Friday, February 8, 2008

ام الجاسوسات..

ام الجاسوسات..

هذه الجاسوسه بالذات، لها وضع خاص جدا، فى تاريخ الجاسوسيه.. ربما لانها اول امراه، يسجل التاريخ الحديث عملها بالجاسوسيه.. انها،(ايماس. ادموندز).. و(ايما) هذه جاسوسه امريكيه، كندية المولد، عملت بنجاح خلف خطوط الحلفاء، اثناء الحرب الاهليه الامريكيه، وربما كانت هى الجاسوسه الوحيده فى التاريخ التى كانت تعمل ،فى هذه الفتره، التى كانوا يعتبرون فيها المراه مجرد مربيه وزوجه ، وخادمه منزليه فحسب.. ولقد جائت (ايما) الى الولايات المتحده من (نيو برانز ويك) فى (كندا) ، عام 1856م، وعندما بدات الحرب الاهليه حملت اسم (فرانك تومبسون)،و تتطوعت للعمل كممرض ذكر فى الجيش الاتحادى ، لفتره ليست بالقصيره، دون ان ينكشف امرها، هلى الرغم من اقامتها التامه، وسط جنود الجيش، طوال تلك الفتره.. ولقد حضرت (ايما) المعركه الاولى ، بين قوات الحلفاء و الولايات المتحده، وهى معركة (بل رن) (جرى الثيران) ، واول معركه عنبفه قامت بينهما، وبعد ان قضت عامين فى خدمة التمريض، دونان ينكشف امرها، ذهبت (ايما) الى المسئولين بارادتها، وكشفت لهم امرها فاصابهم ذهول شديد، وتضاعف عندما روت قصتها ، ثم قفز الى الذروه ، عندما اعلنت هدفها الحقيقى، من وراء هذا.. فمع براعتها المذهله، فى فن التنكر والتقمص، عرضت عليهم (ايما) ان تتطةع للعمل كجاسوسه، خلف خطوط الحلفاء.. وعلى الرغم من غرابة الفكره، او ربما لغرابتها نفسها ،وافق المسئولون على مطلبها ، واصبحت (ايما) بالفعل جاسوسه فريده من نوعها ،فى ذلك الزمن.. ولقد اثبتت (ايما) انها تستحق ما حصلت عليه بالفعل، بل ولن نبالغ، لو قلنا انها قد بهرت المسئولين ابهارا، وخاصة عندما صبغت جلدها ، وتنكرت كشاب لسود، وارتدت باروكة شعر؛ للعبور الى الخطوط الاماميه، بالقرب من (يورك تاون) فى (فا).. وكانت مهمه يخشاها اشجع الرجال.. ولكن (ايما) ادتها بجراه و مهاره مذهلين.. يعتبر المؤرخون ان الجاسوسه الامريكيه، كندية المولد(ايماس.ادموندز)، واحده ممن كتبن، بجراتهن وشجاعتهن ونجاحهن ، الوثيقه الاولى لعمل النساء (رسميا) ، فى عالم الجاسوسيه.. ولقد اسبتت هذا بجداره، فى مهمتها الاولى.. فعلى الرغم من قصر المده ، التى قضتها (ايما)، وراء خطوط الحلفاء ثلاثة ايام الا انها عادت بمعلومات عسكريه مهمه، كان لها الفضل الاول، فى معظم ما اعقبها من انتصارات.. وكانت هذه مجرد بدايه.. فخلال الاشهر التاليه، استطاعت (ايما) بنجاح ان تنجز احدى عشرة مهمه اخرى ، خلف خطوط الحلفاء، دون ان يتم كشفها.. وكان لبراعتها المدهشه، فى التنكر والتقمصن الفضل الاول فى كل ما حققته من نجاحات، فى عالم الجاسوسيه المدهش.. ففى احدى المرات ذهبت على هيئة بائعه جائله ايرلنديه، ولم تكتف بالحصول على اسرار ومعلومات الخصم فحسب، وانما حققت ربحا ماديا وفيرا ايضا.. وفى تلك المره، وبعد ان انجزت مهمتها، سعت (ايما) للحصول على تذكار كعادتها، كما لو انها فى رحله سياحيه طريفه، وليست فى مهمه، تحمل الموت فى طياتها ؛ لو انكشف امرها.. ولانها تعشق المخاطره و المغامره، قررت (ايما) ان يكون تذكارها ، فى تلك المره ، هو ازرار الزى العسكرى لقائد المعسكر.. وفى سبيل هذا ، تسللت (ايما) فى ظلام الليل، الى حجرة القائد، ونزعت الازرار بالفعل، وقبل ان تغادر ، فوجئت بالقائد امامها ، يسالها فى غضب هادر ، عن سر تواجدها فى حجرته ، فى تلك الساعه المتاخره من الليل.. و المدهش ان (ايما) لم ترتبك او تتوتر ، بل حافظت على تماسكها واتزانها ، واصطنعت البكاء فى حراره، وهى تدعى غرامها بالقائد، وتسللها الى حجرته لرؤيته، بعد ان غلبها الشوق اليه.. وانبهر القائد بعواطفها الجياشه، وطيب خاطرها ، واخبرها فى حماس انه رهن اشارتها، ثم اوصلها بنفسه الى باب حجرته، التى