Saturday, February 16, 2008

الأراضي الجماعية كأداة للتنمية

الأراضي الجماعية كأداة للتنمية

الأستاذ علال ابا حبيبي مستشار بمحكمة الاستئناف بورزازات

تعريـف :

إن الأراضي الجماعية هي التي تمتلكها بصفة جماعية مجموعات من السكان المنتمين لأصل واحد وسلالة واحدة[1].

وحدد كذلك مفهومها بأنها هي الأراضي التي ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل او دواوير او عشائر قد ترتبط بينهم روابط عائلية اوعرقية او اجتماعية ودينية، وحقوق الافراد فيها متميزة عن حقوق الجماعة بحيث ان استغلالها يبتدأ بكيفية جماعية[2].

كما تم تعريفها كذلك بأنها الاراضي المخصصة منفعتها للجماعات السلالية للتصرف فيها بالحرث او رعي المواشي او الكراء للغير بواسطة مندوبها تحت وصاية وزارة الداخلية تبعا للاعراف المحلية وعادات القبائل الموجودة بها[3].

ومن خلال التعريفات المذكورة يتبين ان الاراضي الجماعية تتمتع بوضعية قانونية خاصة علما ان هناك عقارات اخرى تخضع لانظمة خاصة كذلك كالاملاك العامة للدولة والاملاك الخاصة بالدولة الغابوية أملاك الاوقاف ولملكية الشقق والملك العائلي واراضي الكيش واملاك الخاصة بالافراد بحسب وضعيتها هي محفظة او غير ذلك .

إذن فتحديدنا الإطار الخاص هو الاراضي الجماعية السلالية المنضمة بمقتضيات ظهير 27/4/1919 وما لحق به من تعديلات آخرها ظهير 6/2/1963 .

أهمية الوعاء العقاري الجماعي من خلال الاحصائيات .

حسب الاحصائيات التي قامت بها المصالح المختصة نجد أن ما بين 25 إلى 30 مليون هكتار من التراب الوطني للزراعة والرعي وقد تحتل الاراضي الجماعية مايفوق ثلث من هذه المساحات .

ولعل مرد عدم التعرف على المساحة الحقيقية لهذا التراث الوطني يرجع إلى ان 000.00. 2 هكتار فقط من الاراضي الجماعية هي التي تمت تصفيتها قانونيا بينما توجد 000. 750. 3 هكتار في طريق التصفية اما عن طريق التحفيظ حسب ظهير 1913، المتعلق بالتحفيظ أو ظهير 1924 الخاص بتحديد الاراضي الجماعية ، ولا زالت أراضي جماعية اخرى تفوق مساحتها 6 ملايين هكتار، لم يشرع بعد في مسطرة تحديديها أو تحفيظها .

وإذا كانت الاراضي الفلاحية تكون 3، 9 مليون هكتار من مجموع التراب الوطني ، فإن نصيب الاراضي الجماعية منها يحضى بمليون هكتار حسب الاحصاء الفلاحي 1973 - 1974 هو ما يعادل 12% من المساحة الصالحة للفلاحة .

ويستخلص بالتالي من هذا ان ما لا يقل عن 11 مليون هكتار من مجموع الاراضي الجماعية تبقى صالحة للرعي أو الاستمرار الغابوي .

واعتمادا على الاحصاء الوطني لسنـة 1971 الذي اعتبر عدد السكان المنتمين للسـلالات 000، 164 . 4 نسمة يمكن القول بأن عددهم اليوم يبلغ قرابة تسعة ملايين منضوين تحت مليونين ونصف عائلة .

إذا كانت نسبة 35% من أرباب هذه العائلات تستغل المليون هكتار الصالح للزراعة وهو أقل من 3 هكتارات لكل عائلة مما ينتج عنه فوارق نتيجة تكديس هذه الأراضي بيد المستغلين من ذوي النفوذ .

وإذا رجعنا إلى الاحصاء الفلاحي 1973 - 1974 نجد 78% من مستغلي الاراضي الفلاحية على المستوى الوطني يتصرفون في 36 % فقط من المساحة الصالحة للزراعة ( 9،3 مليون هكتار ) مما يجعل معدل البقع يقل عن 5 هكتارات .

