Saturday, February 9, 2008

الأمن القومي العربي

الأمن القومي العربي

الأستاذ عبد الالاه بلقزيز

خص الأستاذ عبد الالاه بلقزيز " الاشعاع" بهذا الموضوع، وهو جزء من بحث نال عليه الجائزة الأولى في الدراسات الانسانية ضمن جوائز الدكتورة سعاد الصباح المنظمة في اطار " الابداع الفكري بين الشباب العربي" لسنة1988 من قبل " منتدى الفكر العربي" الكائن مقره في الاردن والذي يرأسه الدكتور : سعد الدين ابراهيم وقد تبارى للفوز بهذه الجوائز في مجالات الشعر، القصة، والمسرح والدراسات الانسانية اكثر من300 باحث ومبدع شاب عربي.

الأستاذ عبد الاله بلقزيز يدرس مادة الفلسفة ويحضر اطروحة جامعية حول الخطاب الفكري الاصلاحي في المغرب في القرن 19 وبداية القرن20.

كما سبق له ان نشر العديد من المقالات في عدة مجلات وصحف وطنية وعربية.

المجلة

تقديم

شهد عقد الثمانينات الحالي مسلسلا متصلا من وقائع الاعتداء الصريح على الامن القومي العربي من اندلاع الحرب العراقية ـ الايرانية الى الهجمات الاسرائيلية اليومية المتكررة على بيروت ومدن وقرى الجنوب اللبناني وضرب اسرائيل لمفاعل تموز النووي العراقي، إلى اقدامها على ضم الجولان والقدس إلى احتلاها بيروت وجنوب لبنان واخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية، إلى انتهاكها سيادة تونس وقصفها مقر م. ت ف . في حمام الشط بضواحي العاصمة، إلى ممارسة القرصنة الجوية باختطاف الطائرة الليبية التي تقل عبد الله الاحمر ( الأمين العام المساعد لحزب البعث في سوريا) واجبارها على الهبوط في فلسطين المحتلة، إلى الهجوم الامريكي على ليبيا في خليج " سرت" ثم في طرابلس وبنغازي، إلى اختطاف القوات الامريكية للطائرة المصرية التي تقل امين عام جبهة التحرير الفلسطينية ( ابو العباس) والفدائيين الثلاثة ( الذين اختطفوا سفينة " اكلي لاورو" واجبارها على الهبوط في احدى القواعد الامريكية في ايطاليا، إلى التدخل الامريكي في لبنان والخليج إلى اقدام فرق الموساد على اغتيال نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية خليل الوزير ( ابو جهاد).

واذا اضفنا إلى هذه الوقائع ما آلت إليه الاوضاع السياسية الداخلية والاقتصادية ـ في العالم العربي ـ من ترد وتدهور، جراء الصراعات الطاحنة التي تنحو منحى العنف الاهلي، كما يحدث في لبنان، مضروبا في ظاهرات الاحتقان الاجتماعي الطائفي والمذهبي في غير قطر عربي ( والتي تولد ازمة ثقة اجتماعية تهدد بدورها بتوليد حالات من الصراع الاهلي، كما يؤشر إلى ذلك بعض ما يحدث على الساحتين السودانية والمصرية) وكذلك الاخفاقات المتكررة للمشاريع التنموية العربية، وتعمق علاقات التبعية الاقتصادية للعالم الخارجي، ومنها التبعية الغذائية.. الخ، إذا اضفنا هذا كله، اتضحت جديا الاخطار التي تهدد الوضع العربي راهنا ومستقبلا واتضحت ـ تبعا لذلك ـ التحديات المطلوب مواجهتها عربيا وصوغ الاجوبة السياسية الصحيحة عليها.

يتعلق الامر في هذه الدراسة بالتفكير في طبيعة هذه المخاطر المحدقة بالامن القومي العربي، وتحديد مصادرها الخارجية والداخلية، والعوامل البنيوية التي تهيئ الوضع العربي برمته لاستقبال تاثيراتها من موقع الانفعال بها والتعايش مع معطياتها لا من موقع ردها كتأثيرات أخطار، واحكام اغلاق بوابات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية العربية في وجه اختراقاتها السلبية. كما يتعلق الامر ايضا بالمساهمة الأولية في رسم ما نعتقد انه ملامح سياسية اعتراضية إيجابية، يمكن السير فيها لمعاكسة معطيات تلك التحديات والسباحة ضد تيار اخطارها، كمقدمة نحو تطوير تلك السياسة الاعتراضية وتنميتها وتصييرها سياسة فاعلة متحركة، أي سياسة برنامجية متكاملة تنقل الجسم السياسي والاجتماعي العربي من الدفاع إلى "الهجوم" من رد الفعل إلى الفعل.

ولا شك ان أي مدخل لمقاربة هذه الموضوعات يفترض التحديد النظري للمفهوم الاجرائي في هذه الدراسة: مفهوم الامن القومي. فما المقصود اذن، بالامن القومي العربي الذي نروم التفكير في اوضاعه؟

في مفهوم الامن القومي ؟

يتفق العديد من الباحثين العرب 1 على التاكيد على حداثة الدراسات المهتمة بموضوع الامن القومي ليس على الصعيد العربي2 فقط، بل على الصعيد العالمي ايضا. ومن المؤكد ان قيام الدراسات المهتمة بهذا الموضوع، اتى متوافقا وظرفية عالمية سياسية وعسكرية جديدة أعقبت مباشرة الحرب العالمية الثانية والتوازنات التي خلقتها بين القوى الدولية. وزاد من توفير اسباب هذا الاهتمام بموضوع الامن، ما طرأ من تحولات على الاوضاع الجيواستراتيجية العالمية، والتكتلات والمحاور التي نشات في ظل تلك التحولات، مضروبة في الانتشار الكثيف للاسلحة والتطور النوعي الذي شهدته هذه الاخيرة، والذي عدل النظام الدفاعي العالمي وثوابته التقليدية الموروثة، وفرض رؤية جديدة للامن، وتحديدا جديدا للمجال الامني للدول.

نشأت، تبعا لذلك، مؤسسات اكاديمية مهتمة بمسائل الامن القومي:

مصادره، مقوماته، إجراءات ضمان حمايته، من معاهد ومراكز بحث تنتمي إلى جامعات، إلى مؤسسات علمية واعلامية، إلى مجلات متخصصة، إلى ادارات ومؤسسات مرتبطة بالقرار السياسي الرسمي. ويشكل " مجلس الامن القومي" في الولايات المتحدة الامريكية النموذج الأول والامثل لهذه المؤسسات بل المرجع المعتمد لدى الدول والحكومات على الصعيد العالمي. هذا يعني ان قضية الامن تحولت ـ في امتداد متغيرات نصف القرن الأخير هذا ـ إلى قضية محورية في تفكير الدول وفي توجه سلوكها السياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي، بل اصبح الاحتفال النظري والعملي بهذا المعيار الذي تقاس به جدية السياسات وحجية البرامج المتداولة في السلطة.

ومن الطبيعي ان تكتسب مسالة الامن القومي ـ في ظل الأربعينات والخمسينات ـ معاني محددة مطابقة للظرفية السياسية والعسكرية التي انتجتها الحرب العالمية الثانية. كما انه من الطبيعي ان يشهد مفهوم الامن تحولات كبرى تبعا لما سيطرأ من تحولات على التوازنات الدولية الموروثة على الأنظمة الدفاعية القائمة في العالم. وفي سعينا إلى تحديد مفهوم الامن القومي، سيكون علينا ان نعرض لهذا المفهوم من خلال تحولاته، واساسا عبر محطتين فارقتين اكتسب في كل منهما معنى مختلفا :

??) المفهوم العسكري للامن القومي

وهو مفهوم ساد عقب الحرب الثانية حين كانت العلاقات الدولية محكومة بالتوازنات العسكرية، وحين كان خيار الحرب ـ على الصعيد التكتيكي أو الاستراتيجي ـ ما يزال قائما، وهو ما كان يدفع إلى نشوء الاحلاف والكتل العسكرية العالمية والاقليمية* ومركزة السياسة الخارجية على قضايا الامن الدفاعي. ويعني المفهوم العسكري للامن القومي اقامة علاقة الترابط بين الامن والقدرة العسكرية، واعتبار هذه الاخيرة مدخلا لتوفر الامن القومي لدولة ما وضمان مصالحها العامة.

