شريطة أن يكون غير قابل للمقاومة وشديدا إلى حد يولد معه خطر حالا وأن يستهدف شخص الفاعل اللهم إذا كان التهديد الممارس على الغير يتسم بطابع استعجال. كما يشترط أن يكون الإكراه المعنوي مبنيا على وقائع وظروف ثابتة يستنتج منها أنه من المستحيل التخلص من الخطر الحال المتولد من هذه الوقائع والظروف دون ارتكاب الجريمة[xiv][14] " نقض فرنسي 29 دجنبر 1949 النشرة رقم 574".

ومن الأمثلة على الإكراه المعنوي الشخص الذي شارك في سرقة بأن قبل فتح الخزانة الحديدية التي يحرسها تحت تأثير التهديد بتعذيب أطفاله وزوجته.

بينما فضت محكمة النقض الفرنسية " الغرفة الجنائية 2 أبريل 1934 النشرة رقم 81" أن تقبل بوجود الإكراه في حالة تتعلق بشخص مدني قبض عليه في الأرض المحتلة من طرف قوات العدو مع ثلاثة من رفاقه فقبل أن يقوم بمهمة تجسس على الجيش الفرنسي وعندما أدين من أجل التواطؤ مع العدو دفع أمام محكمة النقض بكونه كان في حالة إكراه إذ حذره الأعداء بأنه إذا لم يعد فسيقتل أصدقائه أو ينفون إلى معسكرات الاعتقال ورفض طلبه لأن التهديد الموجه ضد الغير لم يكن يتصف بالاستعجال إلى حد يبرر اقتراف جناية قد تكون نتائجها أخطر من الشر الذي وقع تجنبه[xv][15].

ويبدو جليا أن حالتي الإكراه المادي La contrainte matérielle وحتى الإكراه المعنوي La contrainte physique بعيدتان كل البعد عن وقائع النازلة التي نخضعها لهذا الفحص والتعليق فضلا عن كون الفقه يحدد للإكراه كسبب عام من أسباب التبرير التي تمحو الجريمة شروطا نجملها كما يلي:

أن يكون سببه خارجيا عن شخصية المتهم لا ملازما له Inhérent.

أن يكون Irrésistible أي لا يقهر ولا يقاوم.

أن لا يكون وليد خطأ من الفاعل.

والقضاء " المغربي" يراقب توفر هذه الشروط بصرامة خاصة[xvi][16] Une sévérité particulière.

- إذا كانت حالة الإكراه على هذا النحو غير متوفرة في النازلة فهل شروط الدفاع الشرعي عن النفس العادية المنصوص عليها بموجب الفقرة 2 من المادة 124 متوفرة فيها؟

مرة أخرى لا نرى ذلك.

ومن دون إطالة ولا إطناب نكتفي بالتأكد من مدى توفر شرط واحد من شروط الدفاع الشرعي المتمثل في التناسب بين الاعتداء والدفاع.

La défense doit être proportionnée gravité de l agression

إن الدفاع يجب أن يكون لازما وضروريا لرد الخطر ومتناسبا معه فإذا تفاوت معه فإنه ينقلب إلى انتقام غير مشروع.

فعند استعمال القوة بقدر ما يفوق ما كان كافيا ومتطلبا؟ الخطر فإن شرط التناسب لا يتوفر بالرغم من توفر باقي شروط الدفاع الشرعي[xvii][17].

وفي الحالة المعروضة أمامنا فإن المتهمة تعترف بتواتر بأنها سحبت من المتهم العصا فهل كان لازما والحالة هذه أي بعد التغلب عليه ضربه ضربا مبرحا إلى حيث وفاته؟ الجواب بالنفي. إذ كان يكفي أن تضربه ضربا لا يؤدي إلى الوفاة. وهل كان بإمكان المتهمة الفرار عندما سحب من المجني عليه السكين والعصا؟ نعم. واجتهاد القضاء يقضي بأن الدفاع لا يعود له أي مسوغ أو مبرر، عندما يكون الهروب والفرار ممكنا عندما يكون التهديد صادر عن سكير مادام هذا الانسحاب وسيلة مضمونة لتلافي الاعتداء[xviii][18] ذلك أن الحق في الدفاع ينتهي بزوال الاعتداء فعلا وإلا أمسى الدفاع انتقاما.