وهكذا يمكن ان نجزم أن اغلبية ذوي الحقوق الذين يعملون في الحقل الفلاحي هم من صنف المستغلين المهمشين الصغار وهي الاغلبية الساحقة من ابناء الجماعات، مما يحول دون القيام بمجهود ملموس للرفع من الانتاج الوطني .

اما عن 11 مليون هكتار الجماعية الصالحة للرعي والغابوية فإنها توجد في حالة مزرية، مما يجعل مساهمتها في سد حاجيات سكان الجماعات الذين يعيشون من مردودها ضئيلة جدا، وقد ترتبت أساسا عن ضعف المراعي المفتوحة في وجه الجميع بما في ذلك الاجانب عن الجماعة وذلك عن طريق الشراكة مع أبناء الجماعة دون تحديد عدد رؤوس الماشية التي يمكن ان يتحملها كل مرعى علاوة على حق الاستغلال المعترف به لكل ذي حق حق .

القوانين المنظمة لأراضي الجموع :

قوانين قبل ظهير 27/4/1919

1 - منشور صادر بتاريخ 1/11/1912 .

2 - منشور صادر بتاريخ 6/3/1914 .

3 - ظهير صادر بتاريخ 7/7/1917 .

4 - قرارا وزيري بتاريخ 23/1/1915 .

5 - ظهير صادر بتاريخ 21/11/1916 .

بعد ظهير 27/4/1919 .

ظهير 26/12/1920 المتعلق بمراقبة واستعمال الاموال المتأتية من نزاع ملكية الأراضي الجماعية او تفويت الانتفاع الدائم لهذه الارض

- ظهير 18 فبراير 1924 المنظم لمسطرة تحديد الاراضي الجماعية .

- ظهير 13 دجنبر 1941 المتعلق بالكراء الطويل الامد للاراضي الجماعية وتفويت حقوق الانتفاع لهذه الأراضي .

- القرار الوزيري الصادر في 13 دجنبر 1941 المحدد لشكليات وشروط المزايدة قصد الكراء الطويل الامد للأراضي الجماعية .

- ظهير 14 غشت 1945 ، المتعلق بتدبير الاراضي التي كانت موضوع قسمة انتفاع دائمة .

- ظهير 9 ماي 1959 الذي ألغي جميع تفويتات الانتفاع الدائم التي تمت وفقا لظهير 13 دجنبر 1941 وكذا جميع عقود الكراء الطويل الأمد لتحول إلى احد الحلين التاليين :

1 - فسخ عقود الكراء الطويل الامد وتعويض الكراء الطويل الأمد بعقد كراء قصير الامد .

2 - ظهير 30 يونيو 1960 الذي ألغي وفسخ بقوة القانون كل التفويتات التي تمت بشأن الاراضي الجماعية عملا بالظهير المؤرخ في 19 مارس 1951 إلا ان الظهير لم يطبق بصفة عملية على جميع التفويتات .

- ظهير 6 فبراير 1963 الذي أدخل بعض التعديلات على ظهير 27 أبريل 1919 ومن بين التعديلات التي وردت في هذه الظهير المذكور ما يلي :

* تاكيد ولاية الدولة على الجماعات .

* الوصاية على الجماعات منوطة إلى وزير الداخلية .

* رفع الدعاوي العقارية او طلب التحفيظ او رفع التعرض بشان الأراضي الجماعية متوقف على ترخيص من سلطة الوصاية .

* من خلال هذا الجرد السريع للظهائر والقرارات الوزارية المنظمة لاراضي الجموع يلاحظ مدى تردد والحيرة المتبعة بشأن هذه الأراضي وانعدام سياسة قارة وواضحة بشان هذه الأراضي، الشيء الذي يجعلها مثار نزاعات بين افراد الجماعة ويقلل بالتالي من أهميتها الاقتصادية الشيء الذي يؤدي إلى جمود أفراد الجماعات .

حماية أراضي الجموع :

تتم هذه الحماية إما عن طريق السلطة الوصية على هذه الأراضي وزارة الداخلية وعن طريق القضاء أثناء عرض القضايا عليه .