يمثل هذا المفهوم العسكري للامن القومي احسن تمثيل تعريف " دائرة المعارف البريطانية" له : " ان الامن القومي هو حماية الامة من خطر السيطرة بواسطة قوة اجنبية" 3. وبنفس المعنى تعرفه " دائرة معارف العلوم الاجتماعية" بانه : " قدرة الدولة على حماية قيمها الداخلية من التهديدات الخارجية"4. والتعريفان معا يؤسسان مفهوم الامن على عناصر فرضية هي : القدرة، والاجنبي، السيطرة، الحماية، الدولة. وهكذا تقع الدولة بين فعلين: فعل موضوعي تمثله سيطرة الاجنبي أو تهديده بالسيطرة، وفعل ذاتي هو حماية الدولة / الامة لنفسها بامتلاك القدرة على ذلك ( أي القوة العسكرية) ترتبط ـ فكرة الامن في هذا التحديد ـ بمعنى الردع والدفاع الذاتي العسكري. كما تصبح مصادر الخطر الذي يتهدد امن دولة ما مصادر خارجية عسكرية بصورة أساسية. مما يستتبع القول بان " مسؤولية تحقيق الامن تتولاها الجيوش واجهزة المخابرات التابعة للدولة"5. أي ان هذا التحديد لمفهوم الامن القومي يقود ـ بصورة طبيعية ـ إلى التركيز المفرط على النظام العسكري للدولة، والخلق المستمر للمؤسسات الامنية المختصة بالتجسس وجمع المعلومات ـ المدنية والعسكرية ـ وتصنيفها وتحليلها، وكثيرا ما يكون ثمن ذلك هو التضحية بمؤسسات واختيارات اجتماعية واقتصادية اخرى 6.

ومن دون شك، يظل هذا المفهوم العسكري قاصرا وضحلا وبعيدا عن مطابقة متغيرات العالم المعاصر، خصوصا خلال الثلاثة عقود الأخيرة. وهو على أي حال مفهوم تم تجاوزه بصورة تكاد حاسمة ـ في الدول الغربية على الاقل. والحقيقة انه إذا كان هذا المفهوم قد نشا وانتعش في ظل معطيات التوازن العالمي الحذر الذي اعقب الحرب الثانية، وفي ظل قطبية القوتين العظميين ـ التي لا تزال مستمرة ـ ( وهي القطبية التي كانت وراء بناء نظام عالمي يطيح بالكثير من اسباب الانغلاق الاقليمي ويزج بالنظم الإقليمية الفرعية في علاقة التفاعلات الدولية التي هي المدخل نحو انفتاح البنى القومية والاقليمية على التاثيرات الخارجية مع ما يستتبع ذلك من مشكلات تتصل بامن الدولة أو الدول المعينة)، فان تحوله ( أي المفهوم) لا يمكن بدوره ان يكون محكوما الا بتلك المعطيات وبهذه القطبية. ولكن لا على الصعيد الامني ـ الدفاعي فقط، بل وايضا ـ واساسا ـ على الصعيد الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والثقافي والاجتماعي، ومعطيات القوة أو التوازن المتحققة في كنفه. وهذا يقودنا فورا الى الحديث عن المفهوم الاخر الجديد للامن القومي: المفهوم الاجتماعي.

??) المفهوم الاجتماعي للامن القومي :

تستند معظم التعريفات النظرية للامن القومي ـ التي تنحو منحى الاخذ بالمفهوم الاجتماعي ـ إلى تحديد روبرت ماكنمارا ( وزير الدفاع الامريكي ورئيس) البنك الدولي الاسبق) له ( = الامن القومي) في كتابه الشهير: " جوهر الامن" 7. يقول ماكنمارا : " والامن ليس هو المعدات العسكرية وان كان قد يتضمنها، والامن ليس هو القوة العسكرية وان كان قد يتضمنها، والامن ليس النشاط العسكري وان كان قد يشمله. ان الامن هو التنمية، وبدون التنمية لا يمكن ان يوجد امن والدول النامية التي لا تنمو في الواقع، لا يمكن ببساطة ان تظل امنة" 8.

يقيم تحديد مكنمارا علاقة تطابق تام بين الامن والتنمية : لا مجال لتحقيق الامن الا بتحقيق التنمية. اما القدرة العسكرية وتطوير النظام الدفاعي. ولو انها قد تشكل رافدا من روافد الامن، فهي ليست " جوهر الامن" ولا يمكن ان تعوض التنمية. وعليه، فالمجتمعات تفقد امنها كلما عجزت عن تحقيق التنمية، وذلك لان " التنمية..هي مفتاح الامن القومي"9. هكذا يضيف ماكنمارا ـ في تعريفه ـ عنصرا جديدا ( أو بعدا جديدا) للامن القومي، هو البعد الداخلي المتصل بالمسالة الاجتماعية والاقتصادية، متجاوزا بذلك محض التركيز على البعد الخارجي المتصل بعلاقة الدولة بالمحيط الاقليمي أو العالمي.

وينسج العديد من الباحثين العرب على منوال هذا التحديد الاجتماعي للامن القومي، فعلي الدين هلال مثلا ـ وهو واحد من اهم الباحثين العرب الذين كرسوا اهتماما اكاديميا خاصا للموضوع ـ يعرفه بانه "... تامين كيان الدولة أو عدد من الدولة من الاخطار التي تهددها في الداخل ومن الخارج وتأمين مصالحها القومية وخلق الاوضاع الملائمة لتحقيق اهدافها وغاياتها القومية " 10. وغني عن البيان ان هذه الاخطار الداخلية التي يتحدث عنها النص هي من قبيل الازمة الاقتصادية والغذائية، وحالة عدم الاستقرار السياسي التي قد تحف بالمجتمع. اما الاخطار الخارجية فهي ـ بالضرورة ـ من طبيعة عسكرية. وهذا يعني ان ثمة تداخلا معقدا بين العامل الداخلي والعامل الخارجي في تكوين حالة الامن القومي. والحقيقة هي ان الامر كذلك: فالدولة لا تستطيع ان تتفرغ كلية إلى حماية حدودها الخارجية من الاختراق العسكري، دون ان تحقق قدرا من التماسك والتراضي السياسيين داخل المجتمع، ودون ان تنجز الحد الادنى من حاجات التنمية الانتاجية، لان هذه الحاجات الداخلية هي التي تقرر في وجهة المعركة التي تخوضها الدولة على الجبهة الخارجية، في دعمها واكسابها الشرعية أو عكس ذلك، فضلا عن ان الاختراق لم يعد عسكريا بالضرورة، اذ هو قد يكون سياسيا واعلاميا وثقافيا، مما يؤثر بداهة في الوضع الداخلي إلى هذا الحد أو ذاك. كما لا تستطيع الدولة الانكباب كلية على اهداف التنمية الداخلية في ظل استقالة تامة من اعباء الحماية الامنية ( ذات الطابع العسكري) من الاخطار الخارجية: اذ قد يكون من اهداف القوى الأجنبية اسقاط مشاريع التنمية السياسية والاقتصادية تلك. والمثال الإسرائيلي دال على ذلك.