والاجتهاد القضائي يعاقب في العديد من المناسبات المبالغة والغلو في الدفاع الشرعي فالشخص المسلح لا يبقى له أي مبرر لضرب الضحية غير المسلح [xix][19] إلى وفاته وكان يكفيه الحد الأدنى والضروري من الضرب لرد الاعتداء.

هل كان بوسع المحكمة اعتبار المتهمين في حالة استفزاز؟

بما أن حالة الإكراه المادي وحتى الدفاع الشرعي غير متوفرة هل كان بوسع المحكمة اعتبار المتهمين في حالة استفزاز؟

إن حالة الاستفزاز La provocation من الأعذار Les excuse المخفضة للعقوبة والذي يمكن أن يطبق في الحالات التي يكون فيها الدفاع غير متناسب مع خطورة الاعتداء، وهذا العذر منصوص عليه بموجب المادة 416 من القانون الجنائي الصريحة في التنصيص على أنه بتوفر عذر مخفض للعقوبة إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب قد ارتكب نتيجة استفزاز Provocation ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما.

ويتبين من هذا النص انه لتوفر الاستفزاز لابد من الشروط التالية:

اعتداء بالضرب والعنف الخطير.

أن يقترف ضد شخص.

أن يكون هذا الاعتداء جائرا Injuste.

تزامن الاستفزاز ورد الفعل " الدفاع".

La simultanéité entre la provocation et la réaction

ويبدو من خلال "تشريحنا" لوقائع النازلة أن حالة استفزاز المتهمة كان بالإمكان تصورها لو توفي الضحية نتيجة الاعتداء الأول الذي مارسه في حق المتهمة إذ ضربها ضربا خطيرا نقلت على إثره إلى المستشفى بقصد الإسعاف وعاينت المصالح الطبية آثاره بادية على جبينها.

أما أثناء الاعتداء الثاني فإنه لا يمكن تصور حالة الاستفزاز فيما لو أخذنا بتصريح المتهمة أمام الضابطة بكونها لها عاينت الضحية بمقربة من مسكنها مترصد لها لتعنيفها مرة ثانية خرجت إليه صحبة أخيها الخ...فإن عملها هذا يمكن أن يفسر بكونه انتقام فقط من الاعتداء الأول الذي مارسه في حقها إذ كان بإمكانها المكوث بمسكنها أو الاستغاثة بالجيران أو الصياح بقصد ضبط المعتدي وتقديمه للشرطة إذ حق العدالة الخاصة تولي والانتقام جرح معاقب.

أما إذا اقتنعت المحكمة بأن الضحية مارس عنفا في حق المتهمة فإنه كان عليها أن تبرزه بشكل خاص وتفصح بوضوح عن مدى جسامته ثم تقرر على ضوء ذلك هل هناك استفزاز أم لا.

يشار أيضا إلى أن القرار يشير إلى " خطورة الضحية" لكونه من ذوي السوابق في حين أن حالة الاستفزاز وحالة الدفاع الشرعي للنفس إنما ينظر فيها إلى " خطورة الأفعال" أي خطورة " الاعتداء" ذلك أن الحق في الحياة لكل شخص كلن من ذوي السوابق أم لا حق تكفله الدساتير الوضعية والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية والمقارنة.

وللتدليل مرة أخرى على موقف القضاء من حالة الدفاع الشرعي عن النفس وحالة الاستفزاز نستشهد بقرار صادر حديثا عن استينافية الرباط " الغرفة الجنائية" أحلناه ضمن مجموعة من القرارات على مجلة الإشعاع لنشره عند الاقتضاء تعميما للفائدة وتعميقا للنقاش بخصوص هذه المسألة مع العلم أننا مقررا فيه.

ففي هذا القرار عدد 262 الصادر بتاريخ 11/7/1971 في الملف رقم 282/90 و علما بأن العنف الذي مورس على المتهم في هذا القرار كان أكثر وطأة وخطورة. صرحت غرفة جنايات الرباط أن حالة الدفاع الشرعي غير متوفرة لعدم التناسب بين الاعتداء والدفاع واستخلصت أن هناك استفزاز المتهم من لدن المجني عليه ورفاقه وكان تعليلها مركزا على هذا النحو" حيث أن حالة الدفاع الشرعي عن النفس المحتج بها غير متوفرة البتة لعدم تناسب الإيذاء المقترف من طرف المتهم مع الهجوم الذي مورس في حقه من لدن ضحيته ولتجاوزه حد المقاومة اللازمة لإيقافه.