تنعقد سلطة الوصاية على الاملاك الجماعية لوزير الداخلية الذي له في صلاحية استدعاء مجلس الوصاية للتقرير في بعض القضايا التي يراها ضرورية ويصدر مجلس الوصاية هذا قرارات قابلة للتنفيذ ولا تقبل أي طعن كما أنه عندما تعرض بعض الحالات يمكن طلب انعقاد مجلس الشؤون القروية في بعض القضايا ذات الأهمية الكبرى ولم يثبت ان انعقد هذا المجلس لصرف الامور من قبل مجلس الوصاية .

ويتكون المجلس المذكور من وزير الداخلية ووزيرالفلاحة وممثل الشؤون الادارية وعضوان من مجلس الوصاية يختارهما الوزير .

كما تمارس الوصاية في الترخيص لرفع الدعوى امام العدالة حين الاعتداء على الاراضي الجماعية وذلك من طرف نواب اراضي الجموع ويمنح لدعوى واحدة .

3 - عن طريق القضاء .

عن التصرف في الأراضي الجماعية لابد ان يخلق نزاعات أما مدنية واما جنحية .

النزاع المدني :

هناك نزاعات تثار بشأن التحفيظ العقاري ذلك ان الوصي على أراضي الجموع يمكن ان يتقدم بطلب تحديد الاراضي الجماعية كما يمكنه ان يطلب تحفيظها وان التعرض سواء على التحديد او التحفيظ كادعاء جزء من الاراضي الجماعية تسري عليها المسطرة المتعلقة في التعرضات على مطلب التحفيظ من حيث الاختصاص كاختصاص محكمة وجود المدعى فيه أو من حيث إحلال المتعرض محل المدعي في الدعوى بتكليفه بالاثبات وان المشرع جعل لزومية الاذن بالتقاضي في المندوب النائب الذي يريد رفع الدعوى باسم الجماعة ، ورغم ما نص عليه الفصل 5 من ظ 27/4/19 المعدل لظهير 6/5/63 فإن العمل القضائي سار على ضرورة الاذن سواء في الميدان العقاري المدني أو الزجري .

هناك دعوى الحيازة المنصوص عليها في الفصول من 166 إلى 170 ق .م.م وحسب انواعها دعوى منع التعرض ودعوى وقف الاعمال الجديدة ودعوى استرداد الحيازة .

النزاع الزجري :

كالتقدم اما بشكاية للسيد وكيل الملك من اجل الاعتداء المادي على حيازة عقار طبق الفصل 570 ق.ج لتسطير المتابعة في حق مرتكب الفعل او التقدم بشكاية مباشرة للمحكمة حيث تفصل المحكمة وتدين المعتدي كما تأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه

وهكذا يتضح ان الحماية القانونية متوفرة وتسهر على تطبيقها المحاكم إما زجريا او مدنيا وليس كل نزاع من اختصاص المحكمة فهذا النزاع هو الاعتداء على أراضي جماعية من طرف الغير أو من الجماعة ومن دون ترخيص[4] .

أما النزاع بين أفراد الجماعة فيعود الاختصاص فيها لمجلس الوصاية كما ان هناك اجتهادات فريدة حول عدم إدانة المترامي لكونه فرد من أفراد الجماعة ويحوز بدوره جماعيا ويبقى عنصر الانتزاع غير واضح.

الرصيد العقاري الجماعي ودوره في التنمية :

ان وجود رصيد عقاري وحسب الاهمية المذكورة آنفا بإحصائيات رسمية وشساعة هذه الاراضي تبين ان الصفة الجماعية هي الاصل والملك الخصوصي هو الاستثناء ، فإن المشرع رمى إلى غايتين اثنتين توطين القبائل وإتاحة استقلال الاراضي بالمحافظة على الثروة الوطنية كالمنتجات الفلاحية، ومن الحبوب واللحوم والألبان والصوف ذلك أن حياة الرحل في الاراضي الجماعية تعتمد على النشاط الأساسي وهو الكسب إلا انمه ونظرا للفارق الزمني الواضح بين تاريخ سن ظهير 1919 واليوم يقارب قرنا من الزمن إلا بقليل ، والحاجيات تطورت وتعددت كما ان السكان ازدادوا باضعاف مضاعفة لا أقول المستفيدين من الاراضي الجماعية ولكن المغرب ككل ومن تم ترى أن هناك عدة مشروعات أنشئت على الأراضي الجماعية، مما يبين اهمية ودور ومساهمة الاراضي الجماعية في التنمية، ونعرض لبعضها، كما سنعرض للوقوف حول بعض العراقيل التي تعيق الاستفادة المثلى من هذا الرصيد العقاري .