أمن قومي عربي ام أمن وطني فرعي ؟

يفترض الامن القومي بالضرورة كيانا قوميا واحدا وموحدا، أو كيانا سياسيا ممثلا في دولة قومية تملك سيادة وسياسة موحدة داخليا وخارجيا، وصعوبة الحديث عن امن قومي عربي ـ وهي ما اثاره العديد من الدارسين العرب11، تكمن في غياب هذا العنصر الاساسي والضروري من عناصر ومقومات الامن القومي. فالعالم العربي ليس كيانا سياسيا واحدا بل هو يزيد على العشرين كيانا ( واخطار التذرر والتجزئة الكيانية فيه لا تزال قائمة). وسياسات الدول العربية ليست موحدة، واختياراتها ليست متشابهة ـ على الرغم من انها تشترك في الانتماء إلى اطار نظامي اقليمي واحد ( الجامعة العربية) يفترض فيه ان يحقق وحده رؤيتها ( إذا كان غير قادر على تحقيق وحدتها السياسية) بل على الرغم من انها تشترك في الانتماء إلى فضاء ثقافي ولغوي وتاريخي مشترك، وتتخذ من العروبة والوحدة العربية واحدة من شعاراتها، بل واحدة من المبادئ التي تشتق منها شرعيتها. وتزيد المشكلة حدة حين نجد بان الدول العربية ليست مختلفة في اختياراتها السياسية فقط، بل في مفهومها للامن وسبل تحقيقه. ان امنها مطابق لها: فمن حيث هي كيانات وطنية( قطرية) فهي غالبا لا تنظر إلى الامن الا من هذه الزاوية : من زاوية سيادتها وحدودها. وربما دفعها ذلك إلى خيارات امنية اقليمية ودولية مختلفة، والى الانخراط في محاور وتكتلات واحلاف خارجية متباينة ومتناقضة. واذا كانت اسباب هذا الانخراط ذاتية ـ في جانب كبير منها ـ وذات علاقة بطبيعة السياسات التي اختارت نهج النخب الحاكمة، فانها لا تعدم ـ بالمقابل ـ اسبابا موضوعية، ليس اقلها الطبيعة الجغرافية للوطن العربي وتوزعه بين قارتين وتأثره امنيا بالمحاور العاملة في هذا الجوار.

والمشكلة بصورة مركزة هي كيف الحديث عن امن قومي في كل دولة تطبق الامن الخاص بحدودها الجغرافية و " السيادة "؟ وقد يثور هنا سؤال مشروع له وجاهته، وهو هل من الواجب ـ في حالة العالم العربي ـ الاستعاضة عن مفهوم الامن القومي ( الذي يخص الدولة القومية) بمفهوم الامن الاقليمي الذي يخص جماعة تشترك في الانتماء إلى رابطة سياسية اقليمية ( هي الجامعة العربية في حالتنا )؟. يميل بعض الباحثين إلى الاخذ بهذا المفهوم بل يميل بعضهم إلى النظر إلى هذا الامن الاقليمي من زاوية احتوائه ـ هو ايضا ـ على مكونات فرعية امن اقليمي فرعي : كامن دول الخليج العربية، أو دول المغرب العربي... الخ). تتفرع هي بدورها إلى مكونات قاعدية ( امن وطني خاص بكل دولة) 12 وعلى واقعية هذه الاطروحة يظل السؤال الاهم هو هل يمكن لهذا الامن الوطني أو حتى الاقليمي ان يتحقق في شروط النظام الدولي الراهن ؟ اليس مفهوم الامن القومي، والطموح إلى تحقيق الامن القومي هو الرهان النظري والعملي الذي ينبغي ان ينصب عليه التفكير والممارسة معا؟

تقدر معظم الدراسات التي تناولت الموضوع ان ليس بالامكان تحقيق امن وطني في الشروط الراهنة للنظام الدولي، حيث عصر الكيانات القومية والتكتلات الإقليمية الضخمة، وحيث التطور المستمر لأدوات السيطرة، العسكرية منها والاعلامية والثقافية والاقتصادية والقيمية التي باتت معها الكيانات العربية اضعف واعجز عن المقاومة منفردة. وقد يقال ـ ردا على هذا الوصف لطبيعة النظام الدولي المبني على قانون سيطرة القوى الدولية الكبرى ـ ان تحقيق الامن الوطني لكل دولة عربية منفردة هو تحقيق آلي موضوعي للامن القومي العربي : والحقيقة ليست كذلك، فالامن القومي العربي : " ليس مجرد حاصل جمع الامن الوطني للبلاد العربية المختلفة، بل انه مفهوم يأخذ في اعتباره الاخطار والتهديدات الموجهة إلى هذه البلاد ويتخطاها ويتجاوزها" 13، وهي أخطار مشتركة تمس الكيان العربي ككل، وتتداخل ـ معه ـ مصالح البلاد العربية على اختلاف نظم الحكم فيها : ان خطرا على الامن العربي كالخطر الاسرائيلي يتجاوز امكانات الردع أو المقاومة لدى كل دولة عربية على حدة ( دول المواجهة بصورة خاصة) ويطرح ضرورة احداث تعديل جوهري في المفهوم العربي الرسمي للامن، وسبل حمايته. كما يطرح ضرورة الاقدام على سياسات معاكسة تماما للسياسات القائمة على مفاهيم " السيادة" كما هي متداولة في الخطاب السياسي العربي الراهن. ان الامن الوطني ـ بهذا المعنى ـ " هو جزء من كل وهو الامن القوم العربي . ويخطئ من يعتقد انه يمكن لدولة عربية تحقيق امنها بمعزل عن امن الدولة العربية الاخرى"14.

تحديات الامن القومي العربي

اثار السياق السابق مشكلة المفهوم النظري للامن القومي كما تبلور في كتابات غريبة، وكما جرى تكييفه ليكون اهلا لتوصيف الامن العربي، كما اثار الوضع الملتبس للامن العربي بين " الامن الوطني" و " الامن القومي" وهو التباس ( أو غموض )" ينبع من طبيعة الواقع العربي الذي يتسم بالتجزئة وتكريس السيادات القطرية" وهكذا في " التناقض بين الطموح القومي والواقع القطري هو الذي يؤدي إلى مفهوم الامن العربي" 15 بالمعنى المشار إليه سابقا. وكما يمكن القول بان الامن ـ في هذا التحديد ـ هو " دعوة ومطلب وامل وليس حقيقة قائمة تستند إلى سياسات موجودة" 16 بسبب من حالات التجزئة القائمة، يمكن القول ـ بالمقابل ـ ان الامن القومي، من حيث هو امن الدول العربية المشتركة في الانتماء إلى نفس المصير والمسعى والتاريخ والثقافة، هو " امن الفكرة الوحدوية" وامن المطلب القومي "17 كحقيقتين معاكستين لحالة التجزئة تلك.

ونستطيع انطلاقا من الاطمئنان إلى تحديد واقعي للامن القومي العربي ـ كما سجلناه من قبل ـ ان نتحدث عن بعض اهم واكبر الاخطار التي تهدد هذا الامن حالا واستقبالا وتطرح على السياسة ـ في العالم العربي ـ مهمات ضخمة وشاقة. ويتعلق الامر هنا بتحديات خارجية ( دولية واقليمية) وداخلية ( سياسية واقتصادية واجتماعية) تشترك فيها الكيانات السياسية العربية جمعاء على تفاوت تاثرها بها وتاثيرها فيها. واذا كان مفهوما ان التهديدات الداخلية تتصل ـ بالضرورة ـ بطبيعة المجتمعات العربية وتناقضاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودرجة نمو تلك التناقضات وشكل الصراع الاجتماعي الذي ينشا عنها، فان التعرف الدقيق على التهديدات الخارجية ( والذي يستدعي منا طبعا دراسة تأثيرات القوى الدولية والإقليمية في نظامنا العربي) يستوجب الوقوف عند الوضع الجيوستراتيجي للعالم العربي، الذي من شانه ان يفسر جوانب عديدة من تلك التهديدات.