غادرتها حامله ازراره الذهبيه، التى لم يكشف امر ضياعها، مع خدعة (ايما)، الا فى اليوم التالى، وعندما اصبحت هى على الجانب الاخر بالفعل.. ويقول مؤرخو عالم الجاسوسيه: ان (ايما) كانت لها شجاعة عشر رجال، وبراعة مائة خبير، واقدام جيش كامل، وعلى الرغم من هذا، فقد كانت تعاملاتها العاديه بسيطه هادئه، تبتسم دوما فى وداعه، وتتحدث برقه، حتى ليخيل لك انها مجرد ربة منزل بسيطه، لا تميل الى مغادرة بيتها الا لماما.. وربما لهذا يعود نجاحها المدهش، فى كل عمليه قامت بها ؛ اذ كان وجهها يبعث على الثقه والارتياح، سواء تنكرت فى هيئة امراه او رجل، مما يستحيل معه ان تشك فى امرها لحظه واحده.. ففى ذات مره، تنكرت (ايما) فى شكل كاتب حسابات للبضائع المجففه، وزارت عددا من معسكرات الاعداء، وتجولت بينهم فى حريه، وشاركتهم الطعام والشراب، بل وعقدت العديد من الصداقات معهم، حتى ان احدهم وصفها بانها الشخص الوحيد، الذى يمكنه ان يفتح له قلبه، ويمنحه ثقته بلا حدود.. وحتى عندما فارقتهم (ايما)، حامله ادق اسرارهم ، لم يراودهم الشك فى امرها قط، وانما تصوروا ان صديقهم يتبع عمله، اينما دعته الحاجه.. ولم تكن هذه اكثر عمليات (ايما) جراه فى الواقع؛ فقد كانت هناك عمليه اخرى.. عمليه بلغت فيها جراتها ذروتها.. النهائيه. فعلى الرغم من تظاهرها بانها رجل اسود حر، الا ان الشرف حين راها كلفها بالعمل فى حصون الحلفاء، وبعد يوم واحد، من العمل الشاق، استطاعت ان ترسم (سكتشا) دقيقا للحصون، وتحصى المعدات الموجوده بها.. فى اليوم التالى كانت تحمل الماء للعمال والطعام للقوات، وعلى الرغم من كونها تحت المراقبه، عندما عملت ك(خفير درك) ، الا انها افلتت من كل ما حولها، و استطاعت فى ليله ممطره ان تتراجع للخطوط الامريكيه، حامله معها بندقيه من بندقيات الحلفاء كتذكار.. وكان هذا احد اهم ما تحرص عليه، فى كل مهمه.. التذكارات.. ولقد كاد هذا يكتب نهايتها يوما.. وبمنتهى العنف.. ففى تلك العمليه، علمت (ايما) بوفاة جندى شاب، فى معسكر الاعداء، فما كان منها الا ان تنكرت فى هيئة شاب، وذهبت الى معسكر الاعداء، باعتبارها الصديق الوفى ، الحزين لمصرع صديقه الوحيد.. وبعد ان تلقت (ايما) العزاء ، فيمن يفترض انه صديقها، ابدت غضبها مع حزنها، وعرضت الانخراط فى صفوف الجيش؛ للانتقام ممن قتلوه.. وبطبيعة الحال، جرف الحماس الحميع، وتم قبول طلبها ، واصبحت (ايما) جنديا، فى صفوف الاعداء.. وهل يمكنك ان تتخيل كم المعلومات ، الذى يمكن ان تحصل عليه ،من قلب العدو مباشرة??!! الاكثر جراه ، ان (ايما) كانت تتسلل الى صفوفها الاصليه ، مره كل اسبوع على الاقل؛ لتنقل كل ما لديها من اسرار ومعلومات ، وهى فى هيئة امراه، ثم تعود مره اخرى الى الاعداء ، فى هيئة جندى مخلص.. ولم تفصح (ايما) ابدا عن الوسائل التى تتبعها ، فى الخروج والدخول، بكل هذه البساطه، فى زمن الحرب، حتى ان بعض المؤرخين شكوا فى كونها جاسوسه مزدوجه، تعمل لحساب الجانبين ، فى وقت واحد!! ولكن هذا الاعتقاد ينفى تماما، مع الوسيله ، التى ماتت بها (ايما).. فطوال الوقت ، كان الكل يتوقعون ان تلقى (ايما) مصرعها فى ساحة القتال، او ان يتم الايقاع بها واعدامها، الا انه حتى فى هذا، فاجات (ايما) الكل.. فاثناء انتحالها شخصية الجندى، وربما لتنقلاتها المتواصله، اصيبت (ايما) بحمى الملاريا، التى اشتدت عليها؛ بسبب رفضها العلاج، خشية حقيقة جنسها، ثم لم تلبث ان قامت برحلتها الاخيره بين الجانبين، متحامله على نفسها، لتموت فى هدوء، شاحبة نحيله على فراش المرض.. وطوال حياتها، لم تعرف (ايما) علاقه عاطفيه واحده، ولم تمنحها حياته غير المستقره فرصه للزواج ابدا.. ولكنها كانت ومازالت، تحمل صفة تضمن لها مكانه هامه فى التلريخ.. تاريخ الجاسوسيه..

No comments:

Post a Comment