في الميدان الفلاحي :

ان الملك الجماعي السلالي يتنوع بتنوع الجهة التي يوجد بها فقد يكون خصبا في مناطق صحراوية وشبه صحراوي في مناطق أخرى، ثم أن منه ماهو صالح للفلاحة، وما امكن تسخيره بعد استصلاحه للفلاحة، إلا اننا لا نقدم مصلحة و منفعة لهذا العقار في جميع الاحوال ، وان هذا الملك لم يكن عقيما بالمرة إلا ان استغلاله لم يكن على الوجه المرتضى .

ففي الفلاحة مثلا لا يمكن ان نعتمد على الفلاحة المعيشية فقط بالاعتماد على استقرار الأسرة ، إذ أن هناك من الاراضي وعلى سبيل المثال فقد تم استغلالها بطرق عصرية من طرف وزارة الفلاحة نحو هدف الاكتفاء الذاتي في الحبوب، فتم سقيها بالادرع المحورية كما هو الشأن بالنسبة لمنطقة قلعة السراغنة 2000 هكتار وجرادة 1200 هكتار ووصل الانتاج ما يقرب من خمسين ( 50 ) و 60 قنطار للهكتار من القمح ومابين 70 و 90 قنطار من الذرة في الهكتار الواحد .

كما تم كراء اراضي اخرى لمدة طويلة المدى لمنعشين خواص ، 64 % من هذا المشروع لبني ملال والباقي بأربع جهات منها منطقة اليوسفية بإقليم آسفي " مشروع سبت الخوالقة من طرف شركة الومينوم شمال افريقيا وقد اعطى مردودية كبيرة فيما يخص زراعة الشمندر والقمح ."

وهذا المشروع زيادة على تطوير القطاع الفلاحي ورفع المردودية فإنه يخلق كذلك مناصب شغل موازية وحركة اقتصادية .

ثم انه لاستغلال الملك الجماعي على احسن وجه في الميدان الفلاحي، لا مانع يمنع من تشكيل الفلاحين لتعاونيات فلاحية كما هو الشأن في باقي المناطق الأخرى ولاسيما بالاراضي المسترجعة من المعمرين حيث يتم الانتاج بشكل جماعي ومنظم إذ يتم اقتناء آلات فلاحية عصرية على حساب التعاونية التي تمضي ذلك بمكتبها المنتخب، كما أن القروض مسلمة للتعاونية وبحسب عدد افرادها فيتم الرفع من الانتاج بواسطة استخدام الآلات العصرية المقتناة والقروض المسيرة، ولاشك أن علماء الاقتصاد سبق لهم ان ادمجوا عاملي الانتاج الأرض ورأسمال كعامل واحد بالإضافة إلى العمل .

إذن وجود أراضي خصبة لا يعني ان هذا العنصر وحده كاف للانتاج ، بل لابد من رأسمال ، وهذا يحصل عليه إما بتدخل وزارة الفلاحة كما أسلفنا ، أو بالكراء للمنعشين او بتشكيل تعاونيات .

وهناك من الاراضي ما هي قابلة للاستصلاح بأن تكون أراضي فلاحية والامثلة على ذلك كثيرة وحسب تنوع تضاريس المغرب، ومن الامثلة بالمنطقة التي تتواجد فيها - ورزازات - وحسب ما اطلعنا عليـه : منطقة تندوت ، ومغران، وسكورة ، واماسين ، إذ ان الأراضي الواقعة بضواحي هذه المراكز قابلة للاستصلاح لكونها مستوية ويتواجد الماء فيها بوفرة ، إلا ان الاعتماد على الاشخاص للقيام بذلك يدخل في بابا المستحيل لا لبخلهم ولكن لفقرهم وما تتطلبه التقنيات الحديثة من مصاريف ، وقد سبق للدولة ان قامت بالمطلوب بالمنطقة المتواجدة ما بين سبت سايس وسيدي اسماعيل واحواز الجديدة، إذ استصلحت مجموعة من الهكتارات بعدما كانت أراضي متحجرة ، فأصبحت أراضي معطاة .