1. الموقع الاستراتيجي للوطن العربي

لا احد يشك في ان المنطقة العربية تقع ـ بمجموعها ـ في موقع استراتيجي هام من الوجهة الجغرافية والسياسة يتفق في ذلك ابناؤها والاغراب عنها، اصدقاؤها واعداؤها. على ان هذا الموقع إذا كان فيها ولها فضيلة فانه يشكل ـ بالمقابل ـ عبئا عليها، فهو ( سلاح ذو حدين، اذ يزيد من اطماع الآخرين ويعطيها فرصا اضافية للتاثير على النظام الشامل) 18. وبقدر ما استطاع العرب وعي اهمية الرقعة الجغرافية الفسيحة التي تعيش عليها شعوبهم ومكانتها الاقتصادية والسياسية ودورها في الارتقاء بفعالية العرب إلى التاثير في النظام الدولي، بقدر ما استطاعوا ان يحرروا ارادتهم من أي التزام عدا الالتزام بمصالح الامة العربية وبقدر ما تمكنوا من قيادة تكتلات ومحاور سياسية وزانة كالنظام العالمثالثي ( مجموعة عدم الانحياز)، والنظام الاقليمي الافريقي ( منظمة الوحدة الافريقية). وفرض احتر�� ا�ع��م�ل�م. وكلما �غفلوا "حقائق الجغرافيا والتاريخ" ( حسب عبارة حسنين هيكل ) كلما رهنوا ارادتهم لغيرهم وراهنوا عليه، وكلما هبطت سمعة دولهم إلى الحضيض، وانهار نظامهم السياسي ومؤسساته ليتحول إلى اشتات من القوى السياسية التي لا حول لها ولا قوة ولا قائمة لها الا ان تنضم إلى نظام اقليمي اخر لتغادر حقائق التاريخ ـ الانتماء المشترك ـ وحقائق الجغرافيا، والجوار.

هكذا كان ـ ولا يزال ـ القانون الذي يحكم العلاقة بين الموقع الطبيعي للمنطقة العربية ونمط وعي العرب به. على ان الحديث عن هذه العلاقة يخرج بناء عن موضوع وهدف هذه الدراسة. ويبقى السؤال الاساسي الذي يهمنا الاحتفال به هو : ما هي العناصر والاسس التي تؤسس اهمية هذا الموقع من الزاوية الاستراتيجية ؟

تعد المنطقة العربية واحدة من اهم المناطق في العالم المتاخمة لبحار ومحيطات وخلجان، والمتحكمة في مضايق استراتيجية يصح وصفها بانها شرايين للحياة الاقتصادية والتجارية العالمية. كما تعد المنطقة التي تختزن في جوفها كنوزا وثروات طبيعية هي الاكثر اهمية في زخم الدورة الاقتصادية العالمية باسباب التطور إلى هذا يضاف انها منطقة تتمتع بقيمة استراتيجية فائقة من الزاوية العسكرية، غير ان هذه العناصر التي تفسر الاهمية الاستراتيجية للوطن العربي، لا تخفي ـ بالمقابل ـ وجود عناصر خلل فيه تلعب عكس ذلك الاتجاه.

ـ فهناك من جهة ثغرات في الوضع الجيوستراتيجي لها، من قبيل الامتداد الاقليمي الافقي 19 الذي يجعل عرض مساحتها اكبر من طولها بما لا يقاس، مع ما في ذلك من مشكلات الاندماج والتداخل بين مجموعاتها البشرية ( فضلا عن بعض ما يطرحه ذلك من مشكلات عسكرية لوجستية) وكذلك من قبيل المحيط الصحراوي الذي يشكل جزءا جنوبيا لها مع بعض الاختراقات في الداخل الجغرافي، وما يثيره ذلك من مشكلات ديمغرافية ( ضعف الانتشار السكاني فيها) وغذائية (الجفاف أو عدم خصوبة التربة).

ـ وهناك من جهة ثانية، اختلال بين البنية الجغرافية والبشرية وبين البنية الاقتصادية في ـ وبين ـ الجزأين الاسيوي والافريقي من المنطقة العربية، ففيما تشكل مساحة الجزء الافريقي من الوطن العربي نسبة 73% من المساحة الاجمالية له، وفيما تشكل القوة البشرية في هذا الجزء قرابة 70% من القوة البشرية الاجمالية العربية، فان معظم القوة الاقتصادية تتركز في الجزء الاسيوي ( الثروات المعدنية والموارد المالية) " ولهذا مغزى سياسي وعسكري خطير خاصة وان الجناح الاسيوي الغنى في متناول يد اعداء غادرين لقربه الجغرافي منهم" 20.

على ان بعض الخلل يصبح ذا فوائد اخرى، سواء نظرنا إليه من الزاوية الاستراتيجية أو من جهة نظر الظرفية الاقتصادية الراهنة. فطقو الصحراء على جغرافية العرب، إذا كان يثير مشكلات سكانية وزراعية، فهو يحل اخرى: ففي باطن هذه الصحراء ترقد كنوز هائلة بترولية وغازية وفوسفاتية.. الخ، يستطيع العرب ان يستثمروها للتغلب على تحديات الجوع والجهل والمرض، وان يتبوأو بها مكانة محترمة في الساحة الدولية، بل وان يلعبوا بها دورا وتأثيرا وازنين لخدمة المصلحة القومية، ( وهو ما يتوقف على صعود السياسية إلى مستوى الاقتصاد والثروة!). كما ان غلبة المحيط الصحراوي قد يوفر عمقا استراتيجيا ـ هاما ـ للوطن العربي في أي تحد عسكري، دولي أو اقليمي يتهدده. ان هذه العناصر الايجابية تعيد الثقة في الهيكل الجيوستراتيجي، للوطن العربي، وتحث على التفكير في حمايته وفي استثمار امتيازته يمكن القول اذن، وسعيا إلى تعريف جيوستراتيجي للمنطقة العربية ( الذي يتيح لنا وحده ادراك طبيعة التحديات والاخطار التي تواجهها من الخارج) بان المنطقة العربية هي منطقة محيطات وبحار ومضايق، ومنطقة ثروات طبيعية هائلة، حزام جنوبي للاتحاد السوفيتي . فماذا يحمل هذا التوصيف العام ـ اذن ـ من عناصر تفصيلية دالة على ما ذهبنا إليه؟

تشكل البحار والمحيطات جزءا تكوينيا في جغرافيا المنطقة العربية. فهذه المنطقة تنفتح على محيطين ( المحيط الاطلسي والمحيط الهادي) وعلى بحرين مغلقين ( البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر) وعلى خليج هائل( الخليج العربي) وبقدر ما يمكنها هذا الموقع من اسباب الربط بين قارات ومحيطات، بقدر ما يجعل تكاليف هذه الوظيفة باهظة على سيادتها ومصيرها، ويفتح شهية اطماع دولية واقليمية فيها. ومما يزيد من ذلك عجز العالم العربي عن استغلال هذا الامتياز البحري فيه إلى الدرجة التي يكاد يكون فيها ( العالم العربي) غائبا على هذا الصعيد. فاذ تحيط به البحار والمحيطات من الغرب ومعظم الشمال والجنوب الشرقي والشرق ( فضلا عن الاختراق المائي) ( البحر الاحمر فيه)، تحيط به القوى الخارجية المسيطرة تماما على البحر: أوربا والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفياتي، في المتوسط، والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في المحيط الهندي والبحر الاحمر، ثم الولايات المتحدة واروبا في المحيط الاطلسي والخليج العربي ...!

