Saturday, February 16, 2008

تساؤلات حول ما أقره القرار عدد: 974 س 21 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 30 مارس سنة 1978 في الملف الجنائي عدد: 61025

تساؤلات حول ما أقره القرار عدد: 974 س 21 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 30 مارس سنة 1978 في الملف الجنائي عدد: 61025

الأستاذ بلهاشمي محمد محام بهيئة المحامين بمراكش

صدر عن المجلس الأعلى بتاريخ فاتح فبراير سنة 1979 القرار عدد: 174 س 22 في الملف الجنحي عدد: 39646 تضمن أن:

" الأحكام التي لازالت قابلة للطعن بالطرق العادية كالاستئناف والتعرض لا يمكن الطعن فيها عن طريق المطالبة بالنقض من أي طرف من أطراف الدعوى عملا بمقتضيات الفصل 571 من قانون المسطرة الجنائية."

" يكون غير مقبول طلب النقض الموجه ضد القرار الصادر غيابيا في حق المتهم ولو رفع من طرف شركة التأمين التي كان الحكم حضوريا بالنسبة إليها"

وبتاريخ 30 مارس 1978 صدر قرار آخر في القضية الجنائية عدد: 61025 جاء فيه:

باسم جلالة الملك

بناء على طلب النقض المرفوع من الطالب السالف الذكر بمقتضى تصريح أقضى به بواسطة الأستاذ... نيابة عن الأستاذ.. بتاريخ 9 محرم 1397 موافق 31 دجنبر 1976 لدى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بمراكش والرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنايات بها بتاريخ 24 دجنبر 1976 تحت عدد: 539 في القضية رقم 282/74 والقاضي على السيدين...و... بعشر سنوات سجنا منفذا عن جناية تزوير محرر رسمي واستعماله وبعدم قبول الطلب المدني الذي تقدم به العارض شكلا.

إن المجلس : بعد أن تلا السيد المستشار محمد الجاي التقرير المكلف به في القضية وبعد الإنصات إلى السيد عبد الكريم الصفار المحامي العام في مستنتجاته وبعد المداولة طبقا للقانون. من حيث الشكل. جيث يتحلى من تنصيصات القرار المطعون فيه أن الظنينين لم يحضرا لعدم العثور عليهما وأن المسطرة الغيابية قد طبقت في حقهما فيكون صدوره والحالة هذه غيابيا في حقهما وإن وصفته المحكمة غلطا بأنه حضوري إذ أن ما للأحكام من صفة الصدور حضوريا أو غيابيا أمر يحدده القانون لا قول القاضي المدعى لها:

وحيث يستفاد من مقتضيات الفصل 571 من قانون المسطرة الجنائية ان الأحكام التي لازالت قابلة للطعن بالطرق العادية كالاستئناف والتعرض لا يمكن أن يطعن فيها بطريق النقض من أي طرف من أطراف الدعوى.

وعليه فإن الطلب المرفوع من المطالب بالحق المدني السيد... يكون غير مقبول لتسلطه على قرار غيابي لازال قابلا للمراجعة بطريق التعرض من طرف المحكمة التي أصدرته.

وحيث أن التنازل الواقع منه بتاريخ 26 فبراير 1977 ليس له من مفعول بعد أن أصبح الحكم بعدم قبول الطلب أمرا حاصلا قبل تاريخ التنازل.

من أجله:

قضى بعدم قبول الطلب المرفوع من المطالبة بالحق المدني السيد... وحكم عليه بالصائر و قدره مائتا درهم يستخلص طبق الإجراءات المقررة في قبض صوائر الدعوى الجنائية مع تحديد الإجبار في أدنى أمده القانوني.

وبه صدر القرار وتلى بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى الكائن بساحة الجولان بالرباط.

كانت الهيئة الحاكمة متركبة من نفس الأعضاء التي كانت متركبة منهم خلال المرافعات بالجلسة العمومية بتاريخ 23 مارس 1978 وهم السادة رئيس الغرفة عبد السلام الدبى والمستشارون عبد السلام الحاجي ومجمد أمين الصنهاجي ومحمد الجاي ومحمد بنعبود بمحضر المحامي العام السيد عبد الكريم الصفار الذي كان يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد المريني.

تعليق

إن هذين القرارين ومثيليهما من قرارات تثير عدة تساؤلات، وهي تساؤلات في محلها مادام القانون واضحا وما دامت آجال الطعن من النظام العام.

ينص الفصل 578 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:

" يحدد أجل طلب النقض في ثمانية أيام من يوم صدور الحكم المطعون فيه ما لم تنص مقتضيات خاصة على ذلك".

بيد أن هذا الأجل لا يبتدئ إلا من يوم تبليغ الحكم إلى الشخص نفسه أو إلى مسكنه أولا: إزاء الفريق الذي لم يكن بعد المناقشات الحضورية حاضرا أو ممثلا في الجلسة التي صدر الحكم قيها والذي لم ينه إليه تاريخ صدور الحكم عند تأخير الدعوى لتاريخ معين أو إنذار للحضور في جلسة الحكم".

ثانيا: إزاء الظنين الذي طلب محاكمته في غيبته ضمن الشروط المقررة في المقطع الثاني من الفصل 371 أو الذي لم يحضر في الحالة المنصوص عليها في المقطع الرابع من نفس الفصل"

ثالثا: إزاء الظنين الذي يحكم عليه من أجل تكرار التغيب".

وينص الفصل 579 على انه:

" يتعين على طالب النقض أن يودع سواء عند تقديم تصريحه أو داخل العشرين يوما الموالية له بكتابة الضبط بالمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه مذكرة يبين فيها الوجوه التي يستدل بها على النقض..."