في الميدان السياحي :

وكل ماسبق قوله يتعلق بالنشاط الفلاحي، إلا ان أراضي الجموع كما سبق ان اوضحت ليست أراضي فلاحية او قابلة لذلك، ولكن هناك أراضي صحراوية او قاحلة ، وهكذا وتحديدا بالجهة التي تتواجد بالجهة الشرقية الجنوبية للمملكة الراشيدية ورزازات زاكورة ، نمت نهضة سياحية قائمة الجهة الشرقية والجنوبية بين المناطق الاكثر جذبا للسياح منطقة ورزازات والراشيدية ولصناعة السياحة الكل أصبح يعلم ويدرك سحر مرزوكة وقاصديها ليس من داخل وحسب وإنما لها شهرة على الصعيد الدولي، وما هذه المنطقة إلا صحراوية ، وقد كانت بالامس القريب لا تعتبر اللهم إلا في ما يخص البعد العسكري، اما الآن فالحمامات الرملية بمرزوكة وتينفو بزاكورة يعرفها الخاص والعام، وإذا أقيمت منشآت سياحية، فنادق ومآوي ، وخدمات سياحية ، وكالة كراء سيارات ، وخدمات اخرى توظف العنصر البشري الذي اصبح بحكم الممارسة والتواجد متقنا لعمله .

وعلاقة بالميدان السياحي هناك الانشطة الفنية الاخرى التي شهرت ونمت بالمنطقة حيث تصور افلام، وتقام استوديوهات للتصوير، وللتصوير والتحميض كذلك، وهذا رهين بتواجد المناخ وتوافر الشروط الملائمة، إذ التمثيل يجري على أراضي جماعية، وسيسخر العنصر البشري الذي يساهم فيه المغاربة، كما ان قامت المنشآت هي بدورها على أراض جماعية، ومعلوم ان الاقتناء والكراء يدخل في مداخيل المالية الجماعية وصناديق أراضي الجموع .

في الميدان الاجتماعي :

ان خلق تنمية بالاراضي الجماعية بالإضافة إلى توفير الرخاء للساكنة هو بدوره يلعب دورا أساسيا في التخفيف من احزمة البؤس التي تحيط بالمدن الكبرى، ذلك ان عنصر الاستقرارا شيء اساسي إذ يجب الحد من الهجرة نحو المدن بخلق البديل، إذ ان وجود شبكة المواصلات بقدر ما يكون إيجابيا يكون سلبيا، فالعاطل الذي لا يجد قوت يومه يقصد المدينة للذوبان في محيطها والعيش بخيراتها ، إلا ان تراكم الاعباء وتزايدها واستفحال ازمة السكن يؤدي إلى ظهور خدمات ثانوية متعددة، مغطية لبطالة حقيقية وإلى نمو مدن الصفيح كالفطر في هامش المدن الرئيسية، وان فتح باب حسن استخدام وتسخير الاراضي الجماعية للتنمية المحلية يجعل الهجرة تاخذ بعدا عكسيا وهكذا نلاحظ ان عددا من المستثمرين هم من مدن اخرى أو بلدان يأتون ومعهم رأسمال للاستثمار في جلب النفع على مستويين تنمية بالاستثمار وحد من الهجرة بوجود الشغل والاستقرار .

فبالرفع من الاستثمار يتحقق الاستقرار، إذ ان الامس الذي يقتصر فيه الانسان المغربي على النشاط الرعوي لسد حاجيات لنسمة تتكاثر نسبة متوالية هندسية ، وظروف 1919 ليست هي ظرف الرن الواحد والعشرين .