حاولنا في الفقرات السابقة ان نطرح الاطار الاستراتيجي الذي يتحرك فيه التحدي الامني للمنطقة العربية، وهكذا يمكنناـ في ضوء ما سجلناه سلفا ـ ان نوجز فنقول بان هذا التحدي الامني المستمر للوطن العربي حاصل للاسباب التالية :

ـ بسبب من ان الوطن العربي يقع في موقع استراتيجي هام بين محيطات وبحار، وفي ملتقى قارات، ويتحكم في مضايق استراتيجية وفي طرق الملاحة التجارية الدولية.

ـ وبسب من انه يمتلك ثروات هامة، يشكل معظمها ( النفط) وقود الاقتصاد العالمي والحضارة المعاصر. وان أي تاثير في معطيات سيولة التصدير العربي لهذه الثروة، يضع هذا الاقتصاد تحت رحمة العرب".

ـ وبسب من انه يشكل ـ من الزاوية الاستراتيجية العسكرية ـ حزاما جنوبيا للاتحاد السوفييتي، يمكن تطويق هذا الأخير منه، واعاقة أي تمدد له جنوبيا. وهو ما يبرر الدعوات الامريكية المتكررة لوحدة دول المنطقة ضد " الخطر الشيوعي" **.

ونستطيع بعد عرضنا لهذه الخلاصات ان تناول ـ بشيء من التحديد ـ هذه التحديات الامنية الخارجية ( الدولية والإقليمية).

التحديات الخارجية :

وهي اما من طبيعة اقليمية أو من طبيعة دولية. أي ان مصدر التهديدات الامنية للعالم العربي قد يكون دول الجوار الجغرافي 21، وقد يكون القوى الدولية العظمى ذات الاستراتيجيات العالمية الكبرى.

اسرائيل والتهديد المستمر للامن العربي :

كثيرا ما عرفت اسرائيل في الادب السياسي العربي بانها كيان مزروع في قلب الوطن العربي لاهداف معادية للمصير القومي العربي، وانها كلب حراسة لمصالح الغرب الاحتكارية أو انها كيان توسعي هدفه المزيد من القضم والضم للارض العربية بهدف تحقيق الحلم الجغرافي التلمودي. والحقيقة هي ان جميع هذه التعريفات صحيحة.

فالكيان الاسرائيلي كشف عن هذه الحقائق منذ قيامه قبل اربعين عاما على ارض فلسطين العربية،

فقد كشف ـ منذ بداية رعاية الاستعمار البريطاني للهجرة اليهودية ووصولا إلى تاسيسه ـ عن انه مشروع مفروض على المنطقة وابنائها ـ بمن فيهم يهود فلسطين 22 ـ وان اهدافه تتخطى دعوته المزعومة لبناء " كيان قومي لليهود" ـ بعد المذابح النازية ـ إلى ضرب القومية العربية التي بدأت تعبر عن نفسها منذ معارك الانفصال عن العثمانيين ومقاومة سياسة التتريك لتتطور فكرتها بين الحربين تطورا ملحوظا، وكشف عن ارتباطه الصميمي بالاستعمار والامبريالية ( بريطانيا وامريكا).

منشأ وتطورا وصيرورة، وعن وظيفته في حماية مصالح حماته الغربيين.

كما كشف عن ان انتماءه للاستراتيجيات الغربية الاستعمارية الجديدة كوكيل فيها بالمنطقة، لا يخفي حقيقة انه ايضا شريك في تلك الاستراتيجيات كما لا يخفي الطبيعة التوسعية الإقليمية له على حساب فلسطين والجوار العربي، تماشيا مع الخريطة التوراتية التي تبناها انبياء وكهان اسرائيل الجدد.

نعم، ان الكيان الاسرائيلي كان بحق ـ وكما يزال ـ اكبر تحد استراتيجي تواجهه الامة العربية، واخطر تهديد لمصيرها وامنها القومي. فقيامه على ارض فلسطين لا يشكل فعل اغتصاب لوطن فقط، وتشريد لشعب فحسب، بل يشكل ايضا ـ وعلى قاعدة ذلك الاغتصاب طبعا ـ عملية تقطيع لاوصال الوطن العربي وتقسيم جغرافي عمودي لامتداده الطبيعي مهيأ ليمارس وظيفة التخريب المستمر لكل الطموحات القومية التوحيدية، العربية، ومهيأ للتدخل المتكرر لتعطيل كل برامج التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية" التي ولجت بعض الاقطار العربية تجاربها، او وضعتها ـ اقلا ـ كخطط للتطبيق. وليست الحروب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني ضد البلاد العربية منذ قيامه الا الدليل الصارخ على تلك الاهداف.

وبموازاة هذه الاهداف، تزحف المطامع التوسعية السياسية والاقتصادية الاسرائيلية : مطامع في الارض وفي الثروة وفي المياه... الخ ان احتلال سيناء، لم يكن يندرج فقط في مشروع وتوسيع جغرافية اسرائيل، بل يندرج في سياق مشاريع النهب الاقتصادي لثرواتها الباطنية ايضا. كما ان احتلال جزء عظيم من لبنان ـ في حرب عام 1982 ـ لم يكن يراد به تنفيذ برنامج التجزئة الطائفية في لبنان فقط، أو توسيع " الحزام الامني" أو تصفية م ت ف فحسب، بل يراد به ـ إلى جانب ذلك ايضا ـ تحقيق اطماع اسرائيل في ثروات لبنان المائية 23 ( ومشروع تحويل مياه الليطاني القديم مثال على ذلك) فضلا عن الالحاق الكلي للاقتصاد اللبناني بالاقتصاد الاسرائيلي، بدءا من اغراق السوق اللبنانية بالبضائع الاسرائيلية مرورا بتفكيك قطاعات الاقتصاد اللبناني، وصولا إلى دمجه 24. واجمالا، فمخططات اسرائيل في التوسع الاقتصادي تتجاوز حدود التطبيع مع مصر، وسياسة، الجوار الطيب" في لبنان، والسياسات الالحاقية في الضفة والقطاع، لتطال مجمل الاقتصاد العربي، إلى درجة الحلم بنظام سوق اقتصادية شرق ـ أوسطية 25.

وفي امتداد نظرة اسرائيل إلى " امنها القومي" بالصورة التي رسمناها سلفا حددت استراتيجية تمحورت حول مفاصل منها: عدم تحديد الحدود* من اجل التوسع في الجوار العربي لخلق عمق استراتيجي** ( والذي يشكل فقدانه احد النقاط القاتلة لها). وتكثيف هجرة اليهود إلى اسرائيل لحل المشكلة الديمغرافية، ونقل الحرب إلى خارج حدود فلسطين لتفادي الخسارة البشرية وتغطية ثغرة العمق الجغرافي *** والاقدام على سياسة الردع ( أو الذارع الطويلة كما تسميها) وتمتين علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية، فضلا عن امتلاك القدرة النووية26.

فقد اصبح في حكم المعروف ـ منذ فترة طويلة ـ ان اسرائيل تمتلك القدرة النووية والامر لا يتعلق نفي البرنامج الاسرائلي ببرنامج علمي تكنولوجي مسخر لاهداف التهيئة المدنية أو ما شاكل ذلك، بل هو على صلة بالنشاط

العسكري للدولة العبرية، واية ذلك انه " كان مند بدايته تحت اشراف وزارة الامن " 27. ولقد تطور النشاط النووي الاسرائيلي مند ازيد من ربع قرن 28 تطورا من الخطورة بحيث غدت معه اسرائيل ـ حسب افادة فانونو في شهادته لصحيفة صنداي تايمز وتحليل الخبراء لها ـ سادس قوة نووية في العالم 29. واذا كان التعاون النووي الفرنسي ـ الاسرائيلي30. قد توقف ـ منذ حرب 67 ـ فان تعاونا نوويا اوسع قد نشا بين إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية 31، مما يشكل تهديدا استراتيجيا للامن العربي لان من شانه ان يدخل المنطقة العربية في الحسابات الدولية كساحة للنشاط النووي بين القوى العظمى.