ونص الفصل 581 على أنه:

" يتعين على الفريق الذي يطلب النقض ماعدا النيابة العامة او الإدارات العمومية أو يودع داخل العشرين يوما الموالية للتصريح بطلب النقض مبلغ 200 درهم بمكتب الضبط بالمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وإلا فيسقط الطلب..."وبالفصل 585 نص على انه:

' يكفي التصريح بطلب النقض وحده لرفع القضية لدى المجلس الأعلى..0" والفصل 507 نص على أنه:

لا يقبل طلب النقض في الحكم الصادر غيابياإلا من النيابة العامة، ومن المطالب بالحق المدني فيما يتعلق بحقوقه"

من استعراضنا لمقتضيات الفصول التي أوردنا نصوصها يتأكد لنا:

أن أجل الطعن بالنقضهو 8 أيام من تاريخ صدور الحكم للفريق الذي صدر في حقه حضوريا (ف 578)

أنه يتعين على طالب النقض إيداع مذكرة مع اداء مبلغ 200 درهم داخل 20 يوما من تاريخ التصريح على أبعد مدى ( ق 579.581)

أن الحكم الجنائي الصادر غيابيا لا يقبل طلب النقض فيه ممن صدر في حقه حضوريا / ( ف 507).

إذن فكل طرف شملته الفقرة الأولى من الفصل 578 ولم يدخل ضمن الفقرات الباقية من نفس الفصل إلا ويتعين عليه حين يريد طلب نقض أي حكم أن يكون تصريحه داخل أجل 8 أيام كاملة من يوم صدور الحكم وإلا كان طلبه غير مقبول استنادا إلى الفصل 578 الذي هو صريح وواضح.

وان ما استند عليه القرار 974 س 21 في كون الفصل 571 من قانون المسطرة الجنائية يفيد عدم قبول طلب النقض في حكم لم يصر نهائيا بالنسبة لجميع الأطراف ليس هناك ما يدعمه ويزكيه خصوصا وان الفصل 507 صريح في أنه للمطالب بالحق المدني الحق في طلب النقض للحكم الصادر غيابيا عن محكمة الجنايات فالفصل 571 بنص على أن الأحكام النهائية الغير القابلة للاستئناف يطعن فيه بالنقض.

وكل حكم صدر حضوريا عن محكمة الاستئناف بالنسبة لأي طرف إلا ويعتبر نهائيا غير قابل للاستئناف وقابل للطعن بالنقض دون الالتفات إلى باقي الأطراف.

وأن ما أقره المجلس الأعلى يثير عدة تساؤلات نطرحها على بساط البحث:

التساؤل الأول:

حين يصدر الحكم ويكون حضوريا بالنسبة لبعض الأطراف وغيابيا للباقي، هل يصرح بالنقض الفريق الأول داخل أجل 8 أيام من تاريخ الصدور ويضع المذكرة بعد الأداء عنها داخل أجل 20 يوما بعد التصريح بالنقض ويبقى الملف بكتابة الضبط إلى حين صيرورة الحكم نهائيا، أم ينتظر إلى أن يصبح الحكم نهائيا بالنسبة للجميع وذلك بتبليغه على من صدر في حقهم غيابياو فوات أجلي التعرض والنقض في حالة عدم التعرض.

التساؤل الثاني:

وفي الحالة الأخيزة يلح تساؤل جديد على أن يضع نفسه في الميدان منتظرا جوابا مفحما وهو:

في حالة تبليغ الحكم إلى الفريق الذي صدر الحكم في حقه غيابيا أو بمثابة حضوري ولم يطعن فيه بأي مطعن، فكيف يتاتى للفريق الذي كان الحكم في حقه حضوريا الاطلاع على تاريخ التبليغ حتى يبادر داخل أجل ثمانية أيام من هذا التبليغ إلى التصريح بالنقض.

ام أن كتابة الضبط تتمفل إلزاميا بالتبليغ لجميع الأطراف كلما كان الحكم غيابيا في حق أي طرف؟

إن هاته الجوانب كلها تعطينا قناعة على أن القرار 974 س 21 وأمثاله من القرارات لم يحل المشكلة التي قد يكون صدر لحلها وهي عدم خلق أنواع من التقاضي في قضية واحدة حين يطلب النقض من صدر الحكم في حقه حضوريا ويتغرض من كان في حقه غيابيا.

التساؤل الثالث

إذا كان القصد هو عدم خلق أنواع التقاضي في قضية واحدة كما سبقت الإشارة إلى ذلك فيكون لزاما على محاكم الاستئناف كلما رفعت إليها قضية استئنافيا من طرف من صدر في حقه الحكم المستأنف حضوريا وفي غيره غيابيا، أن تصرح بعدم قبول الاستئناف قياسا على ما أقره المجلس الأعلى في قراراته.

وان الذي جرى ويجري به العمل هو أنه في عدة قضايا يكون فيها أحد الأطراف متعرضا على حكم غيابي قضت به المحكمة الابتدائية، بينما يكون أحد الأطراف مستأنفا لنفس الحكم لأنه صدر في حقه حضوريا فتقرر محكمة الاستئناف حينئذ إيقاف البت في القضية إلى حين صدور الحكم عن المحكمة الابتدائية المتعرض أمامها على نفس الحكم.

إن القرارين 171 س 22 ثم 971 س 21 لم يكونا منسجمين وما نصت عليه الفصول 507، 578، 579، 581، 585 من قانون المسطرة الجنائية.

No comments:

Post a Comment