كما أن هناك منشآت اجتماعية تقام باموال العائدة للجماعة السلالية الجماعية وعلى أراضيها، منفعتها عامة، إذ ان صندوق الجماعات السلالية ساهم ويساهم في تمويل عدة عمليات 18 مشروعا 4 منها تهم الماء الصالح للشرب و4 خاصة بالطرق والمسالك و8 مشاريع لمنشآت اخرى .

وهنا يتجلى دور التمويل الذاتي في خلق المشاريع سواء اجتماعية او اقتصادية بل هناك تجزئات انشأت لإسكان ذوي حقوق اخذت اراضيهم لخلق وعاء عقاري - كالصخيرات والقنيطرة مثلا . . .

كما يمكن تسخير العقار الجماعي، وفي إطار الشراكة مع المؤسسات العمومية، وخاصة الممؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء، وكانت ثمرتها بادية مع جماعة سيدي الطيبي، حيث استفاد الطرفان معا بتوفير الرصيد العقاري والحصول على بقع أرضية، استفاد منها السلاليون .

خيرات أراضي الجموع لا تقتصر على ظاهر الأرض وإنما باطنها يزخر بخيرات متعددة ومتنوعة، وإذا كان ما تحت الاراض ملك للدولة، فإن مشغل الملك يخضع للعقدة الرابطة بين الطرفين، المستثمر والجماعة السلالية، كما ان ظاهر الاراضي يستغل كذلك كاستخراج الرخام والأحجار ولنا امثلة من منطقة تازارين بهذه الجهة .

إذن ، فالوعاء العقاري مهم، وخيراته كثيرة ومتعددة لكن من خلال ما ذكرناه ليس كل ما نطمح إليه، ولا كان تحقيقه بسهولة ، إذ لولا تدخل السلطة الوصية والتي من حقها ذلك وغاية المشرع ترمي لنفس الشيء .

وهكذا فالكراء الذي هو مورد من موارد الجماعة السلالية قلما يتوفق نوابها من ابرامه فتضيع الجماعة من شيئين من مدخول، ومن خلق فرص شغل واستثمار يعود بالنفع على الساكنة عامة .

كما ان المشرع اتاح طريق الاقتناء للمؤسسات العمومية وهكذا تلتجئ المؤسسات لوزارة الداخلية الوصية للإذن لها باقتناء عقارات تسخر للخدمة العامة ، فالمجالس لها حق اقتناء عقارات داخل المدار الحضري، وكذا باقي المؤسسات العمومية، وتلتجئ المجالس إلى تفويت ذلك للمستثمرين او المنعشين لتسهيل المامورية والتخاطب مع جهة واحدة .

ومن المؤسف أن إنشاء مؤسسات اجتماعية لمصلحة الجماعة السلالية ومن مال عائدات أموال الكراء نواجه أحيانا ممثلي السكان او السكان أنفسهم، وهكذا فقد تصاع بعض المشروعات لصالح الجماعة كمدرسة او طريق او ملاعب مثلا، لكن بعض نواب أراضي الجموع يعارضون في ذلك لسبب أو آخر غير وجيهين .

فقد يتمسك نواب الجموع بعدم كراء مساحة ما لصالح مشروع يعود بالنفع العام على الجماعة وعلى المنطقة، والمعارضة في موقفها تضطر معه السلطة الوصية إلى الحوار وإلى الاقناع ، والأمثلة على ذلك كثيرة ويعلمها ويعرفها ذوو الاختصاص والقائمين على الأمر .

وهكذا يجب ان يكون النائب المختار اوالمنتخب على دراية أولا بالعمل الفلاحي، وكذا المشاكل التي تعيشها الجماعة ويدري بكيفية تدبير الملك .

ليعود بالنفع على الجماعة ، وأن لا يتاثر بالاهواء والحسابات الضيقة وان يتسم باتساع الأفق وبعد النظر ، وان توضع معايير موضوعية لتعيينه أو انتخابه ليساير مستجدات ومتطلبات الظروف، لا ان يبقى أسير نظرة ضيقة لتنظيم الرعي ومقاضاة من اعتدى او حاول الاستيطان بمنطقة تعود لجماعته ، بل يجب ان يكون كذلك ملما حتى بالمساطر للمساعدة في تصفية وضعية تلك الاراضي عن طريق التحفيظ او التحديد.