ويبقى السؤال مثار حول احتمال استخدام اسرائيل للسلاح النووي في الصراع العربي ـ الصهيوني ازاء هذا السؤال ثمة اجابتان مختلفان تماما :

الأولى وتعتقد ان لامتلاك إسرائيل السلاح النووي وظيفة محددة هي الردع 32 دون استخدام. ويعتقد اصحاب هذا الراي، ان الخوف من الهزيمة بواسطة الاسلحة التقليدية ( فضلا عن شروطها الممكنة جغرافيا وبشريا) إذا كان هو السبب في لجوء اسرائيل إلى اقتناء السلاح النووي لتحقيق مبدأ الردع ( الذي يحتاج إلى خلق الرعب لدى الخصم) فان الخوف من اثار التفجير النووي على اسرائيل نفسها هو السبب في احجامها عن استعماله.

اما الثانية فترى بان امكانية استخدام إسرائيل للسلاح النووي امر في عداد الاحتمال الممكن لكنها تشرط هذا الاستخدام بالحالة التي قد تتعرض فيها إسرائيل للخطر أو لهجوم مباغت وصاعق، أو لاحتمال الهزينة33.

ونحن نعتقد بان الاحتمال النووي في السلوك العسكري والاسرائيلي وارد جدا، ليس فقط لان وقائع الماضي القريب تثبت ذلك34، بل ايضا لان من شان الاحتكار النووي الاسرائيلي ان يزيد من احتمالات التفجير النووي. بينما حينما سيتاح للدول العربية امتلاك هذا السلاح وتحقيق توازن الرعب، سيقل ـ إلى درجة كبيرة ـ احتمال استعماله من طرف إسرائيل.

واذا كانت هذه الحقائق تشير إلى حجم الاخطار الحاضرة والمستقبلية التي تهدد الامن العربي، فانها تدق ناقوس الخطر، وتحث على التفكير ـ إذا اقتضى الامر ـ في ولوج الخيار النووي ردعا لاي مغامرة صهيونية تقامر بالمصير العربي35.

التحدي الامريكي للامن العربي،

لا مراء في ان التحدي الامريكي للامن العربي من الخطورة بحيث يفرض مستوى من الاهتمام الاستراتيجي على درجة من الاهمية. فالولايات المتحدة ما برحت ترى في منطقتنا العربية منطقة لنفوذها، مع ما يحمله هذا التعريب الامريكي من احتمالات سيئة للغاية، ومتعارضة كل التعارض مع المصالح الوطنية والقومية للشعوب العربية. ودون ان نذهب بعيدا في التفاصيل، يمكننا ان نسجل باختصار اهم اهداف الولايات المتحدة الاستراتيجية في المنطقة العربية، وهي.

- ضمان مصالحها الاقتصادية في المنطقة، ومنه ضمان تدفق النفط من الخليج 36 بصورة " طبيعية".

- محاصرة ما تسميه بالتمدد السوفييتي في المنطقة 37 ومخاطر اصطدامه بالمصالح التقليدية للغرب.

- ضمان استمرار الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية، واستمرار تفوقه الاستراتيجي على الدول العربية.

بيد ان تطورات اقليمية عديدة حصلت، مع نهاية السبعينات، وقادت إلى صوغ تصور امريكي جديد لكيفية تحقيق الاستراتيجيا الامريكية في المنطقة، فقد " دفع سقوط نظام الشاه واقامة جمهورية اسلامية في ايران ( فبراير1979) ثم التدخل السوفييتي في أفغانستان ( دجنبر1979) إلى صياغة " مبدا كارتر" ( يناير1980) الذي اكد علنا ورسميا بان أي تدخل مباشر من قبل الاتحاد السوفييتي ( أو بوحي منه ) في منطقة الخليج، سيسفر بانه هجوم مفتوح ضد المصالح الاساسية للولايات المتحدة، وبانه سيرد بجميع الوسائل، بما فيها القوة المسلحة 38، وتأسيسا على هذا المبدأ الذي يشرع الباب أمام التدخل العسكري المباشر، لجات الولايات المتحدة إلى انشاء " التدخل السريع" ( أو قوات الانتشار السريع) التي كلفت بمهمة حفظ الامن في المنطقة ـ والخليج بخاصة ـ والتي اصبحت تراقب كل المنطقة من باكستان إلى مصر، بقوة بلغت إلى حدود 1984 ـ حوالي300.000 فرد. وإلى زرع المزيد من القواعد العسكرية في المنطقة.

غير ان هذا الخيار العسكري ( خيار التدخل المباشر) سيشهد اعنف مظاهره مع صعود ادارة الرئيس ريغن إلى البيت الابيض، فلان هذه الادارة كانت تعتقد بان الخطر الرئيسي في " الشرق الأوسط" هو التمدد السوفييتي فقد ظلت خطتها خلال الثمانية عشر شهرا الأولى هي تامين " اجماع استراتيجي" 39 معاد للسوفييت، ورعاية حل استسلامي للصراع العربي ـ الصهيوني، ومحاولة تطويع المواقع الاعتراضية الوطنية المتبقية في العالم العربي، وفي امتداد ذلك، لم تتوان الولايات المتحدة الامريكية عن استعمال القوة ضد العرب. فقد اجازت مختلف المغامرات الارهابية الاسرائيلية ضد العالم العربي ( ومنها ضرب مقر منظمة التحرير واغتيال ابو جهاد). وقصفت سفينتها " نيوجرسي" الجبل اللبناني، وغزت قواتها البحرية ( المارينز) الضاحية الجنوبية لبيروت، وقصفت طائراتها المنطلقة من حاملات الطائرات ( العاملة في الاسطول السادس) خليج سرت، ثم طرابلس وبنغازي وملأت اساطيلها البحرية كل الحزام البحري المحيط بـ/ أو الداخل في الكيان الجغرافي العربي.

ما العمل ؟

لنضع هذا السؤال في قلب الأحداث والمتغيرات الجارية داخل وفي محيط الوطن العربي، أي لنؤرخنه ونخرجه من مطلقيته التي تجعله سؤالا ثابتا في التاريخ. سنجد ان بالامكان أو نرسم لوحة واقعية لما هو مطلوب تحقيقه الان وفي الامد المنظور، دون ان نهرب الموضوع إلى المستقبل البعيد، فاذن سيكون في اللوحة متسع للواقعية الايجابية ومتسع للطموح إلى تغيير الواقع القائم والتطلع إلى الاهداف الاستراتيجية للامة العربية.

يحتاج الامن العربي ـ اذن ـ للخروج من محنته إلى مسلسل من الإجراءات الاعتراضية، منها :

- مقاومة التوسعية الصهيونية بسن سياسية مواجهة وطنية ضد الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، والالتزام بقرارات الاجماع العربي حول رفض الحلول الانفرادية للصراع العربي ـ الصهيوني، وتقديم الدعم المادي والسياسي لانتفاضة الارض المحتلة، وفرض وقف شامل للمجازر المرتكبة ضد المخيمات الفلسطينية في لبنان، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية، وتمكينها من حقوقها السياسية والعسكرية في البلاد العربيةـ ودول المواجهة منها على الخصوص ـ وعدم تراجع السياسية العربية عن سقف المواقف الوطنية التي تعلن عنها الانتفاضة وعدم المراهنة على اي حل سلمي للنزاع، في ظل تركيبة الحكم الليكودية والمعراخية الحالية في إسرائيل*، ( وربما مستقبلا ) وفي ظل الادارة الامريكية الراهنة، اساسا في ظل الاختلال الحاد في ميزان القوة العسكرية لصالح العدو الصهيوني 40، وهو الاختلال الذي يخول لاسرائيل ـ في حالة مشهد الحوار السياسي " السلمي" ـ حق املاء الشروط، ويفرض على العرب واجب القبول أو العودة إلى نقطة الصفر.