وحيث أن العنف الذي مورس في حق المتهم من طرف الضحية ذاته إذا كان لا يسمح بتوفر حالة الدفاع الشرعي لعدم تناسب بين الرد والهجوم فإن هذا العنف الذي مورس في حقه بضراوة بواسطة عصا وسكين إنما يعد عنفا خطيرا وجسيما وغير مبرر من شأنه أن يخلق لدى المتهم غضبا وانفعالا ينقص من قدرته في الاتزان ويجعله في حالة استفزاز[xx][20].

وما يجعلنا نختم رأينا بالتأكيد على أن حالة الاستحالة المادية لا علاقة لها مطلقا بوقائع النازلة وغن حالة الدفاع الشرعي عن النفس منتفية بانتفاء شرط التناسب بين الاعتداء والدفاع وإن حالة الاستفزاز غير متوفرة في الاعتداء الذي اقترفه الضحية في بداية الأمر ضد المتهمة وإنه في حالة الاعتداء الثاني الذي مورس في حقها كان على المحكمة إبراز نوع العنف المذكور وإثباته وتبيان جسامته فضلا عن كون القرار لم يربط البتة وفاة الضحية بفعل المتهمين لعدم إبرازه صاحب الطعنة والرابطة السببية وإن خطورة الضحية بسبب سوابق له لا تبرر الاعتداء عليه إلى غاية وفاته.



[i][1] انظر حسني مصطفى جرائم الجرح والضرب في ضوء الفقه والقضاء دار المطبوعات الجامعية اسكندرية 1986 صفحة 40 وانظر الدكتور محمد زكي أبو عامر قانون العقوبات اللبناني القسم العام الدار الجامعية صفحة 81 82 بخصوص رابطة السببية Le lien de causalité.

[ii][2] لتفصيل الرابطة السببية والأستاذ في الميدان الجنائي انظر مذكرات في القانون الجنائي القسم العام السنة الدراسية 1971-1972 لأستاذنا المرحوم . المكي الستيسي صفحة 65 " ستنسيل".

[iii][3] في هذا المعنى انظر . حسني مصطفى المرجع السابق صفحة 7-9.

[iv][4] مجلة رسالة المحاماة بالرباط أبريل 91 العدد 8 صفحة 199 إلى 261.

[v][5] حسني مصطفى المرجع السابق الصفحة 27.

[vi][6] وانظر أيضا الدكتور محمد زكي أبو عامر المرجع السابق صفحة 255 والذي يرى أنه إذا انتفى شرط التناسب كنا بصدد ما يسمى " تجاوز حدود الدفاع الشرعي" والذي يسقط في قبضة القواعد العامة للتجريم والعقاب.

[vii][7] في هذا المعنى أنظر شرح القانون الجنائي القسم العام للدكتور أحمد الخمليشي مكتبة المعارف الطبعة 1-1985 صفحة 265.

[viii][8] انظر . حسني مصطفى المرجع السابق صفحة 25 انظر أيضا تعريف الدفاع الشرعي عند محمد زكي أبو عامر المرجع السابق صفحة 242 وانظر أيضا تعريف الدكتور رمسيس بهنام في كتاب نظرية التجريم في القانون الجنائي منشأة المعارف صفحة 189.

[ix][9] انظر بهذا الصدد Le code pénal annoté du ministre de la justice . صفحة 39 الذي اسقط منه اسم مؤلفيه الفقيهين Ruoit et Lhemite بينما تقديم . إدريس السلاوي وزير العدل سابقا يشير إلى اسم المؤلفين.

[x][10] انظر القانون الجنائي في شروح لوزارة العدل الذي هو تعريب لعمل المحامي العام . ريولت – 131 وما بعدها – انظر . الخمليشي المرجع السابق – 264 وما بعدها أنظر: Droit pénal général de F. Paul Blanc, page 50 et suivants

[xi][11] نفس المرجع صفحة 421.