ولتحسين المردودية اكثر يجب تودع فكرة أن الاراضي الجماعية هي مخصصة لرعي ولاستيطان القبائل ودوام الصبغة الجماعية إذ ان التصفية القانونية ضرورية نظرا للأبعاد والمزايا الإيجابية التي تنجم عن توفر الجماعات على التحديديات الإدارية ورسوم الملكية لممتلكاتها .

التصفية عن طريق التحديد او التحفيظ وإن هي قطعت أشواطا إنما في بعض المناطق، فإن هناك منا طق أخرى لا يوجد بها لا تحديد ولا تحفيظ مما يخلق نزاعات وقلاقل تثقل كاهل السلطة المحلية و المحكمة من جهة اخرى مما ينتج عن ذلك من تضييع وتفويت للمنفعة المتوخاة، وإضافة عبء على مرافق اخرى هي في غنى عنه .

ومن شان تمليك الجماعات السلالية للاراضي هو استثمارها واستغلالها على الوجه المطلوب .

إذن ، فقد حبا الله تعالى هذا الوطن بخيرات متعددة ومتنوعة ، ومنها المساحة التي يتشكل جز منها من الاراضي الجماعية وظهير 1919 هو الإطار الذي اوجده امشرع لغاية توطين المواطنين، والاستفادة من الأراضي الجماعية لرعي الماشية لم يعد مسايرا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، إذ أن سكان المغرب أنذاك لم يكن يتجاوز 6 ملايين ، فان الظروف اليوم تفرض إعادة النظر في هذا الرصيد العقاري نظرا لاهميته ، وما يمكن ان يلعبه ويجب ان يلعبه في التنمية، وقد تيسر لنا الاطلاع على توصيات المناضرة الوطنية حول الاراضي الجماعية ، فنتمنى ان تخرج للوجود ، وتبلور في شكل عملي، ومع ادخال التعديلات التي تفرض الحاجة والاستجابة للتطورات ان يجعل من العقار الجماعي أداة تنمية فعالة في النسيج الاقتصادي الوطني تحقيقا للرخاء والنمو والازدهار .



[1] دليل الاراضي الجماعية ص 4 .

[2] ذ محمد خيري - مجلة المحامون بآسفي .

[3] ذ الصوالحي - مجلة المحامون بآسفي

[4] حسب ما ورد في كتاب اراضي الجموع بين التنظيم والوصاية - عبد الوهاب رافع .

7 comments:

  1. شركة كشف تسربات المياه بالخبر
    نقدم خدمة كشف تسربات المياه بافضل الاجهزة الحديثة حيث اننا قمنا باستيرادها من الخارج وهذه الاجهزة تقوم بالكشف عن اماكن تسرب المياه دون الحاجة الي تخريب الارضيات والسيراميك والحوائط وتكسيرها، شركة كشف تسربات المياه بالخبرتقدم لكم خدمة مميزة في مجال كشف تسربات المياه واصلاحها لدينا افضل الايدي العاملة الماهرة وتمتلك افضل المعدات والاجهزة الخاصة بعمليات كشف تسربات المياه ونعلم جميع الطرق الحديثة من اجل اصلاحها، ان شركتنا تقدم لكم خدمة مميزة بافضل الاسعار شركتنا اسم يعني الثقة، دائما نود ان نكسب ثقة عملائنا لذلك نقدم افضل مالدينا طوال الوقت

    ReplyDelete
  2. حقين شراء اثاث مستعمل بالرياض
    عملائنا الكرام سوف تستطيعون اليوم التخلص من قطع الاثاث القديم، والقيام بشراء قطع اثاث جديدة بنصف الثمن ، عندما تبادر بالتعامل مع حقين شراء اثاث مستعمل بالرياض فنحن من أهم أعمدة بيع وشراء الاثاث المستعمل بكافة أنواعه وأحجامه المختلفة، ونقوم بتوصيل قطع الاثاث لباب البيت وإعادة تركيبه مرة أخرى.

    ReplyDelete