ـ العمل على وقف الحرب الاهلية في لبنان، ودعم الوحدة الوطنية في هذا البلد الذي مزقته الحرب العبثية منذ13 عاما.وهو مسؤولية تقع على عاتق العالم العربي، الذي ينبغي ان يكون في مستوى الاضطلاع بها* إنقاذا للبنان ولوحدته التي طوحت بها الحسابات الاقليمة، ولجما للاندفاعة الصهيونية التي رعت وترعى قوى التقسيم والانعزال سواء منها تلك التي تعلن عداءها الصريح للعروبة كرابطة داخلية للبنانيين وكانتماء خارجي" للنظام الاقليمي العربي، أو التي تخفي انعزاليتها وراء شعارات ومطالب اللامركزية السياسية والفدرالية وغيرها ... الخ وايضا العمل على رعاية حل سياسي غير طائفي 41 للازمة الداخلية تحقيقا للوفاق الوطني كمرحلة نحو الغاء شامل للطائفية السياسية على قاعدة التمثيلية الديمقراطية.

ان الصهيونية تريد ضرب العالم العربي في خاصرته اللبنانية كمقدمة لتدميره من الدخل بمشاريعها الطائفية البغيضة، وعلى العالم العربي ان يمنع الصهيونية مرتين : مرة بمساعدة المقاومة الوطنية في الجنوب، وفرض تطبيق القرارات الاممية القاضية بانسحاب إسرائيل من الاراضي اللبنانية، حتى يقفل لبنان بواباته في وجه الاختراق العسكري الصهيوني، ومرة باستيعاب الازمة الداخلية واستيعاب قواها في المحيط العربي، ومساعدة لبنان على حل ازمته الاقتصادية الطاحنة، وازمته السياسية المدمرة، حتى يقفل بواباته في وجه الاختراق السياسي. وان أي فشل في النهوض بهذه المسؤولية سيرتد سلبا على الوضع العربي برمته.

ـ الدخول في مبادرات الوحدات الإقليمية بين الدول العربية، وتدعيم القائم منها كخطوة نحو وحدة عربية شاملة، المؤكد هو ان انتقالا حصل في العلاقات الدولية من فكرة الاستقلال إلى فكرة الاعتماد المتبادل43، وما يرتبط به من علاقات التعاون والتكامل في المجالات المختلفة بين مجموعة من الدول. وتجربة المجموعة الاقتصادية الأوربية تقدم نموذجا مثاليا في هذا الاتجاه. وحري بالدول العربية ـ وهي في ذروة عجزها ـ الاقدام على مبادرات من هذا القبيل، انقادا لها من الانهيار الاقتصادي والتشظي السياسي في عصر الامم والتكتلات القومية الكبرى، وحري بها ذلك لان امكانات التكامل الاقتصادي بينها متاحة إلى حد كبير ( وربما ايضا امكانات التكامل النقدي كما في حالة مجلس التعاون الخليجي43. وحري بها ذلك اخيرا لانها تشكل اجزاء من امة واحدة تتشابه معطياتها الاجتماعية والثقافية والنفسية واللغوية، وتتداخل مصالحها تداخلا عضويا اصيلا.

الهوامش

(1) مثلا د. علي الدين هلال : " الامن القومي العربي... دراسة في الاصول" ـ شؤون عربية العدد35، يناير 1984، ص7. ود. احمد شوقي الحفني، " الامن القومي دراسة نظرية في الاصول والمفاهيم ـ المنار العدد 39 ـ 40، مارس/ ابريل1988، ص32 ـ33.

(2) الاهتمام بالامن القومي العربي جاء متأخرا ( اواسط السبعينات). ومن أولى الدراسات الهامة في الموضوع كتاب امين هويدى " الامن العربي في مواجهة الامن الاسرائيلي " ـ دار الطليعة، بيروت،1975.

(*) حلف الاطلسي، حلف وارسو، حلف بغداد ... الخ.

(3) اورده د. علي الدين هلال. مرجع مذكور، ص10.

(4) م. س. ص10. وانظر عينات من تعريفات ـ في هذا المعنى ـ لليبمان وهولستي في : شوقي الحفني، مرجع مذكور، ص34- 35.

(5) علي الدين هلال، مصدر مذكور.

(6) حالة الاتحاد السوفييتي والدول العربية حالة ناطقة بهذه الدلالات، ففي مقابل التطور المذهل في النظام الامني والدفاعي والاستخباراتي السوفييتي هناك تخلف في النظام التكنولوجي، والى حد ما الاقتصادي. وفي مقابل التراكم التسليحي الضخم في العالم العربي، والذي يحصد الجزء الاعظم من الموازنات العامة، ولا تزال المجاعة والجهل والمرض حقائق تزحف في بلاد العرب، وتمدد استقالتنا في التاريخ.

(7) ترجمة إلى العربية يونس شاهين( القاهرة، الدار القومية، 1970)

(8) المصدر السابق، ص125.

(9) امين هويدي: " أحاديث في الامن العربي" ـ دار الوحدة، بيروت، الطبعة الأولى،1980، ص64.

(10) د. علي الدين هلال: " الامن العربي والصراع الاستراتيجي في منطقة البحر الاحمر" ـ المستقبل العربي، العدد 9 سبتمبر1979، ص98.

(11) د. محمود مصالحة ـ مثلا ـ في :" مسالة الامن العربي بين المفاهيم، الواقع، والنصوص" ـ شؤون عربية، العدد 35، يناير1984، ص24.

(12) انظر م. س. ص25. انظر ايضا : علي الدين هلال : " الوحدة والامن القومي العربي" ـ الفكر العربي 11- 12، غشت شتنبر79، ص95- 96، واسامة الغزالي حرب : امن الخليج والامن القومي العربي" ـ شؤون عربية، العدد35، يناير1984، ص58.

(13) علي الدين هلال : " الامن القومي العربي: دراسة في الاصول" م. م، ص21.

(14) م. س. ص20-21.

(15) جميل مطر وعلي الدين هلال : النظام الاقليمي العربي...

(16) المصدر السابق.

(17) اسامة الغزالي حرب: " امن الخليج والامن العربي القومي".

(18) د. غسان سلامة: " العروبة والشرق الاوسط والبحث عن الهوية" ـ الفكر العربي، العدد 11 ـ12، غشت ـ سبتمبر1979، ص144.

(19) انظر رفعت سيد احمد: " الامن القومي العربي بعد حرب لبنان: دراسة في تطور المفهوم ـ شؤون عربية، العدد 35، ص83.

(20) د. محمد محمود الديب : " الامن العربي من منظور جغرافي" ـ المنار، العدد 39- 40، مارس - ابريل1988، ص56.

(*) زاد من تاثير هذه الحقيقة لدى الغرب الحظر النفطي العربي خلال حرب أكتوبر وانعكاسه على اقتصاد الدول الغربية.

(**) ليس الخطر الصهيوني ـ في الدعوة الامريكية ـ خطرا، بل ان اسرائيل ينبغي ـ بحسب امريكا ـ ان تكون طرفا في نظام " الشرق الاوسط" إلى جانب الدول العربية للحد من " الخطر الشيوعي"!

لا يمكن اعتبار إسرائيل دولة من دول الجوار الجغرافي، لان في ذلك اعترافا بشرعية الجوار، أي بشرعية اغتصابها لفلسطين، والاحرى القول انها دولة داخل الجغرافيا العربية وليس على تخومها. وعلى صحة هذه الملاحظة سندرج إسرائيل في الحديث عن دول الجوار الجغرافي وذلك لتاثيرها المباشر في الامن القومي العربي.