[xii][12] انظر القانون الجنائي في شروح لوزارة العدل إعداد ريولط تنسيق زينب الطالبي 1990 صفحة 134 وكذلك re de la justice

. le code pénal annoté du ministre

[xiii][13] إنه رأي الفقيه François Paul Blanc المرجع السابق صفحة 51.

[xiv][14] هذه الأمثلة التي استدل بها دليل الوزارة القانون الجنائي في شروح استقاها المؤلف الأصلي ريولتا من القضاء الفرنسي في حين أن النص المغربي أي الفقرة 2 من المادة 124 لا يتحدث إلا عن الاستحالة المادية مما يستبعد الإكراه المعنوي La contrainte physique وبالتالي نرجع رأي الفقيه F. Paul Blanc لانساجمه مع النص سيما أن القانون الجنائي يستبعد مبدئيا التوسع في التفسير.

نضيف بأن التفسير في المادة الزجرية يجب أن يكون مسايرا لإرادة المشرع وواقفا عند حدودها علما بأن الفقرة 2 من المادة 124 تعبر صراحة بالاستحالة المادية.

L'impossibilité matérielle أو La contrainte matérielle

[xv][15] هذه الأمثلة التي استدل بها دليل الوزارة القانون الجنائي في شروح استقاها المؤلف الأصلي ريولتا من القضاء الفرنسي في حين أن النص المغربي أي الفقرة 2 من المادة 124 لا يتحدث إلا عن الاستحالة المادية مما يستبعد الإكراه المعنوي La contrainte physique وبالتالي نرجع رأي الفقيه F. Paul Blanc لانساجمه مع النص سيما أن القانون الجنائي يستبعد مبدئيا التوسع في التفسير.

نضيف بأن التفسير في المادة الزجرية يجب أن يكون مسايرا لإرادة المشرع وواقفا عند حدودها علما بأن الفقرة 2 من المادة 124 تعبر صراحة بالاستحالة المادية.

L'impossibilité matérielle أو La contrainte matérielle

[xvi][16] انظر Paul Balnc المرجع السابق صفحة 52 والأحكام والقرارات التي استدل بها في هذا الشأن ومنها قرارين هامين للغرفة الجنائية للمجلس الأعلى la cours suprême.

[xvii][17] حسني مصطفى المرجع السابق صفحة 29.

[xviii][18] شرح القانون الجنائي لوزارة العدل المشار إليه أعلاه صفحة 138.

[xix][19] نفس المرجع الصفحة 139.

[xx][20] كما أنه في قرار حديث لاستينافية الرباط عدد 316 بتاريخ 8/10/1990 في الملف الجنائي رقم 282 اعتبرت المحكمة أن حالة الدفاع الشرعي كسبب من أسباب التبرير لكي ينزع عن الفعل صفته الإجرامية يجب أن يستوفي شروطه ودواعيه ومنها أن يتعرض المدافع لخطر ناجم عن اعتداء وأن يكون الخطر والاعتداء جسيما واستبعدت المحكمة بتعليل خاص لكاف حالة الدفاع وحالة الاستفزاز واعتبرت أن المتهم هو الذي باغت الضحية بأن أشهر في وجهه سكينه الذي كان يخفيه تحت حزامه شفرته وسدد له طعنة أصابت منه جهة القلب واعتبرت أن المجني عليه لم يحاول ضرب المتهم غلا بعد أن تلقى الطعنة بالسكين وهو ما لم يقوى ويقدر على فعله وهوى على الرصيف وأدانت المتهم في هذه القضية استدل أمام المحكمة ببعض أسنانه للتدليل على أن المجني عليه هو الذي أسقطها له " قرار غير منشور سنسعى إلى نشره باعتبارنا مقررا فيه".

يشار على موقف الفقه والقانون المقارن بهذا الشأن فالمشرع المصري يرى أن حالة الدفاع الشرعي لا وجود لها متى كان من الممكن الركون في الوقت المناسب إلى الاحتماء برجال السلطة العامة ( المادة 247 من قانون العقوبات المصري مثلا) وانظر أيضا موقف الفقه من القاعدة مثلا أبو عامر المرجع السابق صفحة 245 وما بعدها الخ.

No comments:

Post a Comment