(21) انظر حسن حجازي محمد : " العلاقات العربية مع دول الجوار الاقليمي" ـ السياسة الدولية، العدد 87، يناير1987 ص 63 .

(22) حامد عبد الله ربيع: " اطار الحركة السياسية في المجتمع الاسرائيلي" - دار الفكر العربي 1978.

(*) العدوان الثلاثي مثالا على الماضي القريب، وقصف المفاعل النووي العلمي العراقي مثالا حاليا...

(23) انظر: شكري نجار: " مياه جنوب لبنان تثير شهوات إسرائيل" ـ شؤون فلسطينية، العدد 129-130-131.

(24) انظر الدراسة القيمة التي انجزها زهير هواري حول هذا الموضوع: " الاجتياح الاقتصادي الاسرائيلي للبنان : من الاغراق إلى التفكيك والالحاق" ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 1985. وانظر ايضا د. محمد علي الصالح : " النتائج الاقتصادية لتطبيع العلاقات المصرية ـ الاسرائيلية ـ الفكر الاستراتيجي العربي، العدد5، اكتوبر1982.

(25) فؤاد مرسي : " اطماع التوسع الاقتصادي الاسرائيلي" ـ شؤون فلسطينية، العدد 158 ـ 159 مايو/ يونيو1986.

(*) لم تقدم إسرائيل خريطة تعتمد على الامم المتحدة كخريطة رسمية.

(**) فضلا عن تحقيق الخريطة الخرافية : من الفرات إلى النيل.

(***) وهذا ما قادها إلى التركيز على بناء القوة الجوية لتنفيذ عمليات حاسمة وخاطفة في العمق العربي( خارج الحدود) لشل القدرة الهجومية البرية واعاقة التقدم البري.

(26) تفاصيل هذا البرنامج الامني حددها وزير حرب العدو سابقا اريبل شارون في محاضرة كان سيلقيها في افتتاح ندوة " معهد الدراسات الاستراتيجية، في جامعة تل ابيب، ونشرت نصها صحيفة معاريف في 18/12/1981. وترجمت " الطريق" اللبنانية اهم محتوياتها. انظر أرييل شارون: " حول مشكلات إسرائيل الاستراتيجية في الثمانينات ـ " الطريق"، العدد12 يونيو1983، ص296-300.

(27) د. تيسير الناشف : " التهديد النووي الاسرائيلي" ـ المستقبل العربي، العدد 103، سبتمبر 1987، ص4.

(28) انظر مادة غنية من المعلومات حول المسار الذي قطعه البناء النووي الاسرائيلي، وحول اهم المحطات والتجهيزات النووية الاسرائيلية في :

لواء عبد المنعم محمد عامر : " التسليح النووي الاسرائيلي والامن العربي" ـ المنار، العدد 39 ـ40، 1988، ص103- 105.

(29) د. تيسير الناشف. م. م. س. ص14

(30) بدأ هذا التعاون منذ فترة مبكرة ( بداية الخمسينات)، وهو التعاون الذي يعزوه د. تيسير الناشف إلى اسباب منها : " ان فرنسا، التي كانت متورطة في حرب مثبطة ضد الثوار الوطنيين الجزائريين قد تكون املت في استخدام التهديد المتمثل في إسرائيل المسلحة تسليحا ذريا. في " اجبار" نظام الرئيس عبد الناصر على ايقاف تقديم المساعدة إلى اعداء الاستعمار الفرنسي في الجزائر" ـ م. س، ص6.

(31) وان كان هذا قد بدا مبكرا ايضا. فاسرائيل حصلت على أول مفاعل نووي لها من الولايات المتحدة، انظر : المصدر السابق، ص5.

(32) مثال على ذلك هذا النص الذي يقول فيه كاتبه : " واني اعتقد ان الاوضاع الديمغرافية والاستراتيجية لا تجعل هذه الاسلحة الاستراتيجية ( يقصد بذلك الاسلحة الذرية : ع. ب) افضل اسلوب، وافضل اسلحة لتحقيق انتصار عسكري محسوب النتائج والعواقب الإقليمية والدولية، بل سيقتصر استخدامها على الارهاب السياسي..." انظر : د. يحيى محمد زكي عبد المتجلي: " الاختيارات المتاحة أمام الدول العربية لمقابلة التهديد النووي الاسرائيلي..." شؤون عربية، العدد35، ص134.

(33) انظر: لواء عبد المنعم محمد عامر : مذكور سابقا، ص184.

- د. تيسير الناشف: م. م. س، ص20-21.

(34) بعد صدمة الايام الأولى من حرب أكتوبر 1973، وما رافقها من هلع اسرائيلي، اعطت غولدا مايير أمرا لموشي دايان باستعمال اسلحة " يوم الحساب" ( الاسلحة النووية) وقبل تنفيذ الهجوم النووي كانت المعطيات العسكرية قد تغيرت على الجبهة ليتحسن الموقع الاسرائيلي. هذه المعلومات نشرتها بتفصيل مجلة تايم انظر فقرة مقتطفة منها في مقال د. تيسير الناشف المشار إليه سابقا، ص21.

(35) انظر في هذا المعنى: رفعت سيد احمد: " الامن القومي العربي بعد حرب لبنان ..." مرجع مذكور، ص91- 92.

(36) العرب ودول الجوار الجغرافي، ص121.

(37) اسامة الغزالي حرب : " الاستراتيجية الامريكية تجاه الخليج العربي : مصالح ثابتة وسياسات متغيرة ـ المستقبل العربي، العدد38، أبريل 1982، ص35.

(38) "Pierre Weiss: "L'administration Reagan et le Proche-Orient ; un premier bilan in Revue d'études palestiniennes no3, printemps 1982; p .59

(39) Fred Lawson : « The Reagan administration in the Middle East », p.30.

(*) إذا كان الليكود ( وشامير) واضحا لجهة رفض أي حل سلمي بما فيه " المؤتمر الدولي" ( الذي لن ينعقد ... ولن ينعقد)، فان نازية اسحق رابين ـ الذي يطبق بأمانة سياسة الليكود واسلوب شارون ـ لا تقل وضوحا عن الأول، بمقدار ما ان شمعون بيريز ـ بدوره ـ لم يكن اقل وضوحا عن "خصمه" شامير، وصديقه رابين حين قال في احدى المناسبات ـ ردا على دعاة السلام ما معناه ان إسرائيل لم تحصل على الضفة والقطاع والجولان على مائدة قمار!

(40) انظر رأيا لمحمد حسنين هيكل بهذا المعنى في الحوار الذي اجرته معه " كل العرب" العدد 306، الاثنين 4 يوليوز1988، ص12.

(*) نعتقد ان صيغة تعريب الازمة اللبنانية كما سطرها كل من مؤتمري القاهرة والرياض مع بداية الحرب

الاهلية، صيغة استنفذت نفسها ولم تعد مقبولة بالنسبة إلى غالبية اللبنانيين، خصوصا وان قوى " الحل العربي" تحولت هي بدورها إلى فريق في لعبة الحرب الاهلية وفي رهاناتها الطائفية والمذهبية، وخصوصا بعد الذي حصل للمخيمات الفلسطينية من اعتداءات لبنانية وعربية"

(41) تناولنا هذه المسالة في مقال لنا بعنوان : " هل" التسوية الطائفية" ممكنة في لنبان ؟" ـ جريدة انوال الثقافي، يونيو1987.

(42) انظر تحديد تفصيليا لهذا المفهوم في : د. سمير المقدسي: " الاعتماد الاقتصادي المتبادل والسيادة القومية " ـ المستقبل العربي، العدد 98، أبريل 1987، ص 83 ـ89.

(43) راجع : د عبد المنعم السيد علي : " امكانات التكامل النقدي بين اقطار مجلس التعاون الخليجي" ـ المستقبل العربي، العدد 70، ديمسبر1984، ص67 - 83.

No comments:

Post